استعراض تأثير السرد القصصي في الإعلام الرقمي
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
دبي: «الخليج»
خصص المنتدى الإعلامي العربي للشباب، ضمن أول أيام قمة الإعلام العربي 2024، جلستين لمناقشة تأثير السرد القصصي ومدى تطوره وتأثيره وآفاق مستقبله، إحداهما حملت عنوان «قوة الشباب في السرد القصصي»، والثانية بعنوان «رواد المستقبل في السرد القصص».
واستعرضت الجلسة الأولى نماذج حية لفاعلية التأثير الذي أحدثته قصص وتجارب قدمها صناع محتوى من جيل الشباب عبر منصاتهم الخاصة تحولت معها أمنيات وآمال أصحابها إلى واقع، وأسهمت في إعادة ابتكار محتوى ذكي يلائم جيل المستقبل.
شارك في هذه الجلسة صانعاً المحتوى، شذا اليمن ومنذر المزكي، حيث قدم كل منهما نماذج من تجربته الخاصة في صناعة محتوى مؤثر وفعال يحمل بصمته الخاصة، مع إبراز قوة التأثير الذي أحدثته تلك التجارب، واتفقا على قوة السرد القصصي للشباب على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي مداخلتها، قارنت شذا اليمن في نموذج محتوى لأحد البرامج التليفزيونية الخاصة بالصحة والسلامة، أعادت صنعة بأسلوب وقالب مختلف بعد أن قامت بإجراء بحث معمّق حول المعلومات التي تم عرضها وقدمتها في قالب سردي مرح وسهل وسريع في أقل من 90 ثانية.
واختار منذر المزكي نموذجين من أعماله للتأكيد على قوة تأثير السرد القصصي للشباب على منصاتهم الخاصة، حملا عنوان «أمنية وأمل»، الأول جاء خلال تغطيته مهمة إنسانية خارج الدولة التقى خلالها طفلاً نجا من حادث تُوفّي فيه والده وكانت أمنيته مقابلة النجم كريستيانو رونالدو، وخلال 48 ساعة تحققت أمنيته، فيما تناولت القصة الثانية حالة إنسانية لزوج تمثل أمله الوحيد في إنجاب طفل بعد سنوات طويلة، وعندما تحقق الأمل جاء حاملاً معه خطر فقدان الجنين أو الأم عند الولادة.
وفي الجلسة الثانية التي عقدت بعنوان «رواد المستقبل في السرد القصصي» التي قدمها المستشار الإعلامي مازن حايك، تم تسليط الضوء على أهمية السرد القصصي كأحد الفنون المهمة التي ستشكل مستقبل الإعلام، والسمات والأدوات التي ينبغي توافرها للتميز في هذا المجال شديد المنافسة في ظل ثورة الإعلام الرقمي.
واستعرض حايك أبرز التحديات والفرص في مسار السرد القصصي، وما يفرضه سوق العمل من تحديات إضافية تتعلق بقوة المنافسة في فضاء الإعلام الرقمي والتي تتطلب من العاملين فيه التمتع بسمات وقدرات وأدوات متفردة تميزهم عن الآخرين.
واستعرض حايك خلال الجلسة العديد من الأمثلة العملية لتجارب منصات متخصصة في السرد القصصي التي حققت رواجاً كبيراً خلال فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز الثمانية أشهر، واختتم الجلسة بالتأكيد على أن المتلقي هو دائماً من يحدد مسار السرد القصصي ويعزز نجاحه، خاصة عند تقديم محتوى يلائم جيل الألفية الذي يهتم أكثر بالأشخاص الذين يتحدثون معهم بلغة المستقبل.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإعلام العربي السرد القصصی فی السرد
إقرأ أيضاً:
قراءة نقدية لرواية “طحلب أزرق”لروائي منصور الصويم
تُعد رواية طحلب أزرق للكاتب السوداني منصور الصويم عملاً سردياً متمرداً على القوالب التقليدية في تناول موضوعات السلطة والفساد السياسي. وعلى عكس القراءات التي تركز على البعد الملحمي أو الطابع الصادم للرواية، يمكن النظر إليها من زاوية أخرى؛ زاوية استكشاف البنية السردية والتجريب اللغوي اللذين استخدمهما الكاتب في بناء عالم روائي متشابك يعكس عبثية الواقع.
الرؤية السردية ووجهات النظر
أحد الجوانب اللافتة في الرواية هو تعدد وجهات النظر وتداخل الأصوات السردية، مما يجعل القارئ في مواجهة مباشرة مع هشاشة الحدود بين الخير والشر، والفاعل والمفعول به. فالرواية لا تطرح فقط شخصيات نمطية مثل الديكتاتور القاسي أو الساحر المحتال، بل تقدم شبكة من الشخصيات الرمادية التي تتنقل بين مواقع القوة والضعف، بين التحكم والخضوع.
التجريب في الأسماء والرؤية الرمزية
من العناصر الفنية المميزة في الرواية اختيار أسماء الشخصيات ذات الحمولة الدلالية المكثفة. جعفر إبراهيم البشير ليس مجرد اسم لشخصية رئيس، بل يمثل اندماجاً رمزياً لتجارب الحكم العسكري في السودان، مما يفتح مجالاً واسعاً للتأويل حول التكرار القسري للنماذج الاستبدادية. هذه التسمية ليست مجرد حيلة تجريبية، بل هي نقطة انطلاق لفهم أعمق لمسألة استمرارية الديكتاتورية.
السرد بوصفه إعادة تشكيل للواقع
يمكن القول إن الرواية تتجاوز السرد التقليدي الذي يضع الديكتاتور في مواجهة أعدائه أو شعبه. بدلاً من ذلك، هي تعيد تشكيل مفهوم السلطة عبر إظهار التحولات التدريجية للنفوس المستبدة، حيث يصبح المهمشون والمشعوذون والمقربون من السلطة مشاركين في نسيج الفساد، لا مجرد ضحايا له. هذا المنحى السردي يجعل الرواية أقرب إلى تحليل عميق للأنظمة السياسية وليس مجرد قصة عن سقوط فردي.
اللغة والأسلوب
تتميز لغة الرواية بالمزج بين السرد الواقعي والبعد الأسطوري، حيث نجد عبارات مكثفة تحمل بعداً فلسفياً عن المصير والسلطة والتلاعب بالمصائر البشرية. كما أن التوظيف الذكي للمفردات ذات الطابع المحلي يمنح النص طابعاً خاصاً يجعله قريباً من الواقع السوداني دون أن يفقد عالميته.
تقدم طحلب أزرق تجربة سردية غنية تتجاوز الإثارة المباشرة لقضايا السلطة، لتفتح أبواب التفكير في تكرار أنماط الحكم القمعي. إنها ليست فقط مرآة للماضي، بل تحذير للمستقبل من أن التغيير السطحي لا يكسر دورة الاستبداد. بهذا، فإن الرواية ليست مجرد حكاية عن رجل استبد بالحكم، بل عن منظومة متكاملة تعيد إنتاج ذاتها، حيث لا يمكن فصل الطحلب الأزرق عن الماء الذي ينمو فيه.
zuhair.osman@aol.com