عصام حجي: نجحنا بالتجربة الأولى لاستكشاف المياه الجوفية بالصحراء العربية
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
نجح فريق بحثي في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة في تطوير تقنية جديدة لاستكشاف المياه الجوفية في صحراء منطقتنا العربية، بهدف مواجهة النقص الحاد في المياه والتغلب على التغيرات المناخية وظروف الجفاف والتصحر.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، قال الباحث في علوم الأرض والفضاء بجامعة كاليفورنيا الجنوبية ووكالة ناسا الدكتور عصام حجي إن هذه الدراسة تهدف إلى تطوير تكنولوجيا لرسم خرائط خزانات المياه الجوفية غير العميقة من الجو، من أجل معرفة كميات المياه الموجودة في هذه الخزانات التي يصل عمقها إلى ما بين 20 و30 مترا.
وأضاف حجي أن هذه الخزانات تعد الدرع الأولى لمواجهة فترات الجفاف في العالم العربي، وتتمثل في منطقة صحراء شمال أفريقيا وشرق الجزيرة العربية بالكامل، التي تعتمد فيها الزراعة أساسا على المياه الجوفية، وبيّن أن دراسة البيانات في هذه المنطقة توفر فرصة لفهم الأمن الغذائي في منطقتنا العربية على المدى القصير والمتوسط.
طبيعة الدراسة وجدواها
ويقول حجي -وهو المؤلف الرئيسي للدراسة- إن التكنولوجيا المستخدمة في هذه التقنية مستوحاة من المركبات الفضائية التي تحيط بالقمر والمريخ، حيث تُستخدم أشعة الرادار منخفضة التردد التي ينعكس جزء منها من سطح الأرض والجزء الآخر يخترق الطبقة العلوية المشبعة بالمياه الجوفية، وذلك نتيجة فرق الخواص الكهربية بين التربة الجافة والأخرى المشبعة بالمياه.
لكن العالم المصري استدرك بأن ذلك يمثل صعوبة أيضا، لأن المواد التي تكوّن سطح كوكب الأرض تمتص أشعة الرادار أكثر من المواد الموجودة على القمر والمريخ؛ وبالتالي يجب أن تكون أجهزة الرادار أقوى وأدق من المستخدمة مع الكواكب الأخرى.
وهذه الدراسة تفتح باب الأمل في رصد خزانات المياه الجوفية الموجودة في شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، وهي مساحة تعادل مساحة الولايات المتحدة تقريبا، وهو ما يجعلنا نواجه التغيرات المناخية والجفاف ونوفر الأمن الغذائي لمنطقتنا العربية.
وأضاف حجي أن حفر بئر واحدة تكلف ما بين 10 و50 ألف دولار، ونحن نحتاج إلى حفر آلاف الآبار لتغطية هذه المساحة الشاسعة؛ وبالتالي توفر هذه التقنية ملايين الدولارات التي يمكن استثمارها في الاستفادة من المياه المستخرجة.
فريق العمل في مرحلة إعداد النموذج المبدئي قبل التجربة الميدانية (الجزيرة) صعوبات وتحدياتوأشار الباحث في علوم الأرض والفضاء إلى أنه لإنجاز هذا البحث كان يجب التغلب على عدة صعوبات، ومنها:
تمثل التحدي الأول في إقناع الجهات العلمية بتطوير هذه التكنولوجيا في العالم العربي، إذ رأت جهات مانحة عدة أن هذه التكنولوجيا من الصعب تطبيقها في العالم العربي غير المستقر سياسيا. كما رأى الخبراء والمستشارون العلميون الأجانب استحالة استعمال الطيران في المنطقة العربية وكذلك استخدام الأشعة الرادارية، لأن ذلك يتطلب موافقات أمنية في بيئة سياسية يصعب الحصول فيها على هذه الموافقات من أجل الطيران التجريبي. ونتج عن ذلك أن التمويل اللازم لهذه الدراسة توقف وأصبح من الصعب استكمال البحث. وكان الحل عبر المجتمع المدني القطري بمنحة شخصية تبرع بها الدكتور حمد عبد العزيز الكواري لجامعة كاليفورنيا. ومن خلال هذه المنحة استطعنا تعيين الفريق العلمي لهذه الدراسة، وإنتاج النموذج المبدئي والطيران به والحصول على النتائج التي توصلنا إليها، وإثبات أن هذه التكنولوجيا قادرة على رصد المياه الجوفية في منطقتنا، ونشرنا نتائجنا في أكبر مجلة علمية في هذا المجال.
فريق العمل
وعن فريق العمل الذي أنجز هذه التقنية، قال حجي:
عبر المنحة القطرية، استطعنا تعيين 15 باحثا -وأغلبهم من الطلاب العرب- في تخصصات مختلفة، مثل علوم الكهرباء والرادار والأرض والفضاء وتصنيع الأجهزة وتطوير الخوارزميات. هذا الفريق يتكون من علماء عرب، وهم شباب يدرسون في جامعات بالولايات المتحدة ولديهم أمل، ومفعمون بالطاقة والعزيمة. مثل هذه الروح والعزيمة نفسها وجدناها في المظاهرات الموجودة في الجامعات الأميركية التي تنادي بالحرية والعدالة في منطقتنا العربية. توزيع مناطق الطيران المقترحة لاكتشاف المياه الجوفية في شبه الجزيرة العربية (مراكز علمية) النتائج الميدانيةوأهمية هذه الدراسة أنها خرجت من التنظير إلى التطبيق الواقعي، لذلك يقول المؤلف الرئيسي لها:
صنعنا الجهاز المبدئي وقمنا بتجربته في صحراء سلطنة عمان، عبر محاكاة عملية المسح الجوي الفعلية التي ستبدأ عام 2025. النتائج التي حصلنا عليها كانت ضعف العمق الذي توقعنا الوصول إليه، فقد وصلنا إلى 69 مترا في الصحراء الشرقية لعمان. بعد ذلك سنصنّع جهاز الطيران الذي يمكنه تغطية مساحات شاسعة في شبه الجزيرة العربية، وحددنا 12 موقعا لبداية المسح. وفي مرحلة ثانية سنقوم بتطوير منظومة جوية تعمل بالأقمار الصناعية البحثية، ويمكنها مسح كل الصحراء العربية لتوفير المياه الجوفية في العقود المقبلة.
البيئة العلمية العربية
ولفت عصام حجي إلى أن المهدد الأشد خطورة في البيئة الصحراوية ليس الجفاف ونقص المياه كما نظن، بل السيول والتغيرات المناخية المفاجئة. وضرب مثلا عن ذلك بالسيول التي وقعت في مدينة درنة الليبية العام الماضي، التي راح ضحيتها آلاف الأشخاص في لحظات.
وأضاف الباحث في علوم الأرض والفضاء أن مشاكل الجفاف ونقص المياه وحروبها -مثل ما نراه اليوم في مصر والسودان وإثيوبيا- تهدد بقاء العالم العربي، ومن ثم يجب أن نستعد لمواجهة هذه المتغيرات، وألا ننتظر من العالم الغربي أن يضع حلولا لمشاكلنا ويحاربها.
وختم العالم المصري تصريحاته للجزيرة نت بأن جامعاتنا العربية لا يجب أن تكون منشغلة بالترتيب الدولي وتصنيفها أو بصورتها أمام العالم، بل بدورها أمام المجتمع الذي تعيش فيه وحل مشاكله التي تهدد بقاءه، وتنشغل أكثر بمعركة الوعي، ومواجهة تحديات الفقر والمرض والجهل التي لن يخوضها أحد نيابة عنا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المیاه الجوفیة فی منطقتنا العربیة الجزیرة العربیة الأرض والفضاء العالم العربی هذه الدراسة
إقرأ أيضاً:
صراخ ألف جثة.. الصوت الأكثر رعبا في العالم يثير حيرة العلماء
دراسة علمية حديثة، أجريت على صراخ صافرة الموت الأزتيكية، التي تثير الحيرة لتسببها في وفاة العديد من الأشخاص منذ سنوات طويلة، إذ كان صوتها هو آخر ما سُمع قبل أن يلقى أشخاص التضحيات البشرية حتفهم، ووصف ذلك الصوت بأنه «الأكثر رعبًا في العالم»، «صراخ ألف جثة».
دراسة جديدة لصافرة الموتضوضاء مرعبة صادرة من صافرة الموت تشبه صوت الرياح المزعجة، التي تدب الرعب في النفوس حال سماعها، وحسب الدراسة التي أجريت في جامعة زيورخ، أن آلة صافرة الموت الأزتيكية لا تزال مرعبة بالنسبة للناس حتى الآن، كما كانت قبل 500 عام تقريبًا.
عن طريق بعض المتطوعين، أراد العلماء معرفة تأثير صافرة الموت عليهم ولماذا قد تتسبب في الوفاة، إذ قاموا بتشغيل صوتها وسجلوا كيفية استجابة أدمغتهم له، وحسب نتائج الدراسة التي نشرتها صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أن الذين سمعوا هذا الصوت شعروا بالخوف، في حين أظهرت فحوصات الدماغ أن الصوت يضع المستمع في حالة تأهب قصوى، وينشط المناطق العصبية المرتبطة بالعواطف الأساسية مثل الغضب والخوف والحزن.
نتائج الدراسةبعد الكشف عن نتائج الدراسة، اعتقد الباحثون أن صافرة الموت، ربما كانت تستخدم لتخويف الضحايا والمتفرجين خلال طقوس التضحية البشرية، «الصوت خشن وعالي النبرة، وكأشخاص مستمعين، عادة لا تحب مثل هذه الأصوات» حسب المؤلف الرئيسي للدراسة، البروفيسور ساشا فروهولز.
شكل صافرة الموت الغريب، الذي يشبه الجمجمة، أثار حيرة علماء الآثار لسنوات، حتى قرر أحد الباحثين أن ينفخ في الفتحة الموجودة في الجزء العلوي من إحدى القطع الأثرية، ولكن لم يتأكدوا بعد من استخدام هذه الأدوات غير العادية، لكن البعض يشير إلى أنه ربما تم استخدامها لإرهاب العدو خلال المعركة أو كجزء من طقوس التضحية البشرية.
«نظرًا لأن صفارة الجمجمة الأزتيكية تبدو قريبة من صراخ الإنسان، أردنا التحقيق فيما إذا كان لدى البشر نفس الاستجابة السلبية والنفورية لأصوات صفارة الموت الأزتكية» وفق البروفيسور «فروهولز»، مشيرًا إلى أن صافرات الجمجمة، هي نوع من الآلات الموسيقية غير العادية، التي وجدت في مواقع القبور التي يعود تاريخها إلى الفترة من 1250 إلى 1521 م.