ضرورة تسوية منازعات العمل لتعزيز الإنتاجية
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
تبذل الجهات المعنية جهودًا متواصلة لتعزيز إنتاجية العامل في المؤسسات والشركات الخاصة من خلال عدة وسائل متاحة لها. وتَعدُّ مسألة تسوية منازعات العمل واحدة من الوسائل التي تستخدمها جهات العمل من أجل حفظ حقوق جميع الأطراف المشاركة في العملية الإنتاجية لهذه المؤسسات.
ومؤخرًا تم تنظيم ندوة حول تسوية منازعات العمل بحضور المسؤولين من وزارة العمل والقضاة والمحامين بجانب أصحاب الأعمال والعاملين في المؤسسات للوقوف على التحدِّيات التي تواجه الأعمال التجارية والصناعية وغيرها من الأعمال الأخرى، وبالتالي تؤدي إلى نزاعات بين الأطراف الداخلة في العملية الإنتاجية وإلى زيادة التسريحات والاستقالات والدوران في العمل.
الندوة تعرضت إلى مناقشة عدة قضايا منها آليات تسوية منازعات العمل الوراردة في قانون العمل العُماني الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (53/2023)، والقرارات المنفذة له، وما تقوم به لجان التسوية الودية ومحاضر الصلح بين الطرفين والنتائج وآثار تلك المحاضر، والتطرق إلى التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات العمالية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب بعض الدول في مجال تسوية منازعات العمل والنظر في إمكانية الأخذ بها وتطبيقها على أرض الواقع.
فالعالم قد سبقنا في الكثير من هذه القضايا التي تحدثُ بين أصحاب المؤسسات والعاملين، والتي تعتمد كثيرًا على مبدأ الإنتاجية والكفاءة في الإنتاج واحترام القوانين الداخلية للمؤسسات، مع ضرورة مراعاة المناسبات الاجتماعية في الدول التي تعني بقضاياها في هذه المجالات مثل دول المنطقة، وبحيث لا تبقى الأمور المادية هي المسيطرة فقط على عقيلة القائمين على إدارة تلك المؤسسات دون فهم الجوانب الأخرى للعامل الوطني.
لقد خرجت الندور بعدة توصيات لمساعدة وحل القضايا العالقة بين أصحاب وإدارة المؤسسات والعاملين بها في القطاع الخاص كل على مستوى قطاعه، والوقوف على المؤثرات الكائنة إيجابًا وسلبًا في كل قطاع، الأمر الذي سوف يساعد في معالجة النزاعات قبل أن يبادر العمال بتقديم شكاويهم للمؤسسات، مع إبراز دور النقابات العمَّالية في تلك المؤسسات لتسوية النزاعات القائمة قبل بروزها بصورة كبيرة، والعمل على تكثيف الجهود لتوعية الجميع بحقوقهم لتحقيق القدر الأكبر من الاستقرار وتعزيز الانتاجية، واستدامة العمال في العمل بصورة مستمرة، مع إعطاء الحرية لطرفي النزاع للاتفاق على ما يخدم مصالحهم بحُرية أكبر.
ومن الأمور المستحدثة في هذه الندوة هي خروج الحضور والمشاركين فيها بضرورة استخدام الذكاء الاصطناعي في توجيه العامل وغيره من الجهات إذا لم تنجح جهود الوساطة. وسوف نرى إن كانت الآلة هي التي ستحفظ حقوق المؤسسات والعمّال أم الأشخاص الذين يشرفون ويتخذون قراراتهم على تلك الأعمال من خلال إجراء التحقيقات في تلك الأمور، وجمع الأدلة ومقابلات مع الشهود، وتقييم الامتثال لقوانين ولوائح العمل وغيرها تمهيدًا لإحالة تلك القضايا للمحاكم.
نحن نحتاج إلى إجراء مزيد من الدراسات مع توسع الاقتصاد العماني ونشؤ ظاهرة النزاعات العمالية سواء من قبل المؤسسات المعنية في الدولة أو من قبل الشركات والمؤسسات التي يعمل بها عدد كبير من العمال. وهذه الدراسات ستتوقف على عدة نتائج أهمها أسباب تلك المنازعات والتعرف على أبعاد المظاهر السلوكية للعاملين وضعف الإنتاجية باختلاف الفئات العمرية والمؤهلات التعليمية للعاملين. فهناك عدة عوامل لمظاهر السلوكية للموظف في ضعف الإنتاجية تتمثل في عدم التكيف مع بيئة العمل، وضعف العلاقات الإنسانية بالرؤساء والزملاء والمتعاملين، وضعف الكفاءة الإنتاجية، بالإضافة إلى السلوك العام لصاحب المؤسسة أو العامل في اتخاذ القرارات السريعة، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من النزاعات العمالية، وبالتالي إلى غياب مبدأ الأستقرار والاطمئنان للعاملين وأسرهم.
نحن نعمل في السلطنة على بناء اقتصاد متنوع وديناميكي قادر على المنافسة إقليميًا وعالميًا ضمن رؤية عمان 2040 والتي تسعى إلى إبراز دور القطاع الخاص وتعزيز دعائم العدل والقضاء من أجل وجود عدالة ناجزة وحاسمة لأي خلاف ينشأ بين الأطراف المتخاصمة، الأمر الذي يتطلب العمل بسرعة وبجودة في إنهاء إجراءات التقاضي لهذه النزاعات التي تبقى بعضها لسنوات في أروقة المحاكم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي؛ كلمة محافظي مجموعة الدول الأفريقية لدى البنك، وذلك خلال اجتماع المجموعة مع أجاي بانجا، رئيس مجموعة البنك الدولي. جاء ذلك خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي والمنعقدة بواشنطن حتى 26 أبريل الجاري.
التحديات التي تواجه أفريقيا
وفي كلمتها، أشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أحد أكبر التحديات التي تواجه أفريقيا، وهي ضرورة ضمان وجود مسارات رئيسية لخلق فرص العمل وتجهيز القوى العاملة بالمهارات اللازمة التي تتطلبها السوق، لافتة إلى أن نحو ثلث الأفراد في سن العمل الذين لا يمتلكون وظائف يعيشون في أفريقيا.
وقالت «المشاط»، إنه بالرغم من الجهود التي تقوم بها مجموعة البنك الدولي لخلق فرص عمل، إلا أننا بحاجة لحجم أكبر من تلك الوظائف بما يتناسب مع التحديات الحالية، ولذلك، نحث مجموعة البنك الدولي على تعزيز أجندة الوظائف والتحول الاقتصادي من خلال بعض المسارات الحيوية، ومنها تمويل البنية التحتية المادية والرقمية، من خلال تقديم مجموعة البنك دعم إضافي في بناء وتجديد وتوسيع وتحديث السكك الحديدية، والطرق، والجسور، والموانئ والمطارات، وأنظمة إمداد المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وشبكات الكهرباء، أنظمة الري وغيرها من البنى التحتية في مجال التكنولوجيا الزراعية، وشبكات الاتصالات الرقمية وخدمات الإنترنت، المنصات، الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، ومراكز الابتكار التي ستفتح الفرص في قطاعات التكنولوجيا والخدمات.
أهمية تمويل التصنيع المحليكما أشارت "المشاط" إلى أهمية تمويل التصنيع المحلي، مطالبة كذلك بدعم مجموعة البنك الدولي لتطوير مناطق اقتصادية وتجارية وصناعية، وتعزيز الصناعات المحلية مثل المنسوجات، والإلكترونيات، والكيماويات، وكذلك المصانع الخاصة بمكونات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، والتوربينات الهوائية والمائية، وأنظمة القياس.
وأكدت أن تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة تمثل كذلك فرصة رئيسية، فمن الممكن أن يقوم البنك أيضًا بدعم تلك الأنشطة، خاصة في القطاعات الاستخراجية، الزراعية، والطاقة لمعالجة المواد الخام محلياً للحفاظ على القيمة المحلية؛ وكذلك في مجالات السياحة البيئية وإدارة النفايات لتوليد فرص العمل مع الحفاظ على الأهداف البيئية، هذا فضلًا عن أهمية تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومبادرات ريادة الأعمال في أفريقيا، والتي يمكن دعمها من خلال الدعم المالي، والائتمان الميسر، والمصادر التمويلية البديلة (مثل رأس المال الاستثماري) التي يمكن أن تساعد الشركات على توسيع فرص العمل، وتمكين رواد الأعمال الأفارقة الشباب من الحصول على الأدوات اللازمة لبدء وتطوير أعمالهم الخاصة.
تقرير "مستقبل الوظائف 2025"وحول تقرير "مستقبل الوظائف 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يسلط الضوء على التركيز المشترك على المهارات المعتمدة على التكنولوجيا والقدرات البشرية؛ قالت "المشاط" إنه من المهم أن تكون تدخلات مجموعة البنك الدولي في مجال رأس المال البشري متعددة القطاعات وفعالة في الاستفادة من نهج التعاون المتكامل داخل مجموعة البنك الدولي، من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، موضحةً أنه بالنظر إلى أن خلق فرص العمل يتطلب قوة عاملة ماهرة، لذا من الضروري أن تقوم مجموعة البنك بتمويل برامج التدريب المهني والإرشاد لتمكين الأفراد والمجتمعات من تلبية احتياجات الصناعة، مما سيحول الوظائف غير الرسمية إلى رسمية، ويعزز الديناميكية الاقتصادية.
وأوضحت "المشاط"، أنه من الضروري معالجة الحاجة إلى جمع وتحليل بيانات دقيقة وقوية لدعم اتخاذ القرارات السياسية والتنموية، مطالبة مجموعة البنك الدولي بتسريع تنفيذ وتقديم البيانات والتحليلات الجديدة ضمن "جدول أعمال المعرفة" لمواكبة التطورات الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية. ولفتت إلى أنه استنادًا إلى تحليل مجموعة البنك الدولي نفسه، يجب أن نأخذ في الاعتبار نتائج تقرير التنمية العالمية لعام 2023 حول "المهاجرين، واللاجئين، والمجتمعات" للتأكيد على الحاجة إلى إدارة فعالة للهجرة الاقتصادية للمساعدة في موازنة التباينات السكانية وضمان التنمية المستدامة.
وفي ختام كلمتها؛ أكدت "المشاط"، أن نجاح هذه المسارات يتطلب التعاون القوي، معربة عن تأييد مجموعة محافظي الدول الأفريقية استمرار تعاون مجموعة البنك الدولي مع "مختبر استثمارات القطاع الخاص" و"المجلس الاستشاري رفيع المستوى المعني بالوظائف" لتطوير وتنفيذ الأدوات المبتكرة وأدوات تقليل المخاطر، مع ضمان تحديثات منتظمة وتواصل شفاف، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات والفرص للتعاون والتكامل من خلال منصات التمويل المشتركة الحالية والجديدة.