يواجه ما يقارب الـ400 صياد جنوبي أسوأ أيام القحط، نسبةً إلى مراكبهم وقوارب الصيد التي لا تزال صامدة في مكانها منذ أكثر من 5 أشهر بسبب الحرب الدائرة جنوبًا، ما منعهم من المخاطرة والعودة إلى منزلهم الثاني، البحر، الذي قضوا بين أمواجه أغلب أيام حياتهم.

هكذا ارتدّت آثار الحرب على هؤلاء.. أكثر من 150 عائلة تنتظر الفرج الذي يزف لهم خبر انتهاء القصف والقتل، فمهنتهم توقفت، وأصوات المسيّرات والصواريخ منعتهم من العودة إلى البحر، بعد موسم شتوي كارثي واجهوا خلاله مصائب بالجملة، بدءًا من الخسائر التي تكبدوها بسبب الحرب، وصولا إلى العواصف والفيضانات التي كلّفتهم آلاف الدولارات.



هؤلاء يعولون على أشهر الصيف المقبلة، حسب أبو أحمد، الرجل السبعيني الذي أفنى حياته داخل البحر. يقول أبو أحمد لـ"لبنان24"، أن "ما يشهده القطاع حاليًا يشبه الإعدام المؤجل.. نعيش كلّ يوم بيومه، إذ مُنعنا، وحفاظًا على سلامتنا من الدخول إلى العمق، خاصة في منطقة الناقورة، التي تعتبر من أهم المناطق التي تحتوي على ثروة سمكية كبيرة".. "إلا أن أين هي هذه الثروة اليوم"، يتساءل أبو أحمد، مشيرًا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية أثّرت على 50% من هذه الثروة وربما أكثر. والأمر لم يقتصر فقط على الاعتداءات، لا بل حُرم الصياد من 31 ميلا بحريا، أي ما يفوق الـ57 كلم، وهي المسافة التي كان يسمح من خلالها للصيادين بالإبحار لاصطياد الأسماك، إذ تمتد هذه المنطقة بين صور والناقورة.

ويقول أبو أحمد لـ"لبنان24" أن بعض الصيادين الذين يخاطرون بأنفسهم ويبحرون لاصطياد الأسماك قد أكدوا أن عشرات الأنواع من الأسماك فُقدت من البحر، وقد تم رصد هذا الأمر خلال فترة الاشهر الخمسة الأخيرة، والأسماك الأخرى معرّضة للإنقراض من هذه البقعة في حال استمر العدوان الإسرائيلي، نسبة إلى المواد الكيميائية والديناميت الذي يؤثر على نوعية المياه.

ومنذ اندلاع المواجهات، بات بحر الناقورة يشكل نقطة خطر على الصيادين، إذ إن العدو الذي لا يفرّق بين مدني وعسكري ويتعمد قصف أي هدف يتحرك، فكيف إذا كان في البحر، خاصة وأن المنطقة المقابلة، أي الجانب الإسرائيلي قد أُقيمت عليها معالم سياحية لوجود أنفاق مائية طبيعية بداخلها .

وتلعب المسيّرات الإسرائيلية الدور الأكبر لناحية ردع الصيادين من التوجه نحو البحر. فعلى سبيل المثال، يُبحر الصياد عادة عند الساعة الثالثة فجرًا، ويستمر في الأيام العادية، أي قبل الحرب، حتى الساعة العاشرة صباحا، إلا أنّ الوضع الحالي، أجبر الصيادين على تقليص مسافة مشوارهم في حال قرروا الخروج إلى البحر، وعدم البقاء لأكثر من ساعة أو ساعة ونصف كحدٍ أقصى، وهذا ما يؤثر على طبيعة عملهم، إذ إن البقاء لساعة فقط ليس من شأنه أن يغطي تكاليف رحلة الصيد، التي تتنوع بين المازوت والزيت والشباك، خاصة وأن لا سمك يكفي جميع الصيادين في البحر.

التشويش قتل الرحلات الليلية
ومن المسيرات إلى عملية التشويش، يعاني البحارة أصحاب المراكب الكبيرة، والتي تبعد عن بحر صور والناقورة من صعوبة تحديد المواقع، إذ إن هؤلاء يعتمدون على نظام "GPS" للدخول إلى عمق البحر ضمن المسافة المسموح بها.

ومنذ بدء أزمة التشويش، أبلغ العديد من الصيادين عن فقدان مواقع شباكهم أو أقفاص الصيد الخاصة بهم، وهذا ما منعهم من الإبحار ليلاً، إذ يُعتبر الإبحار في هذا الوقت من المستحيلات من دون استخدام نظام "GPS".

الأسعار تراجعت
وبسبب الشلل والضائقة الإقتصادية التي تُعاني منها البلدات الجنوبية، فاقمت أسعار السمك المتدنية معاناة الصيادين، إذ إن الفرق بات كبيرًا بين مناطق الجنوب ومناطق أخرى في لبنان.

وبسبب انعدام حركة السياحة بنسبة 100 في المئة جنوبًا، امتنعت المطاعم التي لا تزال تعمل في بعض المناطق عن شراء السمك من الصيادين، وهذا ما دفع أيضا بالصيادين إلى تأجيل رحلات الصيد كي لا تكون العملية مكلفة، إذ إن تدني مستوى المعيشة، وسط حركة النزوح القاسية دفع بالعديد من المحال والمطاعم إلى الإستغناء عن شراء السمك.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: أبو أحمد

إقرأ أيضاً:

السياسيون الألمان يواجهون اللاجئين السوريين: حان وقت العودة

في تحول واضح نحو سياسة أكثر تشدداً بشأن المهاجرين، بدأ المشهد السياسي في ألمانيا يشهد دعوات متزايدة لترحيل طالبي اللجوء، في خطوة تعكس سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، وفقا لتقرير في صحيفة "واشنطن بوست".

ومع اقتراب موعد الانتخابات الشهر المقبل، أصبح ملف المهاجرين - بما في ذلك قرابة مليون لاجئ سوري يعيشون في ألمانيا - القضية الأكثر إلحاحاً بالنسبة للناخبين الألمان. وفي هذا السياق، نجح فريدريش ميرتس، المرشح الأبرز لمنصب المستشار، في تمرير مشروع قرار برلماني يعكس النهج الذي يعتزم اتباعه، رغم كونه غير ملزم قانونياً.
إجراءات مشددة

تتضمن المقترحات المطروحة فرض رقابة دائمة على الحدود مع جميع الدول المجاورة، ومنع دخول أي شخص لا يحمل وثائق صالحة، واحتجاز المهاجرين الذين صدرت بحقهم قرارات ترحيل، بالإضافة إلى تسيير رحلات ترحيل يومية، بما في ذلك عمليات إعادة اللاجئين إلى سوريا.

A sharp turn toward a tougher line on migrants is beginning to play out in Germany, with leading politicians calling for mass returns, echoing President Donald Trump’s plan to expel undocumented migrants from the United States. https://t.co/yORpGha7xi

— The Washington Post (@washingtonpost) January 31, 2025

في خطوة غير مسبوقة، تم تمرير القرار بدعم من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وحليفه الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) بالاعتماد على أصوات حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، اليميني المتطرف، وهو ما أثار انتقادات واسعة، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. ورغم ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الألمان يدعمون فرض قيود على دخول المهاجرين.
ورغم أن البرلمان الألماني رفض يوم الجمعة مشروع قانون ملزم يهدف إلى الحد من لمّ شمل العائلات كوسيلة لدخول بعض اللاجئين إلى البلاد، إلا أن المناخ السياسي يشهد تغيراً كبيراً.

من الترحيب إلى الترحيل

قبل عقد من الزمن، فتحت ألمانيا أبوابها أمام اللاجئين السوريين الفارين من الحرب تحت شعار "نحن نستطيع فعل ذلك"، ولكن بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد الشهر الماضي، أصبحت ألمانيا من بين دول أوروبية عدة أوقفت النظر في طلبات اللجوء الجديدة من السوريين. والآن، تتعالى أصوات تطالب بعودة اللاجئين إلى بلادهم.

يرى الساسة الداعمون لسياسة الترحيل أن المهاجرين باتوا يشكلون عبئاً اقتصادياً وأمنياً على ألمانيا، مشيرين إلى أن ترحيل معظم السوريين سيوفر مليارات اليوروهات من المساعدات الاجتماعية.
لكن المعارضين لهذه السياسات يشككون في قانونيتها، ويؤكدون أن رحيل السوريين سيؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة، خاصة في ظل النقص الحاد الذي تعانيه ألمانيا في العمالة الماهرة.

أهمية العمالة السورية

تضم ألمانيا أكبر جالية سورية خارج الشرق الأوسط، حيث يعيش فيها نحو 972 ألف سوري، من بينهم 712 ألفاً مسجلين كطالبي حماية، وفقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني. ورغم أن السوريين يمثلون أقل من 1% من القوى العاملة الألمانية، إلا أنهم يساهمون بشكل بارز في قطاعات حيوية.

After the fall of the Assad regime, the situation in Syria remains uncertain.

Politicians in Germany, host to the largest Syrian community in Europe, are trying to decide whether they should allow Syrian refugees to return for a fact-finding mission... https://t.co/DooDDPd5XS

— InfoMigrants (@InfoMigrants) January 18, 2025

ويحذر الخبراء من أن مغادرة العمال السوريين ستؤدي إلى مشكلات اقتصادية، خاصة في قطاع الرعاية الصحية. فهناك قرابة 6,000 طبيب سوري يعملون في ألمانيا، مما يجعلهم أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في البلاد.
وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إن قطاعات الرعاية الصحية ستتضرر بشدة إذا اضطر الأطباء السوريون لمغادرة ألمانيا، مضيفةً أن "بعض المستشفيات ستنهار دونهم".

الجدل حول ترحيل السوريين

بينما يطالب حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) بترحيل السوريين "في أسرع وقت ممكن"، تباينت مواقف الأحزاب الأخرى. فقد وزّع أحد فروع الحزب في جنوب غرب ألمانيا 30 ألف منشور على شكل تذاكر طيران تحمل شعار: "الهجرة العكسية وحدها يمكن أن تنقذ ألمانيا"، في إشارة مثيرة للجدل تُذكّر بالدعاية النازية.
من جانبه، صرّح يورغن براون، المتحدث باسم الحزب في ملف حقوق الإنسان، بأن "جميع اللاجئين السوريين تقريباً يجب أن يعودوا"، حتى أولئك الذين حصلوا على حق البقاء عبر لمّ شمل الأسرة. كما ادّعى أن السوريين في ألمانيا "يفتقرون إلى المهارات المطلوبة" وأنهم يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الاجتماعية.

بين الاندماج ومخاوف الترحيل

تحاول الأحزاب الألمانية التمييز بين السوريين "الجيدين" الذين يعملون ويندمجون في المجتمع، وأولئك الذين ينبغي إعادتهم. فريدريش ميرتس صرّح بأن "الثلث الذين يعملون ويندمجون يمكنهم البقاء، ولكن الثلثين الذين لا يعملون وأغلبهم من الشباب يجب أن يعودوا إلى سوريا".
لكن الإحصائيات الرسمية تتناقض مع هذه المزاعم. فوفقاً لمعهد أبحاث التوظيف الألماني، فإن 42% من السوريين في سن العمل (15-64 عاماً) لديهم وظائف، وهو معدل طبيعي بالنظر إلى تحديات اللغة والإجراءات البيروقراطية. ومع مرور الوقت، ترتفع نسبة التوظيف، حيث تصل إلى 60% بين السوريين الذين وصلوا عام 2015، وترتفع إلى 68% بين الحاصلين على الجنسية الألمانية.

Wer in Deutschland das "freie Syrien" feiert, bei dem liegt augenscheinlich kein Fluchtgrund mehr vor. Er sollte umgehend nach Syrien zurückkehren. #DeshalbAfD #AfD #Rückkehr https://t.co/9cj0ppKn6b

— Alice Weidel (@Alice_Weidel) December 8, 2024

وبحسب معهد الاقتصاد الألماني، فإن 80,000 عامل سوري يشغلون وظائف في قطاعات تعاني من نقص حاد في الكوادر، مثل طب الأسنان والميكانيكا. كما أن السوريين يمثلون أكبر نسبة من الأطباء الأجانب، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من نقص حاد في الأطباء.

الترحيل قد يعيد الأزمة إلى سوريا

رغم أن بعض السوريين، مثل الطبيب محمد غزال، يأملون في العودة إلى بلادهم للمساهمة في إعادة إعمار القطاع الصحي، إلا أنهم يرفضون التمييز بين من يُسمح لهم بالبقاء ومن يُجبرون على المغادرة.
"لن أسمح لألمانيا بأن تبقي الأطباء فقط وترحل الآخرين الذين يحتاجون إلى المساعدة"، يقول غزال، الذي يعمل أخصائي مسالك بولية في هامبورغ.
في ظل تصاعد الجدل، يبقى مصير اللاجئين السوريين في ألمانيا غير واضح، إذ تتصارع الحاجة إلى العمالة الماهرة مع تصاعد المشاعر المعادية للمهاجرين، ما يجعل الملف أحد أكثر القضايا سخونة في المشهد السياسي الألماني الحالي.

مقالات مشابهة

  • التشويش على النشيد الوطني الأمريكي في كندا بعد فرض ترامب رسوما جمركية على أوتاوا
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
  • ما الذي ورط الجمهوريون أنفسهم فيه؟!
  • بإطلالة الصيادين.. بيلي إيليش تخطف الأنظار خلال حفل غرامي 2025
  • رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة: لن نستطيع قبول طلاب السنة التمهيدية وهذا هو مصيرهم
  • بيرم: أهل الجنوب يصنعون المعادلة التي تحمي الوطن
  • مسلسل “فهد البطل”.. Watch It تكشف عن شخصية “نادر” التي يجسدها حمزة العيلي
  • حيدر يتفقد الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي في صور والقرى الحدودية
  • زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية
  • السياسيون الألمان يواجهون اللاجئين السوريين: حان وقت العودة