قال ريتشارد فرنسيس، كبير مديري التصنيفات السيادية في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني -اليوم الأربعاء- إن الوكالة اتخذت قرارها بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بسبب المخاوف المالية وتدهور الحوكمة وحالة الاستقطاب التي ظهرت جلية خلال أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2020، عندما اقتحم المئات من مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب جلسة مجلسي النواب والشيوخ المشتركة للتصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية آنذاك.

وفي خطوة فاجأت المستثمرين، خفضت "فيتش" أمس الثلاثاء تصنيف الولايات المتحدة من "إيه إيه إيه" (AAA) إلى "إيه إيه بلس" (AA+)، وأرجعت هذا إلى التدهور المالي المتوقع على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وتكرار مفاوضات سقف الدين الحكومي التي تهدد قدرة الإدارة على سداد التزاماتها.

وعلى الفور شهد الدولار انخفاضا، أما أسعار الذهب فقد ارتفعت بعد تراجع الدولار وعائدات سندات الخزانة الأميركية، وهو ما زعزع الثقة بالاقتصاد الأميركي قبل صدور بيانات مهمة منتظرة هذا الأسبوع.


الاستقطاب وتدهور الحوكمة

وقال فرنسيس -لوكالة رويترز- إن "فيتش" استندت في قرارها لأسباب منها التدهور الملحوظ في الحوكمة الأميركية، والذي أكد أنه يقلل من الثقة في قدرة الحكومة على معالجة المسائل المالية والديون.

وانعكس هذا التدهور على أحداث العنف التي وقعت في 6 يناير/كانون الثاني، وهو ما سلّطت عليه الوكالة الضوء خلال مناقشاتها مع وزارة الخزانة، فضلا عن زيادة الاستقطاب السياسي في البلاد.

وكانت فيتش -التي أشارت إلى نظرة مستقبلية مستقرة للتصنيف- قد عقدت اجتماعات مع وزارة الخزانة قبل خفض التصنيف، وأثارت خطوتها الأخيرة ردود فعل غاضبة من البيت الأبيض، وفاجأت المستثمرين، خاصة أنها تأتي بعد شهرين من التوصل إلى حلّ لأزمة سقف الدين.

وقال فرنسيس "سلطنا الضوء على ذلك لأنه لم يكن سوى انعكاس لتدهور الحوكمة، وهذا واحد من عدة (أسباب)".

وأضاف "هناك سقف الدين، هناك أحداث السادس من يناير/كانون الثاني. وبشكل واضح، إذا نظرت إلى الاستقطاب في الحزبين… ذهب الديمقراطيون إلى اليسار، بينما مال الجمهوريون بدرجة أكبر صوب اليمين، مما أدى بشكل أساسي إلى إضعاف (تيار) الوسط نوعا ما".

تدهور المالية العامة

وجاء في بيان فيتش أنّ "خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يعكس التدهور المتوقّع للماليّة العامّة خلال السنوات الثلاث المقبلة، والعبء المرتفع والمتزايد للدين العام الحكومي، وتآكل الحوكمة".

وأضاف البيان "ليس لدى الحكومة إطار مالي متوسّط الأجل… ولديها آليّة ميزانيّة معقّدة. وقد ساهمت هذه العوامل -إلى جانب كثير من الصدمات الاقتصاديّة والتخفيضات الضريبيّة ومبادرات الإنفاق الجديدة– في زيادات متتالية في الديون على مدى العقد الماضي".

وقالت وكالة التصنيف "إضافة إلى ذلك، لم يُحرَز سوى تقدّم محدود فقط لمواجهة التحدّيات على الأجل المتوسّط، والمتعلّقة بارتفاع تكاليف المعاشات التقاعديّة والتأمين الصحّي بسبب شيخوخة السكّان".

وصارت "فيتش" ثاني وكالة تصنيف ائتماني كبرى تخفض تصنيف الولايات المتحدة، بعد أن خفضته "ستاندرد آند بورز" عام 2011 إثر رفع سقف الدين العام، مما أثار أيضا استياء في صفوف الحزبين الجمهوري والديمقراطي آنذاك.

وانتقدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قرار "فيتش"، قائلة إنه "تعسفي ويستند إلى بيانات قديمة"، وشدّدت على أن "سندات الخزانة لا تزال الأصول الآمنة والسائلة الأبرز في العالم، وأن الاقتصاد الأميركي قوي في جوهره".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: سقف الدین

إقرأ أيضاً:

شركاء أميركا يترقبون صدمة الأربعاء.. وترامب يعد بـ"التحرير"

يستعد شركاء الولايات المتحدة الاقتصاديون لصدمة الأربعاء مع ترقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رسوم جمركية مشدّدة، في مرحلة جديدة من حربه التجارية التي ما زال يكتنفها الغموض.

وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت الثلاثاء "غدا سينتهي نهب أميركا" مؤكدة أن حزمة الرسوم الجمركية الإضافية ستدخل حيز التنفيذ "فورا" بعد أن يعلنها ترامب.

وقالت كاري ماكيتشران رئيسة غرفة تجارة سارنيا لامبتون على الحدود بين كندا والولايات المتحدة "لا أحد يعرف ماذا سيحدث". وأضافت "من الصعب وضع خطة ملموسة".

وأعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده "ستفكر جدا" بموضوع الرد على "الإجراءات غير المبررة التي تتخذها الحكومة الأميركية".

ويتوقع الكشف عن الإجراءات المذكورة الأربعاء الذي يعتبره ترامب يوم "تحرير" الولايات المتحدة، وذلك خلال حفل يقام في الساعة 20:00 بتوقيت غرينتش في البيت الأبيض، مباشرة بعد إغلاق بورصة نيويورك التي تشهد تقلبات كغيرها من الأسواق حول العالم.

توازيا، يحافظ الرئيس الأميركي على نهجه المتقلب وغير المستقر.

ووعد ترامب الاثنين بأن يكون "لطيفا" في ما يتعلق بتنفيذ الرسوم الجمركية "المتبادلة"، والتي لم يتضح حجمها ونطاقها ومدتها بعد.

توازن

انتعشت أسواق الأسهم الآسيوية والأوروبية بشكل طفيف، أمس الثلاثاء، بعد أن هبطت بشكل حاد الاثنين، فيما بدأت وول ستريت التداولات على انخفاض.

وقاد شركاء الولايات المتحدة التجاريون عملية توازن دبلوماسي غير مضمونة النتائج شملت وعودا بالحزم، وانفتاحا على الحوار، ومحاولات تهدئة وتقارب استراتيجي.

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن ترامب "مستعد دائما للرد على الهاتف، ومستعد دائما لإجراء مفاوضات جيدة، لكنه يريد حقا تصحيح أخطاء الماضي".

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين "لا نريد بالضرورة اتخاذ إجراءات انتقامية".

وأضافت "إننا منفتحون على التفاوض... لكن لدينا خطة قوية إذا اقتضى الأمر".

من جانبه، قال وزير الاقتصاد التايواني كيو جيه هوي "تم تقييم وتحليل تدابيرنا المضادة، على سبيل المثال، كيف سنرد على رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة أو كيف سنتعامل مع نسبة 25 بالمئة".

وأضاف "تمت دراسة وتقييم كافة السيناريوهات لتحديد الردود المناسبة ووضع أفضل السبل لمساعدة الصناعات الوطنية".

ولجأ آخرون إلى التهدئة، على غرار فيتنام التي خفضت رسومها الجمركية على مجموعة من السلع في محاولة لاسترضاء واشنطن.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الثلاثاء إن لندن تعمل أيضا "بجد" للتوصل إلى اتفاق تجاري ثنائي مع واشنطن يتيح تجنّب المضايقات الجمركية.

وقال بشأن الاتفاق "أحرزنا فيه تقدما سريعا... لكن من المرجح أن تتأثر (بريطانيا) بالرسوم الجمركية".

عصا سحرية

ولا يستطيع ترامب أن يتراجع عن فرض الرسوم الجمركية بعدما روّج لها على أنها أشبه بعصا سحرية قادرة على إصلاح وضع الصناعة في البلاد، وإعادة التوازن إلى الميزان التجاري، والقضاء على العجز في الميزانية.

وتحدث محللون في غولدمان ساكس في مذكرة عن المخاطر الاقتصادية المرتبطة بزيادات كبيرة للرسوم الجمركية إذ سيكون تأثيرها سلبيا مثل زيادة الضرائب على الاستهلاك والقدرة الشرائية للأسر.

وتدفع هجمات واشنطن على أسس التجارة الحرة الدول أيضا إلى إجراء تقاربات استراتيجية من أجل التصدي للقوة الرائدة في العالم.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أعلنت بكين وطوكيو وسيول أنها تريد "تسريع" مفاوضاتها بشأن اتفاقية تجارة حرة.

ودعا مسؤولون أوروبيون إلى تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وكندا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، زاد ترامب الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الواردة إلى الولايات المتحدة. واستهدف الصادرات الصينية وبعض السلع من المكسيك وكندا المجاورتين، بالاضافة إلى الصلب والألومنيوم، بغض النظر عن مصدرهما.

والرسوم الجمركية المتبادلة ليست الإجراءات الأخيرة المتوقعة هذا الأسبوع، فاعتبارا من الثالث من أبريل في الساعة0401 بتوقيت غرينتش، تعتزم الولايات المتحدة فرض رسوم إضافية بنسبة 25 بالمئة على السيارات المصنوعة خارج البلاد وعلى قطع الغيار المستخدمة في المركبات التي يتم تجميعها في الولايات المتحدة.

ويشكل استيراد الولايات المتحدة أكثر مما تصدر هاجسا بالنسبة لترامب. وهذا يدلّ، حسب قوله، على أن دولا تستغل إمكانية الوصول إلى السوق الأميركية، دون أن تظهر نفس الانفتاح عليها.

مقالات مشابهة

  • ميلوني: يجب على أوروبا الدفاع عن نفسها حال اندلاع حرب تجارية مع أميركا
  • أنا مسلم بريطاني فهل سأكون موضع ترحيب في أميركا ترامب؟
  • نشرة الفن| وصلة ردح بين العوضي وياسمسن عبدالعزيز .. ووفاء عامر: دايمًا عندي عدم رضا عن أدائي.. وأحمد السعدني: شجّعت مي عز الدين على «قلبي ومفتاحه» لهذا السبب
  • شركاء أميركا يترقبون صدمة الأربعاء.. وترامب يعد بـ"التحرير"
  • أحمد السعدني: كنت أول من شجع مي عز الدين على «قلبي ومفتاحه» لهذا السبب
  • “فيتش”: “إسرائيل تعاني من ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي “
  • لعنة الرسوم الجمركية.. الكنديون يعزفون عن السفر إلى أميركا
  • رغم حربي غزة والتوتر مع إيران..فيتش تؤكد تصنيف إسرائيل عند A
  • إستيبانيكو أو مصطفى الزموري.. أول مستكشف أفريقي يصل إلى جنوب غرب أميركا
  • كاتب إسرائيلي: لسنا بحاجة للعيش في جيب أميركا