حمدوك يحذِّر من مخاطر وجودية ورئيس «الثورية» يدعو لحكومة مدنية
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
الخرطوم «القدس العربي»: حذر رئيس الوزراء السوداني السابق ـ رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» عبد الله حمدوك من المخاطر الوجودية التي تواجهها البلاد في ظل تمدد الحرب المندلعة فيها منذ أكثر من عام.
ولفت إلى تنامى خطاب الكراهية والعنصرية والجهوية الأمر الذي يهدد بقاء الدولة السودانية، داعيا إلى التصدي لها ومحاصرة من وصفهم بـ« العنصريين ودعاة الفتنة بكل حزم وجدية».
جاء ذلك خلال مخاطبته أمس الإثنين المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وسط مشاركة واسعة للمجموعات المدنية والحركات المسلحة الداعية إلى إنهاء الحرب واستعادة الانتقال المدني للسلطة في البلاد.
وقال «حمدوك» إن الحرب في عامها الثاني دخلت مرحلة غير مسبوقة من تدمير للشعب السوداني والبنية التحتية للبلاد، لافتا إلى ارتفاع وتيرة الانتهاكات وسط نُذر المجاعة التي تهدد ملايين السودانيين.
ونوه أن عدم تدارك تبعات المجاعة سيؤدي الى فقدان أضعاف مضاعفة من الأرواح تفوق أعداد الذين راحوا تحت نيران الرصاص، مناشدا المجتمع الإقليمي والدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على الأطراف المتصارعة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط وألا يتم استخدام الغذاء والدواء كسلاح لقتل المزيد من المدنيين. وطالب المجتمع الدولي بالسعي الفوري والجاد لإيقاف الحرب وإعادة الأطراف المتصارعة إلى طاولة التفاوض وفق رؤية متكاملة للحل تقود إلى الوقف الفوري للمعارك وإيصال المساعدات الإنسانية والعودة إلى مسار الانتقال المدني الديمقراطي للسلطة.
ورأى ان استمرار الحرب يشكل كارثة آنية وبعيدة المدى، مضيفا: « أن نتائجها الحتمية أرواحٌ تزهق وأجيالٌ تُدّمر ومواردُ تهدر وشعبٌ يتعرض للذل والمهانة في أماكن نزوحه ولجوئه».
وتابع: « إنه من غير اللائق أن يدعو من هو في مأمن الى استمرار الحرب تحت أي ذريعة كانت».
وأكد أن جهود القوى المدنية لم تتوقف منذ الساعات الأولى لانفجار الأوضاع، مشيرا إلى أن اتصالاتها مستمرة مع طرفي النزاع، والقوى، والمنظمات الإقليمية، والدولية.
وقال حمدوك إن جهود جمع القوى المدنية أخذت بعض الوقت حتى استطاعت قطع خطوة مهمة عبر تنظيم الاجتماع الموسع الذي انعقد في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا والذي أفضى إلى تكوين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».
وأشار إلى جهود توسيع التحالف، والدعوات التي وجهتها التنسيقية للقوى السياسية والحركات المسلحة والنقابات المهنية ولجان المقاومة للانضمام إلى
تنسيقية القوى الديمقراطية تفتتح مؤتمرها التأسيسي
«تقدم» بما فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة جيش تحرير السودان بقيادة القائد عبد الواحد محمد نور بالإضافة إلى المؤتمر الشعبي برئاسة علي الحاج محمد والحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل). كذلك اجتمعت التنسيقية بحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل والحزب الشيوعي السوداني وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي.
وأطلقت مبادرة دعت خلالها رئيس المجلس السيادي السوداني القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى عقد لقاء مع قيادة «تقدم» لبحث سبل إنهاء الحرب، مضيفا: « وجدنا ردودا إيجابية، ونتيجة لذلك التقينا بقائد قوات الدعم السريع في أديس أبابا، وقد تم الإعلان عن مخرجات اللقاء التي لم تخرج عن جهود وقف الحرب، ولا زلنا نتطلع للالتقاء بالقائد العام للقوات المسلحة».
وشرعت القوى المدنية في بناء جبهة موحدة ضد الحرب، مؤكدة أنها تهدف إلى وقف الحرب وإنهاء معاناة السودانيين.
وخلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية وصف رئيس الجبهة الثورية السودانية الهادي إدريس المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية بأنه لحظة تاريخية يقف فيها السودانيون في وجه الحرب.
وقال إن « تقدم» وبعد إجازة رؤيتها السياسية ونظامها الأساسي واختيار قيادة جديدة، ستصبح الفاعل الأساس في عملية وقف الحرب واستعادة التحول المدني الديمقراطي، والأكثر انفتاحا لتوسيع جهود قوى الثورة والتغيير.
وأشار إلى أن الجبهة الثورية التي تضم تحالف حركات مسلحة وتنظيمات معارضة بذلت جهودا مضنية لإيقاف الحرب، متهما الحركة الإسلامية بإشعالها والاستمرار في تأجيجها من أجل استعادة السلطة.
وادان كل الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي حدثت في البلاد منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/ نيسان الماضي، داعيا الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
وأكد «أن الحل الصحيح لوقف الانتهاكات ومنع تعاظمها، هو الوقف الفوري للحرب والخضوع للجنة التحقيق الدولية المكلفة من مجلس حقوق الإنسان لمحاسبة كل من تورط في جرائم حرب وانتهاكات لحقوق المدنيين. «
وبشأن الأوضاع في إقليم دارفور، أشار إلى وضع ثلاثة خيارات على طاولة أطراف القتال تشمل: وقف الحرب عبر اتفاق وقف العدائيات أو خروج الجيش والدعم السريع من مدينة الفاشر وترك مسؤولية حفظ الامن للقوة المشتركة للحركات المسلحة بالإضافة إلى فتح ممرات آمنة تضمن خروج المدنيين من مناطق الاشتباك في مدينة الفاشر.
وأشار إلى أن جميع الخيارات المطروحة رفضت من جانب الأطراف المتقاتلة بينما تتفاقم الأوضاع في الفاشر، مضيفا: «لن نيأس من إيجاد وسيلة نضمن بها حماية المدنيين».
وقال: «إن الحركات المسلحة التي ما تزال في موقف الحياد تمضي في ترتيبات لتكوين قوة مشتركة جديدة لحماية المدنيين وحماية القوافل الإنسانية والتجارية وحراسة وتأمين المرافق العامة» مضيفا: «إن استمرار الحرب والفراغ الدستوري نتيجة لغياب سلطة شرعية أصبح أكبر مهدد لوحدة السودان».
ورأى أن الانخراط في حل سلمي لأزمة البلاد عبر عملية سياسية تعالج جذور وأسباب النزاع وتؤسس لترتيبات سياسية ودستورية جديدة هو الضامن الوحيد لعدم تقسيم البلاد.
وأضاف: « انه في حال تعذر إيجاد حل سلمي، فإن استمرار حكومة بورتسودان التي وصفها بـ«غير الشرعية» سوف يكون سببا لتقسيم البلاد، مطالبا المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بها.
ودعا السودانيين إلى تشكيل حكومتهم المدنية و«نزع الشرعية» عن الحكومة الحالية من أجل ضمان وحدة السودان.
واعتبر مشاركة الحركة الشعبية شمال، وحزبي المؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي الأصل فتحا جديدا لتشكيل أكبر جبهة مدنية من القوى الرافضة للحرب والداعية لاستعادة التحول الديمقراطي والمؤمنة بمبادئ وأهداف الثورة السودانية.
وينتظر أن يستمر مؤتمر تنسيقية القوى الديمقراطية المدينة في أديس ابابا خمسة أيام، بحضور أكثر من 600 مشارك وأكثر من 20 تنظيما سياسيا ومسلحا.
وتسعى « تقدم» وفق أولوياتها المعلنة إلى وضع رؤية سياسية لإيقاف الحرب وتأسيس الدولة واعتماد هيكل تنظيمي جديد واعتماد قيادة موسعة وخطة عمل للتنسيقية لتعزيز مساعي استعادة الانتقال المدني في البلاد.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى الدیمقراطیة المدنیة وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
مسؤولة أميركية: أولويتنا في السودان وقف القتال .. قالت إن واشنطن تريد حكومة مدنية… وحذرت الأطراف الخارجية من التدخل السلبي
أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية. وقالت نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مينيون هيوستن، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» هي الأولى لمسؤول أميركي في عهد الرئيس دونالد ترمب عن ملف السودان، إن
مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال .. قالت إن واشنطن تريد حكومة مدنية... وحذرت الأطراف الخارجية من التدخل السلبي
أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية. وقالت نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مينيون هيوستن، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» هي الأولى لمسؤول أميركي في عهد الرئيس دونالد ترمب عن ملف السودان، إن هذا الموقف لن يتغيَّر رغم كل المكاسب الميدانية التي حققها الجيش السوداني في الفترة الأخيرة.
وشدَّدت هيوستن على ضرورة وقف الأعمال العدائية فوراً، مشيرة إلى تعاون وثيق من قبل إدارة ترمب مع دول المنطقة للحرص على إنهاء الصراع الدائر، و«ضمان وقف الأعمال العدائية لتهيئة الظروف لحكومة بقيادة مدنية تعطي الشعب السوداني ما يستحقه، وأن الولايات المتحدة لن تتنازل عن هذا الجهد». كما أكدت على الاستمرار في سياسة المحاسبة عبر العقوبات، وضرورة الاستمرار في توفير المساعدات الإنسانية.
وقالت هيوستن: «نحن نعلم أن الوضع في السودان كارثي. إنها أكبر أزمة إنسانية في العالم. ما نراه في السودان أمر مؤسف، ومن المهم أن يعرف المتابعون والعالم أن الولايات المتحدة لا تزال منخرطة جداً في هذا الملف». وأضافت أن الإدارة الأميركية الحالية تعمل على جبهات متعددة، و«تشمل جهودنا الدبلوماسية الانخراط مع الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، بالإضافة إلى السعودية ودول أخرى».
واشنطن مستعدة للضغط
وأوضحت هيوستن أن واشنطن مستعدة للضغط من أجل وقف الأعمال العدائية لأنها تعلم أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في السودان، وهو السبيل لخلق سودان موحد، ومنح شعب السودان المستقبل الذي يستحقه.
وأكدت، المسؤولة الأميركية أن الولايات المتحدة كانت واضحةً للغاية بشأن ما تحاول تحقيقه في السودان، قائلة: «كنا صريحين للغاية حول ضرورة أن يكون تدخل الشركاء والدول الأخرى في الأزمة (السودانية) تدخلاً بنّاءً يؤدي إلى وقف الأعمال العدائية، لأنه بخلاف ذلك فستكون هذه الدول متواطئةً في إطالة أمد النزاع، ومتواطئةً في خلق مزيد من المعاناة للسودانيين، وخلق مزيد من عدم الاستقرار، وهذا لن يؤدي إلى السلام».
كما تعمل الإدارة الأميركية على الجبهة الإنسانية، إذ إن هناك كثيرًا من العمل بمشاركة الشركاء المنفذين الذين يعملون على دعم الاحتياجات الحيوية للناس في السودان، وكذلك اللاجئين في الدول المجاورة ودعم جهودها لقبول اللاجئين. وأشارت إلى أهمية تدابير المساءلة فيما يتعلق بالعقوبات.
ولدى واشنطن 31 تصنيفاً للعقوبات في الوقت الحالي بين «قوات الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية، وهذا أمر مهم للإدارة الأميركية بوصفه إجراء آخر لدفع الطرفين المتحاربين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، ووقف الأعمال العدائية، وإعطاء الشعب السوداني ما يستحقه.
التزام طويل تجاه السودان
وفيما يتعلق بطرف أو آخر، قالت المسؤولة الأميركية: «كنا واضحين جداً في هذا الموقف بأن كلا الطرفين انخرط في أعمال ضارة وزَعزعَ استقرار البلاد، وخلقَ حالةً من عدم الاستقرار الشامل. وقد دعونا كلا الطرفين إلى العمل معاً لخلق عملية سياسية من شأنها أن تؤدي إلى تهيئة الظروف لحكومة يقودها مدنيون».
وأوضحت أن واشنطن تطلب من الشركاء الإقليميين الاستمرار في لعب دور بنّاء في الجمع بين الطرفين، وأن نركز على احتياجات الشعب السوداني «وهو أمر أكثر أهميةً من أي شيء آخر».
وشدَّدت هيوستن على أن التزام واشنطن «هو تجاه شعب السودان، والالتزام بالسلام الدائم، والالتزام بوقف الأعمال العدائية، وهذا الالتزام لا يتزعزع ». وأكدت أن وزارة الخارجية الأميركية، تحت قيادة الوزير ماركو روبيو، تواصل العمل مع الشركاء المنفذين على الأرض للتأكد من وصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها، كما تواصل الوزارة دعوة الجهات الفاعلة الإقليمية والحكومات الدولية، إلى بذل مزيد من الجهد، وأن تبذل الدول المانحة مزيدًا، لأن ما نراه في السودان وفي جنوب السودان يظهر أهمية تضافر الجهود العالمية لحل الأزمة.
لا استثمار مع الأسلحة
وأشارت المسؤولة الأميركية إلى أنه لا يمكن دعم أي جهود تتعلق بالتقدم الاقتصادي والاستثمار ما لم يتم إخماد نار الأسلحة، لذلك «سنركز في هذا الوقت على الشعب السوداني وإنهاء القتال، فكلا الطرفين مسؤول عن الدمار في السودان، وعن عدم الاستقرار الإقليمي. لذا يبقى تركيزنا منصبّاً على جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات لتهيئة الظروف لوصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها قبل كل شيء».
وأشارت إلى أنه خلال الأسبوعين الأولين من مارس (آذار)، كان يوجد 2.1 مليون شخص تلقوا مساعدات إنسانية مهمة لأنهم كانوا على حافة المجاعة. وعن العقوبات، قالت هيوستن، إنها مهمة بوصفها أداةً لدفع الطرفين المتحاربَين إلى وقف الأعمال العدائية.