حتى ولو جاء جان ايف لودريان أو آموس هوكشتاين أو أي موفد آخر إلى لبنان فلن يتغيّر شيء إن لم يقرّر اللبنانيون أنفسهم أن يتغيّروا. وهذا التغيير غير وارد ما دام كل فريق يربط موقفه من الملفات اللبنانية الشائكة، وعلى رأسها ملف رئاسة الجمهورية، بما لديه من شروط لا تتطابق مع شروط الفريق الآخر. وهكذا تُطوى الأشهر، والشهر وراء الباب، من دون أن تلوح في أفق الأزمة اللبنانية المسدود أي بادرة أمل.

وما دامت هذه الأزمة مربوطة بأزمات المنطقة، وأهمّها الحرب الدائرة في قطاع غزة، فلا حلّ ممكنًا وقريبًا لها. هذا هو موقف "حزب الله" الذي يربط أي حلّ ممكن مناقشته بمدى نجاح الضغوطات الدولية على تل أبيب لوقف عدوانها على كل القطاع الغزاوي وليس فقط على رفح. وهذا الموقف يبلغه إلى جميع الذين يراجعونه بالنسبة إلى الوضع الجنوبي ومساعي تثبيت ترسيم الحدود البرّية، أو بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي، خصوصًا أنه غير مستعد ليخسر في السياسة ما لم يخسره في الحرب، أو بمعنى آخر يريد أن يستثمر ما يراه انجازًا في الميدان الحربي في الميدان السياسي. وهو لذلك يصرّ على أن يكون الترسيم البرّي على غرار الترسيم البحري، أي أن يكون له الدور الفاعل والحصري في تأمين ظروف النجاح.
أمّا في الملف الرئاسي فإن "حزب الله"، الذي يعتبر نفسه مدافعًا عن كل لبنان من خلال العمليات العسكرية التي يقوم بها ضد مواقع العدو الإسرائيلي في الشمال الإسرائيلي، فإنه يتمسّك اليوم بترشيح رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية أكثر من أي وقت مضى. فبعد كل هذه التضحيات التي قدّمها من خيرة شبابه لن يقبل بما لم يقبل به قبل سنة وسبعة أشهر. هذا ما تقوله أوساطه. وهذا ما تؤكده الوقائع. وهذا ما يصل إلى أسماع من هم في الخارج، الذين باتوا مقتنعين بأن أوان الحلّ في لبنان لم يحن بعد، خصوصًا أن أي حلّ، سواء أكان على مستوى الوضع الجنوبي أو الوضع الرئاسي، أو حتى الوضع الاقتصادي، سيكون مربوطًا بالتسوية الكبرى الجاري الاعداد لها على طاولة مفاوضات الكبار.
إلاّ أن ثمة فريقًا آخر من اللبنانيين يرى عكس ما يراه الخارج، وهو مغاير تمامًا لنظرة "حزب الله" إلى الملفات المطروحة. ويؤكد الذين ينتمون إلى هذا الفريق أن التجارب الكثيرة في الماضي أثبتت أن سياسة وضع العربة أمام الأحصنة لن توصل أصحابها إلى أي مكان، بل تبقى العربة في مكانها، وكذلك الأحصنة، التي لن تتمكن من التحرّك ما دامت هذه العربة معطلة في منتصف الطريق.
إن انتخاب رئيس للجمهورية اليوم، في رأي هذا الفريق، يجب أن يتقدّم على أي مسألة أخرى مهما كانت مهمة، لأن تغييب لبنان عن أي طاولة للمفاوضات سيكون حتميًا إن لم يكن على رأس الجمهورية رئيس يمثّل كل لبنان على اختلاف مشارب أبنائه. وهذا ما رأته "اللجنة الخماسية"، التي حذّرت اللبنانيين، في آخر بيان لها، من مغبة تغييب لبنان في المفاوضات الدولية والإقليمية، مع الخشية بأن تأتي التسويات على حساب الغائبين أو المغيَّبين أو المغيِّبين أنفسهم.
وفي رأي هذا الفريق أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يبقى أولاً وأخيراً محصوراً بإيجاد تسوية من شأنها إيجاد صيغة بالتراضي، تأخذ في الحسبان أن لا قدرة لـ "لثنائي الشيعي" على فرض مرشحه على المعارضة التي تقاطعت مع "التيار الوطني الحر" على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور. كما أن عكس ذلك قد بات من المسلمات الواقعية، إذ أنه من المحال فرض مرشح المعارضة على "الثنائي الشيعي". وهذا الواقع الناتج عن التعادل السلبي سيقود حتمًا إلى ترجيح "الخيار الثالث". وهذا هو التحدّي الجدّي الذي سيواجه لودريان في زيارته السادسة للبنان، إلاّ إذا كان حمل معه مجموعة من الأفكار يمكن أن تستبدل التحفّظ وتأتي بموجة من التفاؤل، بخلاف زياراته السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتبادل الشروط بين الكتل النيابية الفاعلة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هذا ما

إقرأ أيضاً:

في يوم واحد.. مقتل 11 وإصابة 61 إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان

قُتل 11 شخصًا وأصيب 61 آخرين إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وذكرت وزارة الصحة اللبنانية في بيان اليوم الثلاثاء، أن 78 غارة جوية إسرائيلية على مناطق مختلفة من لبنان خلال الساعات الـ 24 الماضية، اسفرت عن مقتل 11 شخصًا وأصيب 61 آخرين، ليرتفع بذلك الإجمالي عدد الضحايا العدوان إلى 3013 شهيدًا و13553 مصابًا.تدهور الوضع الإنساني

حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من تدهور الوضع الإنساني في لبنان، مشيرًا إلى وصوله إلى مستويات تتجاوز شدة حرب 2006 وسط تصاعد الأعمال العدائية.

وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي بنيويورك، أن القطاع الصحي في لبنان يعاني هجمات متكررة، ما يزيد الضغط على بنيته التحتية الهشة.

أخبار متعلقة في الجنوب والشرق.. غارات الاحتلال تستهدف عددًا من مناطق لبنانمع اقتراب الشتاء.. "الأغذية العالمي" يحذر من مجاعة في قطاع غزة

في الجنوب والشرق.. غارات الاحتلال تستهدف عددًا من مناطق #لبنان#اليومhttps://t.co/saTIVjbDO0— صحيفة اليوم (@alyaum) November 5, 2024

على الصعيد الإنساني، وزعت وكالات أممية مثل "الأونروا" و"اليونيسف" إمدادات طبية وغذائية في مناطق الجنوب وبعلبك.

في الوقت ذاته، تعرضت منشآت تابعة لليونيفيل لأضرار جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية، فيما دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى احترام حرمة مقراتها والتوقف الفوري عن العنف، مؤكدة التزامها بالجهود الرامية لوقف إطلاق النار.

مقالات مشابهة

  • وزير الصحة اللبناني: لبنان يواجه أزمات متعددة والحرب على رأسها
  • أول اجتماع لتكتل الأحزاب في عدن وهذا اتفق بشأنه المجتمعون وأكدوا عليه
  • الأمم المتحدة تسلط الضوء على الوضع الإنساني «الكارثي» في لبنان
  • "زكي": السلام في المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية ولبنان في خطر
  • جنبلاط: المطلوب من إسرائيل تنفيذ 1701.. وهذا ما حدث بعد اغتيال نصر الله
  • إليسا على موعد مع جمهورها في القاهرة
  • في يوم واحد.. مقتل 11 وإصابة 61 إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان
  • رئيس ترجي مستغانم يوجّه رسالة خاصة لأنصار الفريق
  • رئيس ترجي مستغانم يوجه رسالة خاصة لأنصار الفريق
  • ضمن زيارته لدولة بلغاريا .. رئيس جامعة المنصورة يلتقي طلاب «فيليكو تارنوفو»