عربي21:
2025-02-26@12:29:53 GMT

الإدارة بـالعَكْنَنَة!

تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT

الحكم هو الإدارة.. وأدق وصف للحاكم (فيما أعتقد) هو "المدير"، بغض النظر عن نوع النظام السياسي، ملكي، جمهوري، رئاسي، برلماني، أو مختلط..

والإدارة أنواع وأنماط، تهدف جميعها إلى تحقيق أهداف "المؤسسة" التي هي "الدولة" في حديثنا هذا، ولكل نمط منها إيجابياته وسلبياته..

منطقيا.. لا يوجد للحاكم (المدير) وحكومته هدف أهم وأسمى من أن يعيش المواطن حياة كريمة، وأن يحمي الدولة من التهديدات الداخلية والخارجية، وأن يحافظ على مقدراتها، وأن يُنَمِّي مواردها، وأن يجعل لها حضورا ودورا على الساحة الدولية، وعلى الحاكم (المدير) أن يختار نوع الإدارة المناسب لبيئته وشعبه؛ كي يحقق كل ذلك.

.

أما في بلدي المنكوب مصر، فلا توجد "إدارة" بهذا المعنى، وإنما توجد إدارة من نمط آخر. حتى الأنماط المتعارف عليها من الإدارة تمارسها السلطة في مصر بمفهوم مختلف تماما، يصل إلى درجة النقيض!

في بلدي المنكوب مصر، فلا توجد "إدارة" بهذا المعنى، وإنما توجد إدارة من نمط آخر. حتى الأنماط المتعارف عليها من الإدارة تمارسها السلطة في مصر بمفهوم مختلف تماما، يصل إلى درجة النقيض!
فعلى صعيد "الإدارة الاستراتيجية" التي تعني تحديد الرؤية، والرسالة، والأهداف طويلة المدى، نجد "الرؤية" ضبابية، و"الرسالة" غير واضحة، و"الأهداف طويلة المدى" لا وجود لها.

وعلى صعيد "الإدارة التكتيكية" التي تعني وضع خططٍ لتحقيق الأهداف قصيرة المدى، فالأمر لا يحتاج (في مصر) سوى أن ينادي الجنرال المنقلب في أي "مؤتمر" أو "مَكْلَمَة" رئيس وزرائه الدكتور مصطفى مدبولي، فيهب مدبولي واقفا، ويظل يهز رأسه بالموافقة، حتى يقول له الجنرال: تفضل يا دكتور مصطفى، فيجلس الدكتور مصطفى!

وعلى صعيد "الإدارة التشغيلية" التي تعني: إدارة العمليات اليومية، فالموضوع أبسط مما تتصور.. الجنرال يسأل: "الحاج سعيد موجود"؟ "يا حاج سعيد.. هتعمل الكوبري دا بكام"؟ "يا كامل.. كفاية اللي أخدته.. سِيب لغيرك حاجة"، ثم يضحك ضحكة هستيرية لاستجداء التصفيق من الحضور، فيصفقون ابتهاجا بهذا النجاح المبهر!

وإذا اعتبرنا مصر تُدار بنمط "الإدارة البيروقراطية" التي تعتمد على القواعد واللوائح، فالجنرال المنقلب هو القواعد واللوائح، والقواعد واللوائح هو، إذ لم يَدَع "مؤسسة" ولا "هيئة"، في مصر إلا ونصَّب نفسه "رئيسا أعلى" لها.. فأي نجاح بعد ذلك في هذا النمط من الإدارة؟

وإياك إياك أن تأتي على ذكر "الإدارة الديمقراطية" التي يشارك فيها المواطن في عملية صنع القرار، وإلا هزعل منك! هل تُراك نسيت المقولة "الخالدة" للجنرال المنقلب: "متسمعوش كلام حد غيري.. اسمعوا كلامي أنا بس"؟ أم هل تُراك نسيت رده على الأستاذ الجامعي الذي تجرأ وتكلم، دون ترتيب مسبق، في إحدى "المَكْلمَات": إنت مين؟ إنت دارس الكلام ده؟

أما إذا قلت إن السلطة في مصر تنتهج "الإدارة الأوتوقراطية" التي يستحوذ فيها شخص واحد على كل السلطات، فأوافقك مع التحفظ.. فهذا النوع من الإدارة (على الرغم من مساوئه) فإنه يهدف، في المحصلة، إلى توفير متطلبات المواطن، والحفاظ على الوطن ومقدراته، وكل هذا غير متحقق في مصر، بل العكس هو الواقع! فهي "إدارة أوتوقراطية" بالمعنى الفني، بَيْد أنها لا تهدف إلى توفير متطلبات المواطن، وإنما تهدف إلى حرمانه من حقوقه، أو "العكننة" عليه بالتعبير الدارج!

وأما إذا شطحت بخيالك وأردت الحديث عن "الإدارة اللامركزية" التي تُفوض السلطة إلى أدنى مستوىٍ في الهرم الإداري، فتوقع مني "وكزة" في صدرك، وأرجو أن تكون أخف من وكزة نبي الله موسى (عليه السلام) لذاك المصري فسقط قتيلا..

وأما الحديث عن "الإدارة الكاريزمية" التي تعتمد على شخصية القائد.. فهذه بضاعة لا تجدها إلا في "دكاكين" أحمد موسى، ونشأت الديهي، ومصطفى بكري، ويوسف الحسيني، ولميس الحديدي، وباقي أفراد "جوقة ياسر جلال" لإحياء سهرات التوك شو "الرخيصة"!

أما الحديث عن الإدارة "الإدارة التحويلية" التي تُركز على تحسين أحوال الدولة، فهذه بضاعة "اللجان الإلكترونية" التي لديها قائمة من "التحسينات"، أو الإنجازات "الوهمية" تفوق في طولها برج القاهرة، غير أنها تجري بعيدا عن عيون المواطنين جميعا، خوفا من الحسد.

وهناك نمط يسمى "إدارة الأعمال" ويُعنى بتوجيه أنشطة الدولة التجارية لتحقيق الأهداف الربحية.. وهذا يتم بالفعل على نطاق واسع لصالح الأجانب، وليس لصالح المصريين! وذلك ببيع هذه الأنشطة التجارية إلى الأجانب، لا سيما الرابحة والمتميزة منها، مقابل عمولات كبيرة للوسطاء من المسؤولين وغير المسؤولين.. إدارة أعمال دي وللا مش إدارة أعمال يا متعلمين يا بتوع المدارس؟!

هناك أيضا "الإدارة العامة" التي تُعنى بتنظيم وتوجيه أنشطة المؤسسات الحكومية لتقديم الخدمات للمجتمع.. وقد حققت مصر في هذا المجال نجاحات غير مسبوقة، بعد أن أطلق الجنرال ياسر جلال شعار: "هتدفع يعني هتدفع"! وشعار: "الفلووووس.. أهم حاجة الفلوس"! فقد باتت كل "خدمة" بمقابل مادي "فاحش" لا يتناسب "فُحشه" مع رداءة الخدمة، ولا مع كلفتها الحقيقية، ولا مع دخل المواطن الذي لم يعد كافيا لتوفير وجبة واحدة في اليوم طوال الشهر!

لمصر نهجها الفريد في الإدارة الذي يمكن أن نسميه بكل جرأة ويقين "الإدارة بالعكننة" التي تعني تعكير مزاج المواطن، وإغراقه بالمشاكل والهموم والمنغصات كافة، وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية، حتى يتساوى مع الحيوان في أحلامه ومتطلباته
والحديث يطول عن "إدارة المشاريع" التي تُعنى بتخطيط وتنفيذ ومتابعة المشاريع لتحقيق أهدافها المُحدّدة.. فقد أنجز الجنرال أعظم مشاريعه على الإطلاق.. وأعني (على سبيل المثال لا الحصر) عاصمته الإدارية التي بناها في قلب الصحراء؛ ليحمي نفسه من غضب الشعب، وأعني قصوره ومنتجعاته الرئاسية، وطائراته الرئاسية، وصناديقه السيادية البعيدة عن أي رقابة، أليس هذا تخطيطا وتنفيذا وإنجازا يستحق الشكر عليه؟

أما النجاح في مجال "إدارة الموارد البشرية" التي تُعنى بتنظيم وتوجيه أنشطة الموارد البشرية، فلا ينكره إلا "أهل الشر" الذين أنا منهم حسب تصنيف الجنرال المنقلب.. إلا إذا كان يعتبر سجن مئة ألف من خيرة شباب مصر إنجازا، ومطاردة عشرات آلاف آخرين داخل البلاد إنجازا، ودفع مئات آلاف آخرين إلى الهجرة من مصر إنجازا، وقتل الآلاف بُعيد الانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب في رابعة وأخواتها إنجازا، والعمل الدؤوب على تحديد النسل إنجازا.. وأحسب (جادا لا مازحا) أنه يعتبر كل تلك إنجازات!

إن لمصر نهجها الفريد في الإدارة الذي يمكن أن نسميه بكل جرأة ويقين "الإدارة بالعكننة" التي تعني تعكير مزاج المواطن، وإغراقه بالمشاكل والهموم والمنغصات كافة، وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية، حتى يتساوى مع الحيوان في أحلامه ومتطلباته، حسب هرم "ماسلو" للاحتياجات الإنسانية!

إن من يمارس هذا النمط من الإدارة مجرم ملعون وإن صام وصلى، وإن أقسم بالله (في كل ظهور له) بأنه شريف أوي، ومخلص أوي، وأمين أوي!

x.com/AAAzizMisr
aaaziz.com

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الديمقراطية مصر اقتصاد الديمقراطية الادارة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الإدارة التی تعنی فی مصر التی ت

إقرأ أيضاً:

فضْفَضة في الشأن العام ( ٤).. !! من أجل مصر.. !!

دقَّتْ ساعةُ الاصطفاف الشعبي وبَذْل الغالي والنفيس للدفاع عن الوطن.

دقَّت أجراسُ الالتحام والمؤازرة المجتمعية لحماية العِرض والأرض.

رغم ما نلمسه من أداء حكومي نؤيده ونثني على كل إنجاز يخدم المواطن و تفرضه المصلحة العُليا للوطن إلَّا أن أسلوب بعض المسئولين في اتخاذ القرارات يؤثر سلباً على حياة المواطن واستقراه عندما يُتّخَذ القرار في الوقت غير المناسب، فمصر تتأهَّب لقادمٍ مجهول.

وهذا القادم يُوجبُ الاصطفاف، وعند الاصطفاف تُنْبَذُ مشاعرُ عدم الرضا وتُنَحَّىٰ جانباً مهما كانت نسبتها، ولكن هناك في هذه الأجواء شديدة الحساسية نجد من يعمل ضد مصلحة الوطن (ربما دون أن يدرك) أنه يزيد حالة الاحتقان الشعبي، فمع بداية الفصل الدراسي التاني، واقتراب شهر رمضان باعتبارهِ موسماً تجارياً، علاوة على حاجة البيت المصري من مواد غذائية وملابس.. الخ نجد من استيقظ فجأة ليشُن حملاتٍ تفتيشية علي المحال التجارية لمراجعة السجلات والتراخيص والموقف الضريبي، وأدوات الأمن الصناعي.. الخ. والمؤسف أن يُركِّز علي الإعلانات واللوحات المعلقة المخالفة وكأنها السبب في ارتفاع الأسعار، أو إهدار المال العام. وبناءً على هذه الإجراءات غير المدروسة من حيث التوقيت أمنيا واقتصاديا واجتماعياً وإنسانياً يصرخ التاجر مستغيثاً: (عُضَ قلبي ولا تَعُض رَغيفي ). فالكثير من المحلات تغلق أبوابها بسبب مخالفة ليست مؤثرة ويمكن تداركها لو تم التنبيه إليها، أو يغلق خشية الصدام ( لأي سبب ) مع لجان التفتيش.. فماذا يصنع التاجر الذي ينتظر ( الموسم التجاري ) في هذا الشهر الكريم ببالغ الأمل في الرزق، فهو لن يحصل علي ثمن بضاعته التي اشتراها بمدخراته طوال العام أو ربما بالاستدانة، ولن يحصل المواطن على مستلزماته السلعية الضرورية، فالوقت غير مناسب لهذه الإجراءات إطلاقاً. بل يجب الآن تركيز لجان التفتيش على ضبط ما يَضُر بمصلحة المواطن، وما يشكل خطراً علي سلامته أولاً، أو ما يُعَدُ إهداراً للمال العام، كما يجب أن تسعى الحكومة لتوفير السلع الضرورية، وتعمل بكل أجهزتها التموينية والأمنية على ضبط الأسواق ومنع التلاعب في الاسعار واحتكار التجار لبعض السلع الغذائية.

وبهذه المناسبة حبَّذا لو رفَعَتْ الحكومة العلاوة السنوية لأصحاب المعاشات إلى ٣٠٪ لمسايرة الغلاء المتزايد.

ورغم ذلك.. نحن نتجَرَّعُ الصبر دون التفاتٍ لمذاقه، وما بداخلنا وأثره علينا يجب تنْحيَته جانباً، من أجل مصر.

فالأوطان ليست ملكاً للحكومات فقط بل إرث لأفراد الشعب أيضاً.

مقالات مشابهة

  • بقيادة عوض وعلوان.. الزهور مواليد 2005 يحقق إنجازا كبيرا في دوري منطقة القاهرة
  • وزيرة التضامن تستعرض استراتيجية إعادة هيكلة وتطوير بنك ناصر الاجتماعي
  • وزيرة التضامن تبحث إعادة تشكيل بعض لجان مجلس إدارة بنك ناصر
  • وزيرة التضامن تترأس اجتماع مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي
  • فضيحة في البنتاغون.. ضبط جنرالات أمريكيين أثناء إتلاف وثائق حساسة
  • إقالة كبار الجنرالات لضمان الولاء المطلق والسيطرة.. هل يعيد ترامب تشكيل البنتاغون؟
  • تحليل لـCNN: ما أسباب رغبة ترامب في السيطرة على البنتاغون؟
  • افتتاح معرض "أهلا رمضان" للأنشطة التربوية بإدارة الشرابية التعليمية
  • فضْفَضة في الشأن العام ( ٤).. !! من أجل مصر.. !!
  • وزارة الصحة تحذر الصيدليات: لا كشوفات طبية ولا أدوية دون وصفة