بقلم : د. سمير عبيد ..

تمهيد :
أولا:-يفترض بقادة الطبقة السياسية بشكل عام و الأحزاب والحركات والتيارات الشيعية بشكل خاص التوقف فوراً لتنتقد نفسها وتسأل نفسها لماذا اكثر من ٨٠٪؜ من العراقيين يكرهوننا ويكرهون أحزابنا وخطبنا وشعاراتنا ويكرهون رؤية وجوهنا وحتى عائلاتنا ؟ .وبالمقابل هناك ٦٠٪؜ من العراقيين وخصوصا الشيعة باتوا لا يثقون برجال الدين ويحملونهم مسؤولية كبيرة عن ما جرى مايجري .

لا بل ان اي تغيير قادم في العراق سوف تكون حصة الشباب واسعة وهؤلاء صلتهم برجال الدين ضعيفة ولديهم عتب كبير جدا على المراجع والمرجعية لانهم ولأنها لم تقف معهم عندما كانت الاحزاب والمليشيات تحصد بهم ” ثوار تشرين” وقتلت منهم ٦٧٦ شهيدا وآلاف الجرحى ومنهم جراحهم خطيرة واصبحو من المعاقين جسديا.اي لم تحميهم المرجعيات الدينية .وهذا يعني أن الساسة وحلفائهم رجال الدين وبالعكس خسروا الشعب وخسروا الشباب حصرا .وخسروا حتى الذين كانوا يتعاطفون معهم !

ثانيا:- الناس تعرف أن مانسبته ٩٠٪؜ من الاحزاب والتيارات الشيعية المهيمنة على المسرح السياسي الشيعي هي تمثل الإسلام السياسي وعندما فشلوا كانوا ولازالوا سببا في تنامي كراهية الشعب للأحزاب والتيارات السياسية وللإسلاميين خصوصا من الصف الاول والثاني . وبالتالي يجب التوقف ونقد الذات فليس كل شيء جمع المال ،وليس كل شيء السلطة ( فالسلطة المطلقة كانت بيد صدام وبيد القذافي والمال كان بيد صدام والقذافي .. فماذا حصل بالنهاية؟ الاول لم يجد متر واحد فوق الارض يأويه ،والآخر اختبأ في المنهول لتصريف المياه ومسكوا به وادخلت الصبيه العصي في مؤخرته) علما ان الطبقة السياسية الحاكمة في العراق تلك وبعنفوان قوتها لم تصل لمستوى نظامي صدام والقذافي بأدق ضعفهما. فالمراهنة على أمريكا وإسرائيل وايران والكويت .. الخ خاسرة، وجربها قبلهم ومن هم اهم منكم لدى امريكا وغيرها وخسروا الدنيا والاخرة !

ثالثا :-
١-اما الاستمرار على العزف على وتر سيمفونية المظلومية فصار نكته حتى وسط الشيعة انفسهم. لأن الظلم بات سياسة لدى الطبقة السياسية بشكل عام ولدى الاحزاب والحركات الشيعية ومليشياتها بشكل خاص. فالمواطن الشيعي مرعوب ومتقهقر اكثر من غيره !
٢-والشعارات الديماغوجية واستراتيجية اغراق الشعب بشكل عام والشيعة بشكل خاص بالجهل والخرافة وصنع الأزمات بغاية الهروب للأمام انكشفت تماما فحتى أطفال العراق باتوا يعرفوها .وسوف يأتي يوم يحاسبون عليها اي قادة الطبقة السياسية بشكل عام والقادة الشيعية بشكل خاص بتهمة الأرهاب كونهم ارهبوا الشعب واغرقوه في محن وويلات كارثية وكانت سببا بقتل الناس الأبرياء من الشيعة والسنة وغيرهم . اي ان تلك الأزمات التي كانوا يصنعونها لالهاء الشعب وبهدف البقاء في السلطة أصبحت تهمة كبرى تطاردهم بأثر رجعي لأنها باتت جرائم ضد الإنسانية لانها حصدت آلاف الضحايا من المدنيين والأطفال والنساء .. الخ !
٣- شعار المرجعية الشيعية بإغلاق الباب بوجه السياسيين كانت وزالت سياسة تحمل تفاسير مختلفة واستفاد منها الساسة الشيعة وليس الشعب . لان الساسة اصبحوا بلا رادع فمارسوا ابشع السياسات ضد الوطن والمواطن. ولازالوا يمارسون ابشع التنازلات للخارج ….
٤-وسياسة ايقاف خطة الجمعة قرار يحمل اوجه كثيرة وكلها ليست لصالح الشعب بل لراحة الساسة الشيعة ولراحة الفاسدين. بل كان يفترض التشديد على خطبة الجمعة لتكون رادع للساسة والفاسدين وليس العكس . فقرار ايقاف صلاة وخطبة الجمعة أراح الفاسدين واراح السياسيين وحاصر الشعب الذين تيقن ابنائه انهم لا نصير لهم إلا الله!
٥-الذي صار وعندما اغلقت المرجعية بابها وعندما اوقف خطبة الجمعة اصبح قسم كبير من رجال الدين شركاء للأحزاب بقوة .واصبحت العتبتين في كربلاء والعتبات الاخرى تبحث عن حصصها في الحكم والوزارات والمناصب والمقاولات( ولا يجي واحد بطران ويقول عكس هذا الكلام فكفى شهادات الزور ) وصارت تبحث عن الحصص حتى في النقابات وفي التعليم وفي كل مكان ( مو حسبالكم الشعب غبي وما يفتهم ” فحاشاه” ولا حسبالكم جيوشكم الإلكترونية وگروبات الواتساب والصفحات الممولة قادرة على تخويف الناس وتسقيط الخيربن فهي غير قادرة على إقناع الناس انكم حمائم سلام واهل ورع وتقوى فكل شيء مسجل ومعروف وسيكشف الحساب ذات يوم فحركة الشعوب لا تتوقف )
٦-موضوع خدمة الجهات الخارجية لمصالحكم الشخصية والحزبية الفئوية ألشعب شاهد عليها وهي خيانة عظمى مهما كانت شعاراتها وتبريراتها وتخريجاتها . فسوف يأتي يوم تحاسبون عليها بتهمة الخيانة العظمى !
( فها هي السلطة بأياديكم منذ 21 سنة ماهي منجزاتكم ، ومالشيء الذي فعلتموه للعراق والعراقيين والشيعة لكي تتوقف الاقلام والحناجر عن انتقادكم ؟ ) فهل يوجد غير الطائفية وتقهقر العراق كدولة ومجتمع ومؤسسات وتأثير في المنطقة والاقليم والعالم ؟ وهل يوجد غير ضعف الدين والتشيع والشيعة بسببكم وبسبب حلفائكم في السلطة ؟ وهاهو الشذوذ والالحاد والانتحار وزنى المحترم والفسق والنفاق وانعدام التكافل وتدهور المجتمع والأسرة وكل شيء ألم تكن بسبب سياساتكم !؟
٧-فمتى تقفون عن المضي في طريق الخطأ وفي طريق رسمته لكم أمة المثلية امريكا ؟. فأنتم تعتبرون قوتكم وبقائكم بقوة الشيطان الأكبر الذي يمثله الرئيس بايدن الذي يقول وقال علناً أنا صهيوني ونحن أمة المثلية وبعظمة لسانه … فهنيئا لكم ويا لسوء العاقبة !
فكل شيء مسجل ولن تمحيه اكبر قوة بالعالم !
سمير عبيد
٢٨ ايار ٢٠٢٤

user

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الطبقة السیاسیة بشکل عام بشکل خاص

إقرأ أيضاً:

آفـة الترويض السياسي (2 – 3)

في الجزء الأول من هذا المقال حاولت تسليط الضوء على ماهية الترويض وأهدافه وركائزه.
أما في هذا الجزء (الثاني) فسأحاول التركيز على:
مراحل آفة الترويض السياسي عبر التاريخ.

مراحل آفة الترويض السياسي

انتقلت “آفة الترويض” إلى عالم السياسية عندما بدأ الصراع على السلطة! منذ ذلك الحين انتشرت هذه الآفة كانتشار النار في الهشيم, وازدادت خطورتها حديثاً نتيجة للتمدن وانتشار وسائل الاتصال والإعلام والتكنولوجيا، ولعلى الشكل الآتي يوضح أهم المراحل التي مرت بها هذه الظاهرة عبر التاريخ:

أولا: ترويض الحيوانات

الترويض، بمفهومه العام، أداة قديمة استخدمها الإنسان لأول مرة، على الحيوانات للسيطرة على أفعالها وتصرفاتها المتوحشة، لتصبح “مُدجنة” وقابلة لأخذ أوامره ومستعدة لعمل ما يُطلب منها، وكانت الكلاب أول الحيوانات التي تم ترويضها، وقد نجح الإنسان في إخضاع أغلب الحيوانات وتهيئتها لتحقيق أعماله الإنانية، ولهذا تجد جُل الحيونات اليوم، بما فيها الأسود، في السيرك، إلا الذئب! ويعتقد العلماء أن الذئب هو الحيوان الوحيد الذي لا يمكن ترويضه.

ثانياً: ترويض الافراد

بعد فترة من الزمن استخدم الإنسان أدوات الترويض، ليس فقط مع الحيوانات، بل مع أخيه الإنسان، مما قاد في حالات كثيرة لعبوديته، وأصبح الترويض حديثاً، من أهم الأدوات السياسية التي تستخدمها الدول الاستعمارية للسيطرة على مستعمراتها، ويتم ذلك بتدريب وتأهيل مجموعة من الأفراد ليكونوا زعماء وقادة في بلدانهم.

وعليه فقد أصبح من الضروري اليوم، لكي ينجح سياسي ما في تحقيق أهدافه، أن يبحث عن أدوات الترويض المناسبة له، والحقيقة أن جُّل الدكتاتوريين الذين قاموا بانقلابات في دول العالم العربي، منذ أربعينيات القرن الماضي، قد تم تجنيدهم وترويضهم لتحقيق أهداف مُروضيهم، ولكي يحقق هؤلاء الدكتاتوريين أهدافهم قاموا بترويض أفراد آخرين لإخضاع وإذلال شعوبهم، فعلى سبيل المثال، كانت المجموعة الأولى من الأفراد، التي مكنت القذافي من الاستمرار في حكم ليبيا، لا تزيد عن 130 شخصاً، وكان عدد الرفاق البعثيين الذين قاموا بالسيطرة على الحكم في سوريا والعراق، حسب تقديرات أحد القادة البعثيين، لا تزيد عن 200 شخصا!.

ترويض.. السيد أحمد الشرع نموذجاً لعله خير مثال على الترويض السياسي الناجح للأفراد هو عملية تحول السيد أحمد الشرع، الرئيس المؤقت للدولة السورية، وانتقاله من وضع “رادكالي تكفيري ومتطرف” في عام 2003، إلى وضع يقدم فيه نفسه كرجل دولة “واقعي متسامح وبرغماتي”، وأنه قائد سياسي يؤمن بـ”دولة المواطنة وبحق الجميع في المشاركة السياسية”.

فماذا حدث؟!

في عام 2003، ترك الشرع دراسته الجامعية والتحق بتنظيم “سرايا المجاهدين في العراق”، وبايع أبو مصعب الزرقاوي لمحاربة القوات الأمريكية، وأطلق على نفسه اسم ’أبو محمد الجولاني’ وفي عام 2004، تم سجنه من قبل القوات الأمريكية، ومكث في السجن إلى 2010، وبعد خروجه التحق بـ’تنظيم داعش’ في العراق (راجع: سميسم 2004) وفي عام 2011، رجع إلى بلده سوريا كـ”ممثل لزعيم داعش” أبو بكر البغدادي، وشارك في تشكيل ما سمي بـ’جبهة النصرة’ التي قامت بإقصاء كل الفصائل المعارضة الأخرى في عام 2013، انشق عن أبو بكر البغدادي، وشكل تنظيماً مستقلاً عن القاعدة أطلق عليه اسم “دولة العراق الإسلامية” وفي نفس السنة 2013، صنفته وزارة الخارجية الأمريكية ’إرهابياً عالمياً’، ورصدت مكافأة قدرها عشرة (10) ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى إلقاء القبض عليه وفي نهاية عام 2013، أجرى الجولاني أول مقابلة إعلامية له، في برنامج ’بلا حدود’, للأستاد احمد منصور علي قناة الجزيرة, وأعلن في هذا اللقاء أهداف جبهته،

وكان من أهمها:

(أ) أن يتم حكم سوريا وفقا للشريعة الإسلامية.

(ب) اعتبار العلويين طائفة خارجة عن الاسلام.

(جـ) يجب على النصاري السوريين دفع الجزية للدولة الاسلامية.

(د) المعركة مع ’حزب الله’ قادمة لا محالة، وإن زواله مرتبط بزوال بشار الأسد.

(هـ) ليس لدينا أي ارتباط مع أي جهة خارجية.

وفي عام 2016، فك ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة وغير اسمها إلى “جبهة فتح الشام”. وفي 2017، قام بإدماج تنظيم “جبهة فتح الشام” مع فصائل أخرى من المعارضة المسلحة. وفي عام 2020، شكَّل ’هيئة تحرير الشام’، التي تعرضت للعديد من الهزائم والانكسارات، مما دفعه لتغيير أفكاره وسلوكيته ومواقفه.

وبعد أن خرج عام 2003, على الإعلام، وظهوره للكاميرا وواضعاً غطاء أسود يلف ما ظهر من رأسه ووجهه، ظهر عام 2024 في مقابلة مع برنامج “فرانت لاين”، على محطة الشبكة التلفزيونية الأمريكية (بي.بي.إس), مواجهاً الكاميرا ويرتدي قميصاً وسترة, وأبدى استعداده لمحاربة ‏التنظيمات المتطرفة وإقصائها ‏أو تصفيتها، وأعلن أنه على استعداد للوصول إلى صيغ تعاون مشترك مع المجتمع الدولي، وأعلن أيضا إن جماعته لم تشكل أبدا تهديدا للغرب، وأن سوريا المستقبلية لن تعترف بالطائفية؟! (للمزيد راجع: سميسم 2024, درويش 2024, الحرة 2024).

والسؤال المُحير هنا:

ما الذي حدث للسيد الشرع ليتحول من: “راديكالي متطرف” إلى “حمامة سلام ورجل دولة ديمقراطي”؟!.

الإجابة باختصار تكمن في مقدرة وذهاء المخابرات التركية والقطرية، في الاتصال بالسيد الشرع وجماعته، منذ 2020، وإقناعهم بأنهم، إذا أردوا الانتصار على الأسد، يجب أن يغيروا مسارهم وأفكارهم، وبذلك تم ترويض السيد الشرع وجماعته بنجاح، وكنتيجة لذلك تحول الشرع من “إرهابي متطرف” إلى “رجل دولة”، ومن شخص يؤمن بالانتقام إلى رجل يدعو إلى التسامح والسلام.

ثالثاً: ترويض الجماعات

منذ منتصف القرن الماضي، انتقل الترويض السياسي من الأفراد إلى الجماعات، إذ أخذت أمريكا والدول الأوروبية في تأسيس ودعم وتمويل العديد من الجماعات في العالم، وخصوصا في الدول العربية والإسلامية، فعلى سبيل المثال، أسست مخابرات هذه الدول جماعات عديد بـ”واجهات وشعارات” إثنية ودينية وسياسية، ولكن في حقيقتها أنشئت لزرع الفرقة وترويض الشباب لخدمة أهدافها الخاصة، وتحقيق هدفها الحقيقي “الهيمنة من خلال التفرقة”.

أما على المستوي الليبي فقد نجح القذافي، خلال فترة حكمه، في ترويض العديد من الجماعات القبلية والجهوية والعرقية والدينية، مما قاد إلى تمكينه في الحكم وإطالة مدة طغيانه واستبداده.

رابعاً: ترويض المؤسسات

هنا يمكن القول، إن أول ظاهرة مؤسساتية استعمارية حديثة تأسست في القرن السابع عشر، وعُرِفت في الولايات المتحدة الأمريكية بـ”مؤسسة العبودية”، وأصبح لهذه الظاهرة “تُجار” و”أسواق” و”تجارة دولية”، وكانت نموذجاً لأسوأ فترة في تاريخ الإنسانية.

أما حديثا، فقد نجحت أمريكا والدول الأوروبية، في ترويض العديد من المؤسسات الحزبية والمنظمات النقابية في دول العالم، وحولتها إلى مجرد “مؤسسات وظيفية” و”معارضات أليفة” تُساعد الحكام في أعمالهم، وتضفي على أنظمتهم صبغة الديمقراطية الزائفة، بالإضافة إلى ذلك أخترقت أمريكا والدول الأوروبية العاملين في المؤسسات الدولية، وخصوصا المؤسسات التعليمية والشبابية والنسوية، ونجحت في ترويضها وجعلها مجرد “واجهات” لخدمة أجنداتها الخاصة، ولعلى خير مثال منذ انطلاق الثورة الليبية عام 2011، هو تدفق العشرات من المنظمات الدولية على الشعب، وكانت أهدافها المعلنة هو دعم ومساعدة أبناء الشعب (وخصوصا الشابات والشباب) على المشاركة بفاعلية في بناء دولتهم الديمقراطية، ولكن ما كشفته الأيام أن لأغلب هذه المؤسسات أهداف خبيثة أخرى تقوم على التشويه، والتضليل، والتفرقة، وتشجيع الفساد والفوضى والانحلال، والسعي لتوطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا.

في آخر مؤتمر صحفي لجهاز الأمن الداخلي الليبي تم التأكيد على:

رصد نشاطات أجنبية معادية تهدف لتوطين المهاجرين غير الشرعيين ضلوع بعض المنظمات الدولية غير الحكومية في ممارسة نشاطات معادية للدولة وبدعم أطراف أجنبية بعض المنظمات تحول أموالها بشكل مشبوه ومتورطة في شبهات تهريب وغسل الأموال

لعل من أهم المنظمات التي ذكرها الجهاز الآتي:

منظمة الإغاثة الدولية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة المجلس النرويجي للاجئين منظمة أرض الإنسان الإيطالية منظمة الهيئة الطبية الدولية المجلس الدنماركي أطباء بلا حدود الفرنسية كير الألمانية إنتر سوس وآكتد وتشزفي الإيطالية

أما في عهد الحكم الجماهيري في ليبيا، فقد قام القذافي بتأسيس مؤسسات ترويضية عديدة، لعل من أهمها:

مؤسسة اللجان الثورية مؤسسة الراهبات الثوريات مؤسسة رفاق القائد مؤسسة براعم وأشبال وسواعد الفاتح مؤسسة لجان التطهير

وبهذه المؤسسات وغيرها نجح القدافي في ترويض الآلاف من الشابات والشباب وإخضاعهم وتهيئتهم لتحقيق أعماله الإنانية، وجعلهم مطيعين لكل ما يقوله ويفعله (حتى ولو كان خطأ أو غير معقول، وفي بعض الأحيان مضحك)، وفيما يلي عينة مما كان يردده هؤلاء السيدات والسادة المُروضين:
“سير ونحن وراك يا قائد.. مبدانا مبداك”،
“يا قائد نحن حراسك.. كل الروس فداء لراسك”،
“يا قائد وين تنادينا.. تكسيرت لخشوم علينا”،
“سير ولا تهتم يا قائد.. صفيهم بالدم يا قائد”،
“شباب السابع من ابريل.. أطلع يا خفاش الليل”،
“الفاتح في كل مكان.. الفاتح هو العنوان”،
“الفاتح ثورة شعبية.. الفاتح ضد الرجعية”،
“تعيشي يا ثورة الأحرار.. اللي قائدها بو منيار”.

ولكن المُضحك المُبكي أن القذافي في أيامه الأخير،
لم يجد من حوله إلا بضع أفراد لم يهتفوا له،
ولكن كانوا صادقين في ما أمنوا به!!!

ويُروى أيضا (وهي رواية غير مؤكدة، وقد تكون مجرد نكتة قابلة للتصديق) أن القذاقي قرر ذات يوم، الخروج للصيد، فأخذ معه بعض من الرفاق والأنصار، وعند وصوله إلى مكان الصيد، شاهدا “طيراً”، فأخذ بندقيته (ما يُعرف في ليبيا بالمقرون) وصوب نحوه، ولكنه طار الطير ولم يُصب بأداء، وعندما شاهد الرفاق والأنصار هذه الحادثة، ألتفوا حول القدافي وأخذوا يهتفون:

“الطير حقير, ميت وأيطير”!!!

فهل بعد هذا الترويض ترويض؟!

وهل بعد هذه التصرفات والسلوكيات خضوع؟!!

لقد استطاع القدافي أن يُخرج، من مؤسساته الترويضية، آلاف من الشابات والشباب الذين أصبحوا مؤمنين بكل ما قال، وحاولوا تقليده في كل شيء، واعتبروه “القائد الأوحد” و”المُفكر الأوحد” و”المُعلم الأوحد” و”الرياضي الأوحد”، حتى أصبح في ليبيا لا اسم يستحق الذكر (أو يمكن الإشارة إليه) إلا اسمه، وكل ما عداه (في نظرهم) كانت مجرد أرقام لا قيمة لها! وأصبح لهؤلاء المُروضين “عقيدة جديدة” ترتكز على أنه لا شيء يستحق الإيمان به والتضحية من أجله إلا:

“الله.. وليبيا.. ومعمر .. وبس”.

المُحزن حقاً، أنه بسبب هذا المعتقد قُتل العديد من أنصار القذافي خلال حرب التحرير عام 2011،

والمحزن أكثر، أن بعض من هؤلاء المُروضين (ومنهم أعيان وأساتذة جامعات) لازالوا يعتقدون بأن القذافي لم يمت بعد!

ولازالوا يحلمون بأن “دولة الحقراء” التي أسسها ستعود من جديد!

وأن سعر رغيف الخبز سيعود كما كان عليه:

“الـ 10فردات.. بريع دينار”.

خامساً: ترويض الحكومات

بعد أن نجحت العديد من الدول في ترويض الأفراد والجماعات والمؤسسات، أخذت تسعى لترويض الحكومات وتسخيرها لخدمة أغراضها، ولعلى خير مثال على ذلك هو عملية ترويض ما يعرف بـ:”السلطة الفلسطينية”.

فمن المحزن أن يشاهد المرء بعض قيادات هذه السلطة وهم يُبررون الاعتداء الإسرائيلي الغاشم والوحشي على شعبهم في غزة، لا لشيء إلا أن لديهم خلافات سياسية مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

والمحزن أكثر، أن يرى المرء “المؤسسة الأمنية” لهذه السلطة، والتي تتكون من أكثر من 60,000 جندي، والتي تم تأسيسها بموافقة إسرائيلية، وبتدريب وإشراف فريق عسكري أمريكي، تعتدي على المقاومين الفلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية، وتعتبرهم خارجين عن القانون، وتطالبهم بتسليم سلاحهم الذي يستخدمونه للدفاع عن أنفسهم ضد العدو الإسرائيلي.

سادساً: ترويض الدول

الأسوأ من ذلك كله، أن تتحول ظاهرة الترويض السياسي من ترويض أفراد وجماعات ومؤسسات إلى ترويض دول، وبذلك تصبح شعوب هذه الدول مجرد “قطعان” من البشر في خدمة حكامها ليعملوا بها ما يشأوون! ويمكن اعتبار هذه النوع من الترويض أخطر وأحقر مستوى للترويض في تاريخ البشرية، وذلك لأنه يشجع الحكام والدكتاتوريين على احتقار واستخفاف شعوبهم، ولعل خير مثال على هؤلاء الحكام هو معمر القذافي الذي كتب مقال يصف هذا الواقع، بعنوان: ”تحيا دولة الحقراء”، نشره في تسعينات القرن الماضي وترجمه أتباعه ومُحبيه إلى العديد من اللغات، وصف فيه الدولة المُروضه بأنها “دولة حقراء”.

وبالرغم من أن القذافي لم يذكر اسم هذه الدولة التي قصدها! إلا أنه وصف الحقراء الذين يعيشون فيها بأنهم:

“لا يحاربون ولا يهربون”…, و”ممنوع عليهم أن يعبروا عن مآسيهـم حتى ولو بالبكاء”…، و”عليهم أن يستوعبوا الهوان تلو الهوان”…، و”أن يتجـرعوا المرارة تـلو المرارة دون أن يكون لهم الحق في البكاء”…، و”أن شعب هذه الدولة “مفعـول به، ومفعول فيه، ومفعول عليه”…، و”أنه مضاف إليه والمضاف إليه لابد من أن يكون مكسورا”…، و”أنهم يسلكون أبسط الطرق في الحياة ولا يكلفون أنفسكم أية مشقة”…، و”أنھم يحبون الانحطاط ويبحثون عن حل عاجل لحالهم المُزري”…، و”انهم يرون في التسليم لمحتقريهم بلا أدنى تردد حلا على أي حال”…, و”انهم يبالغون في ربط مصيرهم بهم باعتبارهم إحدى التوابع المكملة لحياتهم”… و”انهم يرتضون التحقير لأن مقاومته ليست من الأمور التي تسهل حياتكم معهم”….

وختم القذافي مقاله ناصحاً الحقراء.. قائلاً:

“لا أريد لكم أن تكونوا أثرياء فإن ذلك يلحق بكم الضرر ويصيبكم بداء الأغنياء الذي ليس له دواء”،
و”لا أريدكم أن تكونوا شيوخا وفقهاء لأن ذلك يصمكم بوصمة دجل الجهلاء”!

ويبقى السؤال:

ما هي هذه الدولة التي تحدث عليها القدافي، والتي وصف شعبها بالحقير؟!!

وبالرغم من أن الإجابة على هذا السؤال قد تختلف من شخص إلى آخر، إلا أن الجميع، في اعتقادي، يتفق بأن أي حاكم يستخف ويحتقر شعبه، هو حاكم حقير، ينظر لشعبه على أنه مجرد قطيع من البشر خلقوا لخدمته وتحقيق أغراضه الإنانية والدنئة، ومن حقه أن يعمل بهم (وفيهم) ما يشاء!

في الجزء الثالث (والأخير) من هذا المقال سوف أحاول الحديث عن تسلسل أدوات وسلم آفة الترويض.

يتبع…

والله المســتعان

المراجع:

معمر القذافي “تحيا دولة الحقرائ.” موقع الشمس.

عبسي سميسم, “من أبو محمد الجولاني إلى أحمد الشرع… سيرة التحولات” . العربي الجديد.

إسماعيل درويش, “ما بين الجولاني الراديكالي وأحمد الشرع “السياسي”. أ. ف. ب .

الحرة, وصل دمشق.. من هو “الجولاني” الذي يتصدر المشهد السوري الآن؟.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • نهال طايل: محمد رمضان بيخسر جمهوره بشكل يومي.. ولو ذكي يعتذر فورًا
  • لا سيادة للعراق ولا احترام لإرادة الشعب في ظل سلطة رشيد والسوداني
  • في ذكرى ميلاد أشهر صناع تترات المسلسلات.. معلومات عن «عبقري الموسيقى» عمار الشريعي
  • ذكرى ميلاد عمار الشريعي.. حصد جائزة الحصان الذهبي 17 عامًا متتالية وهكذا وصف زوجته ميرفت القفاص
  • تركيا.. اعتقال 234 شخصاً من كبار قادة المنظمات الإجرامية
  • مشاورات عراقية سعودية لتعزيز التعاون السياسي
  • انعقاد جولة المشاورات السياسية الأولى بين العراق والسعودية في بغداد
  • آفـة الترويض السياسي (2 – 3)
  • ظهور شريهان بوجه متورم يثير الجدل.. ومصادر مقربة تكشف الحقيقة
  • تزايد نسبة غير المقتنعين بقدرة الأحزاب السياسية القادر على حل مشاكل تركيا