سودانايل:
2024-12-17@09:44:20 GMT

حجران بعصفور واحد سرد

تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT

أبوذر بابكر

abuzar_mohd5@hotmail.com

حجران بعصفور واحد سرد
**************************
لن يتلطخ الريش الجميل بدم الأشجار.
في حقلنا الكبير، دوما كانت الأحجار أكثر من العصافير لم نكترث لتفاوت العدد طالما أن الفصول تتوالى بما فيها ولديها، وطالما النهر يسير لم نفكر كثيرا فيما يضمره قلب الحجر، فمعرفة النوايا أبعد قليلا من إدراك خبايا عمق النهر كانت نية الحجر هي ذاتها التي اعتمدها قابيل وسيلة للكسب، دون اعتبار لما سيحدث فالفوز غاية والنصل وسيلة، عند كليهما، قابيل والحجر لم يكن لقابيل سواه وغيره لكن لم يقل أحد للحجر أن يفكر بغيره قبل أن يخوض حربه ويحوز كسبه؟ أن يتذكر مَن يحلمون بالسلام أن يسدد فاتورة الحياة قبل حلول سداد دين الموت أن يفكر فيما سيفعله الغمام، حين يأتِ الحقل زائرا محملا بوعود الخصب وثياب الأرض الخضراء فلا يجد في استقباله غير القبور لكن ما كنا على يقين به هو أن ذاكرة العصافير لم تمتلئ يوما بمفردات القتل وأبجدية الموت فهي تنام وهي تُحصي عدد الكواكب التي تجلس على مقاعد السماء وتخمن أيها أكثر من الأخرى، كواكب السموات البعيدة أم أوراق أشجار النيم القريبة تبتسم العصافير ثم تسلم مفاتيح أحلامها لحراس النعاس، وتنام

الآن
مَن ذا الذي يجد براحا وحيزا في جسد النوم ليحلم؟ هل ستعود الشمس غدا في موعدها؟ متى ستتساوى دموع شمعة تبكي حضور الظلام مع نظرات شمس تضحك في غياب الصباح؟ متى سيتنازل القمر عن وقاره لمصباح عتيق يجلس على مقعد في مقهى الليل المقتول؟

الآن
استيقظ قابيل من صحوه الجديد، لينام في ظل وهمه القديم

عليك يا هابيل أن تصنع المطر
وعليّ ترويض الحجر
سيصير الحقل لحافا
يغوي كل سنابل الأحلام
سننام جميعا
فلربما تطرق البذور باب التراب
ونفتح الأرواح أبوابا
لمسيرات الغمام
لأن ألوفاً من الآمال ماتت
لأن سيوفاً من الأحقاد باتت
تحرس الدم مما قد يصيبه من ماء النهر
تحجب الحجر من رمية العصفور

الآن
ينتحب العصفور وهو يبتسم
صرت أنا القاتل والمقتول

سيموت الأطفال وهم لا يعلمون الفرق بين القبور ومواعين الزهور
ستموت الأشجار وهي تسأل، مَن الذي انتصر؟

هل السلام خليفة الحرب، أم وريث الحب؟
والقادرون على جمع محصول السلام وحدهم من يستطيعوا رتق الأحلام
كيف للبعض أن يدمر عالم الكل؟ كيف لهم أن يكونوا آثمين
وباب توبتنا مشرع يفضي الى قلب أم قايضت قلبها بقبر صغير ليأخذ طفلها فيه استراحة من صخب البارود في روحه
الآن
السلام عصفور جريح بلا أجنحة، يسيل دمه اخضرا على استار كعبة الوطن، والوطن سماء ثامنة، ولا براق كي يعرج بنا/بهم للقاء الله.



أنشأ الحجر كلمة "حرب" من ثلاثة حروف فقط، فعلى الرغم من قلة الحروف، إلا أن كل نواقض الحياة تحتشد بداخلها، اعتزم العصفور حذف ال "راء" من وسطها، فنازعه الحجر

الآن
قرر العصفور، بكل ما اوتي من حزن، ألا يسمح ل "همزة/طلقة" طائشة أن تهبط بعد "واو" السودان
وتزيح في طريقها ما تبقى من حروف
والحجر متمسك ما لديه من همزات وطلقات طائشة ليسكنها بعد ال "واو"

من قبل قال قتيل:
الحرب مأساة يستعمل فيها الانسان أفضل ما لديه ليلحق بنفسه أسوأ ما يصيبه

الآن
لا تبحثوا عن سبب الحرب في افواه البنادق
بل انبشوا في قلوب القتلة
يخشى العصفور ألا تنتهي الحرب إلا بعد أن يعود الموتى
ويعرف أن الحرب ستلتهم الحجر
سيحلق العصفور صوب سماء تسكنها الثقوب والدعاء

أما بعد،
سوف يربح المتحاربون المعركة لا بمقدار ما يقتلوا من خصوم، ولكن بمقدار ما يقتلوا في نفوسهم من رغبة في القتل.

ستعود الشمس في موعدها سيهطل المطر
ويحلق العصفور  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مكالمة الوداع!!

أطياف

طيف أول:

ما بين البُعد والمسافة ساعة تضبط ذاتها للرحيل

بعد أن ضللت عقاربها حواس الكون بالزحف إلى الوراء

أحيانا تربكك فكرة صلبك على الحائط، ويتعبك استيعاب قدر الرحيل الذي لا بد منه!!

وتركيا كانت أول الملوحين بالوداع للرئيس المخلوع بشار الأسد، وأول الذين سلموا المفتاح لدك الأسوار والحصون، حتى تتمكن المعارضة السورية من إسقاط أكبر إمبراطورية للتعذيب والقتل والتشريد التي شيدها بشار الأسد تعديا على شعبه والإنسانية.

وأردوغان كان آخر المتصلين ببشار الأسد في مكالمة كانت الأخيرة قدم فيها خيارات التنحي والنصح له، ولكن كان بشار من الذين وضعوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا استكبارا.

ولم يسمعه، وذلك لغروره كحالة طبيعية وصفة وسلوك للطغاة، الذين يزين لهم الشيطان ملكهم على جثث الشعب، ولكن ماذا حدث بعد المكالمة التي جمعت بين الرئيس التركي والرئيس السوري المخلوع، انهارت بعدها الإمبراطورية على رأسه.

ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يهاتف أردوغان فيما يتعلق بسوريا، ويحدثه عن ضرورة الحفاظ على الأمن القومي الإقليمي.

وأردوغان بعدها يهاتف الفريق عبد الفتاح البرهان ليخبره رغبته في التوسط بينه ودولة الإمارات “حسب الأخبار”، وهو بلا شك عنوان حركي للمكالمة فالحديث عن الوساطة بينهم والإمارات ليس هو ما دفع أردوغان لمهاتفة الجنرال فتركيا تقود هذه الأيام خطا هجوميا على الأنظمة الدكتاتورية برغبة ورعاية أمريكية، لذلك بادرت بمكالمة الوداع كصافرة أخيرة، والتي تكشف بلا شك إخطار الجنرال بوصوله محطة النهاية!! وله أن يختار الخروج آمنا، أو يختار أن يكون بشار

فالعنوان الحقيقي هو طلب أردوغان من البرهان الذهاب إلى التفاوض

فالحوار مع الإمارات يعني التوجه إلى منبر التفاوض حتى ينتهي به، ولكن قد يكون عنوان الوساطة مقصوداً حتى يمنح البرهان فرصة لحفظ ماء الوجه ولقبوله التفاوض بصيغة أخرى، حتى لا يأتي القبول في وقت ظلت فيه لا الرفض.

وتركيا، بالرغم من أنها الدولة الحاضنة للفلول، لكنها واحدة من الدول التي تدعم خط التغيير ووقف الحرب في السودان وفقا لما يجمعها من علاقة بالكبار.

حتى إنها ظلت طوال فترة الحرب ممتنعة عن الدعم السياسي للبرهان في المنابر الدولية، وتحفظت حكومتها عن أي تصريح يدعم حكومة الأمر الواقع، ولم تتضامن في يوم مع نظام الإخوان المقيمين على أراضيها، أو تواسيهم في قضيتهم، ولم تقدم دعما معنويا للعسكريين في السودان، ولم تدوا حكومتها أي انتقاد أي طرف، ظلت تتمتع بالحصافة السياسية في تعاطيها مع القضية السودانية، ونظرت إلى قضية الإخوان من زاوية اقتصادية بحتة، وجردتهم من أموالهم لصالح بلدها، ودعم خطة الاستثمار هناك، دون أن تمد لهم يد العون سياسيا.

هذه الحصافة هي التي جعلت تركيا، تجلس “موجب” طول فترة الحرب الأمر الذي يجعل حضورها الآن مقبولاً، وعليه أن يمكنها من قيادة دور مؤثر سيغير في النتائج بصفتها لاعب جديداً على مستطيل الحل السياسي.

فعندما سمحت تركيا لمنابرها ببث تصريحات عبد الحي يوسف عنها بأنها لم تدعم البرهان.

لم يكن هذا مجرد “نكران جميل” لعبد الحي للبلد التي آوته وفتحت له أبواب التجارة والاستثمار، ولكنها كانت تصريحات بموافقة الحكومة التركية للتمهيد لتبرئة أوردغان من علاقته بالبرهان وتسويق دوره الحالي

لذلك ذكرنا وقتها أن تصريحات عبد الحي تقف خلفها جهات خارجية أرادت أن تقدم تركيا بأيادي بيضاء للمساهمة في الحل السياسي الذي يضّعف إن كان للدولة دور في دعم ميدان الحرب ويقوى كلما ابتعدت عن الصراع، وفي ذات الوقت تصور البرهان كمخطئ يستحق أن يرفع عنه الغطاء.

والآن يظهر أردوغان في الوقت المناسب ليخدم خط التحالف التركي الأمريكي الإسرائيلي لتشكيل الوجه الجديد للشرق الأوسط.

خطوة بلا شك تقطع آخر خيوط العشم عن العسكريين، وتأتي ضد رغبة الفلول التي تأخذ من بلاد أردوغان مهربا ومخبأ لها.

ومكالمة الوداع تعني أن تركيا الآن سيكون لها دور فاعل وكبير ليس في وضع أسس الحل، ولكن في رسم خارطة الطريق المؤدية للنهايات بالنسبة للفريق عبد الفتاح البرهان، وستتبعها روسيا في أيام قليلة بذات النهج في عملية التخلي كما تبعتها في سوريا، ولأننا تحدثنا بعد حق الفيتو الروسي أن القضية قضية صفقات وليس صفعات، فيبدو أن أمريكا تعمل الآن على “خلخلة” سقوف الأنظمة المتجبرة من أعمدة وزوايا الحلفاء!!

فالقادم لا يبشر بالنسبة للقيادات العسكرية ونظام الإخوان، وقد تشهد أيام قليلة قادمة انسحاب قيادات عسكرية وإخوانية من الملعب، أو أن يسارع البرهان بالسفر إلى واحدة من دول الجوار لبحث كيفية تنفيذ الخطوة المطلوبة برؤية مختلفة.

هذا إن لم تكن السعودية الآن تضيء قاعة التفاوض، وتعيد ترتيب المقاعد حول الطاولة سيما أن الأنباء تتحدث عن وجود قيادات عسكرية الآن من الطرفين هناك بعيدا عن قاعة التفاوض.

طيف أخير

عقار السودان ليس بحاجة إلى مساعدات إنسانية بقدر احتياجه أولاً إلى حماية مواطنيه والدفاع عن السيادة وأراضي البلاد من الاحتلال.

(بسيطة.. اعملي العليكم واتركوا المنظمات تعمل العليها)

الوسومصباح محمد الحسن

مقالات مشابهة

  • ومضات توثيقبة : في الذكرى السادسة لثورة ديسمبر “القرنعالمية”
  • في زمن الحرب … المرأة السودانية تسعى جاهدة لصنع السلام وإنجاز العدالة والمساءلة
  • مؤتمر الكنائس الأوروبية يبحث عن طرق للسلام العادل في أوقات الحرب
  • قصة قابيل وهابيل إمبابة .. أحدهما تدخل لحماية والدتهما من الآخر
  • الراعي في أمسية ميلادك نوّر بلدنا: سيكون ميلاد السلام بعد الحرب
  • “طالع” يوقع “العصفور الحافي”
  • الحصادي يحذر من دعاة الحرب: الحوار والتنازل هما الطريق إلى السلام
  • مكالمة الوداع!!
  • لا للحرب.. (على المليشيات)!
  • عائشة الماجدي: الجيش على مشارف تحرير مدني