كيف أصبحت إسرائيل منقسمة أكثر من أي وقت مضى؟
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
نشر موقع ميدل إيست آي البريطاني مقالا للصحفية والناشطة السياسية أورلي نوي، تحدثت فيه عن الانقسام الحاد داخل المجتمع الإسرائيلي.
وتاليا الترجمة الكاملة للمقال:
نهاية الحرب في غزة، التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتركت إسرائيل -التي تواجه اتهامات بالإبادة الجماعية- في حالة تغير عميق؛ ليست في الأفق.
وكان هذا واضحًا بالتأكيد خلال طقوس الربيع في البلاد، والتي بدأت بيوم الذكرى، تكريمًا للجنود الذين سقطوا، واستمرت حتى اليوم الذي احتفلت فيه إسرائيل بالذكرى السادسة والسبعين لتأسيسها، في 13 أيار/مايو، فيما كان تقليديًا تعبيرًا رمزيًا قويًا عن الإخلاص اليهودي الإسرائيلي الموحد للسرد الوطني الصهيوني.
وفي هذا العام، لم يبق أي أثر لتلك الوحدة.
وظهر الصدع بوضوح مؤلم عشية عيد الاستقلال؛ حيث بثت القناة 12 شاشة منقسمة، وعلى أحد الجوانب أقيمت مراسم إيقاد الشعلة الرسمية ـ والتي تم تصويرها هذه المرة مسبقًا، من دون جمهور، كما هو الحال في أفضل الدكتاتوريات المستنيرة.
وعلى الجانب الآخر، شاهدنا احتفالية “إشعال المنارات” التي نظمتها أهالي رهائن 7 تشرين الأول/أكتوبر، في تحدي يائس للدولة واستمرار تخليها عن أحبائهم.
وظهرت ازدواجية مختلفة في يوم الاستقلال نفسه؛ حيث شاركت حشود من النشطاء الفلسطينيين واليهود في الاحتجاجات، بما في ذلك مسيرة العودة السنوية، بمناسبة مرور 76 سنة على النكبة.
وفي الوقت نفسه، انضم آلاف اليهود إلى “مسيرة غزة” الخاصة بهم في سديروت للاحتفال بالاستقلال على خلفية الدخان المتصاعد من الأراضي المحاصرة، ويبدو أنهم سعداء برؤية النيران تشتعل في غزة بينما يخططون لكيفية البناء على أنقاضها.
النضال من أجل العدالة
لقد تم تقليص مسيرة العودة الفلسطينية التي تم تنظيمها في يوم النكبة هذه السنة إلى بضع مئات من الأمتار فقط ، وعلى عكس السنوات السابقة، لم ينتهي بها الأمر في موقع القرى النازحة.
ومع ذلك، حتى تلك المئات من الأمتار، كانت كافية كدليل قوي على الهوية الفلسطينية الفخورة، الحاضرة جدًا، والواعية والمتذكرة، لإدامة المطالبة بالعدالة في بلد يغيب عنه هذا بشكل أساسي.
العدالة للنازحين؛ العدالة لغزة؛ العدالة للسجناء السياسيين، العدالة ومحاربة النسيان.
ولا يمكن للمرء إلا أن يتخيل آثار هذا العرض للوكالة السيادية على الأطفال الصغار الذين حملهم آباؤهم على أكتافهم في المسيرة.
وظهر أطفال صغار أيضًا في مقاطع فيديو من مسيرة اليمين في سديروت؛ حيث كُتب على اللافتات: “مسيرة من أجل الاستقلال في الطريق إلى غزة”، هل شرح هؤلاء الآباء المشاركين في المسيرة لأطفالهم كيف قام الشباب اليهود بتدمير قوافل المساعدات التي كانت تهدف إلى إنقاذ الأطفال الآخرين الذين كانوا يتضورون جوعا حتى الموت على مسافة قصيرة؟
بينما كان الأطفال الفلسطينيون يتجولون بين أكشاك الكتب في تجمع يوم النكبة بالقرب من شفا عمرو للتعرف على تاريخهم، ما الذي تعلمه الأطفال اليهود في سديروت أثناء احتفالهم بنزهة عائلية تتخللها أصوات الانفجارات فوق غزة، القريبة بما يكفي لدرجة يمكن لمسها؟
عندما رأى الأطفال الفلسطينيون في الاحتجاجات الناشطين اليهود يخرجون لإظهار التضامن، ويستقبلونهم بشرف وتقدير، ماذا تعلم الأطفال اليهود في سديروت عن الأطفال الفلسطينيين، الذين جاء آباؤهم للاحتفال بكارثتهم؟
الفاشية تتوسع
خلال جيل أو جيلين آخرين، ستكون كلتا المجموعتين من الأطفال هم البالغون الذين يشكلون المساحات المدنية المشتركة في هذا البلد، وهذه المساحات تتقلص باستمرار؛ إن فكرة المواطنة المشتركة ليس لها معنى كبير في إسرائيل اليوم.
فالقومية والتمييز يتصاعدان، والفاشية تتوسع بسرعة مذهلة، واليهود الإسرائيليون لم يعيروا قط اهتمامًا جديًا بالمعنى الكامل للمواطنة، لأن حقوقهم كانت محمية بفضل انتمائهم الوطني، ولكن ما حدث منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر يثبت أن وضعنا المدني الضعيف يعرضنا نحن اليهود الإسرائيليين للخطر.
إن تخلي الحكومة عن الرهائن الإسرائيليين يشكل تعبيرًا مؤسفًا بشكل خاص عن هذا الخطر، وعندما تكون المصالح القومية على المحك، فإن واجبات الدولة تجاه مواطنيها تُدفع جانبًا وتفقد معناها.
وينطبق الشيء نفسه على الرهائن وآلاف الأشخاص في إسرائيل الذين شردوا من منازلهم خلال هذه الحرب، ومع انشغال الدولة بهدف “النصر الشامل” من أجل الوطن، تصبح احتياجات المواطنين وحقوقهم بلا معنى، ناهيك عن كونهم مصدر إزعاج.
إذا دافعوا عن حقوقهم، فإن “العدو” سيفعل ذلك أيضًا، ويكفي أن نرى مدى عنف الشرطة في التعامل مع أهالي الرهائن عندما يطالبون بالإفراج عنهم بطريقة أقل أدبًا، ويحثون الدولة على إدراك مسؤوليتها التي تواصل إهمالها عن حياة المواطنين.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال الصهيونية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سدیروت
إقرأ أيضاً:
ثلاثة كل يوم.. مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان خلال شهرين
أعلن المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف، جيمس إلدر، مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان جراء الحرب المتصاعدة منذ أواخر سبتمبر الماضي بين إسرائيل وحزب الله.
وقال إلدر، في مؤتمر صحفي الثلاثاء في جنيف السويسرية، إن هؤلاء الأطفال قتلوا "خلال أقل من شهرين"، بمعدل أكثر من ثلاثة أطفال كل يوم، بينما يعاني كثيرون آخرون من إصابات وصدمات نفسية.
وأعرب عن قلقه إزاء ما وصفها بـ"اللامبالاة" إزاء هذه الوفيات من جانب القادرين على وقف هذا العنف، إذ "لا يثير قتلهم أي ردة فعل ذات معنى لدى أصحاب النفوذ"، وفق تعبيره.
وأضاف "لا تُسمع صرخات الأطفال، وصمت العالم يزداد صماً للآذان، ومرة أخرى نسمح لما لا يمكن تصوره بأن يصبح مشهد الطفولة وضعا طبيعيا جديدا وهذا مروع وغير مقبول".
في #لبنان، أصبح مئات الآلاف من الأطفال والنساء بلا مأوى، وتم استهداف المرافق الصحّية، وأغلقت المدارس، وظهرت علامات...
Posted by UNICEF Lebanon on Tuesday, November 19, 2024وتحدث مسؤول اليونيسيف عن الأحداث التي جرت خلال الأيام العشرة الماضية، وأثرها على الأطفال. ففي 10 نوفمبر الجاري "قُتل 7 أطفال من نفس العائلة الممتدة"، وفق إلدر الذي قال إن "أفراد الأسرة الـ27 الذين قتلوا جميعا كانوا يبحثون عن مأوى في جبل لبنان بعد فرارهم من العنف في الجنوب".
وفي اليوم التالي، قُتل طفلان آخران مع والدتهما، وأصيب عشرة آخرون، فيما قتل يوم 12 نوفمبر 13 طفلا وأصيب 13 آخرون بجراح، من بينهم أحمد البالغ من العمر 8 سنوات، وهو الآن الناجي الوحيد من الغارة.
ويوم 13 نوفمبر، قُتل 4 أطفال بعد أن حاولوا الفرار من القتال في الجنوب، وشهد اليوم الذي تلاه مقتل ثلاثة أطفال آخرين وإصابة 13 بجراح، بحسب ما قال إلدر.
وفي 16 نوفمبر، قُتل 5 أطفال بينهم ثلاثة من عائلة واحدة. ومن بين المصابين، سيلين حيدر، لاعبة كرة قدم شابة في المنتخب الوطني اللبناني. وهي في غيبوبة بسبب شظية في رأسها، تطايرت من صاروخ أصاب العاصمة بيروت، أثناء محاولتها إخلاء المنطقة.
أما الأحد الماضي، فقد قتلت فتاتان توأمان تبلغان من العمر 4 سنوات، وفق إلدر.
وقال إنه "يأمل ألا يشهد العالم مجددا نفس مستوى القتل الدموي للأطفال في غزة، على الرغم من وجود أوجه تشابه تقشعر لها الأبدان بالنسبة للأطفال في لبنان" على حدّ تعبيره.
وإضافة للقتل، فإن حال بقية الأطفال في البلد الذي يتعرض لغارات إسرائيلية بشكل شبه يومي خصوصاً في الجنوب حيث يتركز مقاتلو حزب الله، ليس مطمئناً.
وأوضح إلدر أن مئات الأطفال أصبحوا بلا مأوى، كما تم تدمير الكثير من البنى التحتية التي يحتاجها الأطفال، مثل المرافق الصحية. ولغاية 15 نوفمبر، قتل أكثر من 200 عامل في القطاع الصحي، وأصيب 300، بحسب بيانات وزارة الصحة العامة اللبنانية.
وعلى الرغم من الجهود التي بُذلت في أوائل نوفمبر لفتح بعض المدارس أبوابها أمام الأطفال في لبنان، فقد أُغلقت جميعها مرة أخرى، نظرا لتوسع نطاق الهجمات خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفق تأكيد إلدر.
وتابع أن هناك تأثيرا نفسياً "خطيرا" على الأطفال. فقد أصبحت علامات الاضطراب النفسي "مقلقة وواضحة بشكل متزايد".
ومنذ بدء تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر 2023، أحصت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 3544 قتيلا و15036 جريحا، وفق آخر حصيلة، بينما قُتل 124 إسرائيلياً وفق بيانات رسمية.