◄  قررت الذهاب إلى مصر قبل وصول الرد من المنظمة

◄ سكنت في مستشفى يعيش فيه 30 ألف شخص

◄ عرفت معنى الوطن بشكل حقيقي خلال هذه الرحلة

◄  لعبت مع الأطفال لعبة البيلو وألعاب الورق

 

مسقط- أمل بنت خلف الذهلية

لا يزال الدكتور أيمن السالمي مأثر في نفوسنا، هو جراح عماني يعمل في مستشفى خولة بمسقط، وصل في 20 فبراير الماضي إلى معبر رفح تمهيداً لدخوله الأراضي الفلسطينية لتقديم العلاج للجرحى جراء الحرب الدائرة في القطاع منذ السابع من أكتوبر المنصرم.

تصدر اسمه في مواقع التواصل الاجتماعي بعد وصوله إلى مدينة رفح في غزة، وفور وصوله بدأ في ممارسة دوره الإنساني بمعالجة المصابين الفلسطينيين، وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خبر وصول السالمي إلى رفح وقيامه بإجراء العمليات الجراحية للمصابين، مؤكدين على موقف الشعب العماني تجاه القضية الفلسطينية.

كيف استقيت فكرة الرحيل إلى غزة، ومعالجة الجرحى؟

هناك العديد من العوامل بالطبع، والجانب الإنساني الأهم فهو فطري يتولد منه الرغبة في معالجة الناس سواء كنت طبيب أم غيره، كالتبرع والمقاطعة، أما بكوني طبيب فرغبت في مساعدة الآخرين، فنحن في حرب الآن، وأنا لا أقدر أحمل السلاح، ولكني أقدر أداوي الجرحى، ثم تزايدت الرغبة في داخلي أكثر عند مشاهدة المقاطع المأساوية، والأعداد الكبيرة التي نفقدها يوميًا، أما الجهاد بالمال فله دور أيضًا، ولكن الذهاب إلى غزة شي حتمي بالنسبي لي.

ماذا أخذت معك في شنطة السفر؟

في البداية أخذت معي شنطة الظهر، وأكياس صغيرة، حمّلت فيها الماء والبروتين بار المغذي، وأكياس أملاح، وضوء الفلاش، وبطاريات، والكبريت، والقهوة، وأخذت أيضّا مجموعة من ملابس الجراحة والأحذية والمال لتوزيعها، فكل شي أقدر أعيش فيه أخذته.

هل هناك دافع آخر غير الدافع الإنساني حفزك على السفر إلى غزة؟

الدافع الإنساني هو الدافع الأقوى للذهاب إلى غزة بالنسبة لي، أما إذا كانت هناك دوافع أخرى كالسمعة والشهرة والفضول، والأمور المادية فأنا لا أملكها، ولكن استوقفني العديد من المواقف، مثل الطبيب الذي فقد أهله في الشمال وهو في الجنوب يعالج الجرحى، فلم يستطع الذهاب إليهم بسبب نقص في الكادر الطبي، ولوكان هناك عدد كاف من الأطباء لاستطاع هذا الطبيب لقاء أهله للمرة الأخيرة، فهذا كان دافع وهو الألم وتأنيب الضمير، وكمية الألم تختف من شخص إلى آخر على حسب الشخص المتضرر، فعدما يتضرر شخص قريب منك تكون كمية الألم أكبر وتستمر لمدة أطول، وأنا أرى أخواني في الحرب يتضررون فلا بد من الذهاب إليهم ومساعدتهم.

لقد ذكرت في حديثك مع قناة هلا أف أم الإذاعية، أن الرد والموافقة من قبل منظمات الإغاثة حول السفر إلى غزة قد تأخر، فما كان موقفك بعد هذا التأخير، بمعنى هل حاولت التسجيل في منظمات أخرى، أو التفكير في عمل تطوعي آخر؟

فكرة العمل التطوعي موجودة معي سابقًا حيث كنت مشارك في جمعية أطباء بلا حدود، وهي جمعية عالمية تصل الناس إلى أماكن إغاثة، ولكن بعد أحداث غزة سجلت في العديد من المنظمات، وتأخروا في الرد عرا منظمة واحدة، رأيت فيها اهتماما كبيرا بالرحلة وبتخصصي، فكانت متواصلة معي، ونلتقي دائما من بعد في برنامج زوم، ونتحدث حول الحملة ونأخذ بنصائح من سبقونا في الحملات السابقة، فتم الأخذ باسمي وإرسال الوثائق إلى منظمة الصحة العالمية، وهناك تأخر الرد قليلًا، فقررت الذهاب إلى مصر قبل وصول الرد من المنظمة، ومن ثم تبين لهم أني مصر على قراري فتمت مقابلتي قبل الدخول إلى معبر رفح، والحمدلله تمت على خير.

ما شعورك بعد الوصول إلى غزة؟

شعرت بسعادة غامرة، خاصة عندما رأيت عبارة «أهلاً بكم في فلسطين»، هنا لم استطيع تمالك نفسي ووقفت للتصوير، وحضنت الناس الفلسطينيين، على الرغم من سماع أصوات الدبابات والطائرات، إلا أنني شعرت بحماس قوي، وقبل ذلك تم تأمين المرر ثم السماح بالدخول.

لقد ذكرت في حديثك مع قناة هلا أف أم الإذاعية، أنك سكنت في أروقة المستشفى، هل كنت تشعر بقلق أو خوف من القصف، خاصة أن الكيان الصهيوني يستهدف المراكز الطبية؟

نفسيا كنت مهيأ نفسي قبل الذهاب إلى غزة ، وانني سوف أرى امام عيني ما كنت اراه خلف الشاشات، فعند وصولي إلى مستشفى، والذي كان يعيش فيه حوالي 30 ألف شخص وجدت التآلف والالتحام بينهم، فكنا نسمع الصواريخ ونشاهد النيران مع بعض، فهذه اللحمة خففت مني العبء النفسي الذي كان سوف يصيبني لولا هذا التآلف بالإضافة إلى الوفد الفلسطيني والعربي والاجنبي الموجود في المستشفى، كما أن الصلاة والقرآن عامل مهم وقوي في الطمأنينة، والانغماس في العمل طوال الوقت ينسيني ما يحدث في الخارج.

كيف تعاملت نفسيا مع الأوضاع الإنسانية في غزة والتي تراها يوميا خاصة أنك استقريت هناك لمدة أسبوعين تقريبا؟

استقريت في غرفة فيها 8 أشخاص، وكل الغرف في المستشفى مأهولة بالسكان حتى الممرات، والقصف كان بالقرب منا ونسمعه، حتى أن السقف يبدأ بالتساقط شيئا فشيئا ونحن نيام، ولكن التفكير والقلق كان في أول 3 أيام، وبعدها تعايشت مع الوضع؛ لأنني من الأساس أنا قادم إلى غزة للتعايش مع الواقع والناس، وأشعر في أسبوعين بما يشعره أهل غزة من شهور عديدة، وهذا يعتبر لا شيء، ثم أن رؤية الأطفال كل يوم وفي الصباح يشعرك بالسعادة ويبعد عنك القلق، فأنا أحب اللعب مع الأطفال، حيث لعبنا البيلو، وألعاب الورق، ونأكل الحلويات معا، فالطفل متعايش مع الوضع، ولكن عند رؤية الدبابات والقصف أمام عينيه هنا يبدأ الخوف والاضطراب، لاسيما الناس التي تسكن في المخيمات وفي البرد.

نعم، وهذا يحيلني إلى سؤال، هل الحديث مع الأطفال في غزة ساعدك نفسيا، أي هل كانوا واحد من الأسباب التي شجعتك على إكمال العمل في غزة؟

شعوري مع الأطفال شعور ممتزج بالحزن عليهم، وبالسعادة الموجودة حولهم، ورؤية أطفال متضررين ومبتورين أمر محزن للغاية، فهؤلاء من المفترض أن يذهبوا إلى المدرسة وإلى الأماكن الترفيهية، وحدائق الألعاب، وأكثر شيء يحرك المشاعر هو رؤية الأطفال والذي يزيد من إصراري على العمل أيضًا.

كيف تعامل الفلسطينيون معك بعدما عرفوا بأنك عماني؟

تعجبوا من رؤية شخص عماني وخليجي في غزة؛ لأن في العادة الأجانب هم أكثر الوافدين للإغاثة، فكانت الناس تناديني بالعماني في المستشفى وهذا شعور مريح بالفعل، وانا في تواصل دائم معهم، وإلى الأمس يسألونني عن أخبار أهل عمان، فقد تغيرت نظرتهم إلى الخليج، خاصة أن بعدما رجعت ذهب وفد كويتي إلى غزة لمعالجة الجرحى، ومن ثم ذهب وفد عماني أيضًا.

هل حملك الشعب الفلسطيني رسالة إلى الشعب العماني؟

الشعب الفلسطيني يعرف عن عمان بالفعل، ويعرف الخليلي والسلطان الراحل قابوس رحمه الله، والسلطان هيثم حفظه الله، وكما أسلفت بالفعل أن الشعب الفلسطيني لا زال إلى الآن يتطمن على الشعب العماني ويبلغوني سلامهم.

اذكر موقف أثر فيك بشدة ولن تنساه في غزة؟

هناك العديد من المواقف المؤثرة، وما اتذكره حاليًا هو عملية طفل عمره سنة ونصف، وأسعف إلى المستشفى وهو مبتور اليد، فاضطررنا إلى فصل يده بالكامل، ثم إن هناك موقف آخر وهو طفلة انفجرت القنبلة بجانبها، وكانت مملوءة بالثقوب بالكامل، وهناك العديد من الأطفال تحت الأنقاض ولا زالوا هناك إلى الآن، لدرجة يضطر الأهل النزوح عنهم، وهم تحت الأنقاض، فيكتبوا أسمائهم في الجدار.

ما الدرس أو الحكمة التي تعلمتها من رحلتك إلى غزة؟

عرفت معنى الوطن، بأمانة ما كنت أعرف معنى الوطن قبل الرحيل إلى غزة، فعرفت معنى التشبث بالوطن، عرفت كلك معنى التربة، ومعنى أن هذا منزلي ولا يمكن أن أستغني عنه. عرفت معنى الإصرار والعزيمة والقوة، في غزة إيمانهم قوي جدًا. عرفت معنى القناعة، وكيف تقتنع أن تعيش في مثل هذه الظروف، فهناك فرق كبير بين إنسان خرج من غزة، وإنسان مصرا على عدم الخروج منها. عرفت أيضا معنى الحرب والخوف، ومعنى أنني قد أموت في أي لحظة.

هل تفكر مرة أخرى في الرجوع إلى غزة وفلسطين؟

نعم. طبعا، وكنت بالفعل سوف أذهب هذا الشهر إبريل الجاري، ولكن حدثت مشاكل، ومنعتني من الذهاب، كما أنني أحاول أقابل الوزير للذهاب إلى غزة في الأشهر القادمة.

كلمة أخيرة تود قولها للشعب العماني؟

الشعب العماني شعب كريم وطيب يحب الخير للناس، فإذا لم تستطع الذهاب إلى غزة، فحاول أنك لا تنسى أهلك هناك، لا تنساهم دائما بالمال. نادر مرة واحدة، مرة، مرتين ثلاث؛ لأن كمية مليون ريال لا يكفيهم، وهذا يعتبر فتات من الأموال، أرسل وأشتري الملابس مع جمعيات موثوقة، بالإضافة إلى ضغط على الحكومة، لإضافة العديد من المرضى من غزة حتى يهدي الوضع هناك، وتوزيعهم على كل المستشفيات في السلطنة، وعدم نسيانهم بالدعاء والتغريد بوسائل التواصل الاجتماعي، والاستمرار في مقاطعة المنتجات الداعمة للكيان الغاشم.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دراسة: طلاب جيل Z يفضلون العمل ميكانيكي عن الذهاب للجامعة

في تطور ملحوظ، كشفت دراسة جديدة أن طلاب جيل Z يظهرون تفضيلًا متزايدًا للالتحاق بمجالات العمل الفني مثل الميكانيكا على حساب الذهاب إلى الجامعة. 

تعكس هذه الظاهرة تحولًا في نظرة الجيل الجديد لمستقبلهم المهني وأولوياتهم التعليمية، حيث يبدو أن العديد منهم يبحثون عن طرق أسرع وأكثر مباشرة لبناء حياتهم المهنية دون الاضطرار للانغماس في سنوات طويلة من الدراسة الجامعية.

الطلب المتزايد على مجالات العمل الفني

في السنوات الأخيرة، شهدت المجالات التقنية والفنية، مثل ميكانيكا السيارات، زيادة ملحوظة في عدد الطلاب الذين يسجلون في الدورات التدريبية الخاصة بها. 

حيث يفضل العديد من طلاب جيل Z العمل في مجالات تتيح لهم اكتساب مهارات عملية بسرعة مع إمكانية الحصول على راتب جيد في وقت مبكر. 

تشير الدراسات إلى أن العديد من الطلاب يفضلون دخول سوق العمل مباشرة بدلاً من التوجه إلى الكليات الجامعية، معتقدين أن هذا الخيار قد يوفر لهم استقرارًا ماليًا وفرصًا مهنية أسرع.

البرامج التدريبية في الميكانيكا تجذب الطلاب

أحد الأمثلة البارزة على هذا الاتجاه هو تزايد الإقبال على برامج ميكانيكا السيارات. فالكثير من الطلاب في مرحلة الثانوية يرون في هذا المجال فرصة لبناء مهنة مستدامة تتيح لهم الاستفادة من الأجور المرتفعة والتطور المهني. 

في هذا السياق، يقول «مارك بيرنبيك» أحد القادة في برامج تدريب الميكانيكا: “نحن نلاحظ زيادة كبيرة في الطلب على الدورات المتعلقة بالميكانيكا، وقد اضطررنا لوضع الطلاب على قوائم انتظار بسبب الإقبال المتزايد.”

من خلال الالتحاق ببرامج تدريبية مهنية مثل الميكانيكا، يمكن للطلاب أن يبدأوا حياتهم المهنية في وقت مبكر مع رواتب مغرية. 

ففي بعض البرامج، مثل برنامج ميكانيكا السيارات في سان خوسيه، يبدأ الطلاب برواتب تتراوح بين 40,000 إلى 50,000 دولار سنويًا، مع إمكانية زيادة الراتب بشكل كبير مع اكتساب المزيد من الخبرات والشهادات المهنية. 

وبالنسبة للعديد من طلاب جيل Z، يعد هذا الخيار مغريًا أكثر من تكبد تكاليف الدراسة الجامعية التي قد تستغرق عدة سنوات وتؤدي إلى تأجيل الدخول في سوق العمل.

التكنولوجيا والابتكار في مجالات العمل الفني

من العوامل الأخرى التي تسهم في توجه جيل Z نحو مجالات العمل الفني هو التقدم التكنولوجي. 

فقد أصبحت مجالات مثل ميكانيكا السيارات أكثر تطورًا مع دخول السيارات الكهربائية والهجينة إلى السوق، مما يخلق فرصًا جديدة في مجالات صيانة وإصلاح السيارات الحديثة. 

كما أن تقنيات جديدة مثل أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدم في السيارات، تجعل من تعلم هذه المهارات أمرًا ذا قيمة كبيرة في سوق العمل.

الجامعات مقابل المهارات العملية

على الرغم من أن الجامعات ما زالت تمثل خيارًا شائعًا لدى الكثير من الطلاب، إلا أن طلاب جيل Z بدأوا في تحدي هذا المفهوم التقليدي. 

في ظل الارتفاع الكبير في تكاليف التعليم الجامعي، يشعر العديد من الطلاب بأنهم يستطيعون تحقيق النجاح دون الحاجة إلى قضاء سنوات في المؤسسات التعليمية التقليدية. 

بدلاً من ذلك، يتوجهون إلى مجالات تدريبية تعطيهم المهارات اللازمة لدخول سوق العمل فورًا.

التحول في اهتمامات جيل Z نحو مجالات العمل الفني، مثل الميكانيكا، يعكس تغييرًا في طريقة تفكيرهم حول التعليم والعمل. 

يكشف هذا الجيل رغبة قوية في الحصول على مهارات عملية مباشرة تضمن لهم استقرارًا ماليًا وفرصًا مهنية في وقت مبكر. 

ومع تزايد فرص العمل في مجالات التقنية والفن، يبدو أن طلاب جيل Z قد اختاروا مسارًا جديدًا يركز على بناء مستقبلهم المهني بعيدًا عن الطرق التقليدية.

مقالات مشابهة

  • معنى الصليب في المسيحية - تأملات البابا يوحنا بولس الثاني
  • إفطار على الحواجز الإسرائيلية.. هكذا يتكبد الفلسطينيون الوقت والمال
  • الصحفيون وتكريم ود المكي والسمؤال في أمسية رمضانية لها معنى
  • سلطنة عمان تؤكد أن الجرائم الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني تُمثّل انتهاكًا وسافرًا لجميع الأعراف الدولية
  • قصور الثقافة بالغربية تنظم العديد من الفعاليات احتفالا بعيد الأم وشهر رمضان
  • عباس صابر يزور مصابي حادث الصحراء الغربية بمستشفى رأس الحكمة والعلمين
  • مشيداً بالخروج المليوني.. السيد القائد يؤكد أن هناك خيارات تصعيدية أكثر إيلاما للأمريكي إذا استمر في عدوانه
  • "اليونيسيف": الأطفال الفلسطينيون محرومون من الإمدادات والخدمات الأساسية
  • دراسة: طلاب جيل Z يفضلون العمل ميكانيكي عن الذهاب للجامعة
  • ريهام حجاج: لو عرفت قسوة التمثيل مسبقًا لما اخترته!