منى بنت حمد البلوشي

 

استكمالًا للمقال السابق الذي حمل بين طياته تعريف التنمر وأسبابه والأماكن التي يتم من خلالها التنمر والاعتداء على الطلبة، موضوع التنمر لا ينتهي فهو مشكلة مؤرقة ولكن يمكن التغلب عليها مع تكاتف الجهود، فقد كانت هناك ومازالت عدة جلسات مع الأخصايين والمهتمين لحل هذه المشكلة، وقد أخذت الكتب نصيبها الأكبر منه واحتار الجميع أي الحلول يختار، وكيفية علاجها التي تمثل تقريبًا 50% تشمل الجنسين بجانب المشاكل المدرسية الأخرى.

هناك الكثير من المهتمين والأخصايين والمرشدين الاجتماعيين ممن يحاولون جاهدين للسعي من أجل التخفيف وإيجاد الحلول المناسبة للتنمر المدرسي التي تعتبر ظاهرة عالمية. نعم نحتاج لتكاتف الأسر والتربويين لنكون يدًا واحدة من أجل القضاء عليها، لأنَّ قضيتنا هذه قضية مستقبل ونهضة إنسان قبل أن تستفحل، وعلينا أن نصل لمرحلة علاجها؛ من خلال معرفة الأسباب التي تجعل المعتدي أو ما تم تسميته وصفيًا المتنمر لإقدامه على هذا السلوك العدواني، حيث تعتبر الوقاية من التنمر في المدارس أحد برامج خطط اليونسيف في المنطقة، والهدف الرئيس لهذا البرنامج هو الوصول لمدارس خالية من التنمر لضمان بيئة آمنة للطلبة.

إن علاج التنمر والتخفيف من حدته يتوقف على جهتين رئيسيتن وعليهما التركيز: أولًا: الأسرة والتي تعد البيئة الأولى التي تؤثر في سلوك الطالب، وهي تأخذ أهمية بالغة في ترتيب المتدخلين في علاج ظاهرة التنمر، فلا بد من التأني وعدم العجلة في الحكم على سلوكه ووصفه بالمتنمر قبل أن تتضح الرؤية وتتم دراسة المشكلة من جميع الجوانب، واستشارة من هم بقربه، بما في ذلك بحث الصعوابات التي يمكن أن يواجهها الطالب في المدرسة فيما يخص التحصيل المدرسي، التي من الممكن أن تكون من وراء سلوكه العدواني. ويجب على الآباء عدم اختلاق الأعذار للطالب والتبرير لأفعاله وخاصة أمام المعلمين وزملائه إن ثبت وقوع التنمر عليه، وينبغي التحكم فيما يشاهده الأبناء في التلفاز أو في مواقع التواصل الاجتماعي، والألعاب الالكترونية التي يتم تنزيل تطبيقاتها على الهواتف والأجهزة الالكترونية الأخرى، ويجب تذكير الوالدين أبنائهم باحترام مشاعر الآخرين وزملائهم عند مشاهدتهم لأشخاص يتعرضون لمواقف مضحكة أو محرجة، وإخبارهم بأن هذه الأمور ليست للتسلية أو الاستهزاء وذلك لعدم تعرضهم لمشاكل وتنمر من الآخرين.

لذلك ينبغي على الوالدين أن يتعاملوا التعامل مع الموضوع بجديّة؛ لأن الطلبة الذين يتنمرون على الآخرين عادة ما قد يواجهون مشاكل خطيرة في حياتهم المستقبلية، وقد يواجهون مشاكل جنائية، وقد تستمر المشاكل في علاقاتهم مع الآخرين.

أما في حالة كان الابن ضحية للتنمر، فيجب على الوالدين إبلاغ الإدارة والشروع في تعليم الأبناء مهارات تأكيد الذات، ومساعدته على تقدير ذاته من خلال مساهماته ومشاركاته وإنجازته، وفي حال كان الابن منعزلًا اجتماعيًا بالمدرسة فيجب إشراكه بنشاطات اجتماعية تسمح له بالاندماج مع الآخرين وبناء ثقته بنفسه.

بعدها يأتي الدور المُكمل للأسرة ألا وهي المدرسة ثانيًا؛ فالعلاج المدرسي يأتي بعد العلاج الأسري، فإن التعامل الأمثل مع التنمر المدرسي يتم من خلال تطوير برنامج مدرسي واسع بالتعاون بين الإدارة التربوية والطلبة والمعلمين وأولياء الأمور وباقي فئات المجتمع، بحيث يكون هدف هذا البرنامج هو تغيير ثقافة المدرسة، وتأكيد الاحترام المتبادل والقضاء على التنمر ومنع ظهوره. عندما نأخذ من برنامج "ألويس" لمكافحة التنمر الذي تم  تطويره في الثمانينات الذي يهدف لمكافحة التنمر ومساعدة الأطفال على العيش بشكل أفضل وجعل بيئة المدرسة بيئة أكثر إيجابية.

وقد استُخدم برنامج "ألويس" في أكثر من 12 دولة على نطاق العالم، وقد أظهرت الدراسات أن حالات التنمر في المدارس التي استخدمت هذا النظام قد تراجعت بنسبة 50% خلال عامين. وليكون البرنامج العلاجي فعالًا لا بُد من توعية المعلمين وأقارب الطلبة والطلبة أنفسهم بسلوك التنمر وخطورته، وإشراك المجتمع وجميع المؤسسات مع المجتمع المدرسي في محاربة الظاهرة، وإدراج التربية على المواطنة والسلوك المدني في المناهج الدراسية، وتشديد المراقبة واليقظة التربوية للرصد المبكر لحالات التنمر، ووضع برامج علاجية للمتنمرين بالشراكة مع المختصين في علم النفس، ووضع ميثاق وقوانين للفصل يوضح حقوق جميع الأطراف وواجباتهم على شكل التزام يشارك الجميع في صياغته والتوقيع عليه، كأنه يكون كتعهد بين الأطراف مع تنظيم أنشطة موازية تهتم بتنمية الثقة بالنفس، وتأكيد واحترام الذات، وتشجع الضحايا على التواصل مع المختصين في حالة تعرضهم لسلوكيات التنمر. فربما المتنمر يحتاج لرعاية ولديه أسبابه التي لا بد من الأخذ بها والجلوس معه من أجل إيجاد حلول لهذه الظاهرة التي تؤرق المجتمع بأكمله.

رسالتي لجميع المؤسسات، ضرورة التعاون من أجل الحدّ من هذه الظاهرة التي بدأت تنهش المجتمع المدرسي وأصاب الأقران بعاهات وفقدهم للثقة بأنفسهم.

لنكن جميعنا يدًا واحدة لأجل بناء أرض الوطن بمستقبلها والحفاظ على نهضتها ومستقبلها وذلك يكون بأبنائها وأجيالها المتتالية ولنصنع مجدًا يليق بهم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ترامب يواصل حرب الرسوم الجمركية المتبادلة.. كيف يمكن مواجهتها؟

اعتبرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن سياسة الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليست سوى غطاء لنهج تجاري تعسفي يفتقر إلى أي قواعد واضحة، مؤكدة أن استخدام هذه التعريفات كأداة ضغط للحصول على تنازلات من الشركاء التجاريين يهدد النظام التجاري متعدد الأطراف ويزيد من حالة الفوضى في العلاقات الاقتصادية الدولية.

وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب بدأ أسبوعه الخامس في الرئاسة بالتهديد بحزمة جديدة من التعريفات الجمركية ضد كولومبيا والصين وكندا والمكسيك، وقرر رفع رسوم واردات الصلب والألومنيوم ضمن ما يُعرف بسياسة المعاملة بالمثل.



وحسب الصحيفة، فإن هذه القرارات يمكن أن يُنظر إليها على أنها محاولة جديدة من ترامب للتخلي عن أي التزام بالقواعد الدولية، وقد تزيد من التهديدات على العولمة خاصة في ظل اصطفافه مع روسيا في حربها على أوكرانيا، ما يعني احتمال حدوث فوضى في الخاصرة الشرقية لأوروبا وإضعاف الاتحاد الأوروبي.

خطة مدمرة
ترى الصحيفة أن خطة الرسوم الجمركية التي يحاول ترامب فرضها لا يمكن قراءتها في سياق المعاملة بالمثل، بل هي نزعة تجارية ممزوجة بالنرجسية والنزوة.

فقد تضمن برنامج حملة ترامب الانتخابية خطة لسياسة منطقية إلى حد ما -وإن كانت معقدة ومدمرة بشكل كبير- حيث تقابل الولايات المتحدة التعريفات الجمركية التي يفرضها شركاؤها التجاريون على السلع الأمريكية بتعريفات مماثلة من جانبها.

وهذه الفكرة لها بعض السوابق التاريخية، فهي تشبه إلى حد ما قانون فرانكلين روزفلت للاتفاقيات التجارية المتبادلة سنة 1934، والذي صُمم لإنهاء حقبة سموت-هاولي للتعريفات الجمركية المرتفعة، وقد مهد ذلك القانون الطريق لنظام التجارة متعدد الأطراف في فترة ما بعد الحرب.

لكن خطة ترامب تسير -وفقا للصحيفة- في الاتجاه المعاكس من خلال تدمير القواعد الجمركية في الدولة الأكثر استفادة من نظام التجارة العالمي، فمن المستحيل تطبيق الأمر من الناحية السياسية لأنه يعني إما خفض التعريفات الجمركية الأمريكية للمنتجين الأمريكيين المحميين بشكل صارم، أو أنه سيتم تنفيذه بشكل جزئي وغير عادل، والاحتمال الأخير هو الأرجح.

وأضافت الصحيفة أن خطة التعريفات "المتبادلة" تعني ببساطة الخضوع لما يعتقده ترامب ومساعدوه، فالولايات المتحدة تمنح نفسها أدوات متعددة لفرض ما تشاء من تعريفات جمركية لأي سبب من الأسباب التي يمكن أن تختلقها على أساس قانوني مرن للغاية.

فبالإضافة إلى الرسوم الجمركية التي تم فرضها على الصين، ستفرض الولايات المتحدة الآن رسومًا جمركية بنسبة 25 بالمئة على كندا والمكسيك في 4 آذار/ مارس، وتعريفات شاملة على واردات الصلب والألومنيوم في 12 آذار/ مارس.

أوجه شبه مع الصين
واعتبرت الصحيفة أن هذا النهج يوضح أن الولايات المتحدة بدأت تتبع سياسات تشبه السياسات الصينية بعض الشيء، فقد أصبحت رئاستها مركزية وتميل إلى المحسوبية على نحو متزايد، وباتت سياستها التجارية موجهة نحو التصدير، وتقدم الدعم للصناعات المفضلة من خلال القيود التجارية، كما أنها أصبحت على استعداد لاستخدام التعريفات الجمركية وحظر الواردات كأداة ضغط ضمن سياستها الخارجية.

لكن هناك فرق واحد واضح -حسب الصحيفة-، فالصين تعمل على صقل بيروقراطيتها منذ القرن السادس الميلادي، أما ترامب فيسمح لإيلون ماسك ومجموعة من المخرّبين بالعبث بالبيروقراطية الأمريكية وتدمير قدراتها الإدارية بشكل متعمد.

ما هي الحلول لمواجهة ترامب؟
أشارت الصحيفة إلى أن كل تهديدات ترامب قد لا تفضي إلى شيء يُذكر، فمن بين التعريفات الجمركية التي هدد بها حتى الآن، لم ينفذ سوى تلك المفروضة على الصين، ولا يبدو أن الأسواق المالية تتعامل مع احتمالات حدوث تغير جذري.

لكن الدخول في لعبة "المعاملة بالمثل" ستكون له تداعيات سيئة بلا شك؛ فخفض التعريفات الجمركية لتتناسب مع ما يعادلها في الولايات المتحدة سيدمر أساس النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف، ولا يبدو من الحكمة أن تقوم الحكومات بأي تغييرات جذرية في أنظمتها الضريبية على أمل الحصول على تسهيلات من الولايات المتحدة، وفقا للصحيفة.



وأضافت بأن فكرة اتخاذ إجراءات انتقامية بالتنسيق بين عدة دول للوقوف في وجه خطة ترامب قد لا يكون خيًارًا عمليًا نظرًا لاختلاف القدرات الاقتصادية والأنماط التجارية، معتبرة أنه القيام بإجراءات تلحق الضرر بترامب دون إلحاق ضرر فوري باقتصاد الطرف المنتقم هو الخيار الأمثل.

على سبيل المثال، محاولة إطلاق تهديدات انتقامية تنطوي على إجراءات تجارية واستثمارية وتنظيمية، قد يجعل ترامب ومساعديه يحجمون عن إطلاق حرب تجارية عالمية، كما يمكن للشركات الأجنبية أن تخطط للقيام بما فعله الصينيون سابقًا لمواجهة التضييق على صادراتهم للولايات المتحدة، وهو إيجاد طرق تصدير عبر دول وسيطة.


مقالات مشابهة

  • مدير مدرسة في عمران يطلق النار لترهيب طلاب عجزوا عن دفع رسوم فرضها الحوثيون
  • مع وصول المنخفض الجويّ إلى لبنان... إليكم ما أعلنته وزيرة التربيّة عن الدوام المدرسيّ
  • مدرسة خاصة تمنع الطلاب من الدخول بسبب الزي المخالف | والأهالي: الدنيا برد
  • بدء إعلان نتائج الطلاب بالمدارس التي أنهت الاختبارات اليوم
  • التعليم: بدء إعلان نتائج الطلاب بالمدارس التي أنهت الاختبارات اليوم
  • ترامب يواصل حرب الرسوم الجمركية المتبادلة.. كيف يمكن مواجهتها؟
  • بسبب الوضوء.. مدرس يكسر ذراع تلميذ بإحدى المدارس الدولية في مصر
  • التحقيق في واقعة الاعتداء على تلميذ بإحدى المدارس الابتدائية بقرية شطورة
  • رافد”: 42 مليون كيلومتر المسافة التي قطعها أسطول النقل المدرسي
  • إحدى أزمات مسلسل ظلم المصطبة.. أضرار الانسياق وراء رغبات الآخرين وتوجهاتهم