الجزيرة:
2025-04-16@11:32:55 GMT

حرب المؤثرين هل يربحها مناصرو غزة؟

تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT

حرب المؤثرين هل يربحها مناصرو غزة؟

لا يزال المناصرون للقضية الفلسطينية والداعمون لقطاع غزة في هذه الحرب يفاجئون العالم باستمرار، وتتفتّق أذهانهم كل يوم عن وسائل وأدوات جديدة غير مألوفة لدعم القضية الفلسطينية، والضغط لوقف الحرب على قطاع غزة. فحرب غزة كما يبدو تجاوزت حدود الإقليم وأصبحت تلقي بظلالها على العالم بأسره، وتؤثر في مختلف شرائح وطبقات المجتمعات العربية والغربية على حدّ سواء.

ويبدو أنّ صانعي القرار من السياسيين في إسرائيل والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المتحالفة مع إسرائيل لم يكونوا على دراية كافية بطبيعة جيل الشباب الذي يواجهونه اليوم، والذي أثبت أنه يملك أدوات مبتكرة وغير مسبوقة، لا لإيصال صوته فقط، بل لإحداث تأثير حقيقي في الأحداث.

ففي غمرة انشغال العالم بأخبار تمرّد الطلبة في الجامعات الأميركية، الذي انتقل الآن بقوة إلى الجامعات البريطانية والأوروبية الكبرى، وفي خضم انتشار مشاهد ردود الفعل المفاجئة للطلبة على ما يجري في غزة أثناء حفلات تخريجهم في عدد من الجامعات، كمشاهد رفع العلم الفلسطيني ولوحات الاحتجاج المبتكرة وتمزيق بعض الطلبة شهاداتهم ومعاقبتهم عددًا من المسؤولين الرسميين بمغادرة قاعة التخرج أثناء إلقاء الكلمات الرسمية.

ما يجري في العالم الرقْمي انعكاس لما يجري على الأرض، ومن الواضح أننا اليوم أمام واقع جديد مختلف تمامًا عما عهدناه من تعامل الشعوب مع القضية الفلسطينية

في خضم كل هذا المشهد، أطلق الناشطون في الولايات المتحدة حملةً كبيرةً على وسائل التواصل الاجتماعي، تجاوزت المشاهير والمؤثرين الذين أعلنوا وقوفهم مع إسرائيل في حربها الحالية، لتطال الآن هؤلاء الذين أهملوا قضية غزة ولم يتحدثوا عنها بما يناسب خطورة الحدث من فئة مشاهير ومؤثري وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بالتحريض على حظرهم، لا إلغاء متابعتهم فقط، بهدف إحداث تأثير مادي ملموس على هؤلاء المشاهير وإحداث هزة حقيقية لهم.

هذه الحملة المحمومة ما لبثت أن انتقلت إلى العالم العربي، ليبدأ عدد من الناشطين نفس الحملة بحق عدد كبير من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الذين لم يكن لهم أي دور في مساندة غزة في هذه الحرب وتجاهلوا المجازر الإسرائيلية بحق مدنيي غزة، ولم يسمع لبعضهم صوتٌ منذ بداية الحرب، أو سُمع لبعضهم عبارة أو اثنتان من قبيل "رفع العتب" كما يعتبرها الناشطون.

هذه الحملة تحمل مفارقتين اثنتين تبينان أننا لم نعد نتعامل مع شباب عاطفي مندفع دون هدف، وإنما نقف أمام جيلٍ واعٍ يفهم بالضبط ماذا يريد ويعلم تمامًا كيف يكون مؤثرًا في الساحة ماديًا لا معنويًا، ولا يشكل ظاهرةً صوتيةً فقط كما كان يظن بعض السياسيين.

المفارقة الأولى: أن الحملة لم تدعُ إلى "إلغاء متابعة" هؤلاء المشاهير والمؤثرين كما كانت الحملات السابقة في أي حدثٍ كبير يتفاعل معه جمهور وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما دعت الحملة إلى "حظر" هؤلاء، والفرق بين إلغاء المتابعة والحظر من حيث الأثر المادي كبير في الحقيقة. فإلغاء متابعة هؤلاء المشاهير لا يؤثر فعليًا في مدخولاتهم المالية الكبرى التي تعتمد على الإعلانات، لأن إلغاء المتابعة لا يؤثر في خوارزميات الإعلان كثيرًا، بل يزيل المؤثر من قائمة الشخص الذي ألغى متابعته.

أما الحظر، فإنه يؤثر في خوارزميات الإعلانات التي يعتمد عليها هؤلاء في تنمية مدخولاتهم المالية من تلك المنصات، لأن الحظر يجعل المنصة تزيل كل ما يتعلق بالمؤثر المستهدف أو اهتماماته، وما يمكن أن يوصِل إليه أو ما يمثل اهتماماته التي جعلته من صنف "المشاهير" و"المؤثرين"، ويمنع المنصة من اقتراح محتواه وما شابهه مستقبلًا للمتابعين الذين حظروه.

كما يعطي الحظرُ إشعارًا لخوارزميات المنصة بأن المحتوى الذي يقدمه ذلك "المؤثر" غير مرغوب به لدى الجمهور بشكل عام، مما يؤثر سلبًا على خوارزميات المنصة ويمنعها مستقبلًا من اقتراح محتوى المؤثر المستهدف لدى جمهور جديد، وبالتالي يؤثر ذلك سلبًا على عدد المتابعين الجدد، وعلى الشركات التي تدعم أعمالهم التجارية وتعلن من خلالهم، وهذا الأمر يشكل المدخل الأساسي لحرمان هؤلاء من مدخولاتهم المادية ويعطي إشارةً للشركات التي تعلن من خلالهم بعدم جدوى ذلك.

المفارقة الثانية: أن هذه الحملة انطلقت ابتداءً من الدول الغربية بحق مشاهير ومؤثرين غربيين قبل أن تبدأ في البلدان العربية، وحددت لنفسها هدفًا واضحًا لا خياليًا، فقد سارعت بإعلان قوائم المؤثرين المستهدفين مع ذكر أسباب استهدافهم بوضوح ولم تترك الأمر للفوضى، وبيّنت في البداية أن شرارة إطلاقها كان حفل "ميت غالا" الذي شارك فيه عدد كبير من مشاهير الولايات المتحدة؛ لجمع التبرعات لأجل دعم دور الأزياء الحديثة، وجعلت هذه الحملة بالتالي فكرة "الإنسانية" مقابِلةً لفكرة "الموضة"، ووضعت الشعوب أمام مسؤولياتها.

كما أن هذه الحملة لم تستهدف الذين أعلنوا وقوفهم إلى جانب إسرائيل؛ لأنهم مقاطَعون بالفعل، بل استهدفت هذه المرّة هؤلاء الذين لم يتخذوا موقفًا واضحًا أو اتخذوا موقفًا ضبابيًا، وذلك لبيان أن الأمر لم يعد يحتمل التجاهل.

الأثر كبير وحقيقي، ومن الواضح أن حجم الاستجابة لهذه الحملة كبير، سواء في الدول الغربية أو الدول العربية، إذ تظهر الإحصائيات التي توفرها المنصات تناقصًا كبيرًا لدى بعض هؤلاء المشاهير وصل في إحدى الحالات إلى فقدان أكثر من ثلاثة ملايين متابع خلال أقل من أسبوع، مما دفع بعضهم إلى التعامل مع الموضوع جديًا وبشكل علني، بعد أن كان الرد مقتصرًا على التجاهل.

ففي إحدى الحالات رأينا إحدى الشخصيات المصنفة ضمن مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرت مقطعًا قصيرًا خجولًا تظهر فيه تعاطفها الإنساني مع المدنيين في غزة، وهو الأمر الذي ظهر وكأنه مجرد "رفع عتب" أدى فعليًا إلى زيادة قوة هذه الحملة ورفض هذه المواقف الخجولة.

وفي حالة أخرى رأينا إحدى الشخصيات تظهر في فيديو تحاول فيه تبرير تجاهلها قضية غزة بادعاء أنها "لا تحمل الخبرة المناسبة" في هذا الموضوع وأنه صراع "شديد التعقيد". وفي الواقع فإن هذا الفيديو أدى إلى ازدياد الحملة ضدها ضراوةً، حيث لا يمكن الادعاء أن ما يجري في غزة شديد التعقيد أو غير واضح، إذ إن المذابح التي ترتكبها إسرائيل يوميًا في القطاع لم تترك لأحدٍ حجةً سواء في الدفاع عن إسرائيل، أو تجاهل ما تفعله يوميًا في القطاع.

ما يجري في العالم الرقمي انعكاس لما يجري على الأرض، ومن الواضح أننا اليوم أمام واقع جديد مختلف تمامًا عما عهدناه من تعامل الشعوب مع القضية الفلسطينية. وهذه الموجة الشعبية الشبابية الكبيرة من الاستنكار والرفض والتفنن في أساليب الضغط الشعبي على إسرائيل وداعميها، لن تمر دون أن يكون لها أثر كبير في المستقبل المنظور، فما يجري حاليًا يشبه إلى حد كبير موجاتٍ شعبيةً مشابهةً حصلت سابقًا ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا على سبيل المثال، وبالرغم من أنها واجهت في البداية رفضًا حكوميًا وصل إلى حد العنف، فإنها في النهاية أثمرت عن اضطرار السياسيين إلى رفع الحصانة عن ذلك النظام وأدت إلى تفكيكه في النهاية.

وكذلك كان الأمر في حرب فيتنام عندما أسفر الضغط المتواصل للرافضين للحرب في النهاية عن رفع الغطاء الشعبي عنها، بالرغم من كل حملات الحكومة الأميركية لشيطنة الرافضين لغزو فيتنام، وأدى ذلك في النهاية إلى انهيار معسكر التأييد لتلك الحرب، وبالتالي انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام. ولا يوجد سبب للقول إن إسرائيل استثناءٌ من ذلك، فالضغط الكبير، والتنوع في أساليب هذا الضغط سيؤديان في النهاية إلى إجراء تأثير حقيقي في السياسة الخارجية للعالم كله، ونظرته لحكومة نتنياهو التي أصبحت عبئًا حقيقيًا، وهذا التغيير لم يعد مسألة مبدأ، بل مسألة وقت فقط.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وسائل التواصل الاجتماعی هؤلاء المشاهیر هذه الحملة فی النهایة ما یجری فی

إقرأ أيضاً:

هنا الزاهد أبرزهم.. هؤلاء النجوم الأعلى مشاهدة في السعودية

متابعة بتجــرد: كشف معالي المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية، عن قائمة الفنانين والأعمال الأكثر مشاهدة خلال الأشهر الستة الماضية في مجالات السينما، التلفزيون، والبرامج، مؤكداً أن المرحلة القادمة ستشهد إنتاجات ضخمة ومفاجآت كبرى.

هشام ماجد وهنا الزاهد في صدارة السينما

أوضح آل الشيخ عبر منشور على صفحته الرسمية في “فيسبوك” أن هشام ماجد وهنا الزاهد تصدّرا قائمة النجوم الأكثر مشاهدة في السينما داخل المملكة، بينما حافظ هشام ماجد على حضوره القوي في الدراما أيضاً، إلى جانب الفنانة مي عمر التي برزت بقوة في الموسم الرمضاني بمسلسل “إش إش”.

كما أشار إلى أن لقب “النجم الصاعد الأكثر مشاهدة” خلال الفترة ذاتها، ذهب للفنان مصطفى غريب، لما حققه من حضور لافت ونسبة متابعة مرتفعة.

مفاجأة المشاهدة: مسلسل “80 باكو”

فاجأ المستشار المتابعين بالكشف عن مسلسل غير متوقع ضمن قائمة الأعلى مشاهدة، وهو “80 باكو”، واصفًا إياه بـ”المفاجأة الكبيرة” التي حققت نسب مشاهدة عالية، رغم منافسة أسماء بارزة.

أما على صعيد البرامج، فقد حافظ رامز جلال على موقعه المتقدم بفارق كبير عن غيره، فيما أكد آل الشيخ أن مسلسل “اللعبة” لا يزال يحتل صدارة الأعمال الدرامية المتسلسلة.

تميّز في الإخراج والكتابة

نوّه آل الشيخ أيضاً إلى تألق كل من المخرج خالد دياب والكاتبة شيرين دياب، مشيرًا إلى أنهما بدأا بتكوين قاعدة جماهيرية قوية في المملكة خلال الفترة الأخيرة.

مشاريع ضخمة قادمة بدعم رسمي

وفي ما يخص المستقبل، كشف آل الشيخ عن تحضيرات مكثفة لإطلاق أعمال ضخمة في السينما تحت رعاية الهيئة العامة للترفيه وموسم الرياض، بالتعاون مع استوديوهات BIG TIME وصندوقها الخاص. كما أشار إلى وجود 3 مسلسلات درامية قيد التحضير بإشراف وإنتاج مباشر من الهيئة، إلى جانب برنامجين تلفزيونيين من المتوقع أن يُحدثا نقلة نوعية في 2025 و2026.

وأكد في ختام حديثه: “أي محتوى يحمل ختم GEA وموسم الرياض، نحن نقف خلفه بالكامل. أما الأعمال المعروضة على MBC، شاهد، وروتانا، فليست بالضرورة ضمن إشرافنا المباشر. التفاصيل قريبًا”.

مي عمر: شهادة أعتز بها

من جانبها، عبّرت الفنانة مي عمر عن سعادتها الكبيرة بوجود اسمها ضمن قائمة النجوم الأعلى مشاهدة في السعودية، وكتبت عبر خاصية “الستوري” في حسابها على “إنستغرام”: “شكراً معالي المستشار تركي آل الشيخ، شهادة كبيرة من شخصكم الكريم. هذا البوست تتويج للتعب والمجهود، وإن شاء الله القادم أفضل”.

main 2025-04-15Bitajarod

مقالات مشابهة

  • مجرد التجوال حرا في لندن، وارتياد أماكن يحتمل فيها تواجد السودانيين. هل سيفعل ذلك؟
  • حماس ونتنياهو يصعدان الضغوط المتبادلة وهذا ما يجري داخل إسرائيل
  • هؤلاء القوم بلا حياء.. ولا أمل فيهم
  • التحفظ على 27 طنًّا من فرزة القمامة وإزالة عدد كبير من العشش والتعديات بمناخ بورسعيد
  • مساءً.. هذا ما يجري في أجواء عدد من البلدات الجنوبية
  • في ظلّ ما يجري في أمريكا: العالم إلى أين؟
  • نيويورك تايمز: خبايا الحملة التي يشنها ترامب ضد الجامعات الأميركية
  • هنا الزاهد أبرزهم.. هؤلاء النجوم الأعلى مشاهدة في السعودية
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة
  • ناجي الكرشابي يكتب.. ألا يستحق الأهل بمعسكر زمزم هذا (..)!؟