مؤتمر بروكسل يتعهّد بـ5,4 مليارات دولار لمساعدة 5 ملايين لاجئ سوري
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
بروكسل "وكالات": تعهّد مانحون دوليون بقيادة الاتحاد الأوروبي بتقديم خمسة مليارات يورو (5,4 مليار دولار) للاجئين السوريين،فيما أكد مؤتمر بروكسل على وجوب عدم "دفعهم للعودة" إلى بلادهم التي نهشتها الحرب وضرورة توسيع الاستثمارات لتهيئة الظروف لتشجع السوريين على العودة".
وفي الاجتماع السنوي الذي استضافه الاتحاد الأوروبي أمس في بروكسل برئاسة مسؤول السياسة الخارجية فيه جوزيب بوريل، تعهّد التكتّل تقديم 2,12 مليار يورو في العامين 2024 و2025.
ويشمل هذا الرقم 560 مليون يورو تم التعهّد بها بالفعل هذا العام للسوريين النازحين داخل البلاد وفي لبنان والأردن والعراق، والمبلغ نفسه للعام 2025.كما تعهّد التكتل تقديم مليار يورو للاجئين السوريين في تركيا المجاورة.
وقال بوريل إن "الوضع في سوريا اليوم أكثر خطورة مما كان عليه قبل عام. في الواقع، لم يكن الوضع يوما بهذه الخطورة كما أن الاحتياجات الإنسانية لم تكن يوما بهذا الحجم".
وتابع "حاليا يحتاج 16,7 مليون سوري إلى مساعدات إنسانية، وهو أعلى مستوى منذ بداية الأزمة قبل أكثر من 13 عاما".
وقال المفوض الأوروبي المسؤول عن المساعدات الإنسانية يانيز لينارسيتش إنه بالإضافة إلى منح خمسة مليارات يورو وعد المانحون بتوفير 2,5 مليار يورو على شكل قروض.
وقال إن تعهّدات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء تشكل 75 بالمئة مما تم التعهّد بمنحه.
وتأتي الحملة بعد أن حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن عملياتها لدعم النازحين السوريين لا تزال "تعاني نقصا كبيرا في التمويل بنسبة 15 في المئة بعد انقضاء نحو ستة أشهر من العام 2024".
ورحّب مدير منظمة أوكسفام في سوريا، معتز أدهم "بالتعهدات التي قطعت "، لكنه لفت إلى أن "النقاش لا يزال بعيدا عن الحقائق القاسية التي يواجهها السوريون".
واعتبر أن "التمويل لا يضاهي حجم الاحتياجات، وعدد الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدات يزداد عاما بعد عام".وفي مواجهة هذا النقص، تضغط دول المنطقة التي تستضيف ملايين اللاجئين من سوريا بشكل متزايد من أجل عودة "طوعية" إلى بلادهم.
لكن بوريل حذّر من أي جهود لدفع أناس للعودة إلى سوريا.
وقال "نحذر مما يسمى العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى سوريا"، وأضاف "العودة الطوعية هي طوعية. لا ينبغي دفع اللاجئين للعودة إلى سوريا".
وأصر بوريل على أن المجتمع الدولي يجب ألا "يحفّز ذلك بأي شكل".
وقال مسؤول السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي "نعتبر أنه لا توجد عودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين إلى سوريا في الوقت الراهن".
وأودت الحرب السورية بأكثر من نصف مليون شخص وشردت ملايين آخرين منذ اندلاعها في 2011 على خلفية قمع دمشق احتجاجات مناهضة للحكومة.
وقال البنك الدولي السبت الماضي إن أكثر من ربع السوريين يعيشون في فقر مدقع، بعد 13 عاماً على نزاع مدمر، أدى الى أزمات اقتصادية متلاحقة وجعل ملايين السكان عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الرئيسية.
وقال بوريل إن الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للنزاع لا تزال أمام "طريق مسدود".
وقال "لم يظهر نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد أي نية للانخراط في أي عملية سياسية مجدية".
وأضاف "نطلب من الجميع، بما في ذلك الشركاء في المنطقة، استخدام نفوذهم السياسي لإعطاء دفع جديد للعملية السياسية".
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو جراندي، إن على الحكومة السورية والجهات الدولية المانحة للمساعدات بذل مزيد من الجهد إذا كانوا يريدون عودة ملايين السوريين إلى ديارهم التي أجبروا على الفرار منها بسبب الحرب.
وأضاف جراندي أن الحرب في غزة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع أظهرا ما يمكن أن يحدث إذا تُركت قضايا اللاجئين دون حل.
وقال في بروكسل على هامش مؤتمر يقوده الاتحاد الأوروبي لمساعدة اللاجئين السوريين "إذا تركتها (القضايا) دون إيلائها الاهتمام (اللازم) تعود بقوة".
لكن بعد 13 عاما من تحول الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد إلى حرب، يزداد الجدل إزاء مصير أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري يعيشون خارج البلاد.
ويضغط ساسة لبنانيون من أجل إعادة مزيد من هؤلاء اللاجئين إلى وطنهم. ويوجد نحو 800 ألف سوري مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان الذي تقول سلطاته إن العدد الحقيقي للسوريين في البلاد يبلغ نحو مليونين.
وبرزت هذه القضية أيضا على الأجندة السياسية لأوروبا إذ عبَرت قبرص، عضو الاتحاد الأوروبي، عن قلقها من وصول أعداد كبيرة من اللاجئين غير المرحب بهم في لبنان إلى شواطئها.
ولم تستأنف الدول الغربية علاقاتها مع الأسد، وتقول إن سوريا لا تزال غير آمنة حتى يعود اللاجئون إليها بأعداد كبيرة.
وأعادت بعض الدول العربية العلاقات مع الأسد في أعقاب زلزال مدمر عام 2023 .
وفي حديثه أمس قال جراندي إنه لا يستطيع أن يوجه الدول الغربية لكيفية التعامل مع الأسد، لكن يمكنها تمويل عمل منظمات إغاثية داخل سوريا، ومنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأضاف "عليك أن تستثمر إذا كنت تريد حلولا".
وقال جراندي إن عملية عودة اللاجئين السوريين يجب أن تتم بشكل طوعي، وهذا سيحدث فقط عندما يشعرون بالأمان في سوريا وأن بإمكانهم الاعتماد على أسس حياتية مثل السكن وإيجاد سبل لكسب العيش.
ووفقا للسلطات السورية، فإن ذلك يعني توفير الأمن وحل المشاكل البيروقراطية مثل الوثائق الرسمية.
وقال جراندي "هذه عملية تحرز تقدما بطيئا لكننا نعمل على تحقيقها". وأضاف أنه أبلغ الأسد العام الماضي بأن هناك "فجوة كبيرة في الثقة" مع شعبه ويحتاج إلى إقناع السوريين بأنه يمكنهم الوثوق به.
وقُتل ما يربو على 500 ألف شخص في الحرب السورية وما زال حوالي 150 ألفا في عداد المفقودين.
ودُمرت العديد من المدارس وإمدادات المياه ومحطات الكهرباء في البلاد. وتسببت الأزمة الاقتصادية المدمرة في تفاقم المشاكل التي تواجهها البلاد في السنوات القليلة الماضية.
وتابع جراندي أن الجهات الغربية المانحة للمساعدات نهضت بدور حيوي في توفير مزيد من التمويل للمشروعات في سوريا.
وأردف قائلا "نعمل على برنامج في سوريا لكن لا يتم تمويله بشكل كاف"، مشيرا إلى أن أحد المشروعات الرئيسية تلقى ما بين 30 إلى 35 بالمئة فقط من التمويل المطلوب.
وقال "نحن بحاجة إلى توسيع الاستثمارات لتهيئة الظروف لتشجع السوريين على العودة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین للاجئین السوریین الاتحاد الأوروبی إلى سوریا فی سوریا أکثر من
إقرأ أيضاً:
أنس خطاب.. من ظل الاستخبارات إلى واجهة داخلية سوريا (بروفايل)
وسط مشهد سياسي وأمني مضطرب، برز أنس خطاب بين الشخصيات المؤثرة في الحكومة السورية الجديدة، بعد أن تدرّج في العمل العسكري والاستخباراتي ليصل إلى منصب وزير الداخلية في التشكيلة المعلنة السبت.
رجل عُرف بعمله في الظلّ خلال سنوات الثورة على نظام بشار الأسد، لكنه اليوم في الواجهة، ليقود واحدة من أكثر الوزارات حساسية في سوريا ما بعد النظام البائد.
من مسؤول استخباراتي في هيئة تحرير الشام إلى رأس المؤسسة الأمنية للدولة الجديدة، يواجه خطاب تحديات كبرى، تتراوح بين إعادة بناء الأجهزة الأمنية، وفرض النظام والقانون، والتعامل مع فلول النظام السابق.
وبينما يتطلع السوريون إلى عهد جديد يقطع إرث القمع والبطش، يتعيّن على خطاب أن يثبت أن وزارة الداخلية يمكن أن تتحول من أداة ترهيب إلى ركيزة للأمن والعدالة.
وشهدت سوريا، مساء السبت، تشكيل أول حكومة رسمية في البلاد بعد الاعلان الدستوري الجديد والإطاحة بنظام بشار الأسد، حيث اختير أنس خطاب لمنصب وزير الداخلية بعد أن كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات في الحكومة الانتقالية التي تشكلت أواخر 2024، عقب الإطاحة بنظام الأسد.
وجرى الاعلان عن التشكيلة ضمن مراسم رسمية جرت في قصر الشعب بدمشق، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، وفق مراسل الأناضول.
وضمت الحكومة 23 وزيرا، بينهم سيدة واحدة و5 منهم من الحكومة الانتقالية التي تشكلت في العاشر من ديسمبر/ كانون أول الماضي لتسيير أمور البلاد.
مناصب قيادية
وُلد خطاب في مدينة جيرود بريف دمشق جنوبي البلاد عام 1987، وشغل منصب نائب القائد العام، ثم عضو مجلس الشورى ومسؤول الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام.
التحق خطاب بجامعة دمشق لدراسة هندسة العمارة، لكنه لم يكمل تعليمه إثر مغادرته إلى العراق في 2008.
عاد إلى سوريا للمشاركة مع الفصائل السورية المسلحة بعد اندلاع الثورة في آذار 2011، وقمع نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ضد المتظاهرين في عدة محافظات بالبلاد.
وأسّس خطاب جهاز استخبارات "هيئة تحرير الشام"، وجهاز الأمن العام التابع للهيئة في محافظة إدلب شمالي البلاد وأداره، وهو جهاز توسع نفوذه ليشمل أغلب المحافظات الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام".
وبعد سقوط نظام الأسد أعلنت القيادة العامة في حكومة تصريف الأعمال السورية تعيين خطاب يوم 26 كانون الأول/ديسمبر 2024 رئيسا لجهاز الاستخبارات العامة بالبلاد.
تحديات صعبة
وتواجه وزارة الداخلية بقيادة خطاب مهمات صعبة، أبرزها إعادة تأهيل المؤسسة الأمنية التي كانت خاضعة لفكر نظام البعث البائد، وتمّ حلّها بشكل كامل بعد إسقاط نظام الأسد.
كما يُطلب من الوزارة الجديدة تقديم خدمات عاجلة للمؤسسات المدنية، لا سيما الشؤون المدنية التي ما تزال تعاني من تبعات الفساد الذي انتهجه نظام الأسد.
أما التحدي الثالث البارز الذي تواجهه وزارة خطاب، فهو ضبط الأمن وملاحقة فلول النظام البائد في عدة محافظات، بعد رفضهم الاندماج في الدولة الجديدة، وإصرارهم على حمل السلاح وبث الفوضى.
وفي كلمته بعد تكليفه بالوزارة، قال خطاب: "ارتبطت صورة وزارة الداخلية في عهد النظام البائد بالبطش والظلم والطغيان، وهذا ما أورثنا مهمة ثقيلة لتعديل هذا المفهوم"، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
وأضاف: "سنسعى لبناء مؤسسات أمنية نقية تحفظ كرامة السوريين وتعينهم على كسب أرزاقهم".
وأشار إلى أن الوزارة "ستعمل على إرساء مؤسسات أمنية يفتخر بها كل سوري شريف ويرسل أبناءه للعمل ضمن صفوفها".
وتعهد خطاب "بالعمل على تطوير عمل الشؤون المدنية من خلال تطوير عمل قاعدة البيانات المدنية، وتفعيل أنظمة الأتمتة والتحول الرقمي لضمان تقديم المزيد من الخدمات مع دقة في الأداء وسهولة في الوصول".
وخلال الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، قال الشرع في كلمة: "في لحظة فارقة من تاريخ أمتنا تتطلب مننا التلاحم والوحدة أقف أمامكم اليوم متوجها إلى كل فرد منكم حاملا آمال كل واحد منكم ونحن نشهد ميلاد مرحلة جديدة".
وأضاف: "نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة".
وتابع: "هذه الحكومة ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة، ولن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا".
وفي 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وأعلنت الإدارة السورية في 29 كانون الثاني/يناير 2025 الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب إلغاء العمل بالدستور، وحل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث.
وفي 13 آذار/ مارس الجاري، وقَّع الشرع إعلانا دستوريا يحدد المرحلة الانتقالية في البلاد بمدة خمس سنوات.
وقالت لجنة الخبراء المكلفة بصياغة الإعلان الدستوري في مؤتمر صحفي حينها، إنها اعتمدت في صياغة الإعلان الدستوري على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في شباط/فبراير 2025.