كابوس العراق.. الكويت تتحرك لبناء ميناء مبارك.. فهل يُجهض الفاو الكبير؟
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
بغداد اليوم- متابعة
زارت وزيرة الأشغال العامة الكويتية، نورة المشعان، موقع بناء مشروع ميناء "مبارك الكبير" بجزيرة بوبيان، في أحدث إشارة رسمية على أن الدولة الخليجية متمسكة بالمشروع الذي يرفضه العراق.
وذكرت وزارة الأشغال في بيان، اليوم الثلاثاء، (28 ايار 2024)، أن المشعان زارت موقع ميناء مبارك، يرافقها وفد فني من خبراء ومهندسين متخصصين في المشاريع العملاقة من الصين والكويت، بالإضافة إلى السفير الصيني لدى الكويت.
وتأتي الزيارة، وفقا للبيان، تفعيلا لمذكرة التفاهم المتعلقة بإنشاء مشروع ميناء مبارك، الموقعة بين الكويت والصين خلال زيارة أمير البلاد، مشعل الأحمد الجابر الصباح، إلى بكين خلال شهر سبتمبر أيلول الماضي.
ولم تفصح الكويت رسميا عن استئناف الأعمال الإنشائية في ميناء مبارك الواقع بجزيرة بوبيان القريبة من العراق، وهو مشروع لطالما رفضته بغداد.
لكن صحيفة "القبس" تقول إن مشروع ميناء مبارك "يتصدر المشهد الكويتي تنمويا واقتصاديا مع بدء الاستئناف الفعلي لتنفيذه، واتخاذ خطوات عملية وواقعية نحو هذا التوجه، ليكون في مصاف المشروعات التنموية التي تعول عليها الكويت خلال المرحلة المقبلة".
وظلت الأعمال الإنشائية في مشروع ميناء مبارك الضخم تتقدم بخطوات بطيئة منذ سنوات، دون أن تكتمل، بسبب التجاذبات السياسية مع العراق.
وجاءت التحركات الكويتية الأخيرة بعد إبطال المحكمة العراقية العليا لاتفاقية خور عبدالله التي تنظم الملاحة بين البلدين، بالإضافة إلى توقيع بغداد اتفاقا رباعيا لمشروع "طريق التنمية" مع تركيا والإمارات وقطر، وذلك على هامش زيارة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، لبغداد مؤخرا.
ما هو ميناء مبارك؟
في أبريل نيسان 2011، وضعت الكويت حجر الأساس لبناء ميناء "مبارك الكبير" الذي تقدر كلفته بنحو 1.1 مليار دولار في جزيرة بوبيان، على أن يكتمل بناؤه في 2016 وذلك علما بأن الإعلان عن هذا المشروع الضخم صدر أول مرة عام 2007.
وأثارت تلك الخطوبة غضبا من جانب الجار العراق، الذي يعتبر أن موقع إنشاء الميناء في جزيرة بوبيان سيعرقل وصوله إلى مياه الخليج التي تعد منفذه الوحيد على البحر.
الكويت ترفض تلك الاتهامات
وفي يوليو تموز من العام ذاته، طلبت بغداد رسميا من الكويت وقف العمل في ميناء مبارك بعد جدل سياسي بين البلدين، لكن الدولة الخليجية رفضت رسميا طلب العراق.
وفي عام 2013، أبرم البلدان اتفاقية تنظيم حركة الملاحة البحرية في خور عبدالله الذي يربط العراق بمياه الخليج.
وتنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبدالله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة "833" الصادر عام 1993، الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت.
ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون أنها تعطي الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد ويجهض مشروع ميناء الفاو الكبير الذي وصل لمراحل متقدمة من الانجاز.
لكن المحكمة العراقية العليا، قررت في سبتمبر أيلول الماضي عدم دستورية اتفاقية خور عبدالله التي تنظم حركة الملاحة البحرية في الممر المائي الفاصل بين الكويت وبغداد.
وبررت المحكمة قرارها "لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: مشروع میناء میناء مبارک خور عبدالله
إقرأ أيضاً:
هل يتحول حلم ترامب بإحياء الصناعة الأميركية إلى كابوس؟
يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال الحرب التجارية إلى "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى" من خلال تحفيز الشركات الأميركية على تقليل اعتمادها على السلع الأجنبية، والعودة إلى التصنيع المحلي، وبالتالي "إحياء الصناعة الأميركية من جديد" وفقا للبيت الأبيض.
وتعهد ترامب بأن تعيد حملته التاريخية لفرض تعريفات جمركية إحياء التصنيع المحلي، وأعلن أن "الوظائف والمصانع ستعود بقوة إلى بلادنا" متوقعا "عصرا ذهبيا" جديدا في أميركا.
وتلامس رسالة ترامب القوية الحنين إلى الماضي والإحباط الاقتصادي والفخر الوطني، لكن الواقع يبدو أكثر تعقيدا، فالبيانات تُشير إلى أن الاقتصاد الأميركي لا يزال غير مهيأ لتحول جذري نحو التصنيع، وأن أي توسع في القدرات الإنتاجية سيتطلب سنوات من الاستثمار في البنية التحتية والتدريب وإعادة تأهيل سوق العمل.
وحسب مكتب إحصاءات العمل الأميركي، شهد قطاعا الزراعة والتصنيع تراجعا كبيرا في عدد العاملين خلال العقود الماضية، وباتت الغالبية العظمى من الأميركيين تعمل في قطاعات الخدمات مثل التكنولوجيا، والتمويل، والرعاية الصحية.
في يونيو/ حزيران 1979، وصلت العمالة في قطاع التصنيع إلى ذروة تاريخية بلغت 19.6 مليونا، وفي الشهر نفسه من عام 2019، بلغ عدد العمالة 12.8 مليونا، بانخفاض 6.7 ملايين أو 35% عن الذروة التاريخية.
إعلانوفي سبعينيات القرن الماضي، كان واحد من كل 5 أميركيين (أي نحو 20% من القوى العاملة) يعمل في قطاع التصنيع، أما اليوم، فالنسبة انخفضت إلى نحو واحد من كل 12، أي أقل من 9% وفقا للمصدر السابق، فهل يستطيع ترامب أو أي إدارة مستقبلية تحقيق حلم إعادة إحياء الصناعة الأميركية؟ وهل سيكون المواطن الأميركي مستعدا للعودة إلى المصانع؟
في السطور المقبلة تسعى الجزيرة نت للإجابة عن هذه التساؤلات.
قوى عاملة غير مؤهلةيُحذر اقتصاديون من أن التركيز على التصنيع قد يرفع كلفة المعيشة على المستهلك الأميركي، وقد يُضعف التقدم الذي حققته الولايات المتحدة في مجالات اقتصاد المعرفة، بحسب شبكة "إن بي سي نيوز".
ويرى العديد من الخبراء والمراقبين أنه حتى في ظل توفر التمويل غير المحدود والدعم السياسي، فإن إعادة تأهيل القوى العاملة، وبناء البنية التحتية اللازمة يتطلبان سنوات طويلة من العمل، وبحسب مكتب إحصاءات العمل الأميركي، تمتد برامج التدريب المهني الرسمية عادة 4 سنوات.
وفي السياق ذاته، تُقدّر شركة "إنتل" أن بناء مصانع أشباه الموصلات يستغرق ما بين 3 و4 سنوات.
كما يشكّل عدم الاستقرار السياسي عائقا كبيرا أمام هذا المسار، إذ تتردد الشركات في ضخ استثمارات طويلة الأجل في ظل إمكانية تغيّر السياسات التجارية خلال أشهر قليلة فقط.
وفي هذا الإطار، قال ريتشارد مانسفيلد، أستاذ الاقتصاد في جامعة كولورادو: "الشركات لن تبدأ بتوظيف وتدريب الكوادر ما لم تقتنع بأن التعريفات الجمركية دائمة"، وأضاف أنه "بدلا من تعزيز الإنتاج المحلي، من المرجح أن تلجأ الشركات إلى رفع الأسعار، أو البحث عن موردين بديلين مثل فيتنام أو تشيلي أو الاثنين معا" وفقا لشبكة "إن بي سي نيوز".
وشهدت فترة ولاية ترامب الأولى مثالا واضحا على هذا التوجه، إذ اضطر العديد من الشركات، تحت ضغط الرسوم الجمركية، إلى نقل خطوط إنتاجها ومصانعها من الصين إلى المكسيك.
إعلانأما أستاذ الاقتصاد في جامعة ولاية أريزونا، دينيس هوفمان، فعبّر عن الأثر المحتمل للرسوم الجمركية بعبارات صريحة، قائلا: "سينتهي الأمر بإلحاق الضرر بالمستهلكين في جميع أنحاء الولايات المتحدة".
رغبة في الاستهلاكوفي الوقت نفسه، فإن التركيز على إنتاج السلع يتجاهل حقيقة أخرى، وهي أن أميركا تتمتع بميزة عالمية في صادرات الخدمات المدفوعة بالأعمال التجارية والسفر والملكية الفكرية.
يختفي الفائض في ميزان الخدمات لدى الولايات المتحدة، الذي يبلغ 25.2 مليار دولار، بسبب عجزها في إنتاج السلع الذي يبلغ 156.7 مليار دولار، وفق المصدر السابق.
وقال هوفمان إن التعريفات الجمركية "تتجاهل هذا الواقع الاقتصادي، مما يترك المستهلكين بأسعار أعلى للسلع الأساسية وأقل إنفاقا في المجالات التي يتفوق فيها اقتصادنا.. السلع الرخيصة تعني المزيد من الأموال للادخار والاستثمار وتخصيصها في أماكن أخرى. نحن في وضع أفضل بكثير بسبب القدرة على الوصول إلى التجارة الدولية".
وأضاف: "العجز ليس بالضرورة سلبيا. إذا كنت تعاني من عجز تجاري، فأنت لست خاسرا. نحن نعاني من عجز تجاري لأننا نستهلك، فرغبتنا في الاستهلاك تفوق قدرتنا على الإنتاج".
رجال الصناعة ضد ترامببينما يواجه ترامب تأييدا من بعض مؤيدي التصنيع، فإن العديد من المصنعين الأميركيين يعبرون عن شكوكهم بشأن فاعلية هذه السياسات، فقد أشاروا إلى أن مشكلات سلاسل الإمداد، والتكاليف المرتفعة، واحتياجات القوى العاملة، إضافة إلى صعوبة نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة، قد تشكل عائقا كبيرا أمام تنفيذ هذه الوعود.
وعلى سبيل المثال، يحتوي كل هاتف ذكي على أجزاء صُنعت في عشرات الدول، كذلك الحال مع السيارات، وأشباه الموصلات، والمنسوجات، فكلها مترابطة في نظام استغرق تأسيسه عقودا، وستكون إعادة الإنتاج إلى الولايات المتحدة مكلفة، ومن الناحية اللوجستية، كابوسا حقيقيا، وفق ما قال الكاتب جون ماكغليون في مقالة له في صحيفة "ذا هيل" الأميركية.
إعلانفي السياق، قال نائب الرئيس الأول لجمعية مصنعي المعدات، كيب إيدبيرغ إن "الحديث عن نقل كل جزء من عملية التصنيع إلى الولايات المتحدة يتناقض مع الواقع، إذ تعتمد الشركات على مكونات ويد عاملة من جميع أنحاء العالم، ولا يمكن ببساطة نقل ذلك إلى أميركا"، وفقا للكاتبة كاثرين لوسي في مقالة لها بوكالة بلومبيرغ.
الأميركيون لا يريدون العودة للمصانعويقول الكاتب جون ماكغليون: "لنفترض جدلا أن الولايات المتحدة نجحت في بناء المصانع واستعادت ملايين الوظائف في هذه المصانع. من سيأخذها؟، مجيبا: "كان عامل المصنع في ستينيات القرن الماضي حاصلا على شهادة الثانوية العامة، ووظيفة مستقرة، وتوقعا بوظيفة مدى الحياة. لكن هذا العالم قد ولّى إلى غير رجعة. يتطلب قطاع التصنيع اليوم مهارات متخصصة، الروبوتات والبرمجة والهندسة الدقيقة، وقد أمضت الولايات المتحدة عقودا في إبعاد الطلاب عن المجالات المهنية. والآن، ثمة نقص في العمالة الماهرة. من سيشغل كل هذه الوظائف المُعادة إلى الوطن؟".
ويتساءل ماكغليون عن البدائل المطروحة لتعويض النقص، قائلا:
"العمالة الأجنبية؟ لكن هذا يُعد تقويضا جذريا لفرضية "جعل أميركا عظيمة مجددا"، التي تعتمد على تعزيز الوظائف داخل الولايات المتحدة". "عمال أميركيون غير مدربين؟ في هذه الحالة، يمكن توقع مشاكل في الجودة، وزيادة معدلات الخطأ، وضعف القدرة التنافسية مقارنة بالصين والدول الصناعية الكبرى الأخرى".ثم يطرح الكاتب سؤالا آخر عن رغبة الشباب الأميركي في العودة للعمل بالمصانع، قائلا: "اسألوا الشباب عما يريدون فعله، وستجدونهم يفضلون العمل في مجالات مثل التكنولوجيا والتمويل والرعاية الصحية وريادة الأعمال، أي شيء إلا العمل في المصانع التقليدية. هذا التحول الثقافي أصبح واقعا لا يمكن التراجع عنه. لقد تغيرت توقعات العمل بشكل جذري. إن فكرة أن ملايين الأميركيين يتوقون إلى العمل في مصانع هي فكرة بعيدة تماما عن الواقع".
إعلان 482 ألف وظيفةوعلى أرض الواقع فإن الولايات المتحدة لا تمتلك العمالة اللازمة لتوظيف المزيد من المنشآت التصنيعية، فقد كان هناك 482 ألف وظيفة شاغرة في قطاع التصنيع في فبراير/ شباط الماضي فقط، لا تجد من يملؤها وفقا لمكتب إحصاءات العمل الأميركي.
وذكر استطلاع للرأي بين المصنعين أجرته "نام" في الربع الأول من عام 2025، أن 48.4% يواجهون تحديات في جذب والاحتفاظ بالقوى العاملة المؤهلة، وفقا لوكالة بلومبيرغ.
وأخيرا، تبقى سياسات ترامب الاقتصادية مثيرة للجدل، حيث لا تزال ثمة شكوك كبيرة حول قدرتها على تحقيق الوعود بعودة التصنيع إلى الولايات المتحدة في ظل تحديات سلاسل الإمداد، وتكاليف وأزمة القوى العاملة. ومع مرور الوقت، ستظل هذه السياسات محور نقاشات حادة قد تحدد ليس مصير ترامب أو الحزب الجمهوري فقط بل مصير الاقتصاد الأميركي نفسه.