الغارديان تكشف: هكذا هدد وطارد الموساد الإسرائيلي المدعية العامة للجنائية الدولية بسبب فلسطين
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
"لاحقها وهددها بأمنها وأمن عائلتها".. الغارديان: رئيس الموساد هدد المدعية العامة للجنائية الدولية بسبب تحضيرها لفتح تحقيق في جرائم حرب إسرائيلية محتملة في الأراضي الفلسطينية.
اعلانكشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن الرئيس السابق لجهاز الموساد، وكالة الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية، هدد المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في سلسلة من الاجتماعات السرية، وحاول خلال هذه الاجتماعات الضغط عليها للتخلي عن التحقيق في جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقالت الصحيفة، الثلاثاء، إن يوسي كوهين، تواصل مع فاتو بنسودا، المدعية العامة السابقة التي شغلت هذا المنصب من 2012 حتى 2021، في السنوات التي سبقت قرارها بفتح تحقيق رسمي حول ارتكاب إسرائيل "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
التحقيق، الذي بدأ في عام 2021، بلغ ذروته الأسبوع الماضي، عندما أعلن خليفة بنسودا، البريطاني كريم خان، السعي إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت وقادة من حماس، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة.
هذا القرار الذي اتخذه المدعي العام بتقديم طلب إلى الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر بإلقاء القبض على كبار قادة إسرائيل، كانت تخشى الدولة العبرية صدوره منذ فترة طويلة.
أمل كلوني تكشف كواليس "الجنائية الدولية" ودعمها إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة من إسرائيل وحماسوقال مسؤول إسرائيلي كبير إن كوهين تورط بشكل شخصي في العملية ضد المحكمة الجنائية الدولية حدث عندما كان مديرًا للموساد، وحصل على موافقة على مستوى عالٍ وتم تبرير هذه الخطوة على أساس أن المحكمة شكلت تهديدًا بملاحقة عناصر في الجيش الإسرائيلي.
وأوضح مصدر إسرائيلي آخر مطلع على العملية ضد بنسودا، أن هدف الموساد هو النيل منها أو تجنيدها كشخص يتعاون مع مطالب إسرائيل.
وأردف مصدر ثالث مطلع على العملية، أن كوهين كان بمثابة "الرسول غير الرسمي" لنتنياهو.
كوهين، الذي كان أحد أقرب حلفاء نتنياهو وقتئذ والذي أصبح قوة سياسية بارزة في إسرائيل، قاد شخصيًا مشاركة الموساد في حملة استمرت ما يقرب من عقد من الزمن قامت بها إسرائيل لتقويض المحكمة.
"تكتيكات حقيرة"وأكدت أربعة مصادر للغارديان أن بنسودا أطلعت مجموعة صغيرة من كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية على محاولات كوهين الضغط عليها.
وكان ثلاثة من تلك المصادر على دراية بتفاصيل الإفصاحات الرسمية التي قدمتها بنسودا للمحكمة الجنائية الدولية بشأن هذه القضية.
وقالوا إنها كشفت أن كوهين مارس ضغوطًا عليها في مناسبات متعددة لثنيها عن المضي قدمًا في تحقيق جنائي في قضية فلسطين أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ووفقاً للروايات التي تمت مشاركتها مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، يُزعم أنه قال لها:
"عليك مساعدتنا ودعينا نعتني بك. أنت لا تريدين التورط في أشياء يمكن أن تعرض أمنك أو أمن عائلتك للخطر". يوسي كوهين لفاتو بنسوداوقال أحد الأشخاص المطلعين على أنشطة كوهين، إنه استخدم "تكتيكات حقيرة" ضد بنسودا كجزء من جهد فاشل في نهاية المطاف لتخويفها والتأثير عليها. وشبهوا سلوكه بـ "المطاردة".
وقام جهاز الموساد بالاهتمام بشكل كبير بأفراد عائلة بنسودا، وحصل على نسخ من تسجيلات سرية لزوجها، وفقًا لمصادر موثوقة على دراية مباشرة بالأمر.
ومن ثم حاول المسؤولون الإسرائيليون استخدام هذه المواد لتشويه سمعة المدعية العامة الدولية السابقة.
وتشكل المعلومات التي تم الكشف عنها حول عملية كوهين جزءًا من تحقيق تجريه صحيفة الغارديان، ومجلة 972+ الإسرائيلية الفلسطينية، ومجلة Local Call الناطقة بالعبرية، والتي تكشف كيف أدارت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية "حربًا" سرية ضد المحكمة الجنائية الدولية لعقد من الزمن.
مكتب نتنياهو يعلقوفي اتصال مع صحيفة "الغارديان"، قال متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي: "الأسئلة المقدمة إلينا مليئة بالعديد من الادعاءات الكاذبة التي لا أساس لها، والتي تهدف إلى إيذاء دولة إسرائيل". ولم يستجب كوهين لطلب التعليق. كما رفضت فاتو بنسودا التعليق.
وذكرت "الغارديان"، أن إسرائيل تلقت الدعم في جهود الموساد للتأثير على بنسودا، من حليف غير متوقع، وهو جوزيف كابيلا، الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي لعب دورًا داعمًا في هذه المؤامرة.
اعلانويأتي الكشف عن جهود الموساد للتأثير على بنسودا في الوقت الذي حذر فيه كريم خان، المدعي العام الحالي، قبل أيام، من "محاولات إعاقة مسؤولي المحكمة أو تخويفهم أو التأثير عليهم بشكل غير لائق".
ووفقاً لخبراء قانونيين ومسؤولين سابقين في المحكمة الجنائية الدولية، يمكن أن تعتبر الجهود التي بذلها الموساد لتهديد بنسودا أو الضغط عليها جرائم ضد إدارة العدالة بموجب المادة 70 من نظام روما الأساسي، المعاهدة التي أنشأت المحكمة.
ولم يوضح متحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية ما إذا كان خان قد راجع ما كشفت عنه سلفه بنسودا الغامبية الجنسية بشأن اتصالاتها مع كوهين، لكنه أكد أن المدعي العام الحالي لم يلتق أو يتحدث مع رئيس الموساد.
وفي حين رفض المتحدث التعليق على بعض الادعاءات المحددة، إلا أنه قال إن مكتب خان تعرض "لعدة أشكال من التهديدات والاتصالات التي يمكن اعتبارها محاولات للتأثير بشكل غير مبرر على أنشطته".
بنسودا تثير غضب إسرائيلقرار خان بإصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو وغالانت يعتبر خطوة تاريخية للمحكمة الجنائية الدولية، إذ إنها المرة الأولى التي تتخذ فيها إجراءات ضد قادة دولة متحالفة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة وأوروبا.
اعلانعام 2015، قررت المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق أولي في الوضع في فلسطين، وعلى الرغم من عدم إجراء تحقيق كامل، إلا أنها قامت بتقييم مزاعم ارتكاب جرائم من قبل أفراد في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وأثار قرار بنسودا غضب إسرائيل، التي تخشى محاكمة مواطنيها بسبب تورطهم في عمليات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت إسرائيل منذ فترة طويلة صريحة بشأن معارضتها للمحكمة الجنائية الدولية، ورفضت الاعتراف بسلطتها. وكثف الوزراء الإسرائيليون هجماتهم على المحكمة، بل وتعهدوا بمحاولة تفكيكها.
أكسيوس: البيت الأبيض يقيّم ما إذا كانت إسرائيل تخطّت "الخط الأحمر" في رفحوبعد بدء التحقيق الأولي، بوقت قليل، بدأت بنسودا وكبار المدعين العامين في تلقي تحذيرات بشأن اهتمام المخابرات الإسرائيلية بعملهم، حسب التحقيق الصحفي.
ووفقاً لمصدرين، كانت هناك شكوك بين كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية حول استقطاب إسرائيل لمصادر داخل قسم الادعاء في المحكمة، المعروف أيضاً باسم مكتب المدعي العام.
اعلانوأشار آخر في وقت لاحق إلى أنه وعلى الرغم من أن الموساد "لم يترك بصمته"، إلا أن ذلك كان افتراضًا بأن الوكالة كانت وراء بعض الأنشطة التي علم المسؤولون بها.
ومع ذلك، لم يتم إبلاغ سوى مجموعة صغيرة من كبار الشخصيات في المحكمة الجنائية الدولية بأن مدير الموساد قد اتصل شخصياً بالمدعية العامة.
"حليف مخلص وقوي لنتنياهو"كوهين، جاسوس محترف، يتمتع بسمعة طيبة في أوساط الاستخبارات الإسرائيلية باعتباره مسؤولاً فعالاً عن تجنيد العملاء الأجانب.
كان حليفًا مخلصًا وقويًا لرئيس الوزراء الذي قام بتعيينه مديرًا للموساد في عام 2016 بعد أن عمل لعدة سنوات إلى جانبه كمستشار للأمن القومي.
وبصفته رئيسًا لمجلس الأمن القومي بين عامي 2013 و2016، أشرف كوهين على الهيئة التي بدأت، وفقًا لمصادر متعددة، في تنسيق جهد متعدد الجهات ضد المحكمة الجنائية الدولية بمجرد أن فتحت بنسودا التحقيق الأولي في عام 2015.
اعلاننصب كمين لبنسوداونقلت "الغارديان" أن أول لقاء بين مدير الموساد مع بنسودا حدث في مؤتمر ميونيخ للأمن في عام 2017، عندما قدم نفسه للمدعية العامة السابقة خلال حديث قصير.
وبعد هذا اللقاء، نصب كوهين كمينًا لبنسودا في حادثة غريبة في جناح فندق في مانهاتن، وفقًا لمصادر متعددة مطلعة على الحادث.
وكانت بنسودا قد زارت نيويورك عام 2018 في زيارة رسمية، وكانت تجتمع مع كابيلا، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية آنذاك، في الفندق الذي يقيم فيه. وكانت قد التقت كابيلا عدة مرات من قبل، فيما يتعلق بالتحقيق المستمر الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المزعومة المرتكبة في بلاده.
لكن يبدو أن هذا الاجتماع كان مجرد إعداد لما هو قادم، وفي مرحلة معينة، بعد أن طُلب من موظفي بنسودا مغادرة الغرفة، دخل كوهين، وفقًا لثلاثة مصادر مطلعة على الاجتماع. وقالوا إن الظهور المفاجئ أثار قلق بنسودا ومجموعة من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية الذين يسافرون معها.
ولم يكن من الواضح سبب مساعدة كابيلا لكوهين، ولكن تم الكشف عن العلاقات بين الرجلين في عام 2022 من قبل صحيفة "ذا ماركر" الإسرائيلية، الذي تحدث عن سلسلة من الرحلات السرية التي قام بها مدير الموساد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2019.
اعلانوأكدت مصادر متعددة لصحيفة "الغارديان"، أن الرحلات كانت مرتبطة جزئيًا بعملية المحكمة الجنائية الدولية، ولعب كابيلا، الذي ترك منصبه في يناير 2019، دورًا داعمًا مهمًا في مؤامرة الموساد ضد بنسودا. ولم يستجب كابيلا لطلب التعليق.
"التهديد والتلاعب"وذكرت ثلاثة مصادر، أنه بعد الاجتماع المفاجئ مع كابيلا وبنسودا في نيويورك، اتصل كوهين مرارا بالمدعية العامة، وطلب عقد اجتماعات معها.
ووفقا لشخصين مطلعين على المحادثات، سألت بنسودا كوهين في إحدى المرات كيف حصل على رقم هاتفها، فأجاب
:"هل نسيت ما يمكنني أن أفعله ضمن إطار مهنتي؟" يوسي كوهين لفاتو بنسوداوأوضحت المصادر ، أن رئيس المخابرات "حاول بداية بناء علاقة جيدة" مع المدعية العامة ولعب دور "الشرطي الصالح" في محاولة لكسب ودها، وقالوا إن الهدف الأولي يبدو أنه كان تجنيد بنسودا للتعاون مع إسرائيل.
وبعد ذلك، تبدلت لهجة كوهين وبدأ في استخدام مجموعة من التكتيكات، بما في ذلك "التهديدات والتلاعب"، حسبما قال أحد الأشخاص المطلعين على الاجتماعات.
اعلانودفع هذا بنسودا إلى إبلاغ مجموعة صغيرة من كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية بسلوكه.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، أعلنت المدعية العامة أن لديها أسبابا لفتح تحقيق جنائي كامل في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ومع ذلك، فقد أرجأت في ما بعد إطلاقه، وقررت أولا أن تطلب حكمًا من الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية لتأكيد أن المحكمة لها بالفعل ولاية قضائية على فلسطين.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "مراسلون بلا حدود" تتقدم بشكوى جديدة ضد إسرائيل أمام الجنائية الدولية حول مقتل صحافيين في غزة أوروبا منقسمة بشأن سعي الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه وقادة من حماس هكذا رد نتنياهو وحلفاؤه على تحرك مدعي الجنائية الدولية ضده إسرائيل المحكمة الجنائية الدولية الموساد فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. حرب غزة: تجدد القصف الإسرائيلي على رفح وإسبانيا تعترف رسمياً بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية يعرض الآن Next أكسيوس: البيت الأبيض يقيّم ما إذا كانت إسرائيل تخطّت "الخط الأحمر" في رفح يعرض الآن Next وول ستريت جورنال: ترامب يتعهد بطرد الطلاب المتعاطفين مع فلسطين في حال انتخابه يعرض الآن Next شاهد: سيول تنشر فيديو يظهر انفجار صاروخ كوري شمالي يحمل قمرا صناعيا في الجو يعرض الآن Next شاهد: بعد "مجزرة الخيام".. مستشفى ميداني في رفح يستقبل عشرات الإصابات البالغة ويشكو من نقص الإمدادات اعلانالاكثر قراءة "كادت تصطدم بأحد المباني".. رحلة نجاة مثيرة لطائرة هبطت اضطراريا في سيدني فيديو: مظاهرات في جورجيا في عيد الاستقلال ضد قانون "العملاء الأجانب" المثير للجدل هكذا قضى الرئيس الإيراني يومه الأخير.. إيران تبث صوراً جديدة لرئيسي قبل مقتله أكثر من 2000 شخص "دفنوا أحياء" إثر انهيار أرضي في بابوا غينيا الجديدة شاهد: الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات يقول إنها لقوات تابعة له في جباليا LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم الانتخابات الأوروبية 2024 إسرائيل رفح - معبر رفح غزة حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الاتحاد الأوروبي فرنسا قطاع غزة مظاهرات فلسطين فولوديمير زيلينسكي Themes My EuropeالعالمBusinessالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةسفرثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpskiالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل رفح معبر رفح غزة حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل رفح معبر رفح غزة حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل المحكمة الجنائية الدولية الموساد فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل رفح معبر رفح غزة حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الاتحاد الأوروبي فرنسا قطاع غزة مظاهرات فلسطين فولوديمير زيلينسكي السياسة الأوروبية فی المحکمة الجنائیة الدولیة للمحکمة الجنائیة الدولیة فی الأراضی الفلسطینیة المدعیة العامة المدعی العام یعرض الآن Next جرائم حرب رئیس ا مدیر ا فی عام فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما الخطر الذي يمثله تشقق اليمين الإسرائيلي على الضفة والقدس؟
مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، وتكشُّفِ حقيقة الفشل الإسرائيلي الكبير هناك الذي يتكلم عنه الإعلام والمحللون الإسرائيليون منذ التاسع عشر من الشهر الجاري، واستقالة إيتمار بن غفير وأعضاء الحكومة عن حزب "القوة اليهودية" والانشقاق الواضح بينه وبين حليفه سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي وقائد تيار "الصهيونية الدينية"، ثم استقالة قائد الجيش وقائد المنطقة الجنوبية، تتوالى الأخبار لتتابع انتكاسة لم تكن متوقعةً لليمين المتطرف في إسرائيل، وخاصةً تيار الصهيونية الدينية.
فالتراجع الإسرائيلي في غزة لم يبدأ مع إقرار صفقة وقف إطلاق النار فعليًا، وإنما بدأت بوادر الانشقاقات تظهر في معسكر الحرب في إسرائيل قبل ذلك مع تكشّف إخفاقات الحرب الإسرائيلية على غزة وظهور الفشل المريع الذي مني به الجيش الإسرائيلي هناك حتى لم يعد له أية أهدافٍ واضحة في الحرب سوى التدمير لأجل التدمير، والقتل لأجل القتل، فتحققت فيه مقولة موشيه فيجلين زعيم حزب "الهوية" المتطرف عندما قال خلال اقتحامه المسجد الأقصى المبارك نهاية أغسطس/ آب الماضي: (نحن ننتقل من فشل إلى فشل على الجبهتين؛ الجنوبية والشمالية).
هذه التراجعات في تيار الصهيونية الدينية يبدو أنها تسببت في ارتدادات قوية على وحدته، بعد أن كان قد بات قاب قوسين من إمساك كافة خيوط الحكم في إسرائيل خلال الشهور الخمسة عشر للحرب على غزة.
إعلانأوّل انشقاق بين أقطاب التيار وجدناها تمثلت في انفراط عقد التحالف بين حزبَي "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير، وحزب "الصهيونية الدينية" بزعامة سموتريتش، ففيما استقال الأول من الحكومة وانسحب من الائتلاف احتجاجًا على اتفاق وقف إطلاق النار، بقي الثاني حتى لحظة كتابة هذه السطور مع التهديد بالانسحاب وإسقاط الحكومة في حال عدم استئناف الحرب، رافضًا جميع مناشدات بن غفير للانسحاب معه من الحكومة.
وبينما جنح الكثير من المحللين إلى الاعتقاد أن منبع هذا الرفض يعود إلى أسبابٍ تتعلق بمبدأ بقاء اليمين في الحكم، إلا أني أرى أن الأمر لا يتعدى المصلحة الانتخابية لسموتريتش هذه المرة، فاستطلاعات الرأي الأخيرة في إسرائيل أعطت بن غفير تسعة مقاعد في الكنيست، بينما لم ينجح حزب سموتريتش في تخطي العتبة الانتخابية لدخول الكنيست أصلًا، وبذلك نراه لأول مرة مضطرًا للتعلق بنتنياهو للبقاء في الحلبة السياسية بالرغم من تهديداته المتكررة بإسقاط الحكومة.
ويفسر هذا حماسة بن غفير للخروج من حكومة نتنياهو، وهو الذي يمنّي نفسه بأن يتم ترسيمه وحزبه زعيمًا لليمين في إسرائيل خلفًا لنتنياهو والليكود مستقبلًا، الأمر الذي يكشف لك حجم الشعبوية التي يجنح إليها حاليًا جمهور اليمين في إسرائيل، والذي بات يلهث خلف شعبويات وعنتريات بن غفير في مقابل ابتعاده عن تخطيطِ وذكاءِ سموتريتش!
والحال كذلك، فإن القسم المناصر لبن غفير في تيار الصهيونية الدينية لا بدَّ أن يحاول التعويض عن هذه التراجعات في الملف الأقوى لديه وهو ملف القدس والمسجد الأقصى – الذي يعتبره بن غفير اختصاصه – في مقابل تخصص سموتريتش في الاستيطان في الضفة! ومن الواضح أن التحرك في هذا الاتجاه لا يزال يسير بخطى ثابتةٍ لم تتأثر بما يجري في المنطقة، بل ربما يزيد في الفترة القادمة لتعويض النقص الذي جرى في ملف غزة.
إعلانفي ذروة الصراع الداخلي خلال مناورات ومفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أسبوعين خبرًا حول إيداع لفافةٍ مكتوبةٍ يدويًا من التوراة في إحدى المدارس الدينية اليهودية في مستوطنة "موديعين عيليت" في الضفة الغربية (غربي رام الله) وسط احتفال كبير، وسبب الاحتفاء بإيداع هذه اللفافة من التوراة في هذه المستوطنة هو كونها مخصصة لتوضع في كنيسٍ داخلَ المسجد الأقصى المبارك بمجرد بنائه.
وفكرة التوراة المكتوبة في لفافةٍ واحدةٍ تراثٌ متعارَف عليه في الكنس اليهودية، حيث تُكتَبُ هذه النسخ يدويًا في العادة، وتستغرق سنواتٍ لتجهيزها وتكلّف مبالغ كبيرة، ولذلك فإن مشروع كتابة لفافةٍ من التوراة يعتبر أمرًا مهمًا في التقاليد الدينية اليهودية.
هذه اللفافة تبرع بها الحاخام يسرائيل إلباوم، والد شمعون إلباوم الذي يشغل منصب المدير العام لوزارة شؤون القدس التي يرأسها الوزير مائير بوروش العضو في حزب (يهدوت هتوراه) الحريدي المتدين، وهو – للمفارقة – لا يقتحم المسجدَ الأقصى ولا يدخله ويلتزم بفتوى الحاخامية الكبرى لدولة الاحتلال التي تمنع دخول اليهود إلى المسجد.
وبالرغم من ذلك، فإنه قدم هذه اللفافة لتكون جاهزةً لإدخالها إلى المسجد الأقصى عندما يحين الوقت المناسب. لكن الوقت المناسب في نظر جماعات المعبد المتطرفة وتيار الصهيونية الدينية هو الآن؛ فالحاخام شمشون إلباوم، (وهو من نفس عائلة "إلباوم")، والذي يسمي نفسه "رئيس مجلس إدارة جبل المعبد"، صرّح بوضوحٍ خلال حفل إيداع هذه اللفافة في مستوطنة "موديعين عيليت" أن الخطوة القادمة هي بناء كنيسٍ يهودي داخل المسجد الأقصى المبارك.
وبالنسبة لجماعات المعبد التي تشكل جزءًا مهمًا من تيار الصهيونية الدينية، فإن خطوة بناء كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى هي الهدفُ الإستراتيجي في هذه المرحلة، وهي ترى أن الشخصية السياسية التي تمثل تطلعاتها هذه، هو الوزير السابق إيتمار بن غفير، وليس سموتريتش الملتزم بموقف الحاخامية الكبرى حتى الآن.
ولذلك، فليس مستبعدًا أن تعمل هذه الجماعات في المستقبل القريب على محاولة تخريب أي تقارب بين نتنياهو وسموتريتش لصالح بن غفير، على الرغم من الرشوة السياسية التي قدمها نتنياهو لسموتريتش بإعلان عمليته العسكرية (السور الحديدي) في جنين شمال الضفة الغربية.
إعلانوهذا يعني أن الانقسام الداخلي في إسرائيل قد وصل إلى قلب تيار الصهيونية الدينية، وقد يتسع قريبًا. لأنه بالنظر إلى استطلاعات الرأي في إسرائيل – كما أسلفنا – يبدو أن سموتريتش بات مقتنعًا أنه يحتاج نتنياهو في الوقت الحالي أكثر مما يرى بن غفير ذلك.
ولا نستبعد أيضًا أن يحاول أنصار بن غفير في تيار الصهيونية الدينية التصعيد في القدس وفي الأماكن المقدسة في الفترة المقبلة؛ سعيًا لرفع شعبيته وشأنه بين أبناء اليمين في إسرائيل، وفي المقابل، فإن سموتريتش يرى في العملية العسكرية في الضفة الغربية طوقًا يحتاجه للنجاةِ من فشل متوقع حال إجراء انتخاباتٍ قادمةٍ ليؤمِّنَ دخوله الكنيست، ويكون رصيدًا له لدى مستوطني الضفة الغربية الذين يشكلون في مجملهم عصبَ تيار الصهيونية الدينية، وخاصةً جناح جماعات المعبد المتطرفة.
محصلة كل هذا أن التركيز في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة، سيكون كما توقعنا على القدس والضفة الغربية، في تنافسٍ غيرِ شريفٍ بين سموتريتش وبن غفير. وقد بدأ الأول بالفعل العمل في الضفة، وهو ما يحتم على فلسطينيي الضفة الغربية والقدس على حد سواء المبادرة بالتحرك ضد هذين الطرفين؛ حتى لا يستفرد كل طرفٍ منهما بقسم من الشعب الفلسطيني.
فكل دقيقةٍ تمر في انتظارِ ما سيفعله نتنياهو وسموتريتش في الضفة من ناحية، أو بن غفير وأنصاره في القدس من ناحية أخرى، هو عنوانٌ لكارثةٍ حقيقيةٍ يريد الاحتلال من خلالها تعويض فشله المدوّي في غزة، وردَّ الاعتبار لكرامة جيشه التي أهدرتها منازلُ غزة المدمرةِ وصمودُ أهلها الأسطوري.
وإن تأخر الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس عن التحرك، فإن الطريق سيكون مفتوحًا لاستكمال هذه المنافسة بين أجنحة تيار الصهيونية الدينية على حساب أراضي الضفة شيئًا فشيئًا من الشمال إلى الجنوب.
إعلانوقد بدأ التحرك بالفعل الآن في جنين، وعلى حساب مقدساتنا الأكثر أهميةً في هذه المعركة، أي المسجد الأقصى المبارك. لا يرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشكلة في أي من هذين الطرفين، فهو يعد تيار الصهيونية الدينية كلّه حليفًا له، ولا يهمه ما إذا انتصر سموتريتش أو بن غفير. وذلك يرتب على الشعب الفلسطيني تحمل المسؤولية الأولى للدفاع عن أرضه ومقدساته بنفسه، وألا ينتظر مساندة من أحد ولا سيما إدارة الرئيس الأميركي الجديد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية