تعد قضية التكامل الاقتصادى من أهم القضايا التى تواجه العمل العربى المشترك حاليًا. والتى يجب أن ينتبه العالم العربى إليها فى ظل التطورات الاقتصادية الدولية، والتكتلات الاقتصادية الدولية،

فالأثر الإيجابى للاقتصاد على السياسة أكبر من الأثر الإيجابى للسياسة على الاقتصاد، لذا فإن موضوع التكامل الاقتصادى العربى والتنافس الدولى على المصالح فى ظل أهمية مواصلة ضخ الاستثمارات فى المجالات المختلفة خاصة الاقتصاد الأخضر، يعتبر من أهم الموضوعات التى تستقطب القيادات العربية حاليًا.

وهو ما تأكد فى قمة المناخ 2022 بشرم الشيخ، وقمة جدة للأمن والتنمية 2022. وبالتالى فإن النظرة الجديدة والحديثة التى يجب علينا أن ننظر بها لهذه القضية التى لم ننجح فيها طوال عقود طويلة منحتنا اليأس فى مسارها، إن التكامل الاقتصادى العربى يعتمد حاليًا على بعدين أساسيين: الأول اقتصادى لتعزيز فرص التعاون الاقتصادى والتجارى وإحياء فرص التكامل التنموى إلى جانب التعاون الاجتماعى والثقافى. والثانى سياسى لتوفير الأمن والاستقرار، حيث تشكل الدول أحيانًا تكتلات لأسباب غير اقتصادية مثل الأمن القومى والسلام. ولا يمكن أن نغفل أن العالم العربى لديه من المقومات ما يجعل التكامل ليس فقط ممكنًا بل متميزًا عن سواه من تجارب الدول الأخرى وذا خصوصية غير مكررة، إذ يعد الوطن العربى من أغنى مناطق العالم فى احتياطى البترول الخام، بنسبة 55.7%، وتشكل حصته 26.5 % من إجمالى الاحتياطى المؤكد من الغاز الطبيعى. ولكن الأهم والمميز لنا كأمة عربية أن مساحة الأراضى القابلة للزراعة فى الدول العربية نحو 83 مليون فدان، ويشكل إجمالى مساحة المراعى الطبيعية نحو 167 مليون فدان، بينما قدرت مساحة الغابات بنحو 16 مليون فدان، وهذا فى حد ذاته يكفى لتحقيق أهم مكونات الأمن القومى وهو تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الإستراتيجية، ويؤيد هذا أن حصة الوطن العربى من المياه تزيد على 370 مليار متر مكعب سنويًا، 50% منها مهدر، وأن الواردات العربية لا تقل عن 1200 مليار دولار سنويًا 46% منها لاستيراد الغذاء 50% منه للقمح، كما يؤيد بعد الإرادة السياسية العربية أن الوطن العربى يعد سوقًا واسعة قوامها 430 مليون نسمة، وهى سوق مؤهلة لتحقيق التكامل الاقتصادي، مع ناتج محلى إجمالى للدول العربية بلغ 3,5 تريليون دولار عام 2023، لذا فإننا نؤكد آراء الخبراء الاستراتيجيين الدوليين أمثال المفكر الأمريكى جوزيف ناى، الذى يقول فى كتابه إن القوة الناعمة لدولة ما أو لمجموعة متجانسة كالعالم العربي، ترتكز على ثلاث موارد هي: ثقافته، وقيمه السياسية، وسياسته الخارجية. وتستطيع أن تضيف التجارة والاقتصاد والاستثمار، والنفط والغاز العربى. لذا فإننا ندرك أن تحقيق التكامل الاقتصادى العربى يجعل العالم العربى قوة اقتصادية كبيرة، تمثل قوة ناعمة مؤثرة فاعلة يحسب لها فى العلاقات السياسية الدولية، وبالتالى تكون عاملًا مهمًا لتحقيق الأمن القومى العربي، ولكن المعضلة الكبرى أنه برغم التحسن النسبى فى الأهمية النسبية للتجارة العربية البينية بالنسبة للتجارة الخارجية للدول العربية فإنها ما زالت دون طموحات الدول العربية، حيث تصل إلى حوالى 6% فقط، فى حين أن تجمع الاتحاد الأوروبى تصل فيه النسبة إلى 60%، وبالتالى فإن تفعيل إقامة منطقة التجارة الحرة العربية تحقـق فائدة مباشرة أكيدة لكل البلدان العربية المشاركة وهو ما سوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.

 

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التكامل الاقتصادى د علاء رزق

إقرأ أيضاً:

مندوب الأردن بالجامعة العربية: لا استقرار دون حل عادل للقضية الفلسطينية

أكد السفير أمجد العضايلة المندوب الدائم للملكة الأردنية لدى جامعة الدول العربية، أن المملكة الأردنية تنظر إلى جامعة الدول العربية باعتبارها الصوت الجمعي للأمة العربية ومؤسسة العمل العربي متعدد الأطراف، وذلك انطلاقا من من مبادئ المملكة القومية ورسالتها الدبلوماسية وإيمانها الخالص بأهمية وأولوية التكامل العربي وحرصها على تحقيق الوفاق والاتفاق.

وشدد السفير العضايلة خلال كلمته لدى تسلم المملكة رئاسة الدورة 163 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، أن المملكة الأردنية حريصة خلال رئاستها على القيام بدورها الذي تضلع به في توحيد الموقف العربي وتعزيز التكاتف، والبناء على كل جهدٍ وعملٍ وقرارٍ عربي يصدر عن مجلس الجامعة بمختلف مستوياته.

وركز على أن الأردن سوف تبذل خلال رئاستها لمجلس الجامعة العربية وبالتنسيق مع الأشقاء العرب، كل الجهود الممكنة لتكثيف العمل المشترك وتوسيع أطر التشاور حيال قضاياه وتسريع وتيرته، تحقيقاً لإنجاز كل ما نتطلع إليه جميعاً، مع الاستمرار بالعمل على تطوير التعاون مع الدول الصديقة والتكتلات الإقليمية والدولية، التي من شأنها الإسهام في تدعيم الموقف وتعزيز الجهود التي مبعثها نصرة قضايا الأمة العربية وإعلاء ونشر مواقفها دولياً والحد من المخاطر التي تضر بمصالحها وتحصين منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي وبشكلٍ أوسع الدولي.

وشدد على أن الأمة العربية تقف في مرحلةٍ صعبةٍ ومحطةٍ ربما تكون من أخطر وأدق ما واجهته منذ عقودٍ، تعددت فيها التحديات وتزايدت الأزمات، التي تشعّبت وامتدت جغرافياً لتمسّ كل قطرٍ عربي، وأنه على الرغم من خطورة هذه التحديات بقيت القضية الفلسطينية ولا تزال جوهر الصراع الذي تتغذى عليه كل الأزمات، وبقي غياب حلها العادل والشامل النافذة لكل من أراد إشعال المنطقة وإشغال دولها وشعوبها بويلاتٍ لا سبيل للتخلص منها إلا بحل القضية الفلسطينية حلّا عادلاً وشاملاً ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويعيد الحقوق إلى أصحابها.

وأوضح أنه في ظل غياب الأمن والاستقرار وبالتالي السلام وما يعانيه الشعب الفلسطيني الشقيق في الضفة الغربية وقطاع غزّة، من حربٍ لم تتوقف ماكينتها واعتداءاتٍ لم تستثني طفلاً وشيخاً وإمرأة واستهدافٍ لم يترك بنيةً تحتيةً ولا مدارس ولا مستشفيات، ومحاولات تهويد الأراضي الفلسطينية وتوسيع الاستيطان وفرض أمرٍ واقع من اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال.

وأكد  أنه لا يمكن الوصول إلى عالمٍ أكثر سلاماً دون شرقٍ أوسط مستقر، والاستقرار في الشرق الأوسط لا يمكن الوصول إليه دون أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة، لذا، سنعمل بكلِ جهدٍ مع مختلف الأطراف لتكثيف العمل الدبلوماسي الفاعل وتعزيز صوت الحق الداعي لوقف الحرب الغاشمة، والبدء في إعادة الإعمار في إطار الخطّة العربية الإسلامية، التي أطلقتها مصر بالتنسيق مع دولة فلسطين.

وأشار إلى ضرورة إطلاق أفقٍ سياسيٍ لمفاوضاتٍ جادة هدفها التوصّل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ وعادلٍ للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران للعام 1967.

وأوضح أنه ستبقى جهود وقف الحرب ودعم مسار التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وضمان إيصال المساعدات الكافية ودعم خطة إعادة الإعمار وتعزيز الدعم السياسي والمالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين أولويات سنعمل معكم لتحقيقها، وبما يخدم الشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته المركزية.

مقالات مشابهة

  • عنقاء الحداثة
  • غرفة جدة تستضيف أعضاء المحكمة الاستثمارية العربية
  • بث مباشر.. انطلاق أعمال الدورة العادية 163 لمجلس جامعة الدول العربية
  • انطلاق أعمال الدورة العادية 163 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية
  • الدول العربية الأكثر تضررًا من رسوم ترامب الجمركية
  • ما هي الدول العربية الأكثر تضررا من رسوم ترامب الجمركية؟
  • ليبيا تشارك بأعمال «مجلس جامعة الدول العربية» في مصر
  • نصر عبده: التكامل الاقتصادي لن يجعل الدول العربية تحتاج إلى أحد
  • الجامعة العربية تحيي اليوم العربي للتوعية بضحايا الإرهاب
  • مندوب الأردن بالجامعة العربية: لا استقرار دون حل عادل للقضية الفلسطينية