قالت صحيفة "غارديان" البريطانية، إن الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، يوسي كوهين، "هدد" المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، "أكثر من مرة خلال اجتماعات سرية، للضغط عليها من أجل التخلي عن التحقيق في جرائم حرب بالأراضي الفلسطينية".

ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي مطلع قوله، إن "هدف الموساد كان مساومة المدعية العامة بالخطر أو التعاون، فيما يتعلق بمطالب إسرائيل".

فيما قال مصدر آخر إن كوهين كان بمثابة "الرسول غير الرسمي" لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو.

وتأتي هذه المعلومات كجزء من تحقيق صحفي تجريه "غارديان" بالتعاون مع مجلة "+972" الإسرائيلية الفلسطينية، ومجلة "Local Call " الناطقة باللغة العبرية، والذي يكشف كيف أدارت وكالات المخابرات الإسرائيلية "حربا سرية" ضد المحكمة الجنائية الدولية لمدة تقترب من العقد، وفقا لما ذكرت الصحيفة البريطانية.

وحسب "غارديان"، فإن الاجتماعات بين كوهين وبنسودا "جرت في السنوات التي سبقت قراراها بفتح تحقيق رسمي" في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية عام 2021، وهو التحقيق الذي بلغ ذروته، قبل أسبوع، بعد إعلان خليفة بنسودا، المدعي العام الحالي، كريم خان، أنه يسعى لإصدار مذكرة اعتقال بحق نتانياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت.

بعد طلب مدعي "الجنائية الدولية".. ماذا ينتظر قادة إسرائيل وحماس؟ أثار طلب المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف ضد مسؤولين إسرائيليين وعدد من قادة حماس، التساؤلات حول مدى إمكانية تطبيق تلك الطلبات على أرض الواقع، وما هي آليات المحكمة لتنفيذ ذلك؟

وقالت 4 مصادر للصحيفة، إن بنسودا "أطلعت مجموعة صغيرة من كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية على محاولات كوهين التأثير عليها".

وكان 3 من تلك المصادر على دراية بإفصاحات بنسودا الرسمية للمحكمة الجنائية الدولية حول هذه المسألة، حيث قالوا إنها "كشفت أن كوهين مارس ضغوطا عليها في عدة مناسبات لعدم المضي قدما في تحقيق جنائي في قضية فلسطين أمام المحكمة الجنائية الدولية".

ووفقا للروايات التي تمت مشاركتها مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، يُزعم أن كوهين قال لها: "يجب عليك مساعدتنا ودعينا نعتني بك. أنت لا تريدين التورط في أشياء يمكن أن تعرض أمنك أو أمن عائلتك للخطر".

وحسب الصحيفة البريطانية، فقد اهتم الموساد أيضا "بأفراد عائلة بنسودا، وحصل على نسخ من تسجيلات سرية رفقة زوجها"، وفقا لما قال مصدران على دراية مباشرة بالأمر، موضحين أن "مسؤولين إسرائيليين حاولوا استخدام هذه المواد لتشويه سمعة المدعية العامة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل تلقت دعما من الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية، جوزيف كابيلا، الذي لعب دورا في عملية الضغط على بنسودا".

وتعليقا على ذلك، قال متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في اتصال مع "غارديان"، إن "الأسئلة المقدمة إلينا مليئة بالعديد من الادعاءات الكاذبة التي لا أساس لها، والتي تهدف إلى إيذاء دولة إسرائيل".

فيما لم يستجب كوهين لطلب التعليق. ورفضت بنسودا التعليق.

إجابة السؤال المهم.. ماذا بعد تحرك مدعي "الجنائية الدولية" بشأن قادة إسرائيل وحماس؟ تسعى المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال بحق قادة في حركة حماس، على رأسهم يحيى السنوار، وإسماعيل هنية، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه، يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فيما يتعلق بهجمات 7 أكتوبر على إسرائيل والحرب التي تلت ذلك

وفي 20 مايو الجاري، طالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير الدفاع (يوآف غالانت)، بجانب 3 من قيادات حركة حماس، بدعوى "ارتكاب جرائم حرب".

وأصدر المدعي العام، كريم خان، بيانا طلب فيه من الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية، "إصدار أوامر قبض فيما يتصل بالحالة في دولة فلسطين".

وشملت تلك الطلبات بجوار نتانياهو وغالانت، قادة حماس يحيى السنوار، وإسماعيل هنية، ومحمد دياب (الضيف).

وأضاف البيان أن الثلاثي الأخير "يتحملون المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية المرتكبة في أراضي إسرائيل ودولة فلسطين (في قطاع غزة) اعتبارا من السابع من أكتوبر 2023 على الأقل".

وتابع خان في البيان: "استنادا إلى الأدلة التي جمعها مكتبي وفحصها، لدي أسباب معقولة للاعتقاد بأن بنيامين نتانياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ويوآف غالانت، وزير الدفاع في إسرائيل، يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة) اعتبارا من الثامن من أكتوبر 2023 على الأقل".

وفيما يتعلق بنتانياهو وغالانت، أشار خان إلى أن الجرائم التي يعتقد أنهما يتحملان مسؤوليتها، فهي "تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب باعتباره جريمة حرب، وتعمد إحداث معاناة شديدة، أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة أو المعاملة القاسية باعتبارها جريمة حرب".

وأيضا "القتل العمد أو القتل باعتباره جريمة حرب، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين باعتباره جريمة حرب، والإبادة و/أو القتل العمد، بما في ذلك في سياق الموت الناجم عن التجويع، باعتباره جريمة ضد الإنسانية، والاضطهاد باعتباره جريمة ضد الإنسانية".

وتابع البيان فيما يتعلق بنتانياهو وغالانت، بأن "الجرائم ضد الإنسانية التي وُجِّه الاتهام بها قد ارتُكبت في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين عملا بسياسة الدولة. وهذه الجرائم مستمرة، في تقديرنا، إلى يومنا هذا".

ودفع المدعي العام بأن الأدلة التي جمعها "تثبت أن إسرائيل تعمدت حرمان السكان المدنيين في كل مناطق غزة بشكل منهجي من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم الإنساني".

وتابع بيان المدعي العام أن "لإسرائيل الحق في اتخاذ إجراءات للدفاع عن سكانها، شأنها في ذلك شأن الدول كلها. إلا أن هذا الحق لا يُعفي إسرائيل أو أي دولة من التزامها بالانصياع للقانون الدولي الإنساني. وبغض النظر عن أي أهداف عسكرية قد تكون لدى إسرائيل، فإن الأساليب التي اختارتها لتحقيق هذه الأهداف في غزة – وهي تعمد التسبب في الموت والتجويع والمعاناة الشديدة وإلحاق الإصابات الخطيرة بالجسم أو بالصحة بالسكان المدنيين – تعد أساليب إجرامية".

واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل نحو 36 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الوزراء الإسرائیلی ضد الإنسانیة المدعی العام فیما یتعلق جریمة حرب جرائم حرب

إقرأ أيضاً:

مات في الزنزانة.. أول رئيس دولة لاحقته المحكمة الجنائية الدولية (فيديو)

في إحدى ضواحي العاصمة الصربية بلجراد، ألقت السلطات اليوغوسلافية القبض على الرئيس السابق سلوبودان ميلوسوفيتش، في أبريل 2001، بعد الإطاحة به بعام واحد، لتقرر تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، ليكون أول رئيس يخضع للمسائلة في «لاهاي» بتهم ارتكاب جرائم إبادة، خلال الحروب في البوسنة وكرواتيا وكوسوفو.

وصول سلوبودان ميلوسوفيتش إلى السلطة

في عام 1987، أصبح ميلوسوفيتش رئيسا لرابطة شيوعيي صربيا، واعتبر مخلصا للصرب في إقليم كوسوفو ذي الغالبية الألبانية، ليستخدم بعد ذلك شعبيته المتزايدة للإطاحة بمعلمه السابق ستامبوليتش في ديسمبر من العام نفسه بصفته زعيم حزب صربيا، بحسب «أسوشيتد برس».

التخلص من إيفان ستامبوليتش

ولاحقا تمكن من التغلب على خصمه ومرشده السابق إيفان ستامبوليتش، إذ طرده من رئاسة صربيا عام 1989، وانتخب ميلوسوفيتش رئيسا للبلاد، وأسس الحزب الاشتراكي الصربي، وفي عام 1990 أجرى ميلوسوفيتش تغييرات في الدستور الصربي حدت من استقلالية المقاطعات، حيث ألغى ميلوسوفيتش نظام الحكم الذاتي الذي منح في عام 1974 لكوسوفو، حيث توجد غالبية ألبانية، مكرسا تفوق الصرب في هذا الإقليم، وحظي قراره بتأييد واسع من الرأي العام المحلي.

انفصال سلوفينيا وكرواتيا ومقدونيا 

وحولت القوات الصربية في عهده مدينة فوكوفار الكرواتية إلى خراب، لكنه تلقى هزيمة عام 1991 حيث انفصلت كل من سلوفينيا وكرواتيا ومقدونيا عن اتحاد جمهوريات يوغسلافيا، الذي كانت تقوده صربيا، كما حارب ميلوسوفيتش في كرواتيا وخرج مهزوما في سلافونيا الشرقية.

حرب البوسنة

بعد 3 سنوات من الحرب الشاملة في البوسنة، خلف حصار سراييفو الذي استمر من عام 1992إلى 1995 مقتل أكثر من 8 آلاف مسلم في مجزرة في سربرينيتشا وحدها.

ولاحقا اضطر ميلوسوفيتش نيابة عن صرب البوسنة إلى توقيع اتفاقية دايتون في نوفمبر من العام 1995 وبالتالي إنهاء القتال في البوسنة بشكل فعال، متخليا عن جزء كبير من حلم صربيا، لكنه في عام 1998 أصر على إبادة الألبان في إقليم كوسوفو، بعد تشكيله ائتلافا مع القوميين المتشددين.

حملة حلف «ناتو» على صربيا

وفي عام 1999 قامت قوات «ناتو» بحملة قصف جوي عنيف على صربيا، استمرت 11 أسبوعا، لمنع ميلوسوفيتش من مواصلة تنفيذ سياسة التطهير العرقي في كوسوفو، وأجبرت القوات الصربية على الانسحاب من الإقليم.

جرائم ميلوسوفيتش والمحكمة الجنائية الدولية

وجهت إلى ميلوسوفيتش لائحة اتهام في مايو 1999، باعتباره مسؤولا عن أي جرائم ضد القانون الدولي ارتكبت أثناء نزاع كوسوفو، حيث وصلت إلى 60 تهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولم يعترف ميلوسوفيتش بشرعية المحكمة الجنائية الدولية لأنها لم تُنشأ بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفاة ميلوسوفيتش في زنزاته

وفي 6 مارس 2006، توفي ميلوسوفيتش بأزمة قلبية في زنزانته بالسجن الذي كان يقبع به في مدينة لاهاي، واتهم ميلوسوفيتش المحكمة منذ البداية أنها غير قانونية، ورفض تعيين محام له.

مذكرتا اعتقال بحق نتنياهو وجالانت

وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق في مجلس الحرب يوآف جالانت، حيث أوضحت المحكمة أن جرائم الحرب ضد نتنياهو وجالانت تشمل، استخدام التجويع كسلاح حرب والقتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • الموساد يفتح تحقيقا بعد اختفاء الحاخام تسفي كوهين ويحذر من السفر للإمارات
  • الفلسطينيون يرحبون بأوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين  
  • مات في الزنزانة.. أول رئيس دولة لاحقته المحكمة الجنائية الدولية (فيديو)
  • الرشق: قرار المحكمة الجنائية يعيد الاعتبار لقيم العدالة وحماية الإنسانية
  • حماس: قرار المحكمة الجنائية يعيد الاعتبار لقيم العدالة وحماية الإنسانية
  • ترامب يختار المدعية العامة السابقة لفلوريدا «بام بوندي» وزيرة للعدل
  • الأمم المتحدة تعلق على مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو
  • لارتكابهما جرائم حرب في غزة.. المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت 
  • إيلي كوهين: قرار المحكمة الجنائية الدولية معادٍ للسامية ويمثل انحطاطًا في تاريخها
  • المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكّرتي اعتقال بحق «نتنياهو وغالانت»