تعيش عائلة أقرب أصدقائي في غزة في رفح، منذ بداية الحرب ومع تركيز جيش الاحتلال على شمال غزة، لجأ العديد من سكان غزة والشمال إلى جنوب القطاع حيث تسكن عائلة صديقي هذا. عكف والده وأخوته على تنظيم مبادرات شخصية للعناية بالنازحين، قسموا الأدوار بينهم، هنالك من هو مسؤول عن الطبخ أو توزيع الطعام، نتحدث طبعًا عن وجبات فقيرة جدا كحساء العدس، أو ما توفر بصعوبة بالغة.
مع العدوان الأخير على المخيمات في رفح تراشقت أسماء الشوارع التي حفظتها، المخيمات التي تحدثت عنها مع صديقي هذا وعن ذكرياته فيها، وعن معنى العيش في مخيم سيسولوجيا. كيف يمكن أن يخرج الإنسان ناجيًا من مخيم لاجئين فلسطينيين لا أفق لهم في هذا العالم؟ بدأ الجميع بالتواصل معه، وسؤاله عن وضع عائلته: هل هم بخير؟ هل أصاب خيامهم شيء؟ وكعادة الإنسان الذي يقاوم الهزيمة بادعاء أن ما سيحدث لن يحدث له هو، بل سيحدث للآخرين، هذه الآلية الدفاعية التي أثبتت فشلها في غزة، إذ أن الجميع بلا استثناء تحت وطأة الإبادة، الجميع خاسرون مسلمين كانوا أو مسيحيين، أغنياء كانوا أو فقراء، من الشمال كانوا أم من الجنوب. هنا أحسَ صديقي أن الكارثة تخصه وأنه لم يعد يقوى على الدفاع عن فكرة عيش عائلته وسلامتها بعد الآن.
مثل الجميع صدمت صبيحة السادس والعشرين من مايو بما حدث في رفح، صدمة مردها صفاقة العدو الذي يحدثوننا عن محاكمته على الجرائم التي ارتكبها منذ أكتوبر الماضي. وكان أكثر ما هدّ قوتي تماما، تصريح نتانياهو بأن ما حدث في مخيمات غزة خطأ قاتل سيحاسب عليه فاعلوه. إن هذا الاعتراف بـ«الخطأ» بعد قتل أكثر من 40 ألف فلسطيني وتحطيم كل شيء في غزة لهو لعبة جديدة يمارسها العدو. إذ هو بذلك يدعي الموضوعية وبقدرته على الاعتراف بالأخطاء عندما تحدث، ها هو ذا أخيرا يعترف بخطأ ما، الأمر الذي يجعل كل ما فعله في السابق وما سيفعله في قادم الأيام مسوّغًا. في التوقيت نفسه خرج لنا واحد لا يقل سوءًا عن نتانياهو، المذيع البريطاني بيرس مورجان، الذي استمر منذ بداية الإبادة بالإصرار على إدانة حماس وعلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، حتى هذا خرج لنا غاضبًا مما حدث في رفح، وينبغي علينا كلنا أن نخر خاضعين لقدرته الكبيرة على أن يكون موضوعيًا أخيرًا، أن يكون مع الحق عندما يعرف أين يكون. وكأن ما حدث قبل يوم الاثنين كان شرعيًا ولا يتطلب إدانة إسرائيل أو اتهامها بإبادة شعب كامل على مرأى كل العالم.
إلى صديقي في رفح، إلى عائلته ولكل أصدقائي النازحين مع عائلاتهم، قلوبنا تصلي لأجلكم، وقلوبنا تغلي بلا حد.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
شاهد.. عبد الرحيم علي توقع فوز ترامب بنسبة 100% قبل الجميع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن دونالد ترامب، فوزه برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في خطاب بمقر حملته الانتخابية، اليوم الأربعاء، قائلا: “أشكر الشعب الأمريكي على هذا التفويض الكبير”.
كان الكاتب الصحفي والمفكر السياسي عبد الرحيم علي، رئيس مجلس إدارة مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، قد أكد في 21 أكتوبر الماضي، أن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية مضمون بنسبة 100%.
وأوضح عبد الرحيم علي، خلال لقائه في 21 أكتوبر الماضي، ببرنامج «كلام في السياسة»، المُذاع على قناة «إكسترا نيوز»، من تقديم الإعلامي أحمد الطاهري، أن المزاج الأوروبي والمزاج الأمريكي يميني بامتياز.
لمزيد من التفاصيل عبدالرحيم علي: ترامب هو رئيس أمريكا القادم بنسبة 100%