"زيارة إلى اليمن": بوحٌ سينمائي مطلوب
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
تجربة موريال أبو الروس في "زيارة" (سلسلة وثائقية مؤلّفة من حلقات عدّة، تتراوح مدّة كلّ منها بين 5 و6 دقائق فقط)، المنطلقة عام 2014، جديرة بالمتابعة، لما فيها من اشتغالاتٍ، تحاول ابتكار جديدٍ في مقاربة أحوال جماعة عبر اختبارات فردية، تاركةً لأفرادٍ مساحة بصرية لقول وبوح، وإنْ تكن المساحة قليلة زمنياً، وهذا مناسبٌ، فالتكثيف أساس الابتكار، والثرثرة قاتلة الصورة.
ذكرى مرور عشرة أعوام على إطلاق السلسلة (إنتاجٌ أساسيّ لـ Home Of Cine-Jam، جمعية فنون إنسانية)، مناسَبة لإنجاز أربع حلقات جديدة (2024) مرتبطة باليمن، بفضل تعاون مع "المركز الدولي للعدالة الانتقاليّة"، الناشط في مجتمعات عدّة "للتصدّي لأسباب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومعالجة عواقبها". أربع حلقات ـ شخصيات: محمد الجلبين (25 عاماً) لاعب محترف في الفنون القتالية، بدر الحداد (26 عاماً) عامل في المطاعم، هدى الصراري (46 عاماً) محامية تترأس مؤسّسة "دفاع" للحقوق والحريات، وطاهر الجبل (56 عاماً) رجل أعمال.
المشترك كامنٌ في قهرٍ وألم، ورغبة ملحّة في خلاصٍ من حربٍ مندلعةٍ في البلد، والحرب تُهجّر كلّ شخصية إلى مسقط العُمانية. مشتركات أخرى: علاقة الرجال الثلاثة قوية بأهلٍ وأبناء رغم هجرةٍ وقلقٍ واشتياق، والمحامية تفقد ابنها قبل وقتٍ بسبب تلك الحرب. عدم قدرة على العودة، يرافقه إعلان حبّ للبلد، وتمنّيات بانتهاء حربٍ، يتقاتل فيها يمنيّون، بعضهم يجلس إلى البعض الآخر على طاولة واحدة، ما يُثير شعوراً بمزيدٍ من قهر وقرف (بدر الحداد). رغبة في سلامٍ وأمنٍ، بنبرةٍ توحي كأنّ الشخصيات ممتلئةٌ بحسّ إنساني لا مثيل له، يتعلّق باليمن (الجلبين والحداد والصراري)، ويشمل العالم كلّه (الجبل).
سجينٌ يؤدّي دور سجين مُضطرب نفسياً: اختباراتٌ وأحوال (الملف الصحافي لـ"السجناء الزرق")
سينما ودراما
سجناء زينة دكّاش: علاجٌ بالدراما لكنّ الأحكام "لحين الشفاء"
أهذه مبالغة في الوطنيّ، أم صدقٌ في شعور يتأرجح بين تمزّق بسبب الحرب، وتعلّق بوطن متبدّل كلّياً بين ماضٍ بعيد وراهنٍ قاتل؟ تكتفي موريال أبو الروس (مخرجة الحلقات ومُصورّتها السينمائية) بنقل مرويّات شخصيّةٍ، عن بلدٍ غارقٍ في دم وعنفٍ ودمار، وعن أناسٍ يُقيمون في خرابٍ وانكسارات وهزائم فردية. وفي النقل شيءٌ من تحريضٍ مبطّن على عدم إغفال أهمية البوح بالنسبة إلى الفرد نفسه أساساً.
مسائل لافتة للانتباه في كيفية إنجاز "زيارة إلى اليمن" (المنتجة دنيز جبّور):
إخراج كلّ شخصية من الكادر، لإبعادها عن لقاءٍ مباشر وأفقيّ مع العدسة، رغم لقطات توهم بأنّ العدسة والعين تتواجهان. هذا مهمّ، فالسلسلة غير معنيّة بمفردات التسجيليّ بل بمفهوم وثائقيّ سينمائيّ غالبٍ في إنجاز أفلامٍ عربية عدّة، كما تبغي إزالة كلّ حدّ بين الشخصية وذاتها أولاً، لتمكينها من بوح مطلوب. تداخل اللقطات (شخصية، بيئة، أمكنة مهنةٍ، مساحات في طبيعةٍ، إلخ) يجعل المتابعة أمتع، رغم قسوة المرويّ، والاستناد إلى أرشيف حربٍ وشعرٍ وأصواتٍ، يغذّي كلّ حلقة بمتنفّسٍ بصري سمعي، يتوافق مع المرويّ نفسه. الحرب حاضرةٌ من دون ملامحها، فبعض الكلام يعكس حضورها من دون إظهارها، وأصواتٌ قليلة تُكمل حضورها من دون افتعالٍ.
هناك تلاعبٌ بالمتتاليات البصرية بين إظهار الشخصية في أشكال مختلفة، وأشرطة وأصوات مرتبطة بالنصّ الأساسي، أي بما ترويه الشخصية نفسها. مونتاج بصري سمعي كهذا يُزيل كلّ حدّ بين تفاصيل تُروى إمّا بصُور وإمّا بكلام، كنوع من تمويهٍ جماليّ يُضفي على السياق شفافية بوح وكشف. الحلقات اليمنية (كالحلقات الأخرى) تستفيد من بعض قواعد الفيلم الوثائقي التقليدي (تقديم معلومات عن الشخصية في نهاية كلّ واحدة منها) من دون التزامٍ بها، فالتعريف المختصر للغاية مطلبٌ فني وأخلاقي، يوضح موقع الشخصية في بيئتها الصغيرة، وجماعتها الأوسع.
استخدام السينما في عملٍ اجتماعي نفسي معروفٌ (كفنون مختلفة أيضاً)، فالسلسلة تبغي "تحقيق شفاء عاطفي واجتماعي وجماعيّ من آثار النزاعات". البوح الذاتيّ يُساعد الفرد في هذا. لكنْ: إلى أي مدى يُمكن لبوحٍ ذاتي في خمس دقائق تحقيق شفاء، أم أنّ "زيارة" مكتفٍ بمساعدة فنية متواضعة لكلّ فرد على تنبيهٍ إلى أهمية البوح، أي الكلام الذي يسرد مشاعر ويكشف تفكيراً ويقول حقائق وتفاصيل؟ أتكون الكاميرا دافعاً إلى متابعة ذاتية بعد انتهاء التصوير، أمْ أنّها معنيّة فقط بحثّ أناسٍ على البوح، فتوثّق أحوالاً وحالاتٍ فردية وجماعية؟
تساؤلات كهذه غير لاغيةٍ أهمية نصّ سينمائي، يتمتّع بجماليات فنية وتقنية وسردية، أبرزها التكثيف البصري الذي تُكشف بفضله أحوال، ويُنبَّه إلى حالات.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن سينما زيارة من دون
إقرأ أيضاً:
جهادي مطلوب لدى الإنتربول يحصل على الجنسية التركية!
أنقرة (زمان التركية) – كشف تورهان تشوميز، البرلماني عن حزب “الجيد” ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب، ادعاءات صادمة مفادها أنه تم منح الجنسية التركية لصالح عصام بويضاني، القيادي السابق في التنظيم الجهادي السوري “جيش الإسلام” والمطلوب من قبل الإنتربول.
وأشار تشوميز إلى أن بويضاني غير اسمه إلى عصام بدات أوغلو، وأنه يستثمر ملايين الدولارات في القطاع السياحي بمدينة أنطاليا.
في تغريدة، كشف البرلماني عن تقديمه طلب استجواب لوزارة الداخلية التركية حول هذه القضية، حيث قال: “يبدو أننا منحنا الجنسية التركية لعصام بويضاني، القيادي السابق في التنظيم الجهادي السوري ‘جيش الإسلام’! وقد غير اسمه الآن إلى عصام بدات أوغلو”.
وأضاف تشوميز: “هذا الشخص استثمر عشرات الملايين من الدولارات في مجال السياحة بأنطاليا. وفي الوقت نفسه، تمكنت فرنسا من الحصول على وثائق تثبت تورطه في مجازر ارتكبها في سوريا، وطلبت من الإنتربول إصدار نشرة حمراء بحقه. لكن يبدو أنه يتمتع بحماية في تركيا حيث لم يتعرض للمساءلة”.
وتابع قائلا: “بفضل هذه الحماية والأمان، استخدم جواز سفره التركي الجديد للسفر إلى دبي، لكنه ألقي القبض عليه عند الحدود وتم اعتقاله. لقد وجهت أسئلة إلى وزارة الداخلية حول تفاصيل هذه الفضيحة، وسأشارككم الإجابات إذا ما قرروا الرد”.
تثير هذه الادعاءات تساؤلات جدية حول سياسات منح الجنسية التركية ومدى دقة الفحوصات الأمنية للمتقدمين، خاصة في ظل التقارير الدولية عن تورط بعض الأفراد في أعمال إرهابية. كما تبرز مخاوف حول احتمالية استغلال الاستثمارات الكبيرة كوسيلة للحصول على مزايا قانونية في تركيا.
Tags: إرهابإرهابيينجيش الإسلامحزب الجيدعصام بدات أوغلوعصام بويضاني