إيران..إعادة انتخاب قاليباف رئيساً لمجلس الشورى الإسلامي
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
طهران-سانا
أعاد مجلس الشورى الإسلامي في إيران انتخاب محمد باقر قاليباف رئيساً له لمدة عام بتصويت النواب خلال الدورة الثانية عشرة للمجلس.
وحصل قاليباف على 198 صوتاً فيما حصل المرشح مجتبي ذو النوري على ستين صوتاً ومنوجهر متكي على خمسة أصوات من إجمالي 287 صوتا.ً
وتم انتخاب حميد رضا حاجي بابائي بـ 175 صوتاً نائباً أول وعلي نيكزاد بـ 169 صوتاً نائباً ثانياً، كما ترشح عبد الرضا مصري وحاجي دليكاني وحميد رسايي وموسي غضنفرآبادي لهذين المنصبين، لكنهم لم يحصلوا على أغلبية الأصوات.
وأقيمت مراسم افتتاح الدورة الثانية عشرة لمجلس الشورى الإسلامي أمس بحضور جمع من مسؤولي البلاد والقادة العسكريين وسفراء الدول الأجنبية.
وقاليباف من مواليد 1961م، ويحمل شهادة الدكتوراه في الجغرافيا السياسية وهو يعتبر أحد الوجوه البارزة على الساحة السياسية الإيرانية وشغل عدة مناصب، منها القيادية في مقر خاتم الأنبياء للإعمار، ومنصب عمدة طهران.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
إعادة هندسة الدورة الاقتصادية العُمانية
العالمُ من حولنا يَمُرّ بمرحلة اضطرابٍ غير مسبوق، بينما تُقرَع أجراس الإنذار على مختلف الأصعدة، وسلطنة عُمان ليست في معزلٍ عن العالم وتمُرّ بمرحلة مُهمة في مسيرتها التنموية، لها استحقاقاتها، وتستوجب التعجيل بمعالجة ملف الباحثين عن عمل والمُسرَّحين، ومعالجة انخفاض الدخول، وتسريع الوصول إلى التنويع المطلوب في الإيرادات العامة، والوظائف والصادرات والناتج المحلي الإجمالي، وهي أهداف لن تتأتّى دون معالجة جانبيْ الدورة الاقتصادية وتفعيل دور القطاع الخاص.
في هذه السطور، نسعى إلى تسليط الضوء على جملة من المقترحات التي يمكن أن تسهم في تعزيز دورة الأنشطة التجارية والاقتصادية؛ كون التحدي الذي يواجه سلطنة عمان في المقام الأول هو تحدٍ اقتصاديِّ، وإنْ كانت نتائجه مُتعدِّدة الأبعاد.
وتُعدّ التحولات الجارية على الساحة الاقتصادية العالمية، ولا سيّما فيما يتعلق باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية إلى رفع الرسوم الجمركية، (تسعى الإدارة الأمريكية من خلاله إلى إعادة التوازن في دورة الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من عجوزات ضخمة في الميزان التجاري) مؤشرًا واضحًا على تغيّر عميق في أنماط النشاط الاقتصادي العالمي؛ إذ تتزايد النزعة نحو حماية الإنتاج المحلي، وتعزيز الاكتفاء الذاتي، وإعادة تشكيل سلاسل التوريد بما يخدم الأولويات الاقتصادية الاستراتيجية للدول. ورغم أن هذه السياسات قد تبدو مناقضة لبعض مبادئ منظمة التجارة العالمية، فإنها تؤكد الحاجة المُلِحّة لإعادة تقييم سياساتنا الاقتصادية والصناعية، بما يحقق توازنًا مدروسًا بين الانفتاح على الاقتصاد العالمي وحماية المصالح الاقتصادية الوطنية.
وفي السياق المحليّ تتطلب عملية تعزيز الدورة الاقتصادية تحوُّلًا جذريًا يتجاوز المقترحات التنظيرية، ووضع معادلة التنمية الاقتصادية البسيطة موضع التنفيذ، والتي ترتكز على مسارين متوازيين لا ثالث لهما: الأول، زيادة تدفقات العملة الصعبة إلى الاقتصاد العماني عبر تعزيز الصادرات ذات القيمة المضافة العالية وتنويع مصادر الدخل من العملات الأجنبية. والثاني: الحدّ من تسرُّب العملة الصعبة عبر ترشيد الواردات وتعزيز الإنتاج المحلي. وبطبيعة الحال يتطلب تنفيذ هذه المعادلة تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص، ووضع استراتيجيات واضحة ومحددة الأهداف، مع مراقبة وتقييم مستمرين للسياسات والإجراءات المتخذة. هذه الرؤية تهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد العماني في الأسواق العالمية.
وتشير بيانات ميزان المدفوعات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات والبنك المركزي العُماني، إلى وضعٍ غير مثالي للمساريْن المذكوريْن؛ الأمر الذي يُفسِّر العديد من التحديات الاقتصادية التي عانى- ولا يزال- الاقتصاد العُماني منها، وعلى رأسها مشكلة الباحثين عن عمل والمسرحين. حيث تُظهر بيانات متوسط الفترة 2021–2023 أن الاقتصاد العُماني يعتمد، في توليد مصادر الدخل داخل المنظومة الاقتصادية بشكل رئيسي، على الصادرات السلعية وتدفقات الخدمات والاستثمار. فقد بلغت القيمة الإجمالية للصادرات نحو 22.6 مليار ريال عُماني، تتوزع بين 11.2 مليار ريال لصادرات النفط، و2.6 مليار ريال لصادرات الغاز، و7.4 مليار ريال عماني لصادرات عُمانية المنشأ، بالإضافة إلى 1.5 مليار ريال عماني من إعادة التصدير. وعلى صعيد قطاع الخدمات، تُسهم السياحة بنحو 900 مليون ريال، بينما تُدر خدمات النقل ما يقارب 800 مليون ريال، و300 مليون ريال من التأمين، إلى جانب 200 مليون ريال من قطاع الاتصالات.
أما تدفقات الاستثمار الأجنبي – خاصة المباشر، فقد بلغت 4.5 مليار ريال عُماني، يُضاف إليها ملياري ريال كأرباح مستلمة من الاستثمارات الحكومية والخاصة في الخارج.
وفي المقابل، يُظهر المسار الثاني من معادلة الاقتصاد الوطني حجم التسرّبات المالية المرتفع، والذي يُترجم إلى خروج سريع للأموال دون أن تمرّ بدورة تداول كافية داخل المنظومة الاقتصادية المحلية بين مختلف الفاعلين، من منتجين ومزارعين وصناعيين ومستهلكين وأسر وشركات القطاع الخاص.
وتشير البيانات إلى أن الواردات السلعية تمثّل المصدر الأكبر لهذا النزف المالي، بإجمالي يُقدّر بنحو 13.5 مليار ريال عُماني، في حين تبلغ فاتورة استيراد الخدمات ما يقارب 4.7 مليار ريال عُماني. وتتوزع هذه الأخيرة على نحو 1.2 مليار ريال لقطاع النقل والشحن، و500 مليون ريال للتأمين، و100 مليون ريال للسياحة.
كما بلغت تحويلات العاملين الأجانب نحو 3.6 مليار ريال عُماني، إلى جانب خروج استثمارات عُمانية إلى الخارج تُقدّر بـ900 مليون ريال عُماني.
وفي قراءةٍ مُتأنيةٍ لجانبيْ الدورة الاقتصادية، يُمكننا الخروج بعددٍ من الاستنتاجات من بينها:
• يُعاني الاقتصاد العماني من الاعتماد المُفرِط على عائدات النفط، وتعرُّضه لهزات مباشرة مع أي انخفاض بأسعار النفط.
• أن خروج الأموال من دورة الأنشطة الاقتصادية المحلية أفقدتْه الزخم الضروري لتوليد فرص عمل مجزية، مصدرها القطاع الخاص في قطاعات الإنتاج والتصنيع وتقديم الخدمات.
• أنَّ سرعة خروج الأموال لتلبية الطلب المحلي، ذات أثرٍ سلبيٍ على معدلات النمو واحتياطيات العملة الأجنبية، والضغط على سعر صرف الريال العُماني، واتساع الفجوة الاستثمارية، وانخفاض مُضاعف الإنفاق والاستثمار، وتنويع قاعدة الإنتاج المحلي.
• أنَّ ارتفاع حجم التسرُّبات المالية يُمثِّل عاملًا مُثبطًا للنمو الاقتصادي، فعلى سبيل المثال بدلًا من تحقيق نمو بنسب مرتفعة مثل 6% و7%، نُحقِّق نسب نمو منخفض؛ كَون الواردات تستنزف النمو الاقتصادي المتحقق ويُضعف الأثر الإيجابي الذي تحققه باقي المكونات، لا سيّما الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، مما يحدّ من فرص تحقيق نمو اقتصادي فعّال ومستدام.
• يسهم خلق فرص عمل للمواطنين في تعزيز الدورة الاقتصادية من خلال قناة الاستهلاك المحلي. وفي المقابل، فإن الاعتماد على القوى العاملة الوافدة يسهم في ارتفاع حجم التحويلات الخارجية.
• تُعاني سلطنة عُمان من عجزٍ مُزمنٍ في قطاعات الخدمات؛ حيث إنَّ الخدمات التي تُقدِّمها السلطنة أقل بكثير من الخدمات التي تحصل عليها من العالم، وهذا تحدٍ اقتصادي بُنيَوِي.
• تشير التجارب العالمية إلى الإمكانيات الكبيرة لأنشطة الخدمات في حل مشكلة الباحثين عن عمل محليًا وعالميًا؛ لأنه يمثل أكبر جهة توظيف في جميع البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
• إنّ تأسيس وحدات إنتاجية متنوعة، كتشييد المصانع، واستصلاح الأراضي الزراعية، وتوفير أدوات الإنتاج في قطاع الصيد البحري، يُعدّ ركيزة أساسية في تحريك الدورة الاقتصادية. إذ تُسهم هذه المشاريع في خلق فرص عمل، وزيادة الإنتاج المحلي، وتنشيط حركة التجارة.
• خروج الأموال من الدورة الاقتصادية المحلية مقابل السلع والخدمات وتحويلات العاملين ومدفوعات الدخل والفوائد والدين، كل ذلك يضع البرامج والسياسات (مثل سياسة المحتوى المحلي) أمام تحديات متزايدة، ويؤدي إلى المزيد من الهشاشة في منظومة الاقتصاد العُماني، وتراجع مستويات السيولة المحلية اللازمة لتمويل النشاط الاستثماري، وبالتالي حدوث تداعيات سلبية على مستويات التكوين الرأسمالي في الاقتصاد العُماني، وزيادة العجز في الفجوة الاستثمارية؛ الأمر الذي يتسبب في تراجع فرص تحقيق مستويات نمو مرتفعة، ويجعل اقتصادنا أكثر عرضة لأي هِزَّة في أسعار النفط، كما يَحِدُ من القدرة على توليد فرص عمل مجزية. تستدعي هذه الاستنتاجات تحليلًا معمقًا للدورة الاقتصادية؛ لمعالجة جذور التحديات التي تواجهها. ولتحقيق ذلك، يتطلب الأمر إدارة وقيادة اقتصادية فاعلة وتشاركية وتضافر جهود الأفراد والقطاع الخاص، وتيسير الوصول إلى رأس المال بتوفير شروط تمويلية ملائمة لعناصر الإنتاج، وتعزيز بيئة الأعمال التنافسية لجذب الاستثمارات وتحفيز النمو، وتطوير رأس المال البشري، وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية لاستغلال مكانة عُمان في جذب الاستثمارات وتسويقها كوجهة استثمارية وسياحية متميزة. وبناء منظومة صناعات متقدمة في الشق السفلي والوسطي، من أجل توليد قيمة مضافة وفرص عمل فضلًا عن الهدف الأسمى وهو تحقيق التنويع الاقتصادي. ومن المؤمل من الإدارة والقيادة الاقتصادية المنشودة
أنَّنا نحتاج -أكثر من أي وقت مضى- لتطوير منظومة السياسات العامة لضمان إحداث تغيير حقيقي وملموس في الثقافة المؤسسية والمجتمعية من خلال تطوير الأفكار وبلورة الرؤى والقناعات الاقتصادية، وإرساء الأُسس المتينة لصناعة مُستقبلنا؛ باعتباره المحرك الرئيس للتغيير. وهنا نذكّر بأهمية وضرورة وجود مراكز دراسات وأبحاث استراتيجية تتمتع بقدر من الاستقلالية؛ لتضطلع بدور محوري في توجيه السياسات وصياغة البدائل.
ولتحقيق المُبتغى، فإنَّنا نقترح -ونحن على أعتاب إطلاق خطة خمسية جديدة- اختصارَ عدد البرامج التنموية (416 برنامجًا)، بالرغم من أهميتها في الخطة السابقة إلى برنامجيْن فقط؛ لإضفاء المزيد من التركيز. البرنامج الأول: يختص بإعادة هندسة جانبيْ الدورة الاقتصادية العُمانية (كما سبق أن أوجزنا أعلاه). والبرنامج الثاني: تفعيل دور شركات القطاع الخاص لتنفيذ المهمة المطلوبة في البرنامج الأول، وأن تبقى الحكومة تمارس دورها الأساسي والرئيس في تهيئة بيئة الأعمال وإعداد الأُطر ورفع الكفاءة وفتح الأبواب للقطاع الخاص لكي يزدهر، وأن تُسخَّر له كل المبادرات والآليات؛ باعتباره القاطرة الرئيسة القادرة على قيادة الاقتصاد نحو الازدهار المنشود.
وقبل الختام.. نقول إنَّه علينا مُلامسة واقع الاقتصاد ومكامن قوته، والتركيز على ما هو مُمكِن وكفيل بتحقيق نتائج سريعة يتلمسها المواطن البسيط، مع التركيز على مشاريع واضحة في قطاعاتنا التقليدية، والتي نمتلكُ فيها ميزةً نسبيةً حقيقية، مثل السياحة والتعدين واللوجستيات والصناعة والزراعة والثروة السمكية، مع الحد من مشاريع تتسم بدرجة عالية من الضبابية وعدم اليقين، وإن كانت هذه أيضًا مشاريع مهمة لكن ربما لم يحن وقتها.
ونختم بالقول: إن عُمان لن تُبنى إلّا بسواعد أبنائها، وجميع الحلول نراها متوفرة، وما نحتاجه الآن هو تغيير بعض القناعات والأدوات، بأخرى جديدة، تتناسب مع المرحلة الراهنة وتحدياتها، ولا بُد من أن نَقلِب الصفحة، ونبدأ صفحةً جديدةً تحمل المزيد من الشغف وعناوين: الحلول الإنتاجية، وريادة الأعمال والابتكار، والاستثمار، والتصدير. ونقول إنه على الدول الراغبة في تحقيق نهوض اقتصادي، هندسة كفتيْ الدورة الاقتصادية، من خلال تعزيز الكفة الأولى بزيادة الصادرات من السلع والخدمات، وجذب المزيد من الاستثمارات. وأيضًا التأثير على الكفة الثانية من خلال الحد من خروج الأموال أو ما يسمى بـ«إحلال الواردات» من السلع والخدمات، وإيجاد البيئة التي تستقر فيها الاستثمارات وتُعيد استثمار الأرباح كبديلٍ عن تحويلها إلى الخارج.
د. يوسف بن حمد البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستثمار والاستشارات