الدولة الفلسطينية والانحياز الأمريكي
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
بعد أكثر من سبعة عقود من الكفاح والنضال الفلسطيني وبعد الظلم والاستبداد من الكيان الصهيوني وبسياسة منحازة وسافرة للإدارات الأمريكية المتعاقبة، يظل الأمل الكبير في أن تصبح الدولة الفلسطينية حقيقة واقعة في أعقاب السابع من أكتوبر الماضي، والذي غير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط خاصة زعزعة الكيان الصهيوني وسقوط كذبة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، كما سقطت إستراتيجية الحرب النفسية التي استخدمها الكيان الصهيوني على مدى عقود لبث الخوف في قلوب العرب جيوشا وسياسات بأن الجيش الإسرائيلي وأجهزته الأمنية لا يمكن مواجهتها رغم نصر العرب في حرب أكتوبر ١٩٧٣.
ومن هنا حدث انقلاب كبير في الوعي المجتمعي العالمي من احتجاجات شعبية عارمة بين طلاب الجامعات الأمريكية والغربية وفي أوساط رجال القانون وانتفضت دولة جنوب أفريقيا لتسجل موقفا مشرفا بتقديم ملف متكامل لمحكمة العدل الدولية وأيضا للمحكمة الجنائية الدولية، كما كان لبلادنا سلطنة عمان موقف مشرف هو الأكثر صراحة وعمقا على الصعيد الرسمي والشعبي. كما كان صوت الشعوب الحرة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية مسموعا. ومن هنا انكشف المستور كما يقال وظهر وجه الكيان الصهيوني على حقيقته حيث توجد عصابة تحترف القتل ضد المدنيين الفلسطينيين على مدى أكثر من سبعة أشهر، وأصبح نتنياهو هو من أكبر المجرمين القتلة في هذا القرن. ولاشك أن إصدار مذكرة دولية قانونية باعتقاله من محكمة الجنايات الدولية وعدد من القيادات العسكرية الإسرائيلية هو أمر حتمي وواقعي على ضوء الجرائم البشعة التي ارتكبها الجيش الصهيوني في قطاع غزة وعموم فلسطين خلال أكثر من سبعة عقود. ومن هنا فإن المقاومة الفلسطينية سجلت انتصارا استراتيجيا هو الأكبر والأهم على صعيد المواجهة العسكرية بين الكيان الصهيوني والدول العربية وبشهادة أهم جنرالات ومحللي الجيوش الغربية وحتى من قيادات عسكرية سابقة في الكيان الإسرائيلي المحتل. وعلى ضوء الأحداث في غزة بدأت الدول الغربية في الاعتراف تباعا بالدولة الفلسطينية ومنها إسبانيا والنرويج وأيرلندا وهناك دول غربية في قادم الأيام. كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت بأغلبية كبيرة لصالح عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة. كما أن الكيان الصهيوني أصبح أكثر الأنظمة في التاريخ الحديث كراهية ومنبوذا من الشعوب في كل مكان. ومن هنا فإن الكيان الصهيوني وقياداته أصبح محاصرا من الداخل حيث الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو، وهناك الحصار القانوني من المحاكم الدولية، والحصار الشعبي من شعوب العالم علاوة على انهيار اقتصاد الكيان الصهيوني حيث توقف الطيران والمرافئ بسبب التوتر في الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن. علاوة على أن الكيان الصهيوني أصبح يشكل عبئا كبيرا على الدول الغربية وحتى على الولايات المتحدة الأمريكية والتي قدم عدد من مسؤوليها في وزارة الخارجية استقالاتهم احتجاجا على إدارة بايدن المنحازة للكيان المحتل. وأمام صرخة العالم المدوية لنصرة فلسطين وشعبها الذي تعرض لإبادة حقيقية خاصة في قطاع غزة بدأت مؤشرات إيجابية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن حل الدولتين هو الحل الأمثل لإيجاد الشرق الأوسط، الذي ينعم بالسلام والاستقرار، وهو المفهوم الواقعي الذي تدعو إليه بلادنا سلطنة عمان عبر الدبلوماسية العمانية، وعبر الخطابات السلطانية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأيضا خلال مباحثاته مع القيادات العربية ومن الدول الصديقة خلال زياراته الأخيرة، ومع كل تلك الجهود السياسية المخلصة وحتى من عدد من الدول الغربية تبرز الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة في إدارة بايدن كعقبة ضد طموح وأحلام ملايين من الشعب الفلسطيني الذي ينشد الحرية والاستقلال.
وفي تصوري إن إدارة بايدن هي أسوأ إدارة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية تعاملت مع أحداث الشرق الأوسط وصراعه الممتد لأكثر من سبعة عقود حيث لأول مرة يهرع بايدن لزيارة الكيان الصهيوني بعد أحداث السابع من أكتوبر ويحضر بشكل رسمي اجتماع حكومة الحرب الإسرائيلية، وكذلك فعل وزير الخارجية بلينكن، وجاء أيضا وزير الدفاع لتسجل إدارة بايدن اشتراكها الفعلي في الحرب ضد المقاومة الفلسطينية وضد الشعب الفلسطيني. كما شاركت أجهزة الاستخبارات الأمريكية في مد الكيان الصهيوني بالمعلومات وأيضا القوات الخاصة دلتا كذلك فعلت بريطانيا وألمانيا وآخرون في المنطقة.
إن الوسيط الأمريكي في ظل الإدارة الأمريكية الحالية سقط بامتياز، وأن إعلان القمة العربية الأخيرة في مملكة البحرين بإقامة مؤتمر دولي للسلام حول فلسطين هو الخيار الصحيح على اعتبار أن الإدارة الأمريكية فقدت مصداقيتها من سنوات، وأصبحت غير مقبولة بسبب الانحياز السافر للكيان الصهيوني، وكأن هذا الأخير أصبح ولاية أمريكية. كما ساهمت إدارة بايدن في تلك الإبادة البشعة في قطاع غزة من خلال تزويد الجيش الإسرائيلي بأكثر الأسلحة فتكا، خاصة القنابل والتي تسببت في قتل آلاف الفلسطينيين وتدمير البنية الأساسية لقطاع غزة. كما أن استخدام واشنطن لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن لعدة مرات ضد وقف العدوان الصهيوني الظالم على الشعب الفلسطيني يعطي مؤشرا واضحا على انحياز الإدارة الأمريكية، والتي جعلت الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية أكبر ملمح لتلك السياسة الظالمة ضد تحرر الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة.
ومن هنا فإن المشهد السياسي الدولي يشهد فضح الممارسات الأمريكية، والتي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تخسر الشعوب العربية وفي مناطق العالم وحتى من أجيالها الشابة داخل الجامعات الأمريكية، وهذا التحرك الطلابي يعطي مؤشرا على تغييرات واتجاهات حادة في المجتمع الأمريكي وقد يتضح ذلك بشكل كبير خلال الانتخابات الأمريكية القادمة في شهر نوفمبر.
وفي تصوري إن الناخب الأمريكي خاصة من أجيال الشباب سوف يكون له كلمة حاسمة وهي تشكل نسبة مهمة من الكتلة الانتخابية وقد يدفع الرئيس الأمريكي بايدن ثمنا باهظا على سياسته ومواقفه غير الأخلاقية تجاه مجازر ترتكب من خلال آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية وأمام شاشات التلفزة وشبكات التواصل الاجتماعي ضد الأطفال والنساء وتدمير البنية الأساسية وكل ما يتعلق بالحياة الإنسانية في قطاع غزة ومع ذلك أصبحت الدولية الفلسطينية هي واقع وسوف يتحقق إن شاء الله رغم تعنت الكيان الصهيوني وانحياز الإدارة الأمريكية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الإدارة الأمریکیة الجیش الإسرائیلی الکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی الشرق الأوسط أکثر من سبعة إدارة بایدن فی قطاع غزة ومن هنا
إقرأ أيضاً:
عضو السياسي الأعلى الحوثي: منظومات الدفاع لا توفر الأمان لإرهاب الكيان الصهيوني
الوحدة نيوز:
قال عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي إن منظومة الدفاع “حيتس” لا توفر الأمان لإرهاب الكيان المؤقت أمام صاروخ فرط صوتي اليمني “فلسطين 2”.
واعتبر الحوثي في تغريدة له عبر منصة “إكس”، فشل المنظومة هو النصيب الأكبر والتطوير مستمر كما هو الفشل مستمر لأنظمة الدفاع الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية.
وحيّا الأبطال في الصاروخية اليمنية.. وقال “ألا سلمت أيدي الأبطال في الصاروخية ولا شُلَّت أياديهم ولغزة يستمر الإسناد من يمن الإيمان”.
وأعلنت القوات المسلحة اليوم قصف هدف عسكري للاحتلال الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستيٍّ فرط صوتي نوع فلسطين2″.
في غضون ذلك، كشف تحقيق لسلاح الجو الإسرائيلي عن إجراء عدة محاولات اعتراض فاشلة للصاروخ الباليستي، الذي أُطلق من اليمن، وسقط في تل أبيب في الطبقتين العليا والسفلى من الغلاف الجوي.
وقال سلاح الجو الإسرائيلي في تحقيق أولي أجراه: “بعد رصد الصاروخ الباليستي، تم تفعيل حالة التأهب في المنطقة الوسطى التابعة للجيش الإسرائيلي”، وفق هيئة البث الرسمية.
وأضاف: “تم إطلاق صواريخ اعتراضية في الطبقة العليا من الغلاف الجوي أخطأت الهدف خارج حدود إسرائيل”.
وتابع: “في وقت لاحق، تم إطلاق صواريخ اعتراضية باتجاه الصاروخ، وهذه المرة في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي، والتي أخطأت الهدف أيضا”.
وبحسب هيئة البث: “يعمل نظام الدفاع الجوي في إسرائيل على شكل طبقات ويسمى “نظام الدفاع متعدد الطبقات”.
وأشارت إلى أنه “في الطبقة العليا فوق الغلاف الجوي تعمل مصفوفتا “آرو 2” و”آرو 3″، وفي الطبقة الوسطى تعمل مصفوفة “مقلاع داود”، بينما في الطبقة السفلية مصفوفة “القبة الحديدية”.
وأضافت: “قبل سقوط الصاروخ في يافا، تم اختراق طبقتين من الدفاع الجوي، وهو ما توصل إليه تحقيق سلاح الجو”.
ولدى إسرائيل، 3 طبقات دفاع جوي: “القبة الحديدية” وهي مخصصة للتعامل مع الصواريخ والقذائف قصيرة ومتوسطة المدى، و”مقلاع داود” وهو نظام لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى والطائرات المسيرة، و”حيتس 2 و3″ (السهم/آرو)، وهو نظام مخصص لتدمير الصواريخ الباليستية القادمة في مرحلتها النهائية في الغلاف الجوي العلوي.
وتطور إسرائيل حاليا منظومة دفاع جوي لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة بالليزر وتحمل اسم “الدرع الضوئي” تقول إنها ستكون قادرة على التصدي لجميع التهديدات الجوية.