قال وزير الإعلام والثقافة الكويتي عبد الرحمن المطيري اليوم الثلاثاء إن إستراتيجية الوزارة للأعوام (2021 – 2026) قائمة على خلق إعلام مستدام ورائد في صناعة المحتوى الهادف.

وأكد المطيري في كلمته خلال جلسة حوارية بعنوان (دولة الكويت نحو عقد إعلامي جديد) ضمن فعاليات (منتدى الإعلام العربي) المقام في إمارة دبي حرص دولة الكويت على تبني النماذج الإعلامية المتطورة والأساليب الحديثة والمبتكرة في تقديم المحتوى الإعلامي.

وأضاف أن الرؤية الإعلامية الكويتية الجديدة تترجم التوجيهات السامية لحضرة سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وتقوم على أسس “الشفافية والمشاركة المجتمعية وتعزيز المحتوى الاحترافي الهادف وتحسين البنية التحتية لمواكبة أحدث التطورات التكنولوجية”.

وأشار إلى أن الإستراتيجية الموضوعة تهدف إلى بناء منظومة إعلامية متكاملة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة لتوفير منصات إعلامية متعددة تلبي احتياجات المواطن وتزيد من تفاعله مع القضايا الوطنية.

وبين أهمية الإعلام في المرحلة الحالية على تعزيز الحوار المجتمعي الإيجابي من خلال نشر قصص النجاح والتجارب المثمرة التي تسهم في تعزيز الانتماء الوطني.

كما أوضح ضرورة الاعلام في تعزيز قنوات الحوار بين المواطن والمسؤول في الدولة ما يسهم في تقوية النسيج الاجتماعي وتفعيل دور المواطن في التنمية المستدامة.

وحول أهمية المواضيع المطروحة ضمن (منتدى الإعلام العربي) في دورته ال22 قال المطيري إن المحاور الثلاثة الرئيسة للمنتدى التي تتعلق بالنماذج المتطورة للسرد الإعلامي “جوهرية” لافتا إلى أنها تتسق مع ما جاء في إستراتيجية وزارة الإعلام الكويتية (2021 – 2026) لا سيما المحور المتعلق بدور الذكاء الاصطناعي في الإعلام.

وعن تأثير الإعلام على المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنية أضاف إن الإعلام هو أداة الخطاب في الدولة “ومن الممكن أن يكون ركيزة أساسية في صياغة خطاب وطني موحد يعكس القيم المشتركة والتحديات الوطنية وإيجاد الحلول والبدائل واستغلال الفرص بما يساهم في تنمية وازدهار المجتمع”.

ولفت الى أن ذلك يكون من خلال برامج تثقيفية وتوعوية ودراما هادفة ومسرح تنموي “تعزز مشاعر الوحدة والتضامن بين المواطنين”.

وبين في هذا الإطار محورية دور الإعلام في نشر القيم الوطنية وتعزيز الهوية الثقافية من خلال تعزيز الوعي بأهمية التعايش السلمي والتعاون المشترك موضحا أن الإعلام يمكن أن يسهم في بناء مجتمع قوي ومترابط قادر على مواجهة التحديات التنموية”.

أما بالنسبة لسبل تعزيز التعاون الإعلامي الخليجي المشترك أكد المطيري مواصلة العمل مع القائمين على المؤسسات الإعلامية الخليجية لتوحيد الخطاب الإعلامي وتنمية الإعلام الخليجي وتحسين مستوى جودة محتواه وزيادة القدرة على مواجهة التحديات المشتركة.

وأوضح أن العمل الإعلامي المشترك يرتكز على تبادل الخبرات والموارد الإعلامية من خلال إستراتيجية إعلامية خليجية مشتركة في ظل توجيهات قادة مجلس التعاون الخليجي.

وأكد أهمية هذا التعاون في تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بين الشعوب الخليجية وزيادة التفاهم المشترك والتكامل الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الهوية الخليجية المشتركة والوحدة والتنمية المستدامة.

وبالحديث عن التنمية المستدامة في المجتمعات شدد المطيري على أهمية دور الإعلام في دعمها باعتباره أداة توعوية صانعة للخطاب موضحا أن الإعلام يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال “نشر الوعي بأهمية القضايا البيئية والاجتماعية والاقتصادية علاوة على دوره بتشجيع تبني ممارسات مستدامة وتعزيز دور المجتمع في تحقيق التنمية الشاملة”.

وفي هذا السياق أوضح أن الإعلام يساهم في نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والتوازن البيئي ومن خلال برامج توعوية ومبادرات مجتمعية كما يمكن له أن يعزز مشاركة المجتمع في الجهود التنموية ويسهم في بناء مستقبل مستدام للأجيال المقبلة عبر البرامج والمبادرات المتعلقة بالمجتمع والشباب.

وتطرق وزير الإعلام الكويتي خلال الجلسة إلى أن الإعلام باعتباره “قوة ناعمة” يتطلب التركيز على الجودة والمصداقية والإبداع في تقديم المحتوى في وقت يعد فيه كذلك “وسيلة فعالة للدبلوماسية الثقافية والتأثير الإيجابي على الساحة الدولية”.

وأشار في هذا الإطار إلى دور الإعلام في تعزيز مكانة الدولة من خلال تقديم صورة إيجابية تعكس قيم وثقافة المجتمع وتقوده للعالمية بهوية وطنية أصيلة كما يمكنه الإسهام في تعزيز السياحة والاستثمار وجذب الكفاءات العالمية.

وحول الآلية التي يمكن من خلالها تحقيق التوازن بين حرية التعبير وتنظيم الإعلام قال المطيري إن وضع أطر قانونية واضحة وتنظيم الإعلام بشكل يضمن حرية التعبير مع منع انتشار الاشاعات والمعلومات المضللة يعد “أمرا ضروريا للحفاظ على استقرار المجتمع”.

وأوضح أن تحقيق هذا التوازن يتطلب تعاونا بين الحكومة والمؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني لافتا إلى أن التوازن “يعزز من ثقة المجتمع في وسائل الإعلام ويحد من تأثير الأخبار الكاذبة والشائعات ما يسهم في بناء مجتمع واع ومطلع وقادر على اتخاذ قرارات مستنيرة”.

وفي موازاة ذلك سلط الوزير الضوء على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ب”شكل متزن” من خلال الاستخدام المسؤول لها الذي يتطلب وضع سياسات توعوية وتعليمية تعزز من وعي المستخدمين بأهمية التحري عن دقة المعلومات واحترام القيم الثقافية والاجتماعية.

وأضاف أن الاستخدام المتزن لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يسهم في بناء مجتمع رقمي آمن وصحي مشيرا إلى أنه من خلال تعزيز الوعي بالمسؤولية الذاتية “يمكن تقليل تأثير المعلومات المضللة والشائعات ما يعزز استقرار المجتمع وتقدمه”.

ويترأس وزير الإعلام والثقافة عبد الرحمن المطيري وفد دولة الكويت إلى أعمال (قمة الإعلام العربي 2024) التي انطلقت فعالياتها أمس بإقامة (المنتدى الإعلامي العربي للشباب) وتستمر حتى يوم غد الأربعاء.

وشارك الوزير في فعاليات (المنتدى الإعلامي العربي) اليوم الثلاثاء بحضور رؤساء حكومات ووزراء دول في المنطقة العربية التي شهدت أيضا حضور القنصل العام لدولة الكويت في دبي والإمارات الشمالية السفير علي الذايدي وأركان القنصلية.

وتعد (قمة الإعلام العربي) التي ينظمها نادي دبي للصحافة برعاية نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تجمعا إعلاميا هو “الأكبر في المنطقة” يشارك فيه نخبة من الإعلاميين والكتاب والمفكرين من مختلف أنحاء الوطن العربي لبحث تطوير صناعة الإعلام وتحسينها وبناء جسور التواصل والتفاهم.

وتناقش دورة هذا العام واقع ومستقبل القطاع الإعلامي وفرص التعاون الممكنة بين مؤسسات الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع والرقمي من أجل النهوض بقدرات الإعلام العربي.

المصدر كونا الوسومصناعة المحتوى وزير الإعلام

المصدر: كويت نيوز

كلمات دلالية: صناعة المحتوى وزير الإعلام التنمیة المستدامة الإعلام العربی وزیر الإعلام یسهم فی بناء الإعلام فی أن الإعلام فی تعزیز من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

وسائل الإعلام في مجتمعات ما بعد النزاع: بين الهيمنة والتحرر

ما هي وسائل الإعلام الرسمية؟

تُعرّف وسائل الإعلام الرسمية الناطقة باسم الدولة على أنّها صوت السلطة التنفيذية المُعبر عن رؤيتها وأهدافها، إذ تعمل على توجيه الرأي العام، وتعزيز الشرعية، وبناء الهوية الوطنية، وتعكس هذه الوسائل هيمنة الدولة الثقافية من خلال إنتاج وإعادة إنتاج قيم ومعايير مجتمعية تتماشى مع التوجهات الرسمية، محققة التماسك الاجتماعي والسياسي، أي أنّها أداة الدولة في تشكيل الوعي الجمعي وإدارة الواقع الاجتماعي والسياسي.

ما هي فلسفة الحرية في الإعلام الرسمي؟

حرية الإعلام الرسمي الناطق باسم الدولة هي مسألة ذات بعدين فلسفيين متداخلين: الأول يتعلق بطبيعة السلطة والدولة، والثاني يرتبط بفكرة الحرية نفسها. في الإطار الفلسفي للسلطة والدولة، يُنظر إلى الإعلام الرسمي بوصفه أداة لبث الرؤية الرسمية وتوجيه الرأي العام وفقا لمصالح الدولة وأهدافها. بذلك، الإعلام الرسمي يعكس الحدود التي ترسمها السلطة لما يمكن أن يُقال وما يجب أن يُحجب، وهو بطبيعته مقيد بمتطلبات الاستقرار والسيطرة.

أما بالنسبة لفكرة الحرية، فإنها تحمل في طياتها جدلا حول ماهية الحرية وحدودها. هل الحرية تعني الغياب التام للقيود؟ أم أنها تستلزم بعض الانضباط لتحقيق الخير العام؟ في حالة الإعلام الرسمي، الحرية تأخذ شكلا محدودا وموجها، حيث يُخلق التوازن بين نقل الحقائق والوقائع من جهة، وبين الحفاظ على النظام الاجتماعي والسياسي من جهة أخرى.

ومن هنا، إذا اعتبرنا أن الحرية المثلى هي التي تمكن الفرد من التعبير عن ذاته دون قيود تعسفية، فإن الإعلام الرسمي يعيش تناقضا جوهريا: فهو يسعى لتحقيق رسالته في نشر المعلومات والحقائق، ولكنه في الوقت ذاته ملزم بتوجيه الرسائل بما يتوافق مع السياسة الرسمية. هذا التناقض الفلسفي يعكس التحدي الأساسي الذي يواجه الإعلام الرسمي في المجتمعات المختلفة.

بالتالي، حرية الإعلام الرسمي ليست مطلقة، بل هي حرية نسبية تخضع لمعادلة معقدة من القيود والسياسات والأهداف الرسمية. هذا يعني أن الإعلام الرسمي يعمل ضمن إطار محدد يرسمه السياق السياسي والاجتماعي، حيث يسعى للحفاظ على توازن دقيق بين الحرية والتوجيه، وبين الحقيقة والمصلحة العامة. هذا التوازن يعكس الفلسفة العميقة التي تقف وراء مفهوم الإعلام الرسمي كأداة للسلطة ومرآة للمجتمع.

ما هي وسائل الإعلام غير الرسمية؟

تشكل وسائل الإعلام غير الرسمية انعكاسا للوعي المجتمعي المستقل والمتنوع، الذي يتجاوز الحدود الرسمية والتوجيهات الحكومية، إذ تنبثق هذه الوسائل من قاع المجتمع لتعبر عن الأصوات المختلفة التي قد لا تجد لها مكانا في المنابر الرسمية، كما تُعد هذه الوسائل ساحة حرة للحوار والنقد، حيث يُسمح للأفراد والمجموعات بالتعبير عن آرائهم وتجاربهم بعيدا عن القيود المؤسسية.

بل يمكن النظر إلى وسائل الإعلام غير الرسمية بوصفها أداة لتحقيق الحرية الفكرية وتحدي السلطة، فهي تمثل التجسيد العملي لفكرة المجتمع المدني، حيث يمكن للأصوات المتعددة والمختلفة أن تُسمع وتُناقش بحرية، وتعتمد هذه الوسائل على القدرة على الوصول إلى الجمهور بدون المرور عبر الفلاتر الرسمية، مما يجعلها مصدرا غنيا للمعلومات غير المتحيزة والتعبيرات الصادقة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الإعلام غير الرسمي يتنوع بين المدونات، ووسائل التواصل الاجتماعي، والقنوات المستقلة، والمواقع الإخبارية البديلة. وهو يساهم في تشكيل الرأي العام بطرق جديدة ومبتكرة، إذ يتيح للمجتمع المدني الفرصة للتعبير عن ذاته، ومراقبة القوى الحاكمة، وتقديم بدائل للروايات الرسمية.

ومن هنا، يمكن القول: تعبر وسائل الإعلام غير الرسمية عن الدينامية والتحول في المجتمع، حيث تتفاعل الأفكار وتتحد الأصوات المختلفة لتشكل فسيفساء معقدة من التجارب الإنسانية والرؤى الفكرية. فهي وسيلة للمقاومة الثقافية والابتكار الفكري، وهي تعبير عن تنوع الحياة الإنسانية وثرائها.

ما العلاقة بين وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية في نطاق الدولة؟

العلاقة بين وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية في نطاق الدولة هي علاقة تكامل وتوازن، حيث يمثل كل منهما جانبا من جوانب التعبير والسلطة في المجتمع. الإعلام الرسمي يعبر عن الصوت المؤسسي للدولة، ويهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي من خلال بث الروايات الرسمية والسياسات الحكومية. في المقابل، يمثل الإعلام غير الرسمي فسحة للتعددية والحرية الفكرية، حيث يعكس تنوع الآراء والتجارب الفردية.

فلسفيا، يمكن اعتبار الإعلام الرسمي وسيلة للهيمنة الثقافية وتوجيه الرأي العام، بينما يمثل الإعلام غير الرسمي مجالا للمقاومة والتحرر من القيود المؤسسية. هذه العلاقة الديناميكية تعكس توازن القوى في المجتمع، حيث يسعى الإعلام غير الرسمي لمساءلة السلطة وتقديم بدائل للروايات الرسمية.

هذا التفاعل المستمر بين الإعلام الرسمي وغير الرسمي يخلق حوارا داخليا في المجتمع، يعزز من حيوية الفضاء العام ويدعم الديمقراطية من خلال توفير منصات متعددة للتعبير والنقد. في النهاية، تكمن العلاقة في توازن دقيق بين السيطرة والتحرر، بين الوحدة والتعددية، وبين التوجيه والمساءلة.

كيف نبني المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية بعد فترات النزاع؟

إعادة بناء المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية بعد فترات النزاع تتطلب رؤية فلسفية عميقة تتجاوز مجرد استعادة الهياكل والأنظمة، لتشمل إعادة تكوين الروح المجتمعية والهوية الثقافية والسياسية للمجتمع.

أولا، يجب النظر إلى الإعلام كأداة لتحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة. المؤسسات الإعلامية يمكن أن تكون جسرا لتعزيز التفاهم المشترك وتهدئة الصراعات، من خلال تقديم روايات متعددة تشمل جميع الأطراف المعنية. فالإعلام يجب أن يتحلى بالشفافية والمصداقية، ليكون مصدرا للثقة والاحترام المتبادل بين جميع أفراد المجتمع.

ثانيا، ينبغي أن تكون المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية مستقلة وحرة من التدخل السياسي. هذا يتطلب وضع أطر قانونية تضمن حرية الصحافة وتحمي الصحفيين من التعرض للضغوط أو التهديدات. فاستقلالية الإعلام تسمح بتقديم تقارير نزيهة وغير منحازة، مما يساهم في بناء مجتمع ديمقراطي حر.

ثالثا، التعليم والتدريب المهني للصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي يجب أن يكون محوريا في عملية البناء. برامج التدريب يجب أن تركز على تعزيز مهارات البحث والتحليل والنقد، إلى جانب تعزيز القيم الأخلاقية والمهنية في العمل الإعلامي. التعليم الإعلامي يعزز من قدرات الصحفيين على تقديم تقارير دقيقة وشاملة، ويعزز من قدرتهم على المساهمة في بناء مجتمع مستنير ومتعلم.

رابعا، يجب أن تكون هناك منصات إعلامية تعزز الحوار والمشاركة المجتمعية. وسائل الإعلام يجب أن تكون ساحة للتعبير عن الأصوات المختلفة والتجارب المتنوعة، مما يعزز من التعددية والشمولية. هذه المنصات يمكن أن تكون وسائل لتعزيز التفاهم وبناء جسور التواصل بين مختلف مكونات المجتمع.

في النهاية، بناء المؤسسات الإعلامية بعد فترات النزاع يتطلب رؤية شاملة تأخذ في اعتبارها الأبعاد الاجتماعية والثقافية والسياسية للمجتمع. الإعلام يجب أن يكون أداة للتفاهم والتواصل، وتعزيز الحرية والعدالة، وبناء مستقبل مشترك ومستدام لجميع أفراد المجتمع. هذا يتطلب التزاما جماعيا بالقيم الديمقراطية والحرية الفكرية، والعمل بروح التكاتف والتضامن لإعادة بناء النسيج المجتمعي المتضرر.

ما تحديات بناء المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية بعد فترات النزاع، وكيف نتجاوز هذه التحديات؟

إعادة بناء المؤسسات الإعلامية بعد فترات النزاع يتطلب التعامل مع العديد من التحديات السياسية، الاجتماعية، الثقافية، والاقتصادية. في الفترات ما بعد النزاع، غالبا ما تكون هناك انقسامات سياسية حادة وفجوات ثقة بين الجماعات المختلفة، مما يجعل الإعلام الرسمي عرضة للتسييس وعدم الاستقلال. تحتاج هذه المؤسسات إلى إطار قانوني صارم يضمن استقلالية الإعلام وحمايته من التدخلات السياسية، مع تشجيع سياسات الشفافية والمساءلة لضمان أن الإعلام يخدم المصلحة العامة.

على الصعيد الاجتماعي، تكون المجتمعات الخارجة من النزاعات متشرذمة ومليئة بالشكوك، مما يجعل بناء جمهور متجانس للإعلام غير الرسمي تحديا كبيرا. يتطلب الأمر بناء جسور التواصل بين المجتمعات المختلفة وتشجيع الحوار المفتوح. والتدريب والتثقيف الإعلامي يلعبان دورا حاسما في تعزيز الوعي النقدي وتشجيع المشاركة المجتمعية الفعالة.

الثقافات واللغات المتنوعة تزيد من تعقيد مهمة الإعلام في تقديم رسائل شاملة وموحدة، ويجب أن يُعنى بتوفير منصات تعكس هذا التنوع الثقافي واللغوي بشكل منصف. الإعلام يجب أن يكون متاحا بلغات متعددة وأن يمثل مختلف الثقافات لتعزيز الشمولية والعدل.

على المستوى الاقتصادي، تتسم الفترات بعد النزاع بضعف الموارد المالية والبنية التحتية، مما يعيق قدرة المؤسسات الإعلامية على العمل بفعالية. الدعم المالي والتقني من المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية يصبح ضروريا، بما في ذلك توفير صناديق دعم للإعلام المستقل وبرامج تدريبية للصحفيين.

نقص التدريب والمهارات لدى الصحفيين يشكل تحديا كبيرا لجودة الإعلام المقدم، ولذا ينبغي التركيز على برامج تدريب مستمرة لتعزيز المهارات الصحفية والأخلاق المهنية. التعليم الإعلامي يعمل على تحسين جودة الصحافة وتقديم معلومات دقيقة وموثوقة.

لتجاوز هذه التحديات، ينبغي اعتماد نهج شامل يضم التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والمجتمع الدولي. إعادة بناء الثقة بين الجماعات المختلفة يتطلب وسائل إعلامية شفافة ومستقلة تعزز التنوع والشمول. التحدي الرئيسي يكمن في تحقيق توازن بين الحماية والاستقلالية، وبين الوحدة والتعددية، وبين الحرية والمسؤولية. بناء مؤسسات إعلامية قوية يتطلب رؤية شاملة وفلسفية تهدف إلى إعادة بناء الهوية المجتمعية وتعزيز التفاهم والمصالحة في مجتمع ما بعد النزاع.

مقالات مشابهة

  • عميد «تجارة كفر الشيخ»: نقلة نوعية شاملة لخلق بيئة تعليمية متكاملة
  • «الوطن» تشارك في ملتقى توظيف وتدريب الطلبة والخريجين بـ«إعلام القاهرة»
  • غدا بدء الملتقى العربي لطلبة الدراسات العليا في علوم الإعلام والاتصال
  • وسائل الإعلام في مجتمعات ما بعد النزاع: بين الهيمنة والتحرر
  • بريطانيا تعلن خططا بمليارات الجنيهات لتعزيز صناعة الصلب
  • المنتدى السعودي للإعلام.. حدث محوري في دعم الكنوز الإبداعية
  • باخد 2.5 مليون دولار.. عمرو أديب: مهنة الإعلام بالعالم العربي ليست سهلة
  • المنتدى السعودي للإعلام.. حدث محوري لتطوير وتمكين قطاع الإعلام
  • نشرة التوك شو| استعدادات الحكومة لاستقبال رمضان ومستر بيست يكشف سر نجاحه في صناعة المحتوى
  • تدشين فعاليات الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025