السفير خطابي: إطلاق نسخة إنجليزية لموقع الجامعة العربية لمواجهة تحديات التنمية
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
أعلن السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس قطاع الإعلام والاتصال، أنه تم اطلاق للنسخة الانجليزية للبوابة الإلكترونية للجامعة العربية، لافتا أن التفاعل الإعلامي يظل رهينا بالانفتاح على مواضيع حيوية ترتبط بالتحديات التنموية والامنية لمنطقتنا العربية، وذلك لتسريع مسارات التنمية المستدامة، واشاعة ثقافة السلام ونبذ نزعات التطرف والإقصاء، وتثمين القيم المجتمعية والثقافية بما يميز الذات الجماعية العربية من ثراء وعمق وتنوع حضاري، مشدداً على أهمية اعتماد النظام الأساسي للمعهد العربي لصحافة السلام بدولة ليبيا.
جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح الدورة (19) للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الاعلام العرب، ووجه الأمين العام المساعد الشكر للمملكة العربية السعودية، التي ترأس المكتب التنفيذي، على جهودها للارتقاء بالمنظومة الإعلامية العربية وتكثيف الدعم المتواصل للقضايا العربية المشتركة بدءا بالقضية الفلسطينية بمختلف جوانبها السياسية والحقوقية والانسانية وخاصة في سياق تداعيات العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.
وأوضح السفير خطابي ان اعتماد خطة التحرك الإعلامي المحدثة منذ 2017 من قبل مجلس وزراء الإعلام ، تؤكد الحاجة إلى صناعة محتوى إعلامي عربي طموح وجريء لخدمة هذا التوجه الاستراتيجي، وفي صلبه القضية الفلسطينية، لكسب مزيد من المواقف التضامنية الداعمة عبر العالم.
وتابع خطابي " بضرورة التحرك الإعلامي بشكل سريع لاستكمال البناء التأسيسي للمرصد والمنصة المدمجة بالمملكة المغربية والتي تلتزم مع ميثاق الجامعة العربية والأنظمة المعمول في الامانة العامة"، لافتا لأهمية بالتعاون المتواصل للدول الاعضاء والمنظمات الممارسة لمهام اعلامية مع قطاع الإعلام والاتصال من اجل الاستفادة من خبراتها ، مشيرا للاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الارهاب التي اعتمدتها قمة البحرين من جامعة نايف العربية للعلوم الامنية والدول الاعضاء .
وأوضح الأمين العام المساعد خلال كلمته ان اللجنة الدائمة رفعت توصيات تتعلق بتعميم الإعلام التربوي في المؤسسات التعليمية، وتجويد الاداء الإعلامي للصحفيين وتشجيع الكفاءات من خلال جائزة التميز الإعلامي، برعاية دولة الكويت، وتنظيم دورات في مختلف التخصصات بتعاون مع كافة الشركاء، دولاً ومنظمات، في نطاق برامج تدريب تشمل القضايا المدرجة على الاجندة الإعلامية العربية.
وبنفس الاهتمام، تقدمت اللجنة الدائمة بتوصيات بشأن النهوض بالإعلام التنموي وتعزيز دور المرأة في وسائل الاعلام، والإعلام الإلكتروني مشيداً باستعداد دولة الإمارات العربية المتحدة لتصميم وإطلاق موقع جديد للجنة العربية للإعلام الإلكتروني وعقد دورة تدريبية لفائدة الدول الأعضاء لتغذية الموقع بالبيانات والمحتو ى المطلوب بالتنسيق مع الأمانة الفنية.
وفي نهاية كلمته، جدد الشكر لوزارة الاعلام بمملكة البحرين على حسن التعاون مع فريق الامانة الفنية وتقديم كافة التسهيلات لتنظيم هذه الدورة في أحسن الظروف.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خطابي السفير أحمد رشيد خطابي جامعة الدول العربية التنمية المستدامة السفیر خطابی
إقرأ أيضاً:
أحمد عبد الوهاب يكتب: اللغة العربية بين العولمة والهوية "تحديات وحلول"
ذات يوم، دُعيتُ إلى الغداء في أحد المطاعم العربية الشهيرة. استوقفني على الطاولة المجاورة مشهدٌ لعائلة عربية تتحدث اللغة الإنجليزية، تتخللها بعض الكلمات العربية الواضحة.
قال أحد الأطفال لوالدته بالإنجليزية: "Mom، can I please have some sweets?"
ابتسمت الأم وردت كذلك بالإنجليزية: "Wait، habibi، after lunch."
رغم عملي في مؤسسة تعليمية أجنبية، أثار هذا المشهد تساؤلاتٍ: لماذا تُفضَّل الإنجليزية داخل أسرة عربية، داخل مطعم عربي دون ضرورة واضحة؟ وإلى أي مدى يؤثر هذا النمط اللغوي على انتماء الأبناء وهويتهم الثقافية؟
اللغة بين التحدي والانتماء
تشير التجارب الميدانية إلى أن غالبية الأطفال العرب في المدارس الأجنبية في مصر ودول الخليج يفضلون الحديث بالإنجليزية في حياتهم اليومية. ومع هيمنة المحتوى الرقمي الأجنبي، أصبحت الإنجليزية جزءًا من نسيج يومهم، أحيانًا على حساب لغتهم الأم. لكن المشكلة أعمق من ذلك؛ فاللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل وعاء للفكر والثقافة والهوية، ومفتاح لفهم الذات والآخر.
اكتساب اللغة... لا مجرد تعلمها
لسنا بحاجة إلى تعليم أبنائنا اللغة العربية كمادة دراسية جامدة، بل إلى أن يكتسبوها كما يكتسب الطفل لغته الأولى: بالتعرّض الطبيعي، والمشاركة، والتفاعل. فالاكتساب لا يبدأ من السبورة، بل من الحياة. وكثير من أبنائنا العرب في المدارس الأجنبية – رغم خلفياتهم – يُعاملون كمتعلمين للغة لا كمكتسبين لها، وكأن اللغة غريبة عنهم، لا امتداد لهويتهم. ولكي تصبح العربية حيّة في وجدانهم، لا بد أن تعيش في تفاصيل يومهم: أن يتنفسوها لا يحفظوها، أن يتذوقوها في المسرحيات، يستخدموها في الألعاب، ويعبّروا بها عن أفكارهم ومشاعرهم. حينها، تتحوّل العربية من "مادة دراسية"... إلى "أسلوب حياة".
الأسرة: الحاضنة الأولى للغة
يظن بعض الآباء – خطأً – أن الحديث مع أبنائهم بلغة أجنبية دليل على الرقي الثقافي ووسيلة لدعم مستقبلهم الأكاديمي. ويواكب هذا الاعتقاد عزوف متزايد من الأطفال عن المحتوى العربي، الذي يفتقر في كثير من الأحيان إلى التشويق والخيال مقارنةً بما تعرضه اللغات الأخرى. غير أن الأسرة تبقى المؤسسة اللغوية الأولى، والحاضنة الأصيلة لهوية الطفل. عندما يُستبدل الحديث في البيت بلغة أجنبية، فكأننا نهمس للطفل: "لغتك الأم ليست أولوية"، وهنا تبدأ الفجوة في الاتساع، وتضعف الصلة باللغة تدريجيًا. لذا، علينا أن نعيد توعية الأهل بأهمية لغتهم، ونرشدهم إلى سبل عملية تعزز استخدامها في البيت: مثل القراءة المشتركة، واللعب، والأناشيد، والبرامج المشوقة بالعربية. فالعربية ليست مجرد لغة، بل نبض وهوية. ويبدأ اكتسابها حين تصبح جزءًا من حياة الطفل اليومية: من دفء البيت، وحكايات الجدات، وأغاني الطفولة.
المعلم: قدوة لغوية داخل الصف
كم من معلّمٍ كان سببًا في تعلّقنا بلغةٍ أو مادة؟ فالمعلم ليس ناقلًا للمعلومة فحسب، بل قدوة حيّة تعكس جمال اللغة وأصالتها. وحين يُتقن أداءه ويمنحه شيئًا من الشغف والإحساس، تتحوّل اللغة العربية في أعين طلابه من "واجب" إلى "رغبة"، ومن "مادة دراسية" إلى "شغف يومي".
من هنا تأتي أهمية تمكين المعلمين وتدريبهم على أساليب تفاعلية حديثة تُحبّبهم في اللغة، وتربطهم بها وجدانًا وفكرًا.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل التحديات الواقعية: فكثرة المهام الإدارية والصفية الملقاة على كاهل معلمي اللغة العربية كثيرًا ما تعيقهم عن تقديم حصة متميزة بشكل مستمر.
لذا، فإن إعادة النظر في عدد الحصص، وتخصيص وقت كافٍ للتحضير والإبداع، لم يعد ترفًا، بل ضرورة لتعليمٍ حيّ، عميق، مبدع.
المجتمع: بيئة داعمة أو منفّرة
كي يتحقّق الاكتساب الحقيقي للغة، لا بد من بيئة عربية نابضة تُجسّد حضور اللغة في تفاصيل الحياة اليومية في اللافتات، ووسائل النقل، والمرافق العامة.
وتُعدّ المؤسسات الثقافية – مثل قصور الثقافة، أندية القراءة، ومنصات الخطابة – ركائز أساسية في بناء الوعي اللغوي والثقافي لدى الناشئة. غير أن تفعيل هذه المؤسسات بفعالية يتطلّب أنشطة موجهة للأطفال واليافعين، تراعي اهتماماتهم وأعمارهم، وتُقدَّم بلغة فصيحة جذابة تدمج بين المتعة والمعرفة. ويمكن لعروض الأفلام العربية الراقية، تليها أنشطة مثل النقاش، التمثيل، أو إعادة الكتابة، أن تُسهم في هذا المسار. ومن الضروري أن تتحوّل هذه المؤسسات إلى فضاءات حيّة لا تشجع فقط على القراءة ولكن كذلك على التفكير النقدي، والكتابة الإبداعية، والتعبير عن الذات. حينها، تصبح هذه المرافق منصات حياة تنبض باللغة والانتماء، لا مجرد فضاءات ثقافية مقيدة.
الإعلام... كلمة السر
الإعلام الرقمي العربي، لا سيما الموجّه للأطفال واليافعين، يتحمّل اليوم مسؤولية كبيرة في تشكيل الذائقة اللغوية. غير أن المحتوى المتوفّر غالبًا ما يكون محدودًا، أو ضعيف الجاذبية. نحتاج محتوى عربيًا يواكب عقل الجيل الرقمي، ويحترم ذكاءه، ويخاطبه بلغة متوازنة تجمع بين الفصاحة والحداثة، والعمق والجاذبية.
أدوات الذكاء الاصطناعي واللغة العربية
وفي هذا الإطار، يشكّل الذكاء الاصطناعي – مثل ChatGPT – فرصة ثمينة لدعم تعلّم اللغة العربية بأساليب تفاعلية حديثة تناسب طلاب اليوم. لكن ينبغي التعامل مع هذه الأدوات بوعي تربوي وثقافي، فهي رغم قدراتها، لم تُصمَّم في بيئة عربية، وبالتالي فهي بحاجة إلى توجيه دقيق ومراجعة نقدية.
إن مسؤوليتنا الجماعية اليوم هي أن نُسهم في برمجة مستقبل لغتنا وهويتنا الرقمية، لا أن نكتفي بالاستهلاك الخاضع لمعادلات الآخرين.
من رياض الأطفال إلى البحث العلمي: نحو سياسة لغوية عربية شاملة
لا ينبغي أن يبقى دعم اللغة العربية حبيس المبادرات الفردية أو الموسمية، بل لا بد من تبني سياسة لغوية شاملة ومستدامة، تُترجم إلى قرارات واضحة تعزّز مكانة العربية في التعليم، والتواصل، والإنتاج المعرفي.
ويُعدّ قرار إلزام المدارس الخاصة في دبي والشارقة بتعليم العربية في مرحلة رياض الأطفال نموذجًا رائدًا لهذا التوجه؛ إذ يبدأ من العام الدراسي المقبل في الإمارتين تطبيق تأسيس لغوي مكثف يشمل جميع الأطفال، بصرف النظر عن لغتهم الأم. وهذه خطوة كبيرة للغاية لتمكين العربية بين أجيالنا سيظهر أثرها في السنوات القادمة. وهنا لا بد من توجيه الشكر لهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، وهيئة الشارقة للتعليم الخاص، على جهودهما الرائدة في هذا المجال. حيث نلاحظ فلسفتهم الجديدة إلى تبنّي رؤية تطويرية شاملة لتعليم اللغة العربية، تشمل دعم المعلمين، ومتابعة الأنشطة الثقافية والتراثية المتنوعة داخل المدارس. هذا التوجه الجديد يعكس قناعة عميقة بأن النهوض باللغة لا يتحقق بالرقابة فقط، بل بالشراكة الفاعلة، والرؤية الاستراتيجية، والمتابعة المستمرة. ويبدو جليًا أن هذا النموذج في طريقه إلى أن يشكّل توجهًا وطنيًا شاملً داخل الإمارات بالكامل. وأرجو أن يمتد ليكون أساسًا لتجربة لغوية عربية رائدة في عموم الوطن العربي.
وكما أن غرس اللغة في وجدان الطفل هو أول الطريق، فإن ترسيخها في عقل الباحث يمثل نقطة الذروة.
لذا، يجب أن تشمل السياسة اللغوية منظومة البحث العلمي والتعليم العالي، عبر خطوات عملية، منها:
وبهذا النهج، تتحوّل العربية إلى لغة إنتاج معرفي لا حفظ تراث فقط، وتستعيد دورها الحضاري في العلم والفكر. ولنا في إرثنا ما يُلهم، وفي تجاربنا الراهنة ما يُبشّر بانطلاقة جديدة تبدأ من الحرف الأول، وتمتد إلى آفاق الابتكار.
نماذج مضيئة: مبادرات تُحتذى
رغم التحديات التي تواجه اللغة العربية في العصر الرقمي، هناك مبادرات تُضيء الطريق، وتمنحنا أملًا حقيقيًا في استعادة حضورها. منها:
مبادرة "كلّمني عربي "لأبناء المصريين في الخارج.مشروع "القراءة في المرافق الحيوية "برعاية مركز أبوظبي للغة العربية.مبادرة "بالعربي" بدبي التي تحتفي باللغة على المنصات الاجتماعية.هذه النماذج تفتح آفاقًا جديدة لحضور العربية في الحياة اليومية، وتُثبت أن العمل الثقافي المؤسسي قادر على إحياء اللغة في الوجدان العام. لكنها لن تزدهر إلا بتكامل الجهود، وتفعيل الدعم المجتمعي والرسمي. وحسبنا أنها تمثل بدايات واعدة، فكما تُنبئ قطرات الغيث الأولى بالمطر، تُبشّر هذه المبادرات بمستقبل لغوي أكثر إشراقًا وتأثيرًا.
بين الهوية والانفتاح: التوازن الذكي
تعلّم اللغات والانفتاح على الثقافات ضرورة، لكن دون أن نتنازل عن جذورنا.
العربية هي الأصل الذي ننطلق منه نحو العالم، لا العكس. تأمّلوا تجربة ألمانيا أو فرنسا: تتقن شعوبها الإنجليزية، لكنها لا تضعها فوق لغتها الأم. ذلك هو التوازن الذكي الذي نطمح إليه: أن ننفتح... دون أ ننسى من نحن.
في زمن العولمة، تبقى العربية قلب هويتنا النابض، وجسرنا نحو الماضي والمستقبل.
اجعلوها حاضرة في منازلكم، نابضة في مدارسكم، مرئية في شوارعكم، وفعالة في فضاءاتكم الرقمية.
حين نحترم لغتنا، نمنح أبناءنا جذورًا قوية تعينهم على الطيران عاليًا دون أن يفقدوا الاتجاه. إلى كل ولي أمر، ومعلم، وإعلامي، وصانع محتوىٍ: لغتنا ليست فقط ما كنّا... بل ما يمكن أن نكون.
لغتنا... هويتنا... مسؤوليتنا جميعًا.