الجزيرة:
2025-03-12@23:53:25 GMT

حرب المؤثرين هل يربحها مناصرو غزة؟

تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT

حرب المؤثرين هل يربحها مناصرو غزة؟

لا يزال المناصرون للقضية الفلسطينية والداعمون لقطاع غزة في هذه الحرب يفاجئون العالم باستمرار، وتتفتّق أذهانهم كل يوم عن وسائل وأدوات جديدة غير مألوفة لدعم القضية الفلسطينية، والضغط لوقف الحرب على قطاع غزة. فحرب غزة كما يبدو تجاوزت حدود الإقليم وأصبحت تلقي بظلالها على العالم بأسره، وتؤثر في مختلف شرائح وطبقات المجتمعات العربية والغربية على حدّ سواء.

ويبدو أنّ صانعي القرار من السياسيين في إسرائيل والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المتحالفة مع إسرائيل لم يكونوا على دراية كافية بطبيعة جيل الشباب الذي يواجهونه اليوم، والذي أثبت أنه يملك أدوات مبتكرة وغير مسبوقة، لا لإيصال صوته فقط، بل لإحداث تأثير حقيقي في الأحداث.

ففي غمرة انشغال العالم بأخبار تمرّد الطلبة في الجامعات الأميركية، الذي انتقل الآن بقوة إلى الجامعات البريطانية والأوروبية الكبرى، وفي خضم انتشار مشاهد ردود الفعل المفاجئة للطلبة على ما يجري في غزة أثناء حفلات تخريجهم في عدد من الجامعات، كمشاهد رفع العلم الفلسطيني ولوحات الاحتجاج المبتكرة وتمزيق بعض الطلبة شهاداتهم ومعاقبتهم عددًا من المسؤولين الرسميين بمغادرة قاعة التخرج أثناء إلقاء الكلمات الرسمية.

ما يجري في العالم الرقْمي انعكاس لما يجري على الأرض، ومن الواضح أننا اليوم أمام واقع جديد مختلف تمامًا عما عهدناه من تعامل الشعوب مع القضية الفلسطينية

في خضم كل هذا المشهد، أطلق الناشطون في الولايات المتحدة حملةً كبيرةً على وسائل التواصل الاجتماعي، تجاوزت المشاهير والمؤثرين الذين أعلنوا وقوفهم مع إسرائيل في حربها الحالية، لتطال الآن هؤلاء الذين أهملوا قضية غزة ولم يتحدثوا عنها بما يناسب خطورة الحدث من فئة مشاهير ومؤثري وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بالتحريض على حظرهم، لا إلغاء متابعتهم فقط، بهدف إحداث تأثير مادي ملموس على هؤلاء المشاهير وإحداث هزة حقيقية لهم.

هذه الحملة المحمومة ما لبثت أن انتقلت إلى العالم العربي، ليبدأ عدد من الناشطين نفس الحملة بحق عدد كبير من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الذين لم يكن لهم أي دور في مساندة غزة في هذه الحرب وتجاهلوا المجازر الإسرائيلية بحق مدنيي غزة، ولم يسمع لبعضهم صوتٌ منذ بداية الحرب، أو سُمع لبعضهم عبارة أو اثنتان من قبيل "رفع العتب" كما يعتبرها الناشطون.

هذه الحملة تحمل مفارقتين اثنتين تبينان أننا لم نعد نتعامل مع شباب عاطفي مندفع دون هدف، وإنما نقف أمام جيلٍ واعٍ يفهم بالضبط ماذا يريد ويعلم تمامًا كيف يكون مؤثرًا في الساحة ماديًا لا معنويًا، ولا يشكل ظاهرةً صوتيةً فقط كما كان يظن بعض السياسيين.

المفارقة الأولى: أن الحملة لم تدعُ إلى "إلغاء متابعة" هؤلاء المشاهير والمؤثرين كما كانت الحملات السابقة في أي حدثٍ كبير يتفاعل معه جمهور وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما دعت الحملة إلى "حظر" هؤلاء، والفرق بين إلغاء المتابعة والحظر من حيث الأثر المادي كبير في الحقيقة. فإلغاء متابعة هؤلاء المشاهير لا يؤثر فعليًا في مدخولاتهم المالية الكبرى التي تعتمد على الإعلانات، لأن إلغاء المتابعة لا يؤثر في خوارزميات الإعلان كثيرًا، بل يزيل المؤثر من قائمة الشخص الذي ألغى متابعته.

أما الحظر، فإنه يؤثر في خوارزميات الإعلانات التي يعتمد عليها هؤلاء في تنمية مدخولاتهم المالية من تلك المنصات، لأن الحظر يجعل المنصة تزيل كل ما يتعلق بالمؤثر المستهدف أو اهتماماته، وما يمكن أن يوصِل إليه أو ما يمثل اهتماماته التي جعلته من صنف "المشاهير" و"المؤثرين"، ويمنع المنصة من اقتراح محتواه وما شابهه مستقبلًا للمتابعين الذين حظروه.

كما يعطي الحظرُ إشعارًا لخوارزميات المنصة بأن المحتوى الذي يقدمه ذلك "المؤثر" غير مرغوب به لدى الجمهور بشكل عام، مما يؤثر سلبًا على خوارزميات المنصة ويمنعها مستقبلًا من اقتراح محتوى المؤثر المستهدف لدى جمهور جديد، وبالتالي يؤثر ذلك سلبًا على عدد المتابعين الجدد، وعلى الشركات التي تدعم أعمالهم التجارية وتعلن من خلالهم، وهذا الأمر يشكل المدخل الأساسي لحرمان هؤلاء من مدخولاتهم المادية ويعطي إشارةً للشركات التي تعلن من خلالهم بعدم جدوى ذلك.

المفارقة الثانية: أن هذه الحملة انطلقت ابتداءً من الدول الغربية بحق مشاهير ومؤثرين غربيين قبل أن تبدأ في البلدان العربية، وحددت لنفسها هدفًا واضحًا لا خياليًا، فقد سارعت بإعلان قوائم المؤثرين المستهدفين مع ذكر أسباب استهدافهم بوضوح ولم تترك الأمر للفوضى، وبيّنت في البداية أن شرارة إطلاقها كان حفل "ميت غالا" الذي شارك فيه عدد كبير من مشاهير الولايات المتحدة؛ لجمع التبرعات لأجل دعم دور الأزياء الحديثة، وجعلت هذه الحملة بالتالي فكرة "الإنسانية" مقابِلةً لفكرة "الموضة"، ووضعت الشعوب أمام مسؤولياتها.

كما أن هذه الحملة لم تستهدف الذين أعلنوا وقوفهم إلى جانب إسرائيل؛ لأنهم مقاطَعون بالفعل، بل استهدفت هذه المرّة هؤلاء الذين لم يتخذوا موقفًا واضحًا أو اتخذوا موقفًا ضبابيًا، وذلك لبيان أن الأمر لم يعد يحتمل التجاهل.

الأثر كبير وحقيقي، ومن الواضح أن حجم الاستجابة لهذه الحملة كبير، سواء في الدول الغربية أو الدول العربية، إذ تظهر الإحصائيات التي توفرها المنصات تناقصًا كبيرًا لدى بعض هؤلاء المشاهير وصل في إحدى الحالات إلى فقدان أكثر من ثلاثة ملايين متابع خلال أقل من أسبوع، مما دفع بعضهم إلى التعامل مع الموضوع جديًا وبشكل علني، بعد أن كان الرد مقتصرًا على التجاهل.

ففي إحدى الحالات رأينا إحدى الشخصيات المصنفة ضمن مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرت مقطعًا قصيرًا خجولًا تظهر فيه تعاطفها الإنساني مع المدنيين في غزة، وهو الأمر الذي ظهر وكأنه مجرد "رفع عتب" أدى فعليًا إلى زيادة قوة هذه الحملة ورفض هذه المواقف الخجولة.

وفي حالة أخرى رأينا إحدى الشخصيات تظهر في فيديو تحاول فيه تبرير تجاهلها قضية غزة بادعاء أنها "لا تحمل الخبرة المناسبة" في هذا الموضوع وأنه صراع "شديد التعقيد". وفي الواقع فإن هذا الفيديو أدى إلى ازدياد الحملة ضدها ضراوةً، حيث لا يمكن الادعاء أن ما يجري في غزة شديد التعقيد أو غير واضح، إذ إن المذابح التي ترتكبها إسرائيل يوميًا في القطاع لم تترك لأحدٍ حجةً سواء في الدفاع عن إسرائيل، أو تجاهل ما تفعله يوميًا في القطاع.

ما يجري في العالم الرقمي انعكاس لما يجري على الأرض، ومن الواضح أننا اليوم أمام واقع جديد مختلف تمامًا عما عهدناه من تعامل الشعوب مع القضية الفلسطينية. وهذه الموجة الشعبية الشبابية الكبيرة من الاستنكار والرفض والتفنن في أساليب الضغط الشعبي على إسرائيل وداعميها، لن تمر دون أن يكون لها أثر كبير في المستقبل المنظور، فما يجري حاليًا يشبه إلى حد كبير موجاتٍ شعبيةً مشابهةً حصلت سابقًا ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا على سبيل المثال، وبالرغم من أنها واجهت في البداية رفضًا حكوميًا وصل إلى حد العنف، فإنها في النهاية أثمرت عن اضطرار السياسيين إلى رفع الحصانة عن ذلك النظام وأدت إلى تفكيكه في النهاية.

وكذلك كان الأمر في حرب فيتنام عندما أسفر الضغط المتواصل للرافضين للحرب في النهاية عن رفع الغطاء الشعبي عنها، بالرغم من كل حملات الحكومة الأميركية لشيطنة الرافضين لغزو فيتنام، وأدى ذلك في النهاية إلى انهيار معسكر التأييد لتلك الحرب، وبالتالي انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام. ولا يوجد سبب للقول إن إسرائيل استثناءٌ من ذلك، فالضغط الكبير، والتنوع في أساليب هذا الضغط سيؤديان في النهاية إلى إجراء تأثير حقيقي في السياسة الخارجية للعالم كله، ونظرته لحكومة نتنياهو التي أصبحت عبئًا حقيقيًا، وهذا التغيير لم يعد مسألة مبدأ، بل مسألة وقت فقط.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وسائل التواصل الاجتماعی هؤلاء المشاهیر هذه الحملة فی النهایة ما یجری فی

إقرأ أيضاً:

هؤلاء يحصلون اليوم على 250 جنيها زيادة في بطاقات التموين.. التفاصيل والشروط

تواصل وزارة التموين صرف الزيادة المقررة على بطاقات التموين خلال شهر رمضان 2025، حيث يستفيد منها 10 ملايين أسرة من الفئات الأكثر احتياجا، وذلك خلال الفترة من 10 إلى 15 رمضان 2025.

تأتي هذه الخطوة ضمن الحزمة الاجتماعية الجديدة التي تهدف إلى دعم المواطنين المقيدين في منظومة التموين، ومساعدتهم في الحصول على احتياجاتهم الأساسية بأسعار مدعمة.  

الدعم الإضافي لبطاقات التموين في رمضان 2025  

أعلن وزير المالية، الدكتور أحمد كجوك، عن تخصيص دعم إضافي لمستحقي بطاقات التموين، والذي يستمر حتى يونيو 2025.

هؤلاء يحصلون اليوم على 250 جنيها زيادة في بطاقات التموين

وأوضح أن هذا الدعم يستهدف الأسر الأكثر احتياجا، والأسر التي تضم فردا واحدا تحصل علي زيادة الدعم بمقدار 125 جنيها شهريا، والأسر التي تضم فردين أو أكثر تحصل علي زيادة الدعم بمقدار 250 جنيها شهريا.  

يستمر صرف هذه الزيادة حتى 15 رمضان 2025، تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية بتقديم الدعم الإضافي للفئات المستحقة، بما يضمن توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة خلال الشهر الكريم.  

أسعار السلع التموينية لشهر مارس 2025  

أعلنت وزارة التموين عن قائمة أسعار السلع التموينية لشهر مارس 2025، والتي تشمل المنتجات الأساسية المتاحة للمستفيدين عبر المنافذ التموينية المختلفة:  

منتجات الألبان 
الجبنة تتراباك (500 جم) – 14 جنيها. 
الجبنة تتراباك (250 جم) – 7.50 جنيه. 
اللبن المجفف (125 جم) – 25.50 جنيها. 
الجبن الأبيض (125 جم) – 4.50 جنيه. 

منتجات البسكويت والشاي والقهوة 
البسكويت بوو (أنواع مختلفة) – 3.75 جنيه. 
البسكويت تومورو (أنواع مختلفة) – 3 جنيهات. 
القهوة سريعة الذوبان (18 جم) – 4 جنيهات. 
الشاي الناعم (40 جم) – 5 جنيهات. 
البسكويت يويوز سادة – 1.50 جنيه. 
البسكويت يويوز ويفر – 2.75 جنيه.
 

منتجات التنظيف 
مسحوق الغسيل الأوتوماتيك (800 جم) – 25 جنيها. 
مسحوق الغسيل العادي اليدوي (800 جم) – 16 جنيها. 
سائل غسيل الأواني (80 جم) – 3 جنيهات. 
صابون الغسيل (125 جم) – 3 جنيهات. 
صابون التواليت (125 جم) – 7.50 جنيه. 
 

السلع الأساسية 
العدس المجروش (500 جم) – 21 جنيها. 
الفول المعبأ (500 جم) – 9 جنيهات. 
المسلي الصناعي (800 جم) – 36 جنيها. 
الصلصة (300 جم) – 8 جنيهات. 
ملح الطعام (300 جم) – 1.25 جنيه. 
الزيت الخليط (800 مل) – 30 جنيها. 
السكر المعبأ (1 كجم) – 12.60 جنيها. 
الدقيق المعبأ (1 كجم) – 18 جنيها. 
بار حلاوة طحينية سادة (40 جم) – 3 جنيهات. 
 

السلع الغذائية والمعلبات 
المربى (350 جم) – 16 جنيها. 
الطحينة البيضاء (140 جم) – 3.75 جنيه. 
مرقة الدجاج (علبة) – 6 جنيهات. 
المكرونة (800 جم) – 13 جنيها. 
المكرونة (400 جم) – 6.50 جنيه. 
التونة المفتتة (140 جم) – 18 جنيها.

وتأتي هذه الإجراءات في إطار جهود الدولة لتعزيز الحماية الاجتماعية وتقديم الدعم اللازم للفئات الأكثر احتياجا خلال شهر رمضان، بهدف توفير حياة كريمة وضمان استقرار أسعار السلع التموينية الأساسية.

مقالات مشابهة

  • تحذير .. هؤلاء الأشخاص الأكثر عرضة لانخفاض حرارة الجسم
  • خامنئي يتحدث عن فقدان السنوار وهنية ونصر الله
  • حسين فهمي.. حين يصبح التشجيع بطولة في ألعاب تورين 2025
  • حياتي بين عالمين
  • هؤلاء يحصلون اليوم على 250 جنيها زيادة في بطاقات التموين.. التفاصيل والشروط
  • مش العصبيين والمتوترين .. هؤلاء الأكثر عرضة للإصابة بـ القولون العصبي
  • دكتوراه في الجهل
  • ساعات تفصلنا لانتهاء المهلة التي حددها زعيم الحوثيين باستئناف الهجمات على إسرائيل والبحر الأحمر
  • راتكليف ينتقد بعض نجوم يونايتد
  • صفعة على الوجه.. هؤلاء ندموا لتصويتهم لصالح ترامب