من قرية البرشا بمحافظة المنيا في صعيد مصر إلى السجادة الحمراء في مدينة كان الفرنسية، مشوار استغرق 5 أعوام قطعه فريق عمل صغير ليعمل على إنتاج فيلم "رفعت عيني للسما".

يحكي الفيلم قصة مجموعة من الفتيات اللاتي يقررن تأسيس فرقة مسرحية وعرض مسرحياتهن المستوحاة من الفلكلور الشعبي الصعيدي في شوارع قريتهن الصغيرة، لتسليط الضوء على القضايا التي تؤرقهن كالزواج المبكر والعنف الأسري وتعليم الفتيات، بينما يمتلكن أحلاما تفوق حد السماء.

وبعد عرضه في الدورة الـ 77 من مهرجان كان، حصل "رفعت عيني للسما" على جائزة العين الذهبية في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما المصرية بالنسبة للأفلام التسجيلية الطويلة.

"الجزيرة نت" التقت صناع الفيلم المخرجين ندى رياض وأيمن الأمير للحديث عن مشاركتهما في المهرجان السينمائي الدولي، وعن خصوصية العمل والصعوبات التي واجهتهما أثناء التصوير وغيرها من التفاصيل.

عنوان الفيلم

عن اختيار عنوان الفيلم، يقول المخرج المصري أيمن الأمير إن الفيلم لم يحظ بأي عنوان محدد لفترة طويلة وبعد انتهاء تصويره. إلا أنه والمؤلفة والمخرجة ندى رياض كانا يريدان عنوانا مرتبطا بالثقافة المصرية واللهجة العامية الدارجة.

"ولأن الفيلم يناقش الأحلام والأمنيات وأننا نرفع أيدينا وأعيننا إلى السماء حين ندعو الله لتحقيقها، اقترحت بطلة الفيلم ماجدة مسعود اسم "رفعت عيني للسما" الذي تم الاستقرار عليه بعد مناقشات" بحسب الأمير.

أما عن قدرة الفيلم على المنافسة عالميا رغم المحلية والخصوصية الشديدة التي يتمتع بها، تعقب رياض قائلة، "كان لدينا رغبة في أن نعبر بصدق شديد عن تجربة فرقة بانوراما برشا، وكل الإنجازات التي حققتها والتحديات التي واجهت الفتيات، كانت هناك رغبة في تقديم فيلم مصري أصيل يصل للجمهور في مصر، ويتفاعل معه، وأظن أن ذلك جعل الفيلم يصل لأبعد من جمهور المنطقة التي يعبر عنها".

ويلتقط الأمير خيط الحوار، ليشير إلى أن الإغراق في المحلية "هو العالمية بعينها"، مؤكدا أن المشاعر الإنسانية متشابهة في كل مكان في العالم، "فالجميع لديه أحلام كبيرة في عمر المراهقة، والجميع يمر بمراحل التفرق عن أصدقائه وفقد الأشخاص، وهناك لحظات مشتركة للبشر في قرية البرشا والقاهرة واليابان والمكسيك وكل العالم".

يستدرك قائلا، "لكن هناك اعتقاد شائع أن تقديم عمل يعرض على نطاق واسع لا بد أن يشبه أعمال نشاهدها في الخارج حتى يصل إلى الجمهور العالمي، ولكن العكس هو الصحيح"، مستشهدا بالمثل القائل، "إذا أردت أن تحكي حدوتة عن العالم، احكي عن القرية التي تعيش بها".

ويتابع المخرج المصري: "حاولنا تقديم مشاعر إنسانية بسيطة يشاركها الجمهور، وهي حكاية تقع في قرية البرشا ذات الثقافة الصعيدية، وهو ما يعطي أصالة ونكهة مميزة للفيلم أكدها وجود وجوه مصرية أصيلة، وأماكن لم تقدم من قبل على الشاشة".

استقبال الجمهور

أما عن ردود فعل جمهور مهرجان كان على "رفعت عيني للسما"، فأرجعت رياض تأثرهم الواضح لحضور إحدى بطلاته، إذ قالت الممثلة ماجدة مسعود على المسرح، "ستشاهدون أحلامنا وتجاربنا وهى أحلام كل البنات في قريتنا" وهي الكلمة التي أثرت في الحضور فكان الاستقبال رائعا.

ولم يتوقع الأمير الفوز بالجائزة، "لكن بطلات الفيلم كن يحلمن بها، وهو أمر هام لهن بعد سنوات من المعاناة، والتعرض للتنمر والانتقاد، ليس في الصعيد فقط، بل في القاهرة أيضا بحجة أن ما يقدمنه ليس ذا قيمة".

وبرر الأمير الفترة الطويلة التي استغرقها تنفيذ "رفعت عيني للسما" -استمر التصوير 4 أعوام وتم المونتاج في أكثر من عام- بأن القرار كان منذ البداية، أن يستغرق الفيلم وقتا لأنه ليس فيلما روائيا، وإنما عمل غير المعروف النهاية، لذلك كان لا بد من تتبع الشخصيات ومعرفة قراراتها المصيرية في الحياة، وتحول البطلات من مراهقات إلى نساء صغيرات، وهل سيتمكن من تحقيق أحلامهن، "وكل ذلك بحاجة إلى وقت".

وأضاف المخرج أن صناع الفيلم احتاجوا وقتا لبناء ثقة مع أهالي قرية البرشا وأهالي الفتيات والإجابة عن كل الأسئلة عن التصوير، وهي الثقة التي تحولت إلى صداقة مع أهل القرية مستمرة حتى الآن.

أما رياض فتعلق بابتسامة خفيفة قائلة، "الصورة الذهنية لدى بعض صناع الأفلام أن التصوير خارج القاهرة والإسكندرية صعب للغاية، ولكن من خلال تجربة الفيلم التصوير في الصعيد أسهل كثيرا، فأهالي الصعيد كرماء ومتعطشون للفنون وطوال الوقت يعرضون فنونهم بشغف، والصعيد أكثر انفتاحا مما يشاع عنه".

أما حول تدريب الممثلات اللاتي يقفن أمام الكاميرا لأول مرة، فيقول الأمير، "حرصنا أنا وندى على رصد التفاصيل بكل تلقائية وعفوية، لذلك فعلنا العكس، وحاولنا أن نجعل فريق الممثلات ينسى وجود الكاميرا والتصوير، وأن يتم التعامل بتلقائية، لذلك اعتمدنا على فريق عمل صغير لم يتجاوز 7 أفراد".

وأضاف "بطلات الفيلم لديهن طموحات فنية ورغبة في احتراف التمثيل والغناء والرقص، وهن يقدمن عروضا في الشارع، ويشاركن في ورش صناعة أفلام، وهو ما طور من طاقتهن الإبداعية وأسهم بشكل غير مباشر في الفيلم من خلال تقديم عروض أكثر قوة وجرأة وصدقا مع القضايا التي عبروا عنها".

صعوبات

وفيما يتعلق بالصعوبات التي واجهت صناع الفيلم، فإن أغلبها كانت تقنية بحسب الأمير، "وكنا حريصين دائما على التوازن بين الجودة الفنية والموضوع الذي نقوم بتصويره، لكن اختيار كاميرا غير مخصصة للفيلم التسجيلي الطويل تنقطع بعد تصوير 10 دقائق ونحن نصور ساعات طويلة فذلك من الصعوبات، فكنا نصور أحيانا في درجة حرارة 40 فكانت الكاميرا أيضا لا تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، ومن المعوقات أيضا الصوت لأن القرية مليئة بالأصوات لقرب البيوت من بعضها، والأصوات متداخلة وهو ما تطلب مجهودا كبيرا بذله فريق الصوت، وأيضا المونتاج الذي اختصر 400 ساعة تصوير إلى ساعة ونصف وهو ما استغرق أكثر من عام".

واعترف المخرج بأن ظروفا إنتاجية جيدة توافرت للعمل من خلال دعم مؤسسات مختلفة على المستوى الإقليمي، في حين لفتت رياض إلى حصول "رفعت عيني للسما" على جائزة من مهرجان الجونة العام الماضي في مرحلة ما بعد الإنتاج، وتلقيه دعما من مهرجان مراكش وآفاق ومؤسسة البحر الأحمر السعودية.

أما الأمير، فعقب بأن طبيعة الفيلم كانت تستدعي أن يكون لديهم القدرة على التصوير في أي وقت دون وجود الميزانية كاملة، لأن هناك أحداثا غير متوقعة ولم يتم التخطيط لها، بعكس الأفلام الروائية، ولذلك كان عليهم التركيز على استمرارية التصوير طوال الوقت.

وعن تجربة الاشتراك في إخراج الفيلم والتعامل مع الاختلافات في وجهات النظر، قالت رياض "نعمل سويا في الأفلام التسجيلية منذ سنوات، لكن في الأفلام الروائية نتبادل أدوارا مختلفة بين الإخراج والإنتاج والكتابة، وبالتأكيد قد تختلف وجهات النظر في بعض الأحيان، لكننا نتعامل معها باحترام، وأصبحت السينما هي طريقنا للتواصل، وأعتقد أن الفيلم لن يكون كما هو حاليا إذا اعتمد على أحدنا فقط دون الآخر".

وفيما يخص العناصر الواجب توافرها في الأفلام المصرية للمنافسة على الصعيد العالمي، يرى الأمير أن الفيلم الصادق الذي يعبر عن مخرجيه هو الأساس، وأن يعبر الفيلم عن الهوية والثقافة الخاصة بصناعه.

وتتفق معه رياض قائلة، "الانشغال بالعرض في المهرجانات ليس لمصلحة صانع الفيلم، لأنه سيفكر في الأفلام التي عرضت في الدورات السابقة، ولن يركز في أن يقدم تجربة تشبهه. المخرج يصنع تجربته دون أن يفكر في مكان العرض، وأن يجتهد من أجل تقديم فكرة يراها ذات قيمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رفعت عینی للسما فی الأفلام وهو ما

إقرأ أيضاً:

قمرة يواصل تمكين صناع الأفلام لدعم المبدعين في مسيرتهم السينمائية

"عمان" تواصل مؤسسة الدوحة للأفلام التزامها بدعم المواهب السينمائية العربية والدولية من خلال النسخة الحادية عشرة من ملتقى قمرة السينمائي، الذي يُعدّ الحاضنة السنوية المتميزة لصناع الأفلام الواعدين. في هذا العام، يقدم الملتقى دعمًا وإرشادًا قيّماً لـ 49 مشروعًا سينمائيًا استثنائيًا، تشمل أفلامًا في مراحل التطوير والإنتاج وما بعد الإنتاج، ويمثل المشاركون أكثر من 20 دولة حول العالم، مما يعكس الطبيعة العالمية والتأثير الواسع لهذا البرنامج. وفي إطار دعمها المستمر للصناعة الإبداعية المحلية، خصصت مؤسسة الدوحة للأفلام مساحة بارزة لصناع الأفلام القطريين والمقيمين في قطر، حيث تضم نسخة هذا العام 16 مشروعًا سينمائيًا من قطر، مما يؤكد على تنامي دور المواهب المحلية في المشهد السينمائي العالمي.

ويُعتبر ملتقى قمرة السينمائي إحدى المبادرات الفريدة التي توفر بيئة مثالية لتطوير مهارات صناع الأفلام وصقل رؤاهم، من خلال برنامج إرشادي شامل يشمل فرص التوجيه، والتدريب، وبناء العلاقات المهنية. ويهدف هذا البرنامج إلى تمكين صناع الأفلام من تحويل أفكارهم ورؤاهم إلى أعمال سينمائية حقيقية عبر مجموعة متنوعة من الأنشطة والجلسات التفاعلية.

ومن المقرر أن يُقام الملتقى في أبريل المقبل، حيث سيشارك صناع الأفلام في حلقات عمل مكثفة وجلسات حوارية مع خبراء الصناعة وأبرز الأسماء السينمائية. تلي ذلك جلسات عبر الإنترنت، مما يمنح المشاركين فرصة إضافية للتواصل والاستفادة من خبرات المتخصصين في المجال السينمائي.

في هذا السياق، أكدت فاطمة حسن الرميحي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام، على أهمية ملتقى قمرة في مسيرة صناع الأفلام، قائلة: "على مدار أكثر من عقد، شكّل قمرة وجهة تحولية في مسيرة صناع الأفلام الواعدين، حيث مكّنهم من صقل مهاراتهم وتطوير مشاريعهم تحت إشراف صناع أفلام بارزين وخبراء في هذه الصناعة. وباعتباره حاضنة مواهب فريدة من نوعها، نواصل بناء إرثنا في دعم العديد من السينمائيين المميزين في العالم خلال رحلتهم السينمائية. وفي وقت يحتاج فيه صناع الأفلام إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط على المستوى المالي، بل أيضًا على المستويات الإبداعية والتقنية، يجسّد قمرة الدور الذي يمكننا أن نلعبه جماعيًا في تشكيل الجيل القادم من المبدعين."

وأضافت الرميحي:"تعكس تنوع الموضوعات والأساليب السينمائية التي يتناولها صناع الأفلام الشباب في هذا العام القوة المتزايدة للسينما المستقلة. فهذه الأصوات الجديدة والجريئة تقدّم للعالم قصصًا مهمة تعزز فهمًا أعمق للإنسانية ولقيمنا المشتركة. كما نفتخر بدعم العديد من المشاريع من قطر التي تعكس مدى التزامنا بتشكيل صناعة سينمائية محلية ومزدهرة."

وضمت قائمة المشاريع المختارة التي ستستفيد من برامجه الإرشادية، مجموعة متنوعة من الأفلام الروائية والوثائقية، سواء في مراحل التطوير، الإنتاج، أو ما بعد الإنتاج. وضمن فئة مرحلة التطوير – الأفلام الروائية الطويلة، تشارك عدة أعمال بارزة، منها "ملاك" للمخرجة رزان مدهون (فلسطين، المملكة المتحدة، قطر)، و"الزاهية 1926" للمخرجين داميان أونوري وعديلة بن دميراد (الجزائر، فرنسا، قطر)، و"اللؤلؤة (عنوان مؤقت)" للمخرجة نور النصر (قطر). كما تضم الفئة فيلم "ربع الخميس" للمخرجة صوفيا جما (الجزائر، فرنسا، قطر).

أما في مرحلة التطوير – الأفلام الوثائقية أو المقالية الطويلة، فتشمل القائمة "باسم صفية" للمخرجة صفية كيساس (الجزائر، بلجيكا، فرنسا، قطر)، و"كأنّه حلم" للمخرجة كورين شاوي (لبنان، قطر)، إلى جانب "القصة السادسة" للمخرج أحمد عبد (العراق، المملكة المتحدة، قطر)، و"تكلمي صورة، تكلمي" للمخرجة باري القلقيلي (فلسطين، ألمانيا، قطر).

وفي مرحلة الإنتاج – الأفلام الروائية الطويلة، يبرز فيلم "في ذكرى ما سيأتي" للمخرجة لاريسا صنصور (فلسطين، الدنمارك، مالطا، المملكة المتحدة، بلجيكا، قطر)، و"لاف فورتي فايف" للمخرج أنس خلف (سوريا، فرنسا، سويسرا، قطر)، إضافة إلى "ساري وأميرة" للمخرجة الجوهرة آل ثاني (قطر).

وضمن فئة مرحلة ما بعد الإنتاج – الأفلام الروائية الطويلة – النسخة النهائية، يشارك فيلم "ملكة القطن" للمخرجة سوزانا ميرغني (السودان، ألمانيا، فرنسا، فلسطين، مصر، قطر)، و"الزعنفة" للمخرجة سي يونغ بارك (كوريا الجنوبية، ألمانيا، قطر)، و"ماري وجولي" للمخرجة أريج سهيري (تونس، فرنسا، قطر).

كما تضم القائمة مشاريع وثائقية قيد الإنجاز وأخرى في مراحلها النهائية، إضافة إلى مسلسلات تلفزيونية ومسلسلات ويب في مرحلة التطوير.

ويعكس اختيار 49 مشروعًا سينمائيًا للمشاركة في ملتقى قمرة السينمائي هذا العام التزام مؤسسة الدوحة للأفلام بتوفير منصة رائدة لدعم المواهب السينمائية. ومن بين هذه المشاريع، يستفيد 37 مشروعًا من برنامج المنح الذي تقدمه المؤسسة، مما يساعد في تمويل ودعم صناع الأفلام لتحقيق رؤاهم الإبداعية.

بالإضافة إلى ذلك، يشارك في هذه النسخة 21 مشروعًا لخريجي البرامج التدريبية التي تنظمها مؤسسة الدوحة للأفلام على مدار العام، والتي تشمل حلقة عمل سيناريو الأفلام الطويلة، وحلقة عمل صناعة الأفلام مع ريثي بان، وحلقة عمل المسلسلات.

مقالات مشابهة

  • هل انتهى حلم صلاح للفوز بالكرة الذهبية؟.. ترتيب صادم للنجم المصري في قائمة المرشحين
  • حسبي الله ونعم الوكيل فيك.. إبراهيم شيكا يهاجم متابع بسبب صورة أحمد رفعت
  • لمكافحة الفساد ومنع تمويل الجماعات المسلحة.. واشنطن تتشاور مع بيروت حول الأوفر حظا لخلافة رياض سلامة
  • يُشاهد بالعين المجردة.. رصد اقتران قمر رمضان بنجم السمّاك الليلة
  • قيثارة السماء في شهر رمضان «الشيخ محمد رفعت»
  • قمرة يواصل تمكين صناع الأفلام لدعم المبدعين في مسيرتهم السينمائية
  • مدرب الجزائر يستدعي رياض محرز وبن رحمة ويستبعد عوار
  • الفائز بجائزة العمارة المرموقة مهندس صيني لم يتوقّعها.. لماذا؟
  • سعد سمير يذكر جمهوره بالراحل أحمد رفعت ويطلب الدعاء له
  • دعاء للميت في النصف من رمضان.. يفرح به المتوفى ويجعل قبره في رياض الجنة