استمرار المظاهرات في استوكهولم ضد إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية بغزة
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
شهدت وسط عاصمة السويدية استوكهولم مسيرة مظاهرة حاشدة ضد استمرار العدوان و الابادة الجماعية لقوات الاحتلال الاسرائيلية للشعب الفلسطيني في غزة ظهر يوم السبت الماضي، وقد قامت الشرطة السويدية بتأمين المظاهرة التي اخترقت الشارع الرئيسي للعاصمة ، حيث ردد المتظاهرين بالسويدية و الانجليزية و العربية الهتافات والاغاني لاستمرار العدوان الاسرائيلي علي غزة ، وحمل بعضهم معلقات ويافطات تندد بالقتل و حرية الشعب الفلسطيني ووقف حرب الابادة الجماعية علي غزة ، وقال منظمي المظاهرة ان هذه المسيرة تعقد اسبوعيا كل يوم سبت حتي وقف العدوان علي غزة.
وشهدت عديد من مدن السويد تشهد لاسيما العاصمة استوكهولم ومالمو، مظاهرات حاشدة ضمن حراك واسع النطاق في كبرى العواصم والمدن الأوروبية، تنديدا بالحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ نحو 7 أشهر.
وفي 4 ديسمبر الأول الماضي، أعلنت إسرائيل، رفع مستوى تحذير السفر لمواطنيها ليشمل 80 دولة حول العالم، وفق هيئة الأمن القومي، جراء حربها على غزة.
وكانت هيئة الأمن القومي الإسرائيلية، قد شددت و قامت بتحذير مواطنيها من السفر إلى مدينة مالمو السويدية التي استضافت مسابقة الأغنية الأوروبية "اليوروفيجن"، من 7 إلى 11 مايو الحالي ، وتجمع نحو 100 ألف زائر في مالمو بجنوب السويد لحضور مهرجان الموسيقى السنوي الذي يشاهده نحو 200 مليون شخص في جميع أنحاء العالم ،و ألقت الحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل في غزة بظلالها على المنافسات النهائية للمسابقة ، وأصبحت المتسابقة الاسرائيليةً جولان محورا لاحتجاجات المتظاهرين المناهضين لإسرائيل الذين يطالبون بطرد إسرائيل من مسابقة يوروفيجن بسبب حربها ضد حماس، والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 35 ألف شخص مدني في غزة ٧٥٪ منهم نساء و اطفال.
وقاوم اتحاد البث الأوروبي، الذي ينظم الفعالية، دعوات لاستبعاد إسرائيل، لكنهم طلبوا منها تغيير كلمات الأغنية التي شاركت بها الاسرائيلية إيدن جولان وعمرها ٢٠ سنة لحذف ما وصفه المنظمون بأنه إشارات إلى هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر والذي أشعل فتيل الحرب ، وأن ذلك مخالفا لقواعد المسابقة التي تحظر المحتوى “السياسي”.
وزعمت هيئة البث الوطنية الاسرائيلية أنهم يفضلون الانسحاب من المسابقة بدلا من تغيير الأغنية، التي كانت تحمل في البداية عنوان "مطر أكتوبر"(October Rain)، لكن كلمات الأغنية تغيرت بالفعل، وقالت هيئة الإذاعة الإسرائيلية إنها وافقت على إجراء التغييرات بناء على طلب من رئيس البلاد، إسحاق هرتزوغ ،وجاءت الأغنية الجديدة تحت اسم "إعصار" (Hurricane)، ولم تنسحب إسرائيل ،وقد هتف المئات من الداعمين للقضية الفلسطينية ضدها المغنية الإسرائيلية وذلك خلال غنائها فقرتها الغنائية بالمسابقة "يوروفيجن" النهائية وذلك بمجرد صعودها على المسرح، وعلقوا: "حرروا فلسطين" تنديدًا بمشاركة اسرائيل في المسابقة العالمية.
وقد قام رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، رونين بار، بزيارة مدينة مالمو السويدية، لتفقد الترتيبات الأمنية المطبقة للوفد الإسرائيلي المشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية قبل انطلاقها.
وقد سار حشد تقدره الشرطة السويدية عددهم بأكثر من 10 آلاف شخص في الساحة الرئيسية لمدينة مالمو المضيفة للمسابقة ثم توجهوا في مظاهرة سيرا على الأقدام نحو المكان الذي تُعقَد فيه فعاليات المسابقة، ولوحوا بالأعلام الفلسطينية وهتفوا قائلين: "الإبادة الجماعية توحد يوروفيجن"، بدلا من الشعار الرسمي للمسابقة وهو "الموسيقى توحدنا" ، وهتفوا “فلسطين حرة” و”إسرائيل دولة إرهابية” ، و اتهمت اللافتات يوروفيجن بالتواطؤ في الإبادة الجماعية ودعت إلى مقاطعة المسابقة.
وحاولت الشرطة تفريق المتظاهرين الذين تجمعوا حول القاعة، حيث كانوا يرفعون الأعلام الفلسطينية ويهتفون بشعارات تطالب بوقف الحرب على غزة.
وقد استخدمت الشرطة السويدية الغاز المسيل للدموع في محاولة للسيطرة على الوضع وتفريق المتظاهرين.
وخارج الساحة التي تقام بها الاحتجاجات تصدت الشرطة لبعض المتظاهرين قبل أن تحاصرهم وتبعدهم. وشوهد بعض المتظاهرين ممددين على الأرض بعد أن استخدمت الشرطة رذاذ الفلفل لتفريق المظاهرة.
ونظم مئات احتجاجا في وقت سابق أمام مقر المسابقة وهتفوا "يوروفيجن، لا يمكنكم الاختباء، أنتم تدعمون الإبادة الجماعية". قبل نهائي المسابقة ، احتجاجا على مشاركة إسرائيل في مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" ، وقد دعا تسعة من المشاركين، سبعة منهم وصلوا للمرحلة النهائية بالمسابقة ، إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة
وقالت الناشطة السويدية والمدافعة عن البيئة غريتا ثونبرج، التي تم اعتقالها اثناء المظاهرات إنه "من المخزي وغير المقبول أن تسمح يوروفيجن لإسرائيل بالمشاركة، في الوقت الذي ترتكب فيه حالياً إبادة جماعية، فهم قادرون على حظر روسيا ولكن ليس إسرائيل".
وتعنت الأمن المتواجد بالحفلات، وقام بسحب الأعلام الفلسطينية من الجمهور، حيث قام أحد الأشخاص الداعمين للقضية الفلسطينية بعرض العلم الفلسطيني من هاتفه الخاص ردًا على منع دخول العلم إلى الحفل.
وقد تم استبعاد المتسابق الهولندي يوست كلاين الذي رشح للفوز بالمسابقة من نهائي مسابقة الأغنية الأوروبية “يوروفيجن” قبل ساعات قليلة من الحدث، بعد “حادثة” تتعلق بإمرأة من أفراد طاقم الإنتاج.
وقيل انه في المؤتمر الصحفي بعد انتهاء مرحلة مسابقة نصف النهائي الثاني، ان كلاين غطي وجهه مرارا وتكرارا بالعلم الهولندي، ملمحا على ما يبدو إلى أنه لم يوافق على وضعه بجوار المتسابقة الإسرائيلية أيدن جولان.
وبعد ساعات من هذا القرار استبعاده أعلنت ممثلة النرويج في المسابقة العام الماضي، أليساندرا، انسحابها من المشاركة في عرض نتيجة أصوات بلادها في نهائي المسابقة، قائلة إن "إبادة جماعية" تحدث في فلسطين.
وقد اشتكى متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين من ازدواجية المعايير، إذ منع اتحاد البث الأوروبي روسيا من المشاركة في مسابقة يوروفيجن عام 2022 بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وقد بقت الجولان بعيدًا عن الأنظار إلى حد كبير في مالمو، باستثناء التدريبات والعروض في مالمو أرينا.
وكانت جولان واحدة من 10 متسابقات تمكنت من اجتياز الدور نصف النهائي ، والذي تم تحديده من خلال تصويت مشاهدي يوروفيجن حول العالم ، ووصلت المتسابقة الاسرائيلية للتصفية النهائية للمسابقة لكنها لم تفر بها و حصلت علي المركز الخامس ، وقد تم الترحيب بالجولان بصيحات الاستهجان والتصفيق من المتفرجين في ساحة المسابقة النهائية ، والتي يتم تحديد الفائز فيها من خلال مزيج من تصويتات الجمهور وهيئات التحكيم الوطنية لصناعة الموسيقى وأدت المغنية الإسرائيلية إيدن جولان أغنيتها "Hurricane" في النهائي، بينما أظهرت الكاميرات أشخاصاً يحملون الأعلام الإسرائيلية ولكن العديد من الفيديوهات التي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت أشخاصاً وهم يهتفون "فلسطين"، ويطلقون صيحات الاستهجان خلال أداء المغنية الإسرائيلية .
وقد تحدث نتنياهو إلى إيدن جولان هاتفيا، عقب انتهاء المسابقة وقال لها: "يا له من نجاح، ويا له من شرف، هذا شيء عظيم – أحسنت." وفي تلاعب بالألفاظ، قال رئيس الوزراء: "لقد صرخوا بصيحات الاستهجان، وصرخنا اثني عشر نقطة (التي تمثل الحد الأقصى الذي تصوت به هيئات تحكيم كل دولة)." إن الشيء المهم هو أنها حصلت تقريبا على أعلى الأصوات في تصويت جمهور التلفزيون، وأضاف "هذا هو الشيء المهم – وليس هيئات التحكيم."
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة العدوان قوات الاحتلال الإسرائيلية الشعب الفلسطينى حرب الإبادة مسابقة الأغنیة الأوروبیة الإبادة الجماعیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الغارديان: نشهد المرحلة النهائية من الإبادة الجماعية في غزة
بدأ مقال للصحفية أروى مهداوي بالسؤال "هل تريد أن تعرف حقيقة ممتعة عن الفلسطينيين؟"، وأجابت عليه بالقول إنه "من الصعب قتلهم. فيمكنك قصفهم، ودفنهم تحت الأنقاض، وحرقهم أحياء، ومع ذلك لا يبدو أنهم يموتون بمعدلات الناس العاديين".
وجاء في المقال الذي نشرته صحيفة "الغارديان" التساؤل أيضا "كيف يمكنك تفسير حقيقة أن عدد القتلى في غزة يبدو بالكاد يتزحزح، على الرغم من أنه لا يبدو أن يوما يمر دون مذبحة جديدة أخرى ومع تفاقم المجاعة وانتشار الأمراض؟".
وأكدت مهداوي أن "43 ألف قتيل فلسطيني هو عدد مذهل.. وهذا هو الرقم الرسمي الذي ذكرته أحدث التغطيات الإعلامية، وهذا في حالة تم الاستشهاد برقم على الإطلاق: فالعديد من المقالات حول غزة لم تعد تذكر حتى عدد القتلى بعد الآن".
وذكرت أنه "من الواضح أن التغطيات الإعلامية ليس لديها أدنى فكرة عن عدد الأشخاص الذين قتلوا في والسبب وراء ذلك جزئيا هو أن الصحافة الأجنبية لا يُسمح لها بالدخول بحرية ـ ولا تدري لماذا لا يغضب كل صحفي في الغرب من هذا".
وقال مهداوي "في الوقت نفسه يتم إبادة الصحفيين الفلسطينيين ـ ولا أفهم لماذا لا يغضب كل صحفي في الغرب من هذا"، هناك تعتيم إعلامي في الأساس. لذا فمن الصعب تقييم عدد القتلى، والاستشهاد بالرقم الرسمي الذي يبلغ 43 ألف قتيل دون تقديم قائمة طويلة من التحذيرات يبدو وكأنه إهمال صحفي في هذه المرحلة".
وأكدت أنه أولا، ينبغي لأي شخص "يستشهد بعدد القتلى أن يذكر حقيقة مفادها أن تقديرات الأمم المتحدة في شهر أيار/ مايو (أي قبل أشهر!) وجدت أن هناك على الأرجح عشرة آلاف شخص مدفونين تحت الأنقاض في غزة ولا يمكن إحصاؤهم، ناهيك عن حقيقة أن هناك أشخاصا يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها كل يوم لأن الأدوية الكافية لا يُسمَح بدخول القطاع ولأن نظام الرعاية الصحية بالكاد يعمل".
وذكرت أنه "يجب عليهم أن يؤكدوا على حقيقة مفادها أن إحصاء عدد القتلى يكاد يكون مستحيلا. فلم يعد في غزة، بنية تحتية يمكن من خلالها قياس عدد القتلى أو الحداد عليهم بشكل صحيح.. يتم تفجير الفلسطينيين إلى أشلاء صغيرة بمعدلات مثيرة للقلق لدرجة أنه لا يوجد في كثير من الأحيان بقايا يمكن إحصاؤها".
وأوضحت مهداوي أنها تحدثت مؤخرا إلى الدكتور نظام محمود، وهو جراح بريطاني عمل في غزة مع منظمة العون الطبي للفلسطينيين خلال شهري آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر، والذي أخبرها أن الأشخاص في مشرحة المستشفى يجب أن يزنوا أجزاء الجسم لمحاولة تقييم عدد القتلى: "لذا فإن 70 كيلوغراما هي جثة واحدة لأنهم سيحضرون أجزاء من الجثث".
وأشارت إلى أن "الكثير من المراقبين يعتقدون الآن أن عدد القتلى الفعلي ربما يكون بمئات الآلاف، وفي تموز/ يوليو نشرت مجلة لانسيت الطبية مقالا قدر أن إجمالي عدد القتلى في غزة قد يصل إلى 186 ألف حالة وفاة ــ أي ما يقرب من 7.9 بالمئة من سكانها".
وفي مقال نشرته صحيفة الغارديان الشهر الماضي، أشارت ديفي سريدهار، رئيسة قسم الصحة العامة العالمية بجامعة إدنبرة، إلى أنه إذا استمرت "الوفيات" بهذا المعدل، فإن تقديرات الوفيات بحلول نهاية العام ستصل إلى 335 ألف حالة، وهذا يمثل 15 بالمئة من السكان.
وأشارت سريدهار أيضا إلى أن مجلة لانسيت استخدمت تقديرا متحفظا وأن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بكثير.
وقالت مهداوي، إن "المدافعين عما يحدث سوف يهزون أكتافهم قائلين: هذا ما يحدث في الحرب. إنه أمر مأساوي، ولكنها حرب، فالأبرياء يموتون طوال الوقت. ولكن الحقيقة هي أن للحروب قواعد وحدود. إن حجم الدمار في غزة يشير بقوة إلى أن ما يحدث لم يعد حربا وفقا لأي معايير طبيعية".
وأكدت "الواقع أن العديد من الخبراء يدقون ناقوس الخطر بأن ما يحدث الآن أصبح إبادة جماعية. ومع ذلك فإن الكثير من وسائل الإعلام الرئيسية تتجاهل هذه الأجراس التحذيرية، وتستمر في التظاهر بأن ما يحدث هو حرب عادية وليس إبادة منهجية".
ونبهت إلى أن عومر بارتوف، المؤرخ الإسرائيلي الأمريكي الذي يعمل أستاذا لدراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة براون، هو واحد من الخبراء الذين يعتقدون أن ما يحدث في غزة يشكل إبادة جماعية، ولكنه لم يكن يعتقد دوما أن هذا هو الحال.
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي كتب بارتوف مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" جاء فيه: "أعتقد أنه لا يوجد دليل على أن الإبادة الجماعية تجري حاليا"، ولكن هذا جاء مع إخلاء المسؤولية حيث أوضح أن "هناك نية إبادة جماعية، والتي يمكن أن تتحول بسهولة إلى عمل إبادة جماعية.. لا يزال هناك وقت لمنع إسرائيل من السماح لأفعالها بالتحول إلى إبادة جماعية".
ونوهت إلى أن النية هي عنصر أساسي في الإبادة الجماعية، والتي يتم تعريفها قانونيا على أنها ارتكاب أفعال محددة معينة (بما في ذلك القتل وفرض تدابير تهدف إلى منع المواليد) بقصد تدمير، كليا أو جزئيا، مجموعة وطنية أو عرقية أو عنصرية أو دينية، على هذا النحو.
وأشارت إلى أن نية الإبادة الجماعية التي يذكرها بارتوف هي اللغة اللاإنسانية والتهديدات بالإبادة الكاملة من قبل السياسيين الإسرائيليين والشخصيات المؤثرة، وهناك المئات من هذه التصريحات.
ويستشهد بارتوف بمثال من 9 تشرين الأول/ أكتوبر، عندما كتب اللواء غيورا إيلاند في الصحيفة اليومية يديعوت أحرونوت: "ليس أمام دولة إسرائيل خيار سوى تحويل غزة إلى مكان من المستحيل مؤقتا أو دائما العيش فيه"، وفي مقال آخر، كتب إيلاند أن "غزة ستصبح مكانا لا يمكن لأي إنسان أن يعيش فيه".
وبينت أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما كتب بارتوف مقالته في صحيفة نيويورك تايمز، لم تكن نوايا الإبادة الجماعية هذه قد تطابقت بشكل كامل مع العمل الإبادي الجماعي. لكن هذا تغير، من وجهة نظر بارتوف، في أيار/ مايو 2024، عندما بدأ جيش الاحتلال هجومه على مدينة رفح، على الرغم من تحذير الولايات المتحدة له بعدم القيام بذلك.
وقال بارتوف في مكالمة هاتفية مع كاتبة المقال مؤخرا أن هذه كانت نقطة تحول رئيسية. كان ذلك عندما أصبح الأمر إبادة جماعية.
وأضاف بارتوف "عندما تنظر إلى الوراء، يمكنك أن ترى أنه كان هناك جهد متضافر، ليس فقط لنقل السكان مرارا وتكرارا، ولكن أيضا لتدمير كل ما يجعل حياة مجموعة ممكنة. كان هناك جهد متضافر ومتعمد لتدمير الجامعات والمدارس والمستشفيات والمساجد والمتاحف والمباني العامة والإسكان والبنية الأساسية. إذا نظرت إلى الوراء، يمكنك القول إن هذا كان يحدث منذ البداية. لكن الدليل على ذلك كان هذا الجهد الأخير في رفح".
وأوضح الكاتبة أن رفح كانت معلما قاتما، ولكن المرحلة الأخيرة من هذه الإبادة الجماعية، كما يقول بارتوف، تجري الآن في جباليا، شمال غزة، حيث قُتِل أكثر من ألف شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى ما يحدث في شمال غزة ـ كما يبدو في كثير من الأحيان في وسائل الإعلام ـ باعتباره مجرد المزيد من القصف. بل إن بارتوف يشير إلى أن ما يحدث في شمال غزة يشكل حملة إبادة جماعية تستند بوضوح إلى خطة الجنرالات.
وأضاف بارتوف أن "هذه الخطة التي رسمها الجنرال المتقاعد غيورا إيلاند، والتي نوقشت منذ أشهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، تهدف إلى إفراغ تلك المنطقة من المدنيين من خلال الضغط العسكري والتجويع.. وهذه خطوة أولى نحو ضم القطاع إلى الشمال من ممر نتساريم، الأمر الذي سيؤدي إلى استيطان اليهود فيه ولن يكون في حد ذاته سوى المرحلة الأولى في الاستيلاء التدريجي على أجزاء متزايدة من القطاع، وحشر المدنيين في مناطق متقلصة باستمرار وفي نهاية المطاف إما إجبارهم على الخروج من القطاع أو التسبب في وفاة أعداد متزايدة منهم. باختصار، هذه خطة إبادة جماعية".
وأشارت إلى أنه من المرجح أن محكمة العدل الدولية لن تحكم لسنوات حول ما إذا كان الوضع في غزة يفي بالتعريف القانوني الضيق للإبادة الجماعية. ولكن بارتوف يعتقد أن العملية في جباليا إبادة جماعية صارخة لدرجة أن "من الممكن أن تعتبر محكمة العدل الدولية هذه العملية إبادة جماعية حتى لو كانت متحفظة بشأن الحرب في غزة ككل".
وهذا ما حدث في حالة البوسنة، حيث ثبت أن مذبحة سربرينيتشا كانت إبادة جماعية.
وأكدت أن مصطلح الإبادة الجماعية ـ التي صاغها رجل القانون البولندي اليهودي رافائيل ليمكين أثناء الحرب العالمية الثانية لوصف حملات الإبادة النازية ـ هي بلا شك واحدا من أكثر المصطلحات خطورة.
وهو ليس مصطلحا يمكن لأي شخص أن يستخدمه باستخفاف. ويعتقد بارتوف أن العديد من منتقدي إسرائيل كانوا يستخدمون المصطلح بشكل غير مسؤول في الأيام التي أعقبت السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ووصفوا تصرفات "إسرائيل" بأنها إبادة جماعية في حين لم تكن قد وصلت بعد إلى هذه النقطة.
ولفت بارتوف إلى أن المصطلح قد خفف إلى حد ما: "لقد استُخدم كثيرا كنوع من العبارة المعادية لإسرائيل حتى أنه فقد الكثير من قيمته".
وفي الوقت نفسه، يقول بارتوف، لأن اتفاقية الإبادة الجماعية جاءت في أعقاب الهولوكوست، فهناك ميل إلى القول إن ما لم يكن الهولوكوست فهو ليس إبادة جماعية. "إذا لم يكن لدينا معسكرات إبادة، وإذا لم يتم ذلك في جميع أنحاء القارة، وإذا لم يكن النظام النازي هو الذي ينفذه، فهذا ليس إبادة جماعية".
وذكرت الكاتبة أنه على نطاق أوسع، يمكن أن تكون الإبادة الجماعية مصطلحا إشكاليا. جادل الباحث في الإبادة الجماعية ديرك موزس، الذي كتب كتابا عام 2021 بعنوان "مشاكل الإبادة الجماعية"، بأنها لم تعد مناسبة للغرض حقا لأنها "تنتج تسلسلا هرميا للموت الجماعي الذي ينظم ويشوه التفكير في تدمير المدنيين". كما أن تعريفها القانوني ضيق للغاية لدرجة أنه حتى لو تم القضاء على سكان غزة بالكامل، فقد لا يزال لا يُعتبر إبادة جماعية.
لكن حتى مع كل هذه المؤهلات، يعتقد بارتوف أنه من الأفضل أن يكون لدينا تعريف قانوني للإبادة الجماعية من عدم وجوده. "لأنك إذا كنت على علم بها وكنت على دراية بالمؤشرات التي قد تشير إلى حدوث ذلك، فيمكنك محاولة إيقافها بطرق مختلفة".
مرة أخرى: الإبادة الجماعية مصطلح محمل. إن هذا المصطلح لا يستخدمه بارتوف، وهو من أبرز الباحثين في مجال الإبادة الجماعية، باستخفاف. ومع ذلك، فهو يعتقد أن الوقت قد حان لكي تواجه وسائل الإعلام، التي تتجنب استخدام هذه الكلمة، "الوقائع". إن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية.