لا تنتظروا خيرًا من الانتخابات الأمريكية القادمة، سواء احتفظ الرئيس الحالي جو بايدن بمنصبه أم عاد دونالد ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض. كل المؤشرات تؤكد أن المرشحين الأساسيين على رئاسة الولايات المتحدة في السنوات الأربع القادمة يتنافسان بشدة على إرضاء اللوبي الصهيوني وإسرائيل، ولا يضعان أي اعتبار للعرب أو الرأي العام العالمي، ولا حتى للأمريكيين المناهضين لاستمرار الحرب القذرة على غزة، والتي ترتكب فيها إسرائيل المجازر اليومية بأسلحة أمريكية.
آخر هذه المؤشرات ما نشرته صحيفة «الواشنطن بوست» أمس الأول الاثنين عن اجتماع عقده ترامب مع ممولي حملته الانتخابية وأغلبهم من اليهود الصهاينة في الرابع عشر من الشهر الجاري، ووعده بسحق الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة للعدوان الصهيوني في الجامعات الأمريكية، وطرد الطلاب الأجانب منهم.
ثرثر ترامب كثيرًا أمام المانحين اليهود -كما تقول الصحيفة- واستعاد إنجازاته التاريخية للدولة الصهيونية كنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة. ومبكرًا، وحتى قبل أن تنتهي قضاياه أمام المحاكم الأمريكية، سارع ترامب بارتداء «الكيباه» وإضفاء الطابع الصهيوني على نفسه، كما فعل بايدن ووزير خارجيته من قبل، ومنح النازيون الجدد في تل أبيب صكوك البراءة والغفران الأمريكية، وذلك عبر إظهار دعمه حق الدولة اليهودية في مواصلة الحرب وارتكاب المجازر في حق المدنيين العزل وآخرها مجزرة رفح التي اهتز لها العالم.
ورغم أنه كان من قبل يدعو علنًا إلى إنهاء الحرب على غزة ووقف قتل الناس، حسب تعبيره، فإنه في حديثه أمام المتبرعين الأثرياء، ووراء الأبواب المغلقة، قال صراحة: إنه يدعم حق إسرائيل في مواصلة «حربها على غزة»، في محاولة مكشوفة لإرضاء كبار المانحين الجمهوريين الذين يقال إن بعضهم مارسوا ضغوطا شديدة عليه، وطالبوه باتخاذ موقف أقوى يدعم إسرائيل ورئيس وزرائها الإرهابي بنيامين نتنياهو. وقد أكدت على هذا التحول في سياسة ترامب السكرتيرة الصحفية للحملة بقولها «عندما يعود ترامب إلى المكتب البيضاوي، سوف تتم حماية إسرائيل مرة أخرى، وستعود إيران إلى الإفلاس، وسوف تتم مطاردة الإرهابيين، وسوف تتوقف إراقة الدماء».
من الطبيعي أن تنال هذه التصريحات استحسان الصهاينة الآخرين مثل الرئيس التنفيذي للائتلاف اليهودي الجمهوري، الذي قال: «إن العلاقة بين ترامب ونتنياهو سوف تستمر في النمو والازدهار، إذا تولى كل منهما منصبه في الوقت نفسه مرة أخرى»، وأنه -أي ترامب- منح الإسرائيليين شيكًا على بياض للدخول إلى كل جزء في الأراضي الفلسطينية، والقيام بما يتعين عليهم القيام به لتدمير حماس وجماعات المقاومة الفلسطينية، والقضاء على التهديد الذي تشكله خاصة في غزة والضفة الغربية.
ها قد تساوت كفتا الميزان بين بايدن وترامب، فالاثنان صهاينة، لا مانع لديهما من تقديم مصلحة الكيان الصهيوني على مصالح الولايات المتحدة، سعيًا للحصول على الدعم الصهيوني اللازم للفوز في الانتخابات التي تجرى في نوفمبر القادم. يقول ترامب في تصريح سابق: إن إسرائيل خسرت حرب العلاقات العامة الدولية، ونسى أن يقول إن هذه الخسارة جاءت نتيجة طبيعية لهذه الحرب التي لا تريد لها أن تنتهي، ونتيجة الإبادة الجماعية التي تقوم بها في غزة، ونسي أيضًا إن بلاده خسرت هي الأخرى هذه الحرب بسبب دعمها لهذه الإبادة بالمال والسلاح وربما بالقيادات والجنود. ويقول ترامب أيضًا: إن «إسرائيل تفقد قوتها» في واشنطن، وخاصة في الكونجرس وهو أمر لا يصدق»، ونسي أيضًا أن الولايات المتحدة تفقد قوتها في العالم نتيجة دعمها غير المشروط لإسرائيل ولآلة الحرب الإسرائيلية الجهنمية التي أدانتها محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية وطالبت بوقفها.لا أعرف ماذا ينتظر العرب لإعلان رفضهم للانحياز الأمريكي الفاضح للعدو الصهيوني، وما الذي يمنع دولًا عربيةً كبيرةً وجامعة الدول العربية من الرد على تصريحات الرئيس ومرشح الرئاسة الأمريكية، حتى وإن اقتصر هذا الرد على بيانات الإدانة والاستنكار، التي تعودنا عليها، ليس إلا؟ لقد فاق ما تفعله إسرائيل والولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى مثل المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا في هذه الحرب غير المتكافئة كل حدود العقل والمنطق، ويكفي أن الدولة التي تزعم الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي تتنازل عن كل تلك المزاعم البراقة، لدعم دولة «مارقة» لا تحترم المجتمع الدولي ومؤسساته، تمارس التطهير العرقي والعنصري على شعب أعزل لا يمتلك من سلاح سوى عبوات ناسفة وبنادق محلية الصنع.
لقد أكدت الحرب في غزة على حقيقة أن الدول العربية لا تستطيع اتخاذ موقف رسمي واضح ومؤثر في مسار هذه الحرب المستمرة منذ نحو سبعة أشهر أو يزيد. صحيح أن هناك جهودًا تبذل في الوساطة بين المقاومة وبين إسرائيل لإنهاء الحرب، ولكنها تبقى جهود مؤطرة بالإفراج عن الأسرى لدى حماس في المقام الأول، حتى أن بعض وسائل الإعلام العربية تطلق عليها «مفاوضات إطلاق سراح الرهائن»، ولذلك تتحول إلى جهود فاشلة ومخيبة للآمال الفلسطينية والعربية، كون بعضها يستهدف فقط الضغط على الجانب الفلسطيني. إن الحل في رأيي لامتصاص مشاعر الغضب الشعبي من بعض مواقف الدول العربية الرسمية يتمثل في أن تسمح الحكومات للشعوب بالتعبير عن دعمها للمقاومة الفلسطينية سواء عبر التظاهرات المقننة أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي، دون النظر لمواقف الولايات المتحدة أو الخوف من إغضاب «الصديق» الصهيوني. لقد تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء ولم يعد بالإمكان التزام الصمت «الاستراتيجي» حيال ما تقوم به من مجازر يومية مروعة في غزة، وانتهاكات مستمرة في الضفة، وتعذيب الأسرى الفلسطينيين في سجونها.
إن التصريحات المنسوبة لترامب وقبلها تصريحات بايدن ووزير خارجيته بلينكن أسقطت ورقة التوت التي كانت تستر عورات الصديق الأمريكي الذي لم يعد صديقًا، وأصبح أخطر علينا من عدونا الأصلي، ويجاهرنا بالعداء ليل نهار، ويتوعد أبناءنا بالطرد من الجامعات الأمريكية إن هم احتجوا على الوحشية الصهيونية. لا أقل من أن نعلن الاحتجاج على هذه التصريحات، وأن نؤكد لأصحابها أن تفضيل خمسة ملايين يهودي على أكثر من ثلاثمائة مليون عربي له ثمن، وسوف يضر بمصالح بلادهم في الدول العربية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الدول العربیة هذه الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
بدء عودة نازحي غزة لبيوتهم بعد وقف الحرب.. صور
شهدت مناطق قطاع غزة، اليوم الأحد، عودة النازحين إلى بيوتهم (أو ما تبقى منها)، وذلك بعد سريان وقف إطلاق النار.
اقرأ أيضًا.. عدوى النيران تنتقل إلى نيويورك.. إصابة 7 أشخاص في حريق هائل
وكانت إسرائيل قد أعلنت عن وقف إطلاق النار اعتباراً من الساعة 11:15 وذلك بعد تسلمها أسماء 3 مُحتجزات إسرائيليات ستفرج عنهن حماس.
وستفرج إسرائيل اليوم عن 90 أسيرة فلسطينية من السجون في مُقابل المُحتجزات الثلاثة.
وكانت من المفترض أن تدخل الهدنة حيز التنفيذ في الثامنة والنصف صباحاً، ولكن تم إرجائها حتى الحادية عشر والنصف.
وفي هذا السياق، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، اليوم الأحد، استعدادها لإدخال شاحنات مُحملة بالمُساعدات الضرورية لإعانة أهل غزة.
وقال بيان المُنظمة الأممية :" لدينا 4 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات جاهزة لدخول قطاع غزة نصفها يحمل الغذاء والدقيق".
أولا: انسحاب القوات الإسرائيلية
ستقوم قوات الجيش الإسرائيلي بالانسحاب بشكل كامل من كافة مناطق قطاع غزة، بما في ذلك محوري نتساريم وفيلادلفيا، على عدة مراحل.
ثانيا: فتح المعابر
سيتم فتح معبر رفح بشكل كامل لضمان حركة البضائع والمساعدات الإنسانية.
سيتم إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا وفق بروتوكول إنساني ترعاه دولة قطر.
ثالثا: إغاثة وإيواء المتضررين
سيتم إدخال 200 ألف خيمة و60 ألف كرفان لتوفير الإيواء العاجل.
سيتم إعادة تأهيل المستشفيات في القطاع وإدخال فرق طبية وجراحية ومشافي ميدانية.
رابعا: الإفراج عن الأسرى
سيجري تبادل أسرى يشمل الإفراج عن 1000 أسير فلسطيني، بينهم نساء وأطفال دون سن 19.
سيتم تسليم 33 أسيرا إسرائيليا بين أحياء وجثامين، على أن يتم استكمال التفاوض في مراحل لاحقة لتسليم بقية الأسرى.
خامسا: عودة النازحين وحرية الحركة
سيجري عودة النازحين إلى مناطق سكناهم في شمال وجنوب القطاع دون تفتيش، وضمان حرية التنقل بين المناطق.
سيجري الانسحاب التدريجي من المناطق المحتلة في قطاع غزة.
سادسا: وقف الطلعات الجوية
ستتوقف الطلعات الجوية ويغيب الطيران الإسرائيلي عن أجواء القطاع بين 8 إلى 10 ساعات يوميا.
سابعا: المرحلة التنفيذية
سيجري تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق على مدى 6 أسابيع، تليها المرحلتان الثانية والثالثة لاستكمال البنود المتفق عليها.