توقف تطوير حقل ظهر.. هل ينذر بتفاقم أزمة الكهرباء في مصر؟
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
دفع تراجع إنتاج مصر من حقل ظهر للغاز الطبيعي السنة الماضية إلى بدء خطة "تخفيف الأحمال" لتعود انقطاعات الكهرباء إلى مصر، ويعود الحقل نفسه مجددا إلى الواجهة بعد إعلان شركة إيني الإيطالية أنها اضطرت لسحب سفينة الحفر سايبم سانتوريني منه، لعدم حصولها على 1.6 مليار دولار مستحقات لها لدى الحكومة المصرية.
وذكرت منصة الطاقة الأميركية (المتخصصة في شؤون الطاقة) أنه على ضوء انسحاب "إيني" تواجه خطط تطوير حقل ظهر (أكبر حقل غاز في مصر) توقفا، سيحول دون زيادة إنتاج أهم مصادر الغاز في البلاد.
وقالت المصادر إن شركة إيني حصلت منذ مدة على 270 مليون دولار، لكن لا يزال يتبقى لها 1.6 مليار دولار.
وسعت مصر منذ العام الماضي إلى زيادة إنتاج حقل ظهر عبر خطة تتضمن حفر وإكمال 20 بئرا، علاوة على 5 آبار إضافية بدءا من عام 2024، حسبما قال وزير البترول المصري طارق الملا.
وأعلنت مصر في أغسطس/آب الماضي أنها تستهدف دعم معدلات الإنتاج من حقل ظهر، التي بلغت حينها نحو 2.2 مليار قدم مكعبة غاز يوميا.
مستحقاتونقلت منصة الطاقة عن مصدر في وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر قوله "بالفعل سددنا للشركة 270 مليون دولار، لكن ما زال ثمة مديونية أخرى، وحاولنا معهم استكمال العمل في تطوير حقل ظهر وسداد باقي المبلغ لاحقا".
وأضاف المصدر أن وزير البترول المصري طارق الملا حاول إثناء الشركة عن سحب السفينة، وتواصل مع الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسكالزي، لكن "لم تفلح محاولات إقناعهم".
وسعى المتحدث باسم وزارة البترول المصرية حمدي عبد العزيز إلى نفي سحب إيني سفينة الحفر عبر تصريحات متلفزة.
وتخطط مصر لسداد 20% من مستحقات شركات النفط والغاز الأجنبية العاملة بالبلاد، خلال يونيو/حزيران المقبل، بعد أن سددت 20% في مارس/آذار الماضي، بواقع 1.5 مليار دولار، وفق رويترز وبيان لمجلس الوزراء المصري.
وتسبب النقص المستمر في العملات الأجنبية بمصر في تراكم المتأخرات المستحقة للشركات والمقاولين، وتراجع النقص خلال شهر فبراير/شباط الماضي بعد إعلان صفقة رأس الحكمة الاستثمارية، وخفض قيمة العملة، وزيادة قرض مصر من صندوق النقد الدولي من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات.
وتأتي متأخرات شركات النفط من حصول مصر على حصتها من الحقول والمكامن داخل البلاد، وفق اتفاقيات التنقيب والاستخراج المسبقة.
ولا تذكر الحكومة قيمة المبالغ المستحقة لشركات النفط الأجنبية، لكن تراكمت على مصر قبل 10 سنوات متأخرات بمليارات الدولارات لهذه الشركات، وبدأت في سدادها بعد تخفيض لقيمة العملة واتفاق مع صندوق النقد في 2016.
ومن خلال بيانات مبادرة البيانات المشتركة (جودي) التي اطلعت عليها الجزيرة نت، فإن إنتاج مصر تناقص من مستوى 6 مليارات متر مكعب في فبراير/شباط 2021 إلى 5.1 مليارات قدم مكعبة في الشهر التالي له، ليرتفع حتى يوليو/تموز 2022 إلى 5.8 مليارات متر مكعب، ويتناقص بعدها حتى استقر عند 4.5 مليارات متر مكعب في مارس/آذار الماضي آخر البيانات المتاحة.
وذكرت مجلة مييس، المتخصصة في الطاقة، العام الماضي أن إنتاج الغاز الطبيعي في مصر انخفض منذ 2022، حينما بدأ إنتاج حقل ظهر في الانخفاض، والذي استمر خلال الأشهر الأولى من 2023.
ووفق المجلة، يعد الانخفاض مؤشرا مهما لاستمرار المشاكل التشغيلية في حقل ظهر، والتي ظهرت مع بداية تسرب المياه، منذ أعوام، بعد قرارات حكومية بتسريع وتيرة استخراج الغاز من الحقل، برغم خطر ذلك على استدامة تشغيل الحقل، بحسب دراسة لخبراء قطاع البترول في شركات متعددة دشنت مشروعا في حقل ظهر لمحاولة دعم استمراريته مسبقا (نقلت جانبا منها صحيفة مدى مصر).
وكانت شركة إيني الإيطالية سرعت بدء الإنتاج من حقل ظهر، بعد ضغط الجدول الزمني إلى 28 شهرا بدلا من 6 إلى 8 سنوات لتحقيق (تطلعات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي)، وفق ما نقلت صحف محلية عن الرئيس التنفيذي للشركة أبدى كلاوديو ديسكالزى.
سارعت الحكومة المصرية خلال السنة الماضية مع بدء تخفيف أحمال الكهرباء إلى نفي تضرر حقل ظهر في مرات عديدة، على لسان وزير البترول طارق الملا ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
معلومات حول حقل ظهر يبعد عن بورسعيد نحو 200 كيلومتر في البحر الأبيض المتوسط. اكتشفت الحقل شركة إيني الإيطالية في منطقة بالبحر المتوسط على عمق نحو 1500 متر. تم حفر البئر إلى عمق 4000 متر في المنطقة الاقتصادية المصرية في البحر المتوسط. يمثل إنتاج حقل ظهر ما بين 35% إلى 40% من الإنتاج اليومي لمصر، وفق تقدير وزير البترول المصري الأسبق أسامة كمال. تبلغ احتياطيات حقل ظهر 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز، تعادل 5.5 مليارات برميل مكافئ من النفط. يصل أقصى عمق فيه إلى 4131 مترا. يغطي حقل ظهر مساحة تصل إلى 100 كيلومتر مربع. استغرق بدء الإنتاج 28 شهرا بعد إعلان اكتشاف الحقل.وتعاني مصر من انقطاعات في الكهرباء، فبدأت تخصيص المزيد من إنتاج الغاز للتصدير لعلاج ندرة العملة الصعبة، واستوردت زيت وقود ملوثا للبيئة، كي يستمر تشغيل محطات الكهرباء، وفق رويترز.
وعزت الحكومة الانقطاع إلى ارتفاع درجات الحرارة، لكنه استمر خلال عام 2023 بعد انتهاء فصل الصيف، حتى بعدما أوقفت الحكومة التصدير لتلبية الطلب المحلي.
وتسعى مصر لأن تصبح مُصدرا إقليميا للطاقة، وتتطلع إلى بيع الكهرباء لدول بما فيها السعودية وليبيا، كما تعتزم تحقيق الربط الكهربائي مع اليونان، وشحن الغاز الطبيعي المسال من محطتي تسييل.
وعزا المسؤولون انقطاع الكهرباء إلى ارتفاع الطلب نتيجة زيادة السكان البالغ عددهم 106 ملايين نسمة، وإلى المشروعات العملاقة التي تدعمها الرئاسة المصرية، والتنمية العمرانية.
وتم تعليق قطع التيار خلال شهر رمضان وعطلة عيد الفطر الماضية.
وخيّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة له الأسبوع الماضي، المواطنين بين انقطاعات الكهرباء وارتفاع ثمنها، ومع توقف تطوير حقل ظهر يبرز سؤال: هل تستمر أزمة انقطاع الكهرباء في مصر؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات شرکة إینی الإیطالیة البترول المصری وزیر البترول إنتاج الغاز فی مصر مصر من
إقرأ أيضاً:
المحكمة الجنائية الدولية تحاصر قادة إسرائيل | رفض تعليق مذكرات الاعتقال ينذر بمحاسبة تاريخية
إن قرار المحكمة الجنائية الدولية برفض تعليق مذكرات الاعتقال الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت يمثل منعطفًا حاسمًا في مسار العدالة الدولية. هذا القرار ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو تأكيد صارخ على استقلالية المحكمة كهيئة قضائية دولية ذات سيادة، ورفض قاطع لأي محاولات للتأثير على عملها أو ثنيها عن ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم دولية جسيمة.الأساس القانوني الراسخ
تستند المحكمة في قرارها هذا إلى أساس قانوني متين يتمثل في نظامها الأساسي، الذي يمنحها الولاية القضائية على الجرائم التي تُرتكب في أراضي الدول الأطراف، أو من قبل مواطنيها. وبما أن فلسطين دولة طرف في النظام الأساسي للمحكمة، فإن المحكمة تتمتع بكامل الصلاحية للتحقيق في الجرائم المدعى ارتكابها على أراضيها. وقد قامت فلسطين بالفعل بممارسة حقها السيادي بإحالة ملف الجرائم المزعومة إلى المحكمة، مطالبة بتحقيق العدالة لضحايا هذه الجرائم.
تكامل مع قرارات محكمة العدل الدولية
يتعزز موقف المحكمة الجنائية الدولية بالقرار الأولي الصادر عن محكمة العدل الدولية في يناير 2024، والذي أشار إلى وجود "ادعاء معقول" بارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية. على الرغم من أن قرار محكمة العدل الدولية يتعلق بتدابير مؤقتة، إلا أنه يشكل مؤشرًا خطيرًا على جدية الاتهامات الموجهة لإسرائيل، ويضع ضغوطًا إضافية على المحكمة الجنائية الدولية للمضي قدمًا في تحقيقاتها وملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم. فالإبادة الجماعية تُعدّ أشد الجرائم الدولية جسامة، وأي شبهة في ارتكابها تستوجب تحقيقًا معمقًا ومحاسبة صارمة.
المسؤولية القيادية الفردية كحجر زاوية
إن تركيز المحكمة على المسؤولية الجنائية الفردية لنتنياهو وغالانت، بصفتهما قادة سياسيين وعسكريين، يمثل تطبيقًا لمبدأ راسخ في القانون الجنائي الدولي.
هذا المبدأ يقضي بأن القادة لا يُسألون فقط عن الأفعال التي ارتكبوها بأنفسهم، بل يُسألون أيضًا عن الجرائم التي ارتكبها مرؤوسوهم إذا كانوا على علم بها أو كان ينبغي عليهم أن يكونوا على علم بها، ولم يتخذوا الإجراءات اللازمة لمنعها أو المعاقبة عليها. وبصفتيهما رئيس مجلس الحرب ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، كان لنتنياهو وغالانت سلطة وسيطرة كبيرتان على العمليات العسكرية والأمنية، وبالتالي تقع عليهما مسؤولية ضمان احترام القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين.
التداعيات المستقبلية وتأثير القرار
إن رفض المحكمة تعليق مذكرات الاعتقال يحمل في طياته تداعيات قانونية وسياسية بعيدة المدى. على الصعيد القانوني، يؤكد هذا القرار على أن مبدأ عدم الإفلات من العقاب يسري على الجميع دون استثناء، بغض النظر عن المناصب أو النفوذ السياسي. وعلى الصعيد السياسي، يزيد هذا القرار من الضغوط الدولية على إسرائيل، وقد يؤدي إلى مزيد من العزلة الدبلوماسية لها. كما أن هذا القرار قد يعرض نتنياهو وغالانت لخطر الاعتقال إذا سافرا إلى أي من الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة، مما سيحد من تحركاتهما الدولية بشكل كبير.
رسالة قوية للعدالة الدولية
في الختام، فإن قرار المحكمة الجنائية الدولية برفض تعليق مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت يُعدّ بمثابة رسالة قوية تؤكد على التزام المحكمة بتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية. هذا القرار يُعزز من مكانة المحكمة كهيئة قضائية دولية مستقلة ونزيهة، ويُرسل إشارة واضحة إلى أن القانون الدولي سيادة، وأن مرتكبي الجرائم لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن أو عظمت مناصبهم.