تأثير غياب عبد اللهيان سياسيا على الحوثيين
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
عُرف عن وزير الخارجية الإيراني، حسين عبد اللهيان، الذي توفي مؤخرا، التزامه بنهج اللواء قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" السابق، في دعم "محور المقاومة" الذي يضم حلفاء طهران في الشرق الأوسط مثل النظام السوري وحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، حتى أن برلمانيا إيرانيا وصفه بأنه "سليماني آخر في الدبلوماسية".
ومع رحيله، يجادل البعض بأنه لن يكون هناك تأثير على الحوثيين كما غيرهم من الجماعات التي تدعمها إيران في المنطقة، على اعتبار أن هذه سياسة النظام الإيراني نفسه لتعزيز نفوذه الإقليمي، في المقابل يرى آخرون أن غياب عبد اللهيان يعني خسارة داعم رئيس لهم في دوائر السلطة التنفيذية للنظام الإيراني.
بعد تأكيد وفاة عبد اللهيان والرئيس إبراهيم رئيسي في تحطم مروحيتهما، أعلن الحوثيون الحداد وإن بشكل غير معلن؛ من خلال تأجيل الاحتفال بالعيد الرابع والثلاثين لتوحيد اليمن الذي صادف الأربعاء الماضي، حتى انتهاء الحداد الرسمي في إيران.
علاقة مبكرة وأدوار متعددة
عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء والسلطة بالقوة في ٢١ أيلول/ سبتمبر ٢٠١٤، اعتبرت طهران ذلك امتدادا طبيعيا لثورتها. وفي ذلك الوقت كان عبد اللهيان نائب وزير الخارجية لشؤون الدول العربية والأفريقية، وهو المنصب الذي سمح له بتعزيز العلاقة مع الحوثيين مبكرا وإدارة مهمة تحرير الدبلوماسي الإيراني المختطف حينها، نور أحمد نيكبخت، من خلال عملية معقدة شارك فيها عناصر من الأمن والاستخبارات الإيرانيين، وكانت تلك الأولى من نوعها على الأرض في اليمن.
وبعد تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين، أصبح عبد اللهيان المدافع الشرس عنهم وصوتهم الدبلوماسي في مواجهة الدبلوماسية السعودية، وكان يتحدث بثقة بأن الرياض ستفشل وتبنّى سردية تربط بين تدخلها وزيادة الإرهاب.
وخلال بحثي في وسائل الإعلام الإيرانية مثل وكالات مهر وإرنا وفارس وتسنيم وقناة العالم، في الفترة ما بين سيطرة الحوثيين على صنعاء وحتى تعيين عبد اللهيان وزيرا للخارجية في ٢٠٢١، وجدت أنه كان أكثر مسؤول إيراني يتحدث في الشأن اليمني وكانت مواقفه أقوى بكثير من مواقفه سلفه آنذاك جواد ظريف، وكان يحرص في مقابلاته الصحفية وأنشطته السياسية واتصالاته الدبلوماسية على الدفاع عن الحوثيين بوصفهم مظلومين، ويتبنى أجندتهم على المستوى الإقليمي والدولي.
ويمكن تلخيص مضامين تلك المواقف في ثلاثة عناصر؛ الأول البعد القانوني الذي يستهدف ضرب مشروعية التدخل السعودي واعتباره "عدوانا"، والثاني البعد الاقتصادي الإنساني وهو إبراز قضية "الحصار"، والثالث البعد الحقوقي ويتعلق بالانتهاكات والجرائم التي تطال المدنيين بسبب القصف الجوي.
وبعد توليه وزارة الخارجية، أعلن عبد اللهيان اعتزامه تعيين سفير جديد لبلاده في اليمن بعد وفاة السفير السابق حسن إيرلو، في خطوة كانت تهدف لدعم الحوثيين، لكن هذا لم يحدث بعد ذلك لأسباب غير معروفة.
وفي ذلك الوقت، أبلغ البرلمان أنه يتطلع "إلى تعزيز إنجازات محور المقاومة. نحن فخورون بدعم حلفائنا"، وكان هذا التوجه يعكس التزامه بنهج سليماني في صياغة السياسة الخارجية للبلاد، انطلاقا من قناعته بأن الدبلوماسية اعتمدت دائما على جهود سليماني في الميدان التي جلبت الأمن والنفوذ لبلاده.
ذات يوم وصف عبد اللهيان نفسه بـ"جندي سليماني"، وتفاخر بأنه في كل مرة يذهب إلى دولة ما كمبعوث دبلوماسي وتفاوضي، فإنه يتشاور أولا معه للحصول على التوجيه اللازم. وكان معروفا عنه قربه من المرشد والحرس الثوري، ونتيجة لذلك سيكون لغيابه "تبعاته الإقليمية والدولية بشكل أو بآخر"، بحسب صحيفة مقربة من حزب الله.
وفي هذا السياق، سألتُ مصدرا حوثيا اشترط عدم ذكر اسمه، عن تأثير رحيل عبد اللهيان عليهم، فأجاب: "لا شك أنه سيترك أثرا وسنفتقد دوره السياسي الذي لطالما حمل قضية اليمن في أجندته الدبلوماسية، لكننا نعتقد أنه تأثير مؤقت لحين إجراء انتخابات، كما أن علاقتنا بإيران لا تتوقف على أشخاص رغم تقديرنا لدعمهم لنا، وإنما على النظام كمؤسسات".
فقدان داعم رئيسي
قاد عبد اللهيان حراكا دبلوماسيا مكثفا لإيقاف الحرب في اليمن، وعقد اجتماعات مع قيادات الحوثيين أكثر من سلفه ظريف، سواء في سلطنة عمان أو في طهران، وأشاد بما يقومون به في البحر الأحمر باعتباره دعما لغزة، وانتقد القصف الأمريكي البريطاني على اليمن على خلفية ذلك واعتبره انتهاكا لقرارات مجلس الأمن.
ويقول الباحث في الشؤون الإيرانية، عدنان هاشم، إن الحوثيين "يخسرون داعما رئيسيا لهم في دوائر المؤسسة التنفيذية الإيرانية، وهم المليشيا الطارئة في محور المقاومة التي تحاول التشبث بهذا المحور للحصول على مزيد من المكاسب".
ويلفت الانتباه في حديثي معه إلى أنه على مدى سنوات الحرب كان عبد اللهيان ملجأ الحوثيين في إيران، وهو أول المسؤولين الذين يستقبلونهم وآخر مسؤول تتم مقابلته قبل مغادرة طهران، بالنظر إلى تولّيه ملف اليمن ودعم الحوثيين دبلوماسيا في مناصبه المختلفة.
استبعاد التأثير السياسي
وعلى العكس من ذلك، يستبعد الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، أن يؤثر غياب عبد اللهيان أو حتى رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية على اليمن وبقية مناطق نفوذ طهران في المدى المنظور، ويدلل على ذلك بـ"عدم حدوث أي تأثير بعد مقتل قاسم سليماني الذي كان يلعب دورا كبيرا في ترسيخ نفوذ طهران الإقليمي والتنسيق بين حلفائها ومنهم الحوثيون".
ويؤكد أن الذي يشكل السياسة الخارجية هو المرشد علي خامنئي والحرس الثوري الذي يضطلع بدور المنفذ لهذه السياسة في اليمن وغيرها من مناطق النفوذ.
ويستدرك الباحث قائلا: "لكن بطبيعة الحال ما جرى في إيران بدأ يطرح تساؤلات حول ما إذا كان مقتل رئيسي نتيجة لمؤامرة داخلية وعمّا إذا كان مؤشر على صراع أجنحة داخلية لأن سيناريو من هذا القبيل قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في الداخل، وهذه الحالة ستنعكس بدورها على السياسة الخارجية في المنطقة لا سيما في اليمن. لكن حتى لو كان هناك صراع أو تنافس أجنحة داخلية ففي نهاية المطاف من يرسم السياسة هو المرشد والحرس الثوري ينفذها، وبالتالي من غير المتصور أن تتغير هذه الديناميكيات التي تشكل السياسة الخارجية فيما يتعلق باليمن".
وعلى عكس حلفاء طهران في لبنان أو العراق الذين يشكلون جزءا من حكوماتهم المعترف بها دوليا والتي لديها تمثيل دبلوماسي يدافع عنهم إقليميا ودوليا، لا أحد يعترف بسلطة الحوثيين دوليا سوى إيران، ولذلك هم بحاجة دبلوماسية عبد اللهيان النشيطة أكثر من غيرهم، وهذا هو التأثير السياسي عليهم في الوقت الراهن وسيتحدد أكثر في هوية من سيخلفه بعد الانتخابات.
x.com/mareb_alward
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيراني عبد اللهيان اليمن الحوثيين إيران اليمن الحوثيين عبد اللهيان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسة الخارجیة عبد اللهیان فی الیمن
إقرأ أيضاً:
أفريقيا «خارج الكادر».. القارة السمراء تحتل مكانة ضئيلة في أجندة السياسة الخارجية للرئيس الملياردير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سارع القادة الأفارقة إلى تقديم التهاني لدونالد ترامب بعد فوزه الانتخابي، معربين عن نيتهم في تعزيز العلاقات مع واشنطن.
وأكد الرئيس الكيني ويليام روتو استعداد بلاده لتعزيز العلاقات الثنائية، في حين أعرب الرئيس النيجيري بولا تينوبو عن أمله في شراكة مفيدة للطرفين، وعلى الرغم من هذه الإيماءات، يحذر الخبراء من أن أهمية أفريقيا في أجندة السياسة الخارجية لترامب لا تزال ضئيلة.
وضع أولوية منخفضةأوضح تشارلز راي، رئيس برنامج أفريقيا بمعهد أبحاث السياسة الخارجية والسفير الأمريكي السابق في زيمبابوي، أن السياسة الخارجية الأمريكية كانت تاريخيًا تحيد أفريقيا، وغالبًا ما تنظر إليها في المقام الأول كقوة موازنة للقوى المتنافسة مثل روسيا والصين. وبينما تحدثت إدارة الرئيس جو بايدن عن أفريقيا كشريك حيوي، إلا أن الإجراءات الملموسة لم تتطابق مع هذا الخطاب، كما لاحظ راي.
وأضاف راي "ستكون أفريقيا في أسفل قائمة أولويات ترامب"، متوقعًا أن أي مشاركة أمريكية في القارة ستتأثر بأسلوب القيادة "المدفوع بالأنا" لترامب.
انعزالية «أمريكا أولًا»رددت موريثـــي موتيجــــــا، مـــــديــــرة برنامــــج أفريقــيا في مجموعة الأزمات، مشاعر مماثلـة، ووصفت ترامب بأنه "انعزالي ملتزم" ومن المرجح أن تتراجع سياسته الخارجية عن المشاركة العالمية. ويتفق الخبراء على نطاق واسع على أن فلسفة ترامب "أمريكا أولًا" ستشكل نهجه، مع اهتمام محدود بأفريقيا بما يتجاوز المكاسب الاستراتيجية الفورية.
صفقات محتملةعلى الرغم من التشاؤم، يعتقد البعض أنه قد تكون هناك فرص لاتفاقيات عملية. اقترح جيه بيتر فام، المبعوث الخاص السابق إلى منطقة البحيرات الكبرى والساحل في أفريقيا في عهد ترامب، أن الإدارة الجديدة قد تسعى إلى سيناريوهات "مربحة للجانبين"، مثل تجديد قانون النمو والفرصة في أفريقيا (AGOA). يمنح هذا البرنامج الدول الأفريقية المؤهلة حق الوصول إلى الأسواق الأمريكية معفاة من الرسوم الجمركية وكان جانبًا أساسيًا من العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأفريقيا.
ومع ذلك، أكد فام أن المشرعين الأمريكيين يفحصون ما إذا كانت الدول الأفريقية تلبي شروط قانون النمو والفرص في أفريقيا وتتوافق مع مصالح السياسة الخارجية الأمريكية.
في حين أعرب القادة الأفارقة عن تفاؤل حذر بشأن التعامل مع إدارة ترامب، تشير آراء الخبراء إلى أن التحولات السياسية الجوهرية قد تكون غير مرجحة. وقد تواجه القارة استمرار التهميش ما لم تظهر مصالح تجارية أو استراتيجية محتملة تجذب انتباه الرئيس.