أفراح في الظلام ومصاعد معطلة.. انقطاع الكهرباء يزيد لهيب صيف المصريين
تاريخ النشر: 2nd, August 2023 GMT
القاهرة- في لهفةٍ دلَف الموظف المصري الشاب "أحمد العبسي" إلى المصعد وضغط على زر الطابق الخامس، ممنيا نفسه بجلسة مريحة تحت هواء المكيف البارد في منزله، بعد يوم مرهق في العمل، زاد صعوبته لهيب الموجة الصيفية التي تخيم على البلاد.
أخذ العبسي يراقب تغير أرقام الطوابق على لوحة المصعد، الذي تجاوز الطابق الثالث، وفجأة يخيم الصمت والظلام على المكان، لقد حدث ما كان يخشاه وانقطع التيار الكهربائي.
لحظات ثقيلة خانقة مرت على الشاب وهو يحاول السيطرة على أعصابه، تتسارع أنفاسه ويسمع دقات قلبه بوضوح، بينما يغمر العرق جسده، وازداد توتره حين أدرك أنه قد يظل حبيسا في المصعد لمدة ساعة على الأقل، وهي الفترة التي ينقطع فيها التيار الكهربائي ضمن خطة حكومية لتخفيف الأحمال لمواجهة الموجة الحارة التي عاشتها مصر ودول أخرى خلال الأسبوعين الماضيين.
10 دقائق مرت على الشاب داخل المصعد المغلق وكأنها 10 سنوات كما يصف في حديثه لمراسل الجزيرة نت، مضيفا أنه حاول مواجهة الموقف العصيب بقراءة ما يحفظ من القرآن، حتى سمع صوت أقدام أحد الجيران يصعد على الدرج، ليستغيث به ويساعده الرجل على الخروج، وهو لا يصدق أنه تجاوز هذه المحنة المفاجأة.
غضب شعبي لاستمرار #أزمة الكهرباء.. والحكومة تطالب المصريين بالترشيد#المسائية #مصر pic.twitter.com/b2dJDG3M2N
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) July 30, 2023
أوقات عصيبةالواقعة التي عاشها الشاب المصري واحدة من قصص معاناة متكررة عاشها المصريون خلال الأيام الماضية نتيجة الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، تزامنا مع موجة شديدة الحرارة تعرضت لها البلاد، لتزيد الصيف لهيبا.
أعراس تحولت فرحتها إلى حزن نتيجة انقطاع الكهرباء لتستكمل "ليلة العمر" على أضواء الهواتف المحمولة، وأجهزة كهربائية تعرضت للتلف نتيجة الانقطاع المتكرر للتيار وعودته المفاجأة، فضلا عن معاناة سكان الأبراج السكنية العالية الذين لا يستطيعون صعود أو نزول 10 أو 15 طابقا على الأقل على أقدامهم، بجانب معاناة الجميع مع الحرارة الشديدة وعدم إمكانية تشغيل أجهزة التبريد.
وبدأت الحكومة منذ أسبوعين خطة غير معلنة التفاصيل لقطع الكهرباء بشكل متكرر في أنحاء البلاد، لمدة ساعة على الأقل في المرة الواحدة، بهدف تخفيف الأحمال عن شبكة الكهرباء في البلاد بسبب الطقس الحار غير المسبوق، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء والمسؤولين.
واستثنت الخطة الحكومية المناطق الساحلية من جدول قطع الكهرباء لعدم التأثير على الحركة السياحية.
ودعت الشركة القابضة لكهرباء مصر المواطنين الأسبوع الماضي إلى تجنب استخدام المصاعد الكهربائية قبل وبعد بداية كل ساعة بـ10 دقائق خشية انقطاع الكهرباء في هذه الفترة، بدون تحديد ساعة بعينها، وهو ما أثار موجة من السخرية والجدل.
هل في حاجة في القانون تسمح بمقضاة شركة الكهرباء عن مشاكل العمل و التلفيات التي تحدث في الأجهزة الكهربائية نتيجة انقطاع الكهرباء بدون سابق انذار؟
— Hany Heiba (@HanyHeiba) July 23, 2023
أجهزة محترقةوأدى عدم إعلان ساعات محددة إلى العديد من المواقف العصيبة للمصريين، كما حدث للعبسي.
وكانت المعاناة الأكبر مع تلف الأجهزة الكهربائية، ورغم عمله كفني كهربائي لم يسلم "طارق محمود" من أضرار انقطاع التيار الكهربائي، حيث تعرضت 3 مبردات في منزله ومنزل أخيه للتلف.
ويتساءل محمود في حديثه للجزيرة نت "من يعوضنا عن هذه الخسائر، ولا سيما في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار الأجهزة الكهربائية المنزلية؟".
ومع تكرار شكاوى المواطنين من تلف الأجهزة الكهربائية، نصح المسؤولون المواطنين بفصل مصدر التيار الكهربائي الرئيسي في المنزل عند انقطاع التيار، وانتظار مدة زمنية بعد عودته للتأكد من استقرار التيار الكهربائي، للحفاظ على أجهزتهم.
فرحة مكسورةاستعدت العروس نيفين عبده لحفل زفافها، ودعت الأهل والأصدقاء والمعارف لمشاركتها فرحة العمر في إحدى قاعات الأفراح المعروفة بمحافظة القاهرة، لكن انقطاع التيار الكهربائي حال دون اكتمال فرحتها.
لم تمض دقائق على بدء مراسم حفل الزفاف حتى انقطع التيار الكهربائي، وأظلمت القاعة إلا من أضواء كاميرات التصوير، واستمر غياب التيار الكهربائي لأكثر من ساعة ونصف.
انكسرت فرحة العروس وتحولت ضحكاتها إلى دموع تبلل خديها، وهي تشاهد المدعوين يغادرون القاعة التي خلت إلا من الأهل وبعض الأصدقاء الذين حاولوا استكمال الحفل على أضواء الهواتف المحمولة.
وتنصل منظمو الحفل ومالكو القاعة من المسؤولية رغم تلف مولد الكهرباء الاحتياطي الموجود بالقاعة، وحين هددتهم العروس باللجوء إلى السوشيال ميديا ألقوا باللائمة على خطة الدولة لتخفيف الأحمال.
وبلهجة حزينة تقول العروس للجزيرة نت إن أصحاب القاعة كسروا فرحتها وحاولوا لاحقا تشويه صورتها وادعاء أن ما نشرته على السوشيال ميديا هو محاولة ابتزاز، مشيرة إلى أنها لم تكتف بالنشر على مواقع التواصل الاجتماعي وإنما لجأت إلى تحرير محضر في قسم الشرطة للحصول على حقها.
مشاريع عملاقة ولكنوالأسبوع الماضي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن حكومته ستعلن خطة جديدة "للتعامل مع أزمة الاستهلاك المتزايد للكهرباء".
واستنكر مدبولي غضب المصريين من انقطاع التيار الكهربائي لمدة 3 ساعات فقط، قائلا إنه لولا المشروعات التي نفذتها الدولة لكانت الكهرباء تعمل لمدة 3 ساعات فقط يوميا.
ونفذت مصر خلال السنوات الماضية عددا من المشروعات لتطوير قطاع الكهرباء، وكان أبرزها التعاقد مع شركة "سينمز" الألمانية لبناء 3 محطات كهرباء عملاقة باستثمارات بلغت حوالي 7 مليارات دولار.
وصرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 13 فبراير/شباط الماضي -خلال القمة العالمية للحكومات في دبي- أن مصر أنفقت على قطاع الكهرباء 1.7 تريليون جنيه (الدولار حوالي 31 جنيها بالسعر الرسمي).
وزادت قدرة شبكة الكهرباء إلى نحو 60 ألف ميغاوات لتغطي قرابة ضعف الحمل الأقصى للاستهلاك، ووصل الفائض بين الإنتاج والاستهلاك إلى نحو 26 ألف ميغاوات عام 2021-2022.
وفي مارس/آذار الماضي صرح وزير الكهرباء المصري محمد شاكر أن "زمن تخفيف الأحمال لن يتكرر في مصر مهما بلغت الأحمال على الشبكة القومية للكهرباء سواء خلال أشهر الصيف أو الشتاء"، وهو ما لم يحدث خلال الأيام الماضية.
خطة جديدة
وأعلنت الحكومة قبل أيام الخطة الجديدة، والتي تشمل تخفيف الأحمال يوميا من ساعة إلى ساعتين بالتناوب بين مناطق الجمهورية المختلفة، ونشرت جدولا بالمواعيد الجديدة لقطع التيار الكهربائي في كل منطقة بدءا من أمس الثلاثاء الأول من أغسطس/آب وحتى سبتمبر/أيلول المقبل.
وأرجع البعض لجوء الحكومة إلى قطع التيار الكهربائي إلى تخفيض حصص الغاز الطبيعي المخصصة لمحطات توليد الكهرباء، وتصديرها للخارج كمصدر للعملة الصعبة في ظل أزمة توفير الدولار التي تعاني منها مصر منذ شهور.
وقفزت صادرات مصر من الغاز الطبيعي بشكل غير مسبوق خلال عامي 2021 و2022 وتجاوزت 8 مليارات دولار.
ورغم تصريحات مسؤولين حكوميين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بتوقف تصدير الغاز بشكل كامل خلال أشهر الصيف، تظهر بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي أن مصر لم تتوقف خلال الأعوام الماضية عن تصدير الغاز خلال أشهر الصيف الحارة (يوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول).
ووفق صفحة التحقق من المعلومات "صحيح مصر" على فيسبوك، جمعت مصر نحو 2.68 مليار دولار من تصدير الغاز المسال خلال أشهر الصيف الثلاثة ما بين عامي 2019 و2022.
وقررت الحكومة استيراد شحنات إضافية من المازوت بقيم تتراوح بين 250 و300 مليون دولار بديلا للغاز لتشغيل محطات الكهرباء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأجهزة الکهربائیة التیار الکهربائی انقطاع الکهرباء انقطاع التیار
إقرأ أيضاً:
ده مش جديد على المصريين.. الرئيس السيسي يوجه رسالة قوية للشعب
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن " احترامي وتقديري للشعب المصري كبير جدًا، لأنه خلال الفترة الأخيرة الصعبة التي تمر على المنطقة وعلى المواطنين في مصر، نجد قوة الشعب وتماسكه، وهذا أمر بالغ يستحق التقدير والاحترام".
وأضاف الرئيس السيسي، خلال احتفال وزارة الأوقاف، بليلة القدر، والذي أقيم بمدينة الفنون والثقافة (قاعة الأوبرا) بالعاصمة الإدارية الجديدة، أن ما يتم من قبل المصريين أمر ليس بجديد، موضحًا:" المصريين في المواقف الصعبة يكون لهم شكل مختلف".
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الله اختصّ "ليلة القدر" الليلة المباركة، بنزول القرآن الكريم، ليكون منهجا لبناء المجتمع وإعماره وتنميته، وإن بناء الأوطان لا يتحقق إلا ببناء الإنسان .. لذلك جعلت الدولة المصرية، الإستثمار في الإنسان نهجا أساسيا، تسعى من خلاله إلى إعداد جيل واع، مستنير، قادر على مواكبة تحديات العصر، ومؤهل للمساهمة فى مسيرة البناء والتنمية، وفق رؤية واضحة، تضع الإنسان فى مقدمة الأولويات.
وأضاف الرئيس السيسي، أن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على هويتنا، وتعزيز القيم الأخلاقية مسئولية مشتركة، تتطلب تضافر جهود جميع مؤسسات بناء الوعى، من الأسرة إلى المدرسة، ومن المسجد والكنيسة إلى وسائل الإعلام.
إننا بحاجة إلى خطاب دينى وتعليمى وإعلامى واع، يرسخ هذه القيم، ويؤسس لمجتمع متماسك، قادر على مواجهة السلوكيات الدخيلة بثبات ورشد.
شعب مصر العظيم لا يسعنى فى هذا المقام، إلا أن أتقدم لكم، بأسمى عبارات الشكر والتقدير، على مواقفكم الصادقة والتصدى بشجاعة وثبات، للتحديات الإستثنائية التى تواجه منطقتنا.
واسمحولي ان اتوقف هنا أمام هذه العبارة لأعرب عن إحترامي وتقديري للشعب المصري خلال هذه الفترة الصعبة التي مرت وما زالت على المنطقة ومصر … تماسك الشعب المصري امر له بالغ التقدير والإعجاب والإحترام.. والحقيقة هذا ليس بجديد على المصريين .. هم في المواقف الصعبة شكل مختلف.. يتجاوزون أي شئ … من أجل ذلك بأسمى وأسمكم أتوجه للشعب المصري بكل الإحترام والإعتزاز … هذا الأمر حقيقة ليس تقدير وإحترام مني فقط ولكن كانت نقطة أثارت إعجاب الكثيرين… لقد أعتقد البعض ان هذه الظروف الصعبة قد نكون لها تأثيرات سلبية، لكن ما حدث هو المتوقع من المصريين…أن موقفكم وصلابتكم أمر مقدر جدا عند الله تعالى… ربنا يقدرنا ويوفقكم أن نعمل كل شئ طيب من أجل مصر والإنسانية.
وإنني على يقين راسخ، بأن وحدتنا التى لا تعرف الإنكسار، وصلابتنا المتأصلة فى نفوسنا، وتمسكنا بقيمنا ومبادئنا الخالدة، ستكون هى المفتاح لعبور كل التحديات، وتجاوز كل الصعاب التى تعترض طريقنا.
ومن هذا المنبر، أجدد التأكيد على أن مصر، ستظل تبذل كل ما فى وسعها، لدعم القضية الفلسطينية العادلة، والسعي الحثيث لتثبيت وقف إطلاق النار، والمضى فى تنفيذ باقى مراحله، وندعو الشركاء والأصدقاء، لحشد الجهود من أجل وقف نزيف الدم، وإعادة الهدوء والإستقرار إلى المنطقة.
ختاما، وفى رحاب هذه الليلة المقدسة، التى تنزل فيها القرآن الكريم، رحمة وهداية للعالمين، أدعو الله ﴿سبحانه وتعالى﴾ أن يوفقنا لما فيه خير بلدنا وأمتنا والإنسانية جمعاء، وأن يكلل مساعينا بالنجاح والتوفيق.
وقال الرئيس إننا بحاجة إلى خطاب دينى وتعليمى وإعلامى واع، يرسخ هذه القيم، ويؤسس لمجتمع متماسك، قادر على مواجهة السلوكيات الدخيلة بثبات ورشد.
وأضاف أن تماسك الشعب المصري أمر له بالغ التقدير والإعجاب والإحترام.. والحقيقة هذا ليس بجديد على المصريين .. هم في المواقف الصعبة شكل مختلف.. يتجاوزون أي شئ … من أجل ذلك بأسمى وأسمكم أتوجه للشعب المصري بكل الإحترام والإعتزاز.
وأضاف الرئيس السيسي: إنني على يقين راسخ، بأن وحدتنا التى لا تعرف الإنكسار، وصلابتنا المتأصلة فى نفوسنا، وتمسكنا بقيمنا ومبادئنا الخالدة، ستكون هى المفتاح لعبور كل التحديات، وتجاوز كل الصعاب التى تعترض طريقنا.
وتحتفل وزارة الأوقاف، بليلة القدر، وتكرم حفظة كتاب الله من الفائزين فى المسابقة العالمية للقرآن الكريم، صباح غد الأربعاء في مركز المنارة الدولى للمؤتمرات، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، وعدد من الوزراء والمسؤولين.