لجريدة عمان:
2025-02-17@06:06:09 GMT

الدولة الفلسطينية والانحياز الأمريكي

تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT

بعد أكثر من سبعة عقود من الكفاح والنضال الفلسطيني وبعد الظلم والاستبداد من الكيان الصهيوني وبسياسة منحازة وسافرة للإدارات الأمريكية المتعاقبة، يظل الأمل الكبير في أن تصبح الدولة الفلسطينية حقيقة واقعة في أعقاب السابع من أكتوبر الماضي، والذي غير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط خاصة زعزعة الكيان الصهيوني وسقوط كذبة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، كما سقطت إستراتيجية الحرب النفسية التي استخدمها الكيان الصهيوني على مدى عقود لبث الخوف في قلوب العرب جيوشا وسياسات بأن الجيش الإسرائيلي وأجهزته الأمنية لا يمكن مواجهتها رغم نصر العرب في حرب أكتوبر ١٩٧٣.

ومن هنا واصلت إسرائيل سياسة التنكيل والقتل والاستيطان في فلسطين المحتلة لعقود، في إطار الحماية الأمريكية من أي تبعات قانونية من المحاكم الدولية. كما لعب الإعلام الأمريكي دورا سلبيا في حجب قضايا الصراع العربي الإسرائيلي وانحاز بشكل سافر للسردية الصهيونية. إن يوم السابع من أكتوبر أسقط كل تلك السرديات الكاذبة والمضللة، وانكشف الكيان الصهيوني وجيشه بشكل فاضح. كما انكشف الوجه القبيح للساسة الصهاينة ولعبت التقنية والهاتف الذكي دورا محوريا للمرة الأولى في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث شاهدت شعوب العالم شرقها وغربها الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومدى بشاعة الاحتلال الإسرائيلي، وإن مسألة أن إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط هي أكذوبة وأن الجيش الإسرائيلي المحتل هو عبارة عن عصابة ليس لها علاقة بالقانون الدولي الإنساني.

ومن هنا حدث انقلاب كبير في الوعي المجتمعي العالمي من احتجاجات شعبية عارمة بين طلاب الجامعات الأمريكية والغربية وفي أوساط رجال القانون وانتفضت دولة جنوب أفريقيا لتسجل موقفا مشرفا بتقديم ملف متكامل لمحكمة العدل الدولية وأيضا للمحكمة الجنائية الدولية، كما كان لبلادنا سلطنة عمان موقف مشرف هو الأكثر صراحة وعمقا على الصعيد الرسمي والشعبي. كما كان صوت الشعوب الحرة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية مسموعا. ومن هنا انكشف المستور كما يقال وظهر وجه الكيان الصهيوني على حقيقته حيث توجد عصابة تحترف القتل ضد المدنيين الفلسطينيين على مدى أكثر من سبعة أشهر، وأصبح نتنياهو هو من أكبر المجرمين القتلة في هذا القرن. ولاشك أن إصدار مذكرة دولية قانونية باعتقاله من محكمة الجنايات الدولية وعدد من القيادات العسكرية الإسرائيلية هو أمر حتمي وواقعي على ضوء الجرائم البشعة التي ارتكبها الجيش الصهيوني في قطاع غزة وعموم فلسطين خلال أكثر من سبعة عقود. ومن هنا فإن المقاومة الفلسطينية سجلت انتصارا استراتيجيا هو الأكبر والأهم على صعيد المواجهة العسكرية بين الكيان الصهيوني والدول العربية وبشهادة أهم جنرالات ومحللي الجيوش الغربية وحتى من قيادات عسكرية سابقة في الكيان الإسرائيلي المحتل. وعلى ضوء الأحداث في غزة بدأت الدول الغربية في الاعتراف تباعا بالدولة الفلسطينية ومنها إسبانيا والنرويج وأيرلندا وهناك دول غربية في قادم الأيام. كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت بأغلبية كبيرة لصالح عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة. كما أن الكيان الصهيوني أصبح أكثر الأنظمة في التاريخ الحديث كراهية ومنبوذا من الشعوب في كل مكان. ومن هنا فإن الكيان الصهيوني وقياداته أصبح محاصرا من الداخل حيث الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو، وهناك الحصار القانوني من المحاكم الدولية، والحصار الشعبي من شعوب العالم علاوة على انهيار اقتصاد الكيان الصهيوني حيث توقف الطيران والمرافئ بسبب التوتر في الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن. علاوة على أن الكيان الصهيوني أصبح يشكل عبئا كبيرا على الدول الغربية وحتى على الولايات المتحدة الأمريكية والتي قدم عدد من مسؤوليها في وزارة الخارجية استقالاتهم احتجاجا على إدارة بايدن المنحازة للكيان المحتل. وأمام صرخة العالم المدوية لنصرة فلسطين وشعبها الذي تعرض لإبادة حقيقية خاصة في قطاع غزة بدأت مؤشرات إيجابية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن حل الدولتين هو الحل الأمثل لإيجاد الشرق الأوسط، الذي ينعم بالسلام والاستقرار، وهو المفهوم الواقعي الذي تدعو إليه بلادنا سلطنة عمان عبر الدبلوماسية العمانية، وعبر الخطابات السلطانية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأيضا خلال مباحثاته مع القيادات العربية ومن الدول الصديقة خلال زياراته الأخيرة، ومع كل تلك الجهود السياسية المخلصة وحتى من عدد من الدول الغربية تبرز الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة في إدارة بايدن كعقبة ضد طموح وأحلام ملايين من الشعب الفلسطيني الذي ينشد الحرية والاستقلال.

وفي تصوري إن إدارة بايدن هي أسوأ إدارة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية تعاملت مع أحداث الشرق الأوسط وصراعه الممتد لأكثر من سبعة عقود حيث لأول مرة يهرع بايدن لزيارة الكيان الصهيوني بعد أحداث السابع من أكتوبر ويحضر بشكل رسمي اجتماع حكومة الحرب الإسرائيلية، وكذلك فعل وزير الخارجية بلينكن، وجاء أيضا وزير الدفاع لتسجل إدارة بايدن اشتراكها الفعلي في الحرب ضد المقاومة الفلسطينية وضد الشعب الفلسطيني. كما شاركت أجهزة الاستخبارات الأمريكية في مد الكيان الصهيوني بالمعلومات وأيضا القوات الخاصة دلتا كذلك فعلت بريطانيا وألمانيا وآخرون في المنطقة.

إن الوسيط الأمريكي في ظل الإدارة الأمريكية الحالية سقط بامتياز، وأن إعلان القمة العربية الأخيرة في مملكة البحرين بإقامة مؤتمر دولي للسلام حول فلسطين هو الخيار الصحيح على اعتبار أن الإدارة الأمريكية فقدت مصداقيتها من سنوات، وأصبحت غير مقبولة بسبب الانحياز السافر للكيان الصهيوني، وكأن هذا الأخير أصبح ولاية أمريكية. كما ساهمت إدارة بايدن في تلك الإبادة البشعة في قطاع غزة من خلال تزويد الجيش الإسرائيلي بأكثر الأسلحة فتكا، خاصة القنابل والتي تسببت في قتل آلاف الفلسطينيين وتدمير البنية الأساسية لقطاع غزة. كما أن استخدام واشنطن لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن لعدة مرات ضد وقف العدوان الصهيوني الظالم على الشعب الفلسطيني يعطي مؤشرا واضحا على انحياز الإدارة الأمريكية، والتي جعلت الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية أكبر ملمح لتلك السياسة الظالمة ضد تحرر الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة.

ومن هنا فإن المشهد السياسي الدولي يشهد فضح الممارسات الأمريكية، والتي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تخسر الشعوب العربية وفي مناطق العالم وحتى من أجيالها الشابة داخل الجامعات الأمريكية، وهذا التحرك الطلابي يعطي مؤشرا على تغييرات واتجاهات حادة في المجتمع الأمريكي وقد يتضح ذلك بشكل كبير خلال الانتخابات الأمريكية القادمة في شهر نوفمبر.

وفي تصوري إن الناخب الأمريكي خاصة من أجيال الشباب سوف يكون له كلمة حاسمة وهي تشكل نسبة مهمة من الكتلة الانتخابية وقد يدفع الرئيس الأمريكي بايدن ثمنا باهظا على سياسته ومواقفه غير الأخلاقية تجاه مجازر ترتكب من خلال آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية وأمام شاشات التلفزة وشبكات التواصل الاجتماعي ضد الأطفال والنساء وتدمير البنية الأساسية وكل ما يتعلق بالحياة الإنسانية في قطاع غزة ومع ذلك أصبحت الدولية الفلسطينية هي واقع وسوف يتحقق إن شاء الله رغم تعنت الكيان الصهيوني وانحياز الإدارة الأمريكية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الإدارة الأمریکیة الجیش الإسرائیلی الکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی الشرق الأوسط أکثر من سبعة إدارة بایدن فی قطاع غزة ومن هنا

إقرأ أيضاً:

ماذا نعرف عن قنابل إم.كي 84 الأمريكية التي تسلّمها الاحتلال الإسرائيلي؟

كشفت وزارة حرب الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، عن وصول شحنة قنابل "MK-84" من الولايات المتحدة؛ وهي التي قرّر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إرسالها، عقب تعليقها خلال العام الماضي من طرف إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن.

وتابعت الوزارة، عبر بيان، أن: "الشحنة وصلت الليلة الماضية، خلال عملية نقل مشتركة قادتها بعثة المشتريات التابعة للوزارة في الولايات المتحدة، بالتعاون مع شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي ووحدة الشحن الدولي".

وأوضحت بأن: السفينة التي تحمل تلك القنابل قد وصلت إلى ميناء أشدود، وتم تفريغ حمولتها على عشرات الشاحنات التابعة لوحدات النقل في جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما تم نقلها إلى قواعد سلاح الجو.

وفي السياق نفسه، وصف وزير الحرب، يسرائيل كاتس، ذلك بـ"الإضافة الاستراتيجية المهمة لسلاح الجو والجيش الإسرائيلي"، فيما شكر ترامب وإدارته على ما وصفه بـ"وقوفهم الحازم في صف إسرائيل"، وفق تعبيره.

وعبر بيان آخر لوزارة الحرب، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي تسلّمت حتى الآن "أكثر من 76 ألف طن من المعدات العسكرية، نُقلت عبر 678 رحلة جوية و129 عملية شحن بحري"، وهو ما وصفه البيان بأنه: "أكبر جسر جوي وبحري عسكري في تاريخ إسرائيل".

وبحسب عدد من التقارير الإعلامية المُتفرّقة، فإن: "هذه الكميّة تُعادل ما يناهز خمس قنابل نووية، مثل التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين".

إظهار أخبار متعلقة


ما الذي نعرفه عن هذه القنابل؟
تُعد قنابل MK-84، المعروفة كذلك باسم بـBLU-117، من أبرز القنابل غير الموجّهة في الترسانة العسكرية الأمريكية. حيث تزن القنبلة الواحدة منها حوالي 907 كيلوغرامات، وتُعد كذلك: الأكبر ضمن سلسلة قنابل Mark 80.

وكان الجيش الأمريكي قد بدأ في استعمال هذه القنابل خلال حرب فيتنام، لتصبح منذ ذلك الحين واحدة من العناصر الأساس في العمليات الجوية الأمريكية.



أيضا، تتميز MK-84 بهيكل يوصف بـ"الانسيابي"، وهو مصنوع من الفولاذ، ومُعبأة بحوالي 429 كيلوغراما من المتفجرات عالية القوة.

وعند إسقاطها، يمكن للقنبلة إحداث حفرة بقطر يصل إلى 15 مترا، وعمق يصل إلى 11 مترا. كما تستطيع اختراق ما يصل إلى ما يُناهز 38 سنتيمترا من المعدن أو حوالي 3.35 أمتار من الخرسانة المسلحة، وهو ما يجعلها كذلك فعّالة ضد الأهداف المحصنة كافة.

إظهار أخبار متعلقة


وتجدر الإشارة إلى أنه مع تطور التقنيات العسكرية، قد تم تزويد العديد من قنابل MK-84 بأنظمة توجيه دقيقة، ما جعلها تتحوّل إلى ذخائر موجّهة مثل GBU-10 Paveway II وGBU-31 JDAM. 

وكانت الولايات المتحدة قد علقت في أيار/  مايو الماضي شحنة قنابل زنة 2000 رطل و500 رطل، إثر ما قالت آنذاك؛ إنه القلق من التأثير الذي يمكن أن تحدثه في غزة، خلال الحرب التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على غزة؛ قبل أن تستأنف شحن قنابل زنة 500 رطل نحو الاحتلال الإسرائيلي في تموز/ يوليو الماضي.

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن قنابل إم.كي 84 الأمريكية التي تسلّمها الاحتلال الإسرائيلي؟
  • شاهد | لبنان.. المقاومة تستعصي على الاصطفاف الأمريكي الإسرائيلي
  • برلماني عراقي: القوات المسلحة اليمنية أذلت أساطيل أمريكا وبريطانيا وهزّت الكيان الصهيوني
  • شحنة ضخمة من قنابلMK-84 الأمريكية تصل الاحتلال الإسرائيلي
  • المقاومة الفلسطينية تفجّر عبوة ناسفة بقوات الاحتلال الصهيوني بجنين واقتحاماتٌ واعتقالاتٌ في الضفة
  • متحدث حماس: التهديدات الأمريكية لن تحقق أهدافها والشعب الفلسطيني هو من يدير غزة
  • برلماني يطالب بالاصطفاف خلف القيادة السياسية لمقاومة المخطط الأمريكي الصهيوني
  • الرئيس الفلسطيني يشارك في الدورة الـ38 لقمة الاتحاد الإفريقي لحشد الدعم للقضية الفلسطينية
  • خبير في القضايا الدولية: خطة ترامب للتهجير هي للتعويض على فشل الكيان الصهيوني
  • الضالع  .. مسيرات حاشدة ردا على التهديدات الأمريكية الصهيونية بتهجير الشعب الفلسطيني