مبادرة "ساهم".. والطموحات الوطنية
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
حمد بن سعيد الصواعي
رغم أنّ الوطن تعرض لعاصفة اقتصادية كما حدث في كل دول العالم خلال السنوات الأخيرة، لكن ومع صعوبة العاصفة وقسوتها على الاقتصاد العماني، كانت التوجيهات السامية للأب الحنون الحكيم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- صادقة وصريحة ودقيقة في ضرورة توفير فرص عمل حقيقية لشباب الوطن في القطاعين الحكومي والخاص.
ومن دلالات التوجيهات السامية وحكمتها، انبثق العديد من المبادرات الوطنية في توظيف أبناء الوطن في القطاعين الحكومي والخاص، وهذا يُحسب لوزارة العمل التي سعت لتبني أفكار خارج الصندوق في ظل أزمة اقتصادية خانقة. وقد تبنت وزارة العمل هذه الأفكار في صورة مبادرات وطنية بهدف توظيف شباب الوطن ترجمةً للتوجيهات السامية لتكون واقعًا ملموسًا، يُلبي طموحات الشباب، وهذا في حد ذاته مؤشر قوي جدًا بأن نُناشد وبقوة لهؤلاء الشباب المنتمين لمبادرة ساهم وغيرها من المبادرات في تثبيتهم بدرجات مالية ثابتة في ظل تنفّس الميزانية العامة الصعداء بعد قوة العاصفة علاوة على ذلك حيث من الناحية المنطقية وهم في فوهة العاصفة الاقتصادية الخانقة ونحنُ لم نتركهم، فإذن السؤال الذي يفرض نفسه كيف نتركهم بدون تثبيت بعد أن هدأت العاصفة؟!
ولا سيما هؤلاء الشباب يدّ الزمن تسرق عمرهم مع التقدم في العمر من محطة تلو محطة أخرى، حيث تبدأ السنين بالانسراب منهم وهي كنتيجة أنّ السنين التي خلفهم أكثر من السنين التي أمامهم، وبذلك يُشكّل عامل الزمن وجريانه منهم كابوسًا مرعبًا في ظل تصاعد أعداد الباحثين عن عمل في مختلف التخصصات لكونهم لا يريدوا أن يدفعوا الثمن مرتين؛ حيثُ إنهم عندما حصلوا على الوظيفة ولو بعقد، لم يحصلوا عليه من فراغ وإنما بعد منافسة شرسة في الاختبارات والمقابلات وبعدها الفحوصات ونال منهم القلق والخوف بتلك الفترة الزمنية حتى تجاوزوا ذلك بالعزيمة والإرادة. ولذلك يعني انتهاء العقد قمة الألم بالنسبة لهم، وعدم تثبيتهم يعني رجوعهم للمربع الأول كباحثين عن فرصة عمل، وباحثين عن أمل، وباحثين عن بداية رحلة جديدة من الخوف والقلق والمصير المجهول.
وفي الختام، من ناحية منطقية وإنسانية نتمنى أن تكون مثل هذه المبادرات الوطنية التي اكتسب الشباب من جسورها العديد من الخبرات والمهارات بأن تكون مبادرات مُستدامة بدرجات مالية ثابتة، حتى تُوفِّر الاستقرار النفسي والعاطفي والمعيشي والاقتصادي والاجتماعي لهؤلاء الشباب وهم في جميع الأحوال مصدر قوة وفخر وعز الوطن وهم حماته وذخره وحصنه الحصين وهم بحاجة ماسة لمساحة كبيرة من العمل لخدمة هذا الوطن، وتعد مبادرة "ساهم" فرصة لهؤلاء الشباب بأن يبذلوا الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن العظيم من خلال تثبيتهم، والذي يعني لهم المزيد من الأمان والطمأنينة والاستقرار المادي والمعنوي.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
معهد صلحي الوادي يستعيد نشاطه ويستقبل طلابه بالحنين إلى الحرية والطموحات الكبيرة
دمشق-سانا
يضيء تاج الموسيقا في سوريا درة، عمرها ستون عاماً، واسمها معهد صلحي الوادي للموسيقا، الذي عاد واستقبل طلابه مجدداً بالحنين إلى الحرية بعد إسقاط النظام البائد، ليعودَ المدرسون والطلاب إلى آلاتهم بألحانٍ حطمت قيود الظلم والقمع، ولينشدوا الحلم الذي لطالما نادى به الشعب السوري منذ 14 عاماً.
المعهد الذي شرعَ بفتح أبوابه منذ الخامس من الشهر الفائت مجدداً، يحتضن اليوم نحو 574 طالباً وطالبة، ونحو 100-110 مدرسين ومدرسات، وبدوام ثلاثة أيام في الأسبوع، حسب مديره الموسيقي بريام سويد في تصريح ل”سانا”.
وأكد سويد أن المعهد وكل المؤسسات الثقافية في سوريا لم تتلق أي توجيه سواءً أكان شفهياً أم خطياً بتأخير أو إيقاف العمل فيها، نافياً جملة وتفصيلا ما يروَّج على بعض صفحات التواصل الاجتماعي من إشاعات مغرضة بخصوص معهد صباح فخري في حلب أو غيره.
وفي هذا الإطار، نوّه سويد بمبادرة أهالي الطلاب للمساعدة في إقلاع عمل المعهد، وبدعم الفنان التشكيلي أنس قطرميز رئيس مركز أحمد وليد عزت المجاور، وبحماسة موظفي المعهد للعودة إلى الدوام، مؤكداً عدم حدوث أي تعديات على ممتلكات المعهد خلال سقوط النظام، كما حدث في مؤسسات أخرى.
وبالنسبة للمعوقات التي يواجهها المعهد، بيّن سويد أنها تتمحور كسائر مؤسسات القطاع العام خلال فترة النظام البائد في تراجع القدرة اللوجستية للأماكن أي قدرة التشغيل جراء الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، والتقنين بالمشتقات النفطية، وتقلص المدرسين نظراً لقلة الأجور وهجرة الموسيقيين وخاصة الذكور منهم، ومعاناة الموظفين في الوصول لأماكن عملهم وخاصةً أن طبيعة دوام المعهد مسائية.
وتطرق سويد إلى آلية التدريس في المعهد الذي يستقبل الأطفال من عمر سبع سنوات، ويدرس كل أنواع الآلات الشرقية والعربية والغربية، وكان هناك اقتراح لافتتاح قسم بالغناء العربي الأوبرالي، كما أن المعهد يستضيف موسيقيين أجانب في عددٍ من الأنشطة، ويقوم بالعديد من الفعاليات الموسيقية، بالتعاون مع جمعيات أهلية، مثل منظمة آمال.
من جانبها، أكدت سسفيتلانا الشطا رئيسة قسم البيانو في المعهد أهمية تعليم الطفل للموسيقا غذاء الروح والتي تسمو بالطفل وبأحلامه وطموحاته وتعوده الصبر والتركيز وتجعله على مستوى عالٍ من الثقافة عربياً وعالمياً، منوهةً بالدور الكبير الذي يلعبه معهد صلحي الوادي في تعليم الموسيقا، وفق منهاج أكاديمي لشريحة واسعة من الأطفال والطلاب، مع الطموح بإدخال كورال وأوركسترا للأطفال إليه مستقبلاً.
بدورها لفتت راما البرشة مدرسة كمان وفيولا وصولفيج، ورئيسة قسم الوتريات في المعهد إلى المستوى الموسيقي المتقدم للأطفال والطلاب عموماً بالمعهد، ففي السنة الخامسة من الدراسة يتم تقييم الطالب، وفي حال كانت علامته أقل من 80 بالمئة يُعطى مصدقة تخرج ولا ينتقل للمستوى التالي، حفاظاً على المستوى الممتاز للمعهد، متمنيةً إقامة ورشات عمل موسيقية خلال المرحلة الجديدة في سوريا، واستقدام خبراء أجانب وعرب، والموسيقيين السوريين المغتربين للاستفادة من خبراتهم.
الطالب هادي صبيحة وهو في الصف الثامن بالمعهد قال: إن طموحه متابعة دراسته الأكاديمية بالمعهد العالي للموسيقا، ليمثل بلاده في الفاعليات الموسيقية العالمية، بينما أعربت الطفلة في الصف الخامس ساما سليمان وهي بالصف الثالث في المعهد عن أمنيتها بأن تصبح مدرّسة بيانو محترفة لتنشر الحب بكل مكان، وهو ما أكدته والدتها وسام وهي أيضاً عازفة بيانو التي لمست مهارة ابنتها منذ كان عمرها ثلاث سنوات، لافتةً إلى أنهم كأسرة دعموا هذه الموهبة وهيؤوا لها الظروف المناسبة للتمرين الدؤوب من أجل تحقيق التمييز والنجاح.