يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجبرا على الذهاب إلى مفاوضات جدية مع المقاومة الفلسطينية ليس بحثا عن أسراه بل سعيا لتحصيل فيتو أميركي جديد أمام مجلس الأمن الدولي لوقف تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية الخاص بوقف عمليته العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، كما يقول خبراء.

فقد سلَّمت إسرائيل -كما يقول موقع أكسيوس الإخباري- الوسطاء في قطر ومصر والولايات المتحدة مقترحا جديدا يتضمن إمكانية بحث التوصل لما تسميه "الهدوء المستدام"، وهي خطوة يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إنها جاءت بسبب حاجة نتنياهو لفيتو أميركي أمام مجلس الأمن خلال الفترة المقبلة من أجل التصدي لقرار محكمة العدل الدولية.

وإلى جانب ذلك، يؤكد جبارين -خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟" أن الظروف مختلفة هذه المرة ولا تسمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بالتلاعب ووضع العراقيل أمام أي اتفاق؛ لأن الضغوط الدولية والداخلية والميدانية لا تقف في صف إسرائيل.

ويرى جبارين أن إسرائيل تريد إعادة الأسرى والإطاحة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشيرا إلى أنها ستحاول الإطاحة بنتنياهو بين هذين الهدفين لأن الهدنة المقترحة تصل مدتها إلى 140 يوما بينما الإطاحة برئيس الحكومة يحتاج 120 يوما في الكنيست وبعدها تعود إسرائيل للحرب بحثا عن النصر المطلق الذي يتحدث عنه نتنياهو.

المقاومة أقوى مما كانت

في المقابل، يعتقد الباحث السياسي سعيد زياد أن المقاومة لن تعود إلى المفاوضات بنفس المرونة السابقة؛ "لأنها كانت ترغب في وقف عملية رفح وهو ما لم يحدث كما أنها لم تعد تضمن الجانب الأميركي"، حسب قوله.

كما أن الصمود الكبير الذي تبديه المقاومة في رفح والضربات القاصمة التي توجهها للجانب الإسرائيلي وخصوصا ما يتعلق بأسر جنود جدد، سيدفعها لعدم تقديم تنازلات قدمتها في المفاوضات السابقة، كما يقول زياد.

ويعتقد زياد أن المقاومة أصبحت محط إجماع شعبي أكثر مما كانت في أول الحرب، وأنها "تمتلك مخزونا بشريا هائلا يمكنه تعويض أي عدد من الشهداء"، وبالتالي فهي "قادرة على البقاء تحت الأرض أكثر من قدرة إسرائيل على البقاء فوق الأرض"، حسب تعبيره.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن نتنياهو -برأي زياد- "يتعامل مع التفاوض من أجل التفاوض وليس من أجل الحل لأنه يريد كسب الوقت أملا في كسر حماس من جهة، وكشف قوتها عسكريا وسياسيا في الداخل والخارج من جهة أخرى، وهو يريد من الوسطاء أن يعملوا لصالحه".

فيما يشكك أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية الدكتور حسن أيوب بوجود عرض إسرائيلي جاد بشأن التوصل لهدوء مستدام، مشيرا إلى أن غالبية هذه التسريبات تخرج من مكتب نتنياهو.

ويضيف أيوب أن "نتنياهو أدرك أن استعادة الأسرى ضرورة إستراتيجية، لكن هذا لا يعني أنه لن يعود للحرب مجددا، فضلا عن أن الخلاف السياسي الهائل بشأن ما سيكون عليه القطاع بعد الحرب يحول دون التوصل لتوافق على وقف القتال".

الوسطاء لا يثقون بنتنياهو

ويعتقد أيوب أيضا أن الوسطاء "لا يملكون فعل الكثير لأن التجارب أكدت قدرة نتنياهو على إفشال أي جهود مهما كانت بخطوة واحدة كاجتياح رفح التي أفشلت المقترح الذي قبلته حماس قبل أسابيع"، مضيفا "الوسطاء يعيشون أزمة ثقة لأنهم لا يضمنون التزام إسرائيل بأي اتفاق".

لذلك، فإن مهادنة أي طرف لنتنياهو ستقوي عزمه على المضي في عدوانه"، كما يقول أيوب، مضيفا "نتنياهو يعلم جيدا أن القضاء على حماس غير وارد وبالتالي فإن النصر المطلق لن يكون إلا بحرق القطاع كاملا وهو ما يجب على الجميع التصدي له".

وحتى الموقف الأميركي الرافض لتوسيع العملية في رفح فإنه لا يعدو كونه دموع تماسيح ومحاولة من إدارة جو بايدن للقول إن إسرائيل لا تتجاوز ما يتم التنسيق مع البيت الأبيض بشأنه، حسب المتحدث نفسه.

وقال أيوب إن الحديث الأميركي عن ضرورة وجود خطة لما بعد الحرب "محض أكاذيب؛ لأن إسرائيل لديها خطة تطهير عرقي يتم تنفيذها فعليا"، مؤكدا أن الحديث "لا بد وأن يكون عن وقف العدوان وتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية وليس عمّا بعد ذلك".

وعن موقف المقاومة من كل هذه المعطيات، يقول زياد إن التوصل لصفقة أمر محتوم مهما طالت الحرب لأن المقاومة تعرف قيمة ما لديها من أسرى وتدرك أن إسرائيل لن تصبر أكثر مما صبرته في صفقة جلعاد شاليط (5 سنوات).

وخلص زياد إلى أن المقاومة متأنية وتعلم أن عدم القبول باتفاق مشروط يعني التوصل لوقف القتال بشكل دائم مستقبلا، وأن القبول بشروط إسرائيل يعني القبول بعودة الاحتلال لقطاع غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أن المقاومة کما یقول

إقرأ أيضاً:

هل تريد إسرائيل فعلًا التوصل إلى تسوية مع لبنان؟

لم يكن اللبنانيون، إلى أي فئة انتموا، يحتاجون إلى الكثير من المعلومات لكي يعرفوا مسبقًا ما سيكون عليه ردّ الرئيس بري، بصفته "الأخ الأكبر" لـ "حزب الله"، على الورقة الأميركية للحّل. فهو في النهاية يريد أن يأكل عنبًا، بالتزامن مع سعيه من خلال تنسيقه مع "حزب الله" إلى إبعاد "الناطور" عن الحديقة الخلفية للبنان، وذلك من خلال رفضه ما تضمّنته الورقة الأميركية للحّل من نقاط من شأنها إطلاق يد إسرائيل جوًّا وبرًّا وبحرًا. وهذا ما لا يقبله أي لبناني عاقل. فالقبول بما يمكن أن يطمئن إسرائيل غير وارد، لأن ما يطمئن إسرائيل يتعارض مع السيادة اللبنانية، وهذا ما كانت عليه طبيعة الردّ اللبناني. فالرئيس بري على تنسيق تام مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يصرّ على تطبيق القرار 1701 بكل بنوده، بعد وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وإعطاء الجيش الدور الأكبر في المحافظة على الاستقرار في المنطقة الواقعة جنوب الليطاني بالتنسيق مع قوات "اليونيفيل"، من دون توسيع لصلاحياتها الأساسية، مع رفض مطلق لما تحاول إسرائيل فرضه بقوة النار، أي أن تمتلك "حق العمل العسكري" متى شاءت. وهذا يعني التنازل عن مبدأ السيادة، وبالتالي التسليم باستباحة مناطق البيئة الحاضنة لـ "المقاومة الإسلامية"، بحيث يصبح العيش فيها شبه مستحيل.   أمّا ما يتعلق بتوسيع اللجنة الدولية لمراقبة تنفيذ القرار 1701 فإن الرئيس بري، ومعه الرئيس ميقاتي، لا يريان أي فائدة في انضمام كل من المانيا وبريطانيا إلى هذه اللجنة الدولية، التي يرأسها جنرال أميركي وآخر فرنسي. ويرى الجانب اللبناني تفعيل عمل اللجنة القديمة بدلًا من توسيعها. وهو لزوم ما لا يلزم. لأن أي زيادة على عمل اللجنة القديمة يعني زيادة على ما نصّ عليه القرار 1701، أي أن يكون مذّيلًا بعلامة +. وهذا ما يرفضه لبنان كأساس صالح لمفاوضات يُعتقد أنها ستكون طويلة وشاقة، مع إصرار على ألا تبدأ هذه المفاوضات إلاّ بعد وقف شامل للنار، إذ من غير المنطقي أن يقبل لبنان بالسير بهذه المفاوضات على وقع الغارات الإسرائيلية، التي تدّك المناطق المستهدفة يوميًا، والتي ينتج عنها المزيد من الضحايا والدمار والخراب.   لذلك فإن الاولوية اليوم هي للتفاوض على وقف الحرب، أما ما بعدها فمتروك لنجاح التسوية، ولكن على عكس ما يروج له البعض من أن التسويات تأتي دائمًا على حساب لبنان، الذي دفع أثمانًا باهظة نتيجة عدم وضوح في الرؤية وفي التقدير وبعد النظر.   ويرى مراقبون حياديون أن مستقبل المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، والتي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية، مرهون بمدى جدّية استعداد تل أبيب لوقف شامل للنار، وهي التي تؤكد على لسان قادتها والمسؤولين فيها أن الحرب الشاملة والواسعة، التي شنتّها على لبنان منذ شهرين تقريبًا لم تحقّق أهدافها بعد. وهذا يعني أن لا نية لدى حكومة الحرب الإسرائيلية بوقف مسلسل اعتداءاتها قبل أن تضمن عدم تكرار عملية "طوفان الأقصى" بنسخته اللبنانية".   ويقابل إصرار تل أبيب على مواصلة اعتداءاتها تمسّك "حزب الله" بخطابه الجماهيري، الذي يرفض التسليم بالأمر الواقع، من خلال ابرازه ما حقّقه من إنجازات ميدانية، حتى أن بعض نواب كتلة "الوفاء للمقاومة" يذهبون بعيدًا في مسألة إبراز هذه الإنجازات، التي يعتبرون أنها ستفضي عاجلًا أم آجلًا، إلى تراجع تل أبيب عن شروطها التعجيزية، ومن ضمنها بالتأكيد إبقاء الجنوب ولبنان كله تحت العين الإسرائيلية، مع الإصرار على أن تطورات الميدان الجنوبي لا تسمح لإسرائيل بأن تدّعي النصر وفرض شروطها التي تتناقض مع السيادة.   من هنا، فإن "حزب الله"، الذي سلم ملاحظاته للرئيس بري، يحاول أن يرسّخ معادلة جديدة تقوم على التناغم بين الميدان والمسار الديبلوماسي، مع ما يمكن أن يترتب عن هذه المعادلة المعقدة والمكلفة في آن.  وهذا ما تفعله أيضًا إسرائيل، التي تسابق دباباتها في الجنوب المسار التفاوضي. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • فيتو أميركي ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة
  • هل تريد إسرائيل فعلًا التوصل إلى تسوية مع لبنان؟
  • عاجل - معظمهم من الأطفال والنساء.. مجزرة جديدة يرتكبها جيش الاحتلال ومساعٍ مصرية في ظل فيتو أمريكي جديد
  • خبراء: كلمة الأمين العام لحزب الله رسمت خارطة المعركة والمفاوضات
  • "فيتو أميركي" ضد قرار بشأن وقف إطلاق النار في غزة
  • فيتو أميركي ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة
  • فيتو أمريكي يُفشل وقف إطلاق النار في غزة للمرة الثالثة
  • فيتو أميركي في مجلس الأمن على مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة
  • فيتو أميركي في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف الحرب بغزة
  • فيتو أميركي جديد على مشروع قرار يدعو الى وقف إطلاق النار في غزة