لم يكن مفاجئاً للبنان الرسمي ولا السياسي ولا الشعبي أن يتصادم مجدداً الموقف اللبناني الاجماعي حول مواجهة الخطر الوجودي للنازحين السوريين مع الموقف الأوروبي المتمثل في مؤتمر بروكسيل حول ازمة النازحين، إذ على رغم ارتفاع نبرة التعبير اللبناني بوجهيه الرسمي والسياسي – الشعبي لم يتبدل شيء في الاستراتيجية الأوروبية ما يعني مراوحة ملف النزوح السوري في لبنان من دون حلول جذرية.



وكتبت" النهار" أن التظاهرة الرسمية والسياسية اللبنانية التي شهدتها امس بروكسيل تركت دلالات يصعب تجاهلها ومن شأنها ان تشكل مؤشراً الى تصعيد مطرّد ومتواصل واشد حدة في الصراع اللبناني – الأوروبي - الدولي اذا صح التعبير حول الاخطار الكارثية للنازحين السوريين قد تدفع بلبنان قدماً الى تصليب وتحصين الخطة الذاتية التي تعني التشدد غير المسبوق في الإجراءات والتدابير والخطوات الآيلة الى مواجهة واقع النازحين غير الشرعيين والعمل على إعادتهم بقوة القانون اللبناني أولاً وأخيراً.

وكتبت" نداء الوطن": أبلغت أوساط أنّ مؤتمر بروكسل يأتي «بعد نضج الملف في لبنان عبر خطوات عملية بدأتها الأجهزة الأمنية والبلديات باخراج النازحين السوريين الذين يقيمون في صورة غير شرعية، وكذلك عبر موقف رسمي واضح المعالم». وأضافت: «تبلغت اليوم الدول المعنية، أن لبنان بدأ خطوات جدية، وهو غير معني بأي مواقف لا تنسجم مع هذه الخطوات. فلبنان بلد يحتضر ويئن جوعاً وفي حالة عدم استقرار وغارق في أزمة مالية، ومن غير المسموح نقل أزمة النازحين السوريين عن كاهل المجتمَعين الأوروبي والدولي ورميها على كاهله. فعلى المؤتمر اليوم توفير الأموال لهؤلاء النازحين في بلد غير لبنان بدءاً بسوريا نفسها. أما تحويل هذه الأموال الى لبنان فمرفوض رفضاً باتاً. وستمضي الإجراءات قدماً لإبعاد كل نازح مقيم في صورة غير مشروعة».

وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ما يميز الموقف الرسمي في مؤتمر بروكسل حول ملف النازحين السوريين هو تماسكه والإجماع الذي تحقق بشأن مقاربة هذا الملف من أجل معالجته عبر سلسلة نقاط تحط في بروكسل. ولفتت إلى أن اعادة التأكيد على أن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء هي لسان حال الموقف اللبناني، فيما حمل الوفد الرسمي معه آلية بالنسبة إلى النازحين وترحيلهم، معربة عن اعتقادها أنه لم تكن هناك حماسة أوروبية لذلك وقد لا تكون، إنما لبنان قال ما يريد وسيعمل على الضغط لتنفيذ هذه الآلية، ويبقى الشق المتصل بالتواصل مع السلطات السورية وتفعيل ذلك كي تتم العودة سريعا فمناط بسلسلة معطيات وضمانات أبرزها ما يتصل برفع العقوبات عن سوريا.

وكتبت" الديار": في بروكسل، وبغياب سوريا، يمكن القول ان «المكتوب يقرأ من عنوانه»، فلا الاحتجاج اللبناني الشعبي، ولا الاجماع السياسي الداخلي، ولا الموقف «التهويلي» الذي حمله وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، زحزح موقف الدول الفاعلة في الاتحاد الاوروبي، وكان موقف مسؤول السياسة الخارجية الاوروربية جوزيب بوريل حاسما لجهة رفض عودة النازحين الى سوريا «غير الامنة» برايه، مجددا التعهد بدفع الاموال لمساعدتهم في اماكن اللجوء، في تجديد للمعادلة الاوروبية التي تختصر بعبارة واضحة «خذوا فتات الاموال وابقوا النازحين عندكم». علما ان نصف الاموال المخصصة تذهب الى تركيا التي تحمل في يدها «عصا» ارسالهم الى اوروبا. وهو عامل ضغط تفتقد اليه الدبلوماسية اللبنانية.


تعهد الاتحاد الأوروبي في بروكسل بأكثر من ملياري يورو (2.17 مليار دولار) لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة ورفض أي حديث عن عودة محتملة للاجئين إلى وطنهم "لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيأة". وقال مسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، "لكن التزامنا لا يمكن أن ينتهي بالتعهدات المالية وحدها"، وأضاف "على الرغم من الافتقار إلى تقدم في الآونة الأخيرة، لا بد من أن نعيد مضاعفة جهودنا لإيجاد حل سياسي للصراع، حل يدعم تطلعات الشعب السوري لمستقبل سلمي وديموقراطي".


وفي كلمته المسهبة ممثلاً لبنان الرسمي خاطب وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب مؤتمر بروكسيل قائلاً: "نحمل إليكم هذا العام موقفاً لبنانياً جامعاً عبّر عنه مجلس النواب اللبناني بتوصيته الأخيرة للحكومة اللبنانية، عكست إجماعاً لبنانياً قل نظيره بأنّ لبنان، حكومةً وشعباً من كل الفئات، والمناطق، والطوائف، والأحزاب، قد وصل إلى نقطة اللاعودة لجهة تحمّل بقاء الأمور على حالها، والاستمرار بالسياسات المتبعة نفسها منذ أكثر من 13 عاما في ملف النزوح السوري". أضاف: "جئنا اليوم لطرح حلول متوافقة مع القوانين اللبنانية والدولية وخارج نمط التفكير الذي ساد منذ بدء الأزمة في عام 2011. حلول مستدامة، تؤمن العودة على نطاق واسع للنازحين السوريين إلى بلدهم بكرامة وأمان. ومن تتعذر عودته لأسباب سياسية، ندعو لإعادة توطينه في دولة ثالثة، احتراماً لمبدأ القانون الدولي الإنساني بتقاسم الأعباء".

ولفت بو حبيب الى أن "التحديات الأربعة، أي النزوح، والشغور الرئاسي، وعدم الاستقرار في الجنوب، وغياب الإصلاحات الاقتصادية، كلّ واحدة منها تغذي الأخرى، وتهدد بانفجار كبير يهدد أمننا، واستقرارنا الاجتماعي. إنّ الانفجار اللبناني، إن حصل، ستكون له ارتدادات سلبية على دول الجوار، ومنها دول أوروبية".


وتابع: "لقد شهدت الأشهر الـ12 الأخيرة تبدلات جذرية على المستويين الداخلي اللبناني، والدولي. فداخلياً، وصلنا إلى نقطة اللاعودة بسبب تزايد الحوادث، والاضطرابات، والاحتكاكات، والسرقات، والجرائم، وعصابات الجريمة المنظمة، ومعظم أدواتها من النازحين السوريين، ما وحّد اللبنانيين. لقد وصلنا إلى إجماع لبناني بأنّ إبقاء الوضع على ما هو عليه سيشكل خطراً وجوديّاً على لبنان". واعلن أننا "ندق ناقوس الخطر من باب حرصنا على التعاون معكم، فلبنان يخطو خطوات متسارعة نحو الانفجار الكبير، في حال استمرار سياسة شراء الوقت في موضوع النزوح. لقد تغيرت الأحوال بصورة جذرية في الداخل اللبناني، وتكاثرت التحديات والمشاكل، وشحّت الموارد، إقليمياً ودولياً. جئنا إليكم اليوم لانتهاز هذه الفرصة الأخيرة، قبل فوات الأوان، لوضع أسس لمقاربة مختلفة جذرياً ومستدامة لإعادة النازحين إلى ديارهم، وفصل السياسة عن النزوح قبل فوات الأوان، وانهيار الهيكل علينا وعليكم".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: النازحین السوریین

إقرأ أيضاً:

كيف يواصل الدفاع المدني اللبناني عمله رغم التهديدات والاستهدافات؟

بيروت- في مواجهة النار والدمار وتحت وطأة التهديد المستمر، يتقدم عناصر الدفاع المدني في لبنان على دراجاتهم النارية إلى مواقع الغارات والاستهداف، حاملين على عاتقهم مهمة إنقاذ الأرواح وحماية الممتلكات، "نضحي بلا تردد، لأن حماية شعبنا وصون ممتلكاته هو واجبنا" حسب قول رئيس العمليات في الدفاع المدني في الضاحية الجنوبية غسان زحيم. 

ويؤكد زحيم للجزيرة نت أنه "منذ بداية العدوان وبعد تلقي تهديدات متعددة من العدو الإسرائيلي، تم اتخاذ قرار بإخلاء جميع المراكز الواقعة في قلب الضاحية، بما في ذلك مركز برج البراجنة الإقليمي، ومراكز حارة حريك، والغبيري 1، والغبيري 2″.

وأضاف رئيس العمليات "وضعنا خطة بديلة تتيح لنا التدخل في مختلف مناطق الضاحية، معتمدين على نقاط مؤقتة ذات توزيع دائري بشكل مدروس، وأنشأنا مواقع ميدانية تضمنت خياما وكراسي على الطرق العامة"، وتابع "في البداية قضينا نحو 20 يوما ننام داخل آلياتنا إلى أن تمكنّا من تأمين خيام مناسبة".

عناصر الدفاع المدني في الضاحية الجنوبية يواجهون تهديدات إسرائيلية ومخاطر أثناء عمليات الإنقاذ (الجزيرة) تحديات ميدانية

يوضح زحيم أن التهديدات التي تطال الدفاع المدني لا تقتصر على الإخلاء فقط، بل تعددت أشكالها لتشمل تهديدات مباشرة بعدم التدخل، وأضاف "رغم المصاعب التي نواجهها أثناء التحرك والتدخل، نحن ما زلنا صامدين".

وأكد رئيس العمليات أن الخطة التي وضعوها تركز على حماية أفراد الفريق المسعفين والاستجابة السريعة، وقال "نعتمد في البداية على الدراجات النارية للوصول السريع إلى مواقع الاستهداف أو الغارات، حيث نقوم بتقييم الوضع وتحديد الأولويات المطلوبة، مثل المعدات والآليات والقوى البشرية اللازمة، والهدف هو ضمان التدخل السريع مع تجنب أي مخاطر مباشرة".

كما لفت إلى أن نقص المعدات الثقيلة يمثل أحد أبرز العقبات، قائلا "عندما نصل إلى مبنى تعرض لقصف وهو مكون من ثمانية أو تسعة طوابق، نحتاج بشكل مُلح إلى معدات ثقيلة مثل الرافعات والجرافات والونشات، وهذا يمثل تحديا كبيرا بالنسبة لنا، إضافة إلى التهديدات المتكررة من العدو الإسرائيلي التي تطالبنا بعدم التدخل".

وأشار زحيم بأسى إلى أن الدفاع المدني اللبناني فقد منذ بداية الحرب أكثر من 20 شهيدا، موزعين على مختلف المناطق التي تعرضت للاعتداء، ويستدرك: "إن واجبنا الوطني والإنساني هو الوقوف إلى جانب أهلنا، والتخفيف عنهم في هذه الظروف الصعبة، هذا هو الدافع الذي يجعلنا نثابر ونقدم التضحيات، سواء بالشهداء أو الجرحى، في سبيل الدفاع عن شعبنا وممتلكاتنا".

مراكز الدفاع المدني في الضاحية الجنوبية أخليت ونقل عناصرها إلى مناطق خارج الضاحية (الجزيرة) ضحايا حرب

لا تقتصر المخاطر على التحذيرات أو ضعف التجهيزات فحسب، بل تشمل أيضا الاستهداف المباشر للعناصر الإغاثية، وآخر هذه الهجمات كان الغارة الجوية التي استهدفت مركز الدفاع المدني في مدينة بعلبك، مما أسفر عن استشهاد 14 عنصرا.

ويعتبر هذا الاستهداف، الثاني من نوعه، بعد الغارة التي شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على مركز مستحدث للدفاع المدني في دردغيا قضاء صور في جنوب لبنان، والتي أسفرت عن استشهاد 5 من عناصر الدفاع المدني.

وقد تكبدت فرق الدفاع المدني والفرق الإسعافية والصحية المنتشرة في مختلف المناطق خسائر فادحة خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على لبنان منذ أكثر من عام وشهرين، وقد أصبحت هذه الفرق هدفا مباشرا للهجمات، سواء في مراكزها أو أثناء تحركها لإنقاذ الجرحى أو لإخماد الحرائق أو لتقديم الدعم.

ويأتي هذا الاستهداف في سياق التصعيد العسكري الإسرائيلي في جنوب لبنان وشرقه، وكذلك في الضاحية الجنوبية لبيروت، والذي بدأ منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي.

لبنان دعا مجلس الأمن لإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على الدفاع المدني والمؤسسات الصحية والإغاثية (الجزيرة) شكوى دولية

أوعزت وزارة الخارجية والمغتربين إلى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي احتجاجًا على الاستهداف المتكرر والمتعمد من قبل إسرائيل لعناصر الدفاع المدني اللبناني ومراكزه وآلياته، منذ بداية حربها على لبنان في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقد أسفرت هذه الاستهدافات عن استشهاد 27 عنصرا من الدفاع المدني، وإصابة 76 آخرين، بالإضافة إلى تعرض 32 مركزا للتدمير الجزئي أو الكلي، وتدمير 45 آلية.

وفي شكواه، أشار لبنان إلى أن "الاستهداف الإسرائيلي لعناصر الدفاع المدني أثناء تأديتهم واجبهم الإنساني ومنعهم من أداء مهامهم الإغاثية في عدة مناسبات، يعطل أعمالهم الحيوية في إجلاء السكان من المناطق الخطرة وتقديم المساعدة الفورية للضحايا، وهذا يعرض حياة المدنيين لمخاطر أكبر، ويشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويصل إلى مستوى جرائم الحرب التي تستوجب الإدانة والمحاسبة".

كما دعا لبنان الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف حازم بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على الدفاع المدني والمؤسسات الصحية والإغاثية في لبنان.

مقالات مشابهة

  • بلدية غزة تحذر من انتشار الأوبئة بسبب اكتظاظ النازحين
  • تحذير من انتشار الأوبئة في غزة بسبب اكتظاظ النازحين ونقص الموارد
  • انخفاض عدد اللاجئين السوريين المسجلين بالأردن
  • أوضاع النازحين تزداد بؤسا في غزة
  • الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
  • أحرار لبنان يشيدون بهبة الشعب اليمني لإغاثة النازحين جراء العدوان الإسرائيلي
  • كيف يواصل الدفاع المدني اللبناني عمله رغم التهديدات والاستهدافات؟
  • الأمم المتحدة تكشف عدد اللبنانيين النازحينِ إلى سوريا وتحذر من هذا الأمر!
  • خبير عسكري: مقبلون على تصعيد أعنف من الاحتلال الإسرائيلي ضد لبنان
  • خبير عسكري: سنشهد تصعيدًا أعنف من الاحتلال الإسرائيلي على لبنان