أحمد نجيب الشابي لـعربي21: أخشى من فوضى واضطرابات بعد رئاسيات تونس
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
عبّر رئيس جبهة "الخلاص الوطني" المعارضة بتونس، أحمد نجيب الشابي، عن خشيته أن "تنتهي نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة كسابقاتها في أجواء من اللامبالاة والمقاطعة الواسعة التي ربما ينتج عنها أخطار الاضطراب والفوضى كنتيجة لتفاقم الأزمة"، مُشدّدا على أن "عوامل الأزمة تتطور وتحتد بشكل خطير، وهو ما يُهدّد استقرار البلاد".
وفي مقابلة خاصة مع "عربي21"، أوضح الشابي أن "جبهة (الخلاص الوطني) ترى أن تقديم مرشح اليوم للانتخابات الرئاسية -سواء من داخلها أو خارجها- أمر غير وارد بالمرة، وستعمل على توفير شروط المنافسة، وإن لم تتوصل لذلك فلن تكون جزءا من مسرحية انتخابية مؤداها اغتصاب السلطة".
وأكد الشابي أن "وضع المعارضة اليوم أسوأ مما كان عليه الحال قبل عام، بسبب القمع الذي استهدف قيادات الصف الأول؛ حيث انتشر الخوف في محيط المعارضة، ونال من قدرتها التعبوية، كما أن حالة الإحباط شملت منظمات المجتمع المدني".
لكن الشابي رأى في الوقت نفسه أن "وضع الحكم ليس أفضل؛ فهو أكثر عزلة وهشاشة، ولم يزد القمع الأزمة إلا استفحالا، فضلا عن الإخفاق الذريع في إدارة الأزمة المالية والاجتماعية".
وأشار المعارض التونسي البارز، إلى عدم وجود أي إمكانية لفتح حوار مع السلطة، قائلا: "انقطاع الحوار لا يمثل مرحلة في العلاقة مع قيس سعيّد، وإنما هي صفة ملازمة لنظامه؛ فهو لا يحاور أحدا حتى أنصاره فما بالك بمعارضيه: الحق بيّن والباطل بيّن، والعلاقة بين الحق والباطل هي علاقة تضاد وصراع".
وأردف: "التوازن في تونس هو توازن ضعف: ضعف الحكم يقابله ضعف المعارضة، لكن إذا ما تمكنت المعارضة من توحيد صفوفها وقيادة الرأي العام فيمكن أن تفتح الأزمة على أفق إيجابي يخرج البلاد من النفق المظلم الذي هي فيه، وإن هي لم ترتقِ إلى مستوى التحديات فيمكن للأزمة أن تُفتح على الفوضى والمجهول".
وكان قيس سعيّد اُنتخب في 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 لعهدة من 5 سنوات، ويفترض أن تجري الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، بينما لم يتم الإعلان رسميا عن موعد إجراء تلك الانتخابات، وسط تأزم سياسي غير مسبوق تشهده البلاد.
وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
لماذا لم تعلن السلطة موعدا مُحددا للانتخابات الرئاسية المقبلة حتى اللحظة؟ وهل من المحتمل عدم إجراء هذه الانتخابات خلال العام الجاري؟
عدم الإعلان عن موعد الانتخابات حتى اليوم علامة تردد وإن كان الأجل الدستوري لم ينفذ بعد. احترام موعد الانتخابات ركن أصيل من أركان الشرعية الدستورية. عهدة قيس سعيّد تنقضي نهاية هذا العام، وعدم إجراء الانتخابات في موعدها يضاعف من أزمة الشرعية التي اهتزت أصلا جراء الانقلاب الذي أقدم عليه قيس سعيّد في 25 تموز/ يوليو 2021.
أقدر شخصيا أن تتم الانتخابات هذه السنة؛ إذ أفرغت السلطة الساحة من منافسيها وكمّمت أفواه الإعلاميين والمدونين، وحاصرت نشاط الأحزاب والجمعيات، وتأكدت من ولاء هيئة الانتخابات، وهي كلها شروط سانحة لتجديد العهدة الرئاسية.
متى ستحسم جبهة "الخلاص الوطني" موقفها النهائي من الانتخابات الرئاسية سواء بالمشاركة أو المقاطعة لأن موقفكم الرسمي إلى الآن يمكن أن يتجه إلى هذا المسار أو المسار المضاد؟
الجبهة حدّدت موقفها المبدئي منذ شهر آذار/ مارس الماضي، وأعلنت عنه خلال ندوة صحفية بداية نيسان/ أبريل. الجبهة تعتبر أن تونس تفتقد لأدنى شروط المنافسة الحرة على السلطة وهو كنه (جوهر) العملية الانتخابية: زعماء الحركة السياسية جلهم وراء القضبان (عددهم اليوم 86 من كل الاتجاهات السياسية)، وعدد آخر ينتظر المحاكمة خلال هذه الصائفة، عددهم أربعون فيما عُرف بقضية "التآمر" وحدها.
في الواقع، حرية التعبير مُصادرة تماما، وأكبر الصحافيين اليوم وراء القضبان. كما أن حرية النشاط الحزبي مُصادرة ومقرات الأحزاب محظورة من النشاط بموجب قانون حالة الطوارئ، والهيئة المشرفة على الانتخابات غير مستقلة، وهي طرف في نزاعات قضائية ضد وجوه المعارضة، بسبب التعبير عن رأيهم في أدائها -واستشهد هنا بقضية جوهر بن مبارك-، لكل ذلك ولأسباب عديدة أخرى ترى الجبهة أن تقديم مرشح اليوم غير وارد، وأنها ستعمل على توفير شروط المنافسة، وإن لم تتوصل لذلك فلن تكون جزءا من مسرحية انتخابية مؤداها اغتصاب السلطة.
إذن الموقف واضح ومبدئي، وسيتحول إلى موقف نهائي على ضوء التقدم في تحقيق شروط المنافسة، فإن تعذر توفيرها فهي تعلن منذ الآن أنها لن تشارك في انتخابات صورية.
لكن في حال توفرت شروط المنافسة الحرّة للانتخابات الرئاسية، مَن هو الشخص الذي ستدفع به جبهة "الخلاص الوطني" لخوض تلك الانتخابات؟ وما موقفك الشخصي من رئاسيات تونس؟
لن تقدم الجبهة اليوم مرشحا إلى رئاسيات 2024، لا من داخلها ولا من خارجها، لانتفاء شروط المنافسة الحرّة على السلطة. ورغم ذلك فسوف تعمل الجبهة على توفير أقصى ما يمكن من تلك الشروط، فإن توفرت تلك الشروط فلكل حادث حديث، وإن لم تتوفر فلن تكون الجبهة جزءا من ديكور انتخابي.
أما رأيي الشخصي فإن قصر الردح الزمني المتبقي لن يمكننا من تعديل علاقة القوة مع السلطة بما يتيح منافسة حرّة ونزيهة يكون رهانها التداول السلمي على السلطة.
في تقديرك، كم تبلغ نسبة شعبية قيس سعيّد اليوم؟ وما فرص فوزه في انتخابات حرة ونزيهة؟
مجمل الانتخابات التي جرت حتى اليوم (الاستشارة الإلكترونية، والاستفتاء على الدستور، والانتخابات التشريعية في دورتيها، والانتخابات المحلية في دورتيها) كانت نسبة المشاركة فيها متدنية إلى أقصى حد (10% حسب النتائج الرسمية وأقل من ذلك بكثير في الواقع)، ما يثبت أن الشعب التونسي غير منخرط في المشروع السياسي لقيس سعيّد. صحيح أن قطاعات من الرأي العام ابتهجت للانقلاب في بداية الأمر، لكن سرعان ما خاب الأمل.
ولا يطرح السؤال عن حظوظ نجاحه لو كانت الانتخابات حرة ونزيهة؛ لأن كل شيء رُتب حتى لا تكون كذلك. والنتيجة أنه سيُجدد عهدته في ظروف من اللامبالاة والمقاطعة الواسعة.
وكيف تقيم مجمل فترة حكمه؟
يمكن القول إن أداءه خلال هذه العهدة تميز بأزمة سياسية واجتماعية حادة في الداخل وعزلة في الخارج.
ماذا لو جرت الانتخابات الرئاسية في نفس الظروف والأجواء التي جرت فيها الانتخابات والاستفتاءات التي شهدتها البلاد منذ انطلاق مسار 25 تموز/ يوليو 2021؟
الأقرب أن الانتخابات القادمة ستُجرى في نفس الظروف وستنتهي إلى نفس النتائج لسابقاتها، أما تداعياتها على الأوضاع الداخلية والخارجية فإني أخشى أن ينتهي تفاقم الأزمة إلى اضطرابات، وأتمنى ألا تفتح الباب على فوضى؛ لأن النخب مستقيلة، وهو حالها في جل البلدان العربية.
لماذا لم ترفع الأجهزة الأمنية والعسكرية يدها عن قيس سعيّد حتى الآن؟ وإلى متى ستُصرّ على مواصلة دعمها له؟
أجهزة الأمن والجيش ليست قوى سياسية تعوض الأحزاب في معارضة قيس سعيّد، بل هي أجهزة محمولة على الحياد السياسي والانضباط لسلسلة القيادة. هذه الأجهزة لا تلعب اليوم دورا نشطا في الحياة السياسية التونسية، وتلازم الحياد السلبي من الأزمة. غير أن بعض أجهزتها موظفة من قِبل السلطة في قمع معارضيها، وخاصة منها بعض الفرق الأمنية وبعض القضاة.
قيس سعيّد صرّح سابقا بأنه لا يفكر بالترشّح مُجددا للرئاسة، لكنه "لن يسلم البلاد إلا للوطنيين".. كيف يمكن أن نفهم هذا التصريح اليوم؟ ومَن هم "الوطنيون" الذين يقصدهم؟
مثل هذا التصريح ينم عن وصاية على "الشعب السيد"، وهو مستغرب من مدرس لمادة القانون الدستوري. وشهادات "الوطنية" هي صكوك غفران لا تمنح حتى لأنصاره، أما "الخيانة" فهي صفة تُغدق بسخاء على المعارضين.
هل توجد أي إمكانية لفتح حوار مع السلطة خلال هذه المرحلة أم أنكم تجاوزتم أي حوار مع قيس سعيّد؟
انقطاع الحوار لا يمثل مرحلة في العلاقة مع قيس سعيّد وإنما هي صفة ملازمة لنظامه؛ فهو لا يحاور أحدا حتى أنصاره فما بالك بمعارضيه: الحق بيّن والباطل بيّن، والعلاقة بين الحق والباطل هي علاقة تضاد وصراع.
ما تقييمكم لموقف القوى الإقليمية والدولية من الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ وهل تدعون لضغوط خارجية متزايدة على نظام قيس سعيّد من أجل تغيير الأوضاع؟
لقد خابت المنظومة الدولية الغربية في امتحان غزة وفقدت الكثير من سلطتها المعنوية ومن تأثيرها على النخب. واغتنم قيس سعيّد الفرصة ليتقرب من القطب المقابل. ولم يشفع للغرب سوى الحراك الشعبي والشبابي الذي حمل لواء الفكر التحرري الإنساني ومسك بوسائل التواصل الاجتماعي لممارسة أقصى الضغط على الحكومات واضطر أغلبها إلى تعديل مواقفها.
الدول الغربية تسند التجربة الديمقراطية التونسية وتنتقد تمشي السلطة منذ 25 تموز/ يوليو 2021، ولكن العوامل الداخلية تبقى الأساس في عملية التغيير وفي عملية الدفاع عن مكتسبات الثورة. أما العوامل الخارجية فتظل في كل الأحوال عاملا مساعدا لا غير وبشرط ألا تتجاوز عتبة التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان.
هل هناك تغاض أوروبي وأمريكي عن انتهاكات نظام قيس سعيّد طالما أنه منخرط في حراسة القارة البيضاء من المهاجرين وفي ظل رفضه لأي تغلغل صيني أو روسي داخل البلاد؟
قيس سعيّد ليس حارسا للحدود الجنوبية لأوروبا، حتى الآن على الأقل، وهو لم يتوصل إلى تفاهم مع الاتحاد الأوروبي حول الموضوع. وقيس سعيّد ليس معارضا للتأثير الروسي والصيني، وقد يرى فيه ملاذا في وجه الضغط الغربي. وأوروبا وأمريكا ليستا متغاضيتين عن انتهاكات حقوق الإنسان في تونس، بل تراقبان الوضع عن كثب، وتصدران البيانات الناقدة؛ فالوضع مُعقّد ومُضطرب، وتعكس التوجهات الخارجية لتونس عدم استقرار أوضاعها الداخلية.
في حال خروج قيس سعيّد من سدة الحكم، كيف تتوقعون مصيره؟ وهل تقبلون بخروج آمن له وبضمانات لعدم ملاحقته بأي صورة؟
يقول المثال الفرنسي لا تبيعنّ جلد الدب قبل القبض عليه. المسألة مع قيس سعيّد ليست مسألة تشف أو انتقام فإن كانت من محاسبة فلتتم وفق قوانين عادلة ومبادئ الدستور والشرائع الدولية المتفق عليها ومن قِبل سلطة قضائية مستقلة لا تتأثر بأي نوع من المؤثرات الخارجية (سلطة أو رأي عام). مهمتنا اليوم هي استعادة الديمقراطية من أيدي مَن يحاول الإجهاز عليها.
كيف تنظرون للهجمة الأخيرة على الحقوق والحريات، والتي طالت المهاجرين واللاجئين بتونس، فضلا عن بعض المعارضين والمحامين والإعلاميين؟
ما جرى لأشقائنا الأفارقة مشين ومخجل ويخدش مشاعرنا ويتعارض مع مبادئ ديننا التي لا تفرق بين البشر على أساس العرق ومع مبادئ حقوق الإنسان الكونية التي صاغتها العصور الحديثة. المطلوب أن نمنح لإخواننا المهاجرين من جنوب الصحراء ما نطلبه لأبنائنا المهاجرين غير النظاميين العالقين بالجهة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، لا أكثر ولا أقل. الكيل بمكيالين مخل بالقيم والشيم الإنسانية.
هل هناك جديد بخصوص قضية «التآمر على أمن تونس»؟ وإلى ماذا ستنتهي هذه القضية؟
من طبائع الاستبداد أن السلطة فيه تخضع للمشيئة المطلقة للحاكم؛ فلا يمكنك أن تتكهن بما قد يحدث. ورغم ذلك فإني أنتظر محاكمات كبرى هذه الصائفة تشفع بأحكام ثقيلة، رغم خواء الملفات، ورغم أن المتهمين من أبرز الشخصيات السياسية التونسية التي عُرفت على مر العقود باستقامتها واعتدالها.
ما مدى تأثر المعارضة التونسية بكل الضربات التي تلقتها في أعقاب مسار 25 تموز/ يوليو 2021؟
وضع المعارضة اليوم أسوأ مما كان عليه الحال قبل عام، والسبب هو القمع الذي استهدف قيادات الصف الأول؛ حيث انتشر الخوف في محيط المعارضة، ونال من قدرتها التعبوية، كما أن حالة الإحباط شملت منظمات المجتمع المدني، ولكن وضع الحكم ليس أفضل فهو أكثر عزلة وهشاشة، ولم يزد القمع الأزمة إلا استفحالا، فضلا عن الإخفاق الذريع في إدارة الأزمة المالية والاجتماعية.
وباختصار، فإن عوامل الأزمة تتطور، وهو ما يُهدّد استقرار البلاد. ومن المفيد الإشارة في هذا المضمار إلى استفاقة قطاع المحامين الذين نظموا إضرابين عامين على التوالي خلال شهر أيار/ مايو، وخرجوا في مظاهرة جمعت الآلاف، بينما كان قبل ذلك قطاعا مترددا.
كيف تستشرف ما سيحدث في تونس مستقبلا؟
الوضع غير مستقر؛ فالأزمة السياسية تحتد بشكل خطير، ولا أفق للأزمة الاجتماعية والمالية، والبلد يعاني من أزمة في علاقاته الخارجية.
والتوازن في تونس هو توازن ضعف: ضعف الحكم يقابله ضعف المعارضة. إذا ما تمكنت المعارضة من توحيد صفوفها وقيادة الرأي العام فيمكن أن تفتح الأزمة على أفق إيجابي يخرج البلاد من النفق المظلم الذي هي فيه، وإن هي لم ترتقِ إلى مستوى التحديات فيمكن للأزمة أن تُفتح على الفوضى والمجهول.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات أحمد نجيب الشابي التونسي تونس قيس سعيد أحمد نجيب الشابي جبهة الخلاص الوطني المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة الخلاص الوطنی یولیو 2021 فی تونس یمکن أن
إقرأ أيضاً:
مؤشرات خطيرة في سوريا تنذر بتكرار فوضى العراق بعد صدام
قارنت الباحثة السياسية سالي مايكل بين التداعيات المستمرة لسقوط الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا والفوضى التي أعقبت الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين في العراق.
مستقبل سوريا يعتمد على قدرة قيادتها الجديدة على إدارة مرحلة ما بعد الأسد بحكمة
وقالت الكاتبة المتخصصة في الصراعات والإرهاب في جامعة أوكلاند، نيوزيلندا، في مقالها بموقع "ذا هيل" الأمريكي، إن سوريا قد تعيد أخطاء العراق الكارثية، ولا سيما تصاعد العنف الطائفي وإخفاق العدالة الانتقالية وتنفيذ إصلاحات غير مدروسة.وشددت الكاتبة على الحاجة الملحّة إلى تجنب القيادة السورية الجديدة سياسات مماثلة لاجتثاث حزب البعث، وأن تركز بدلاً من ذلك على الحكم الشامل الذي يضمن تمثيل جميع الفئات، لمنع انزلاق البلاد إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار. اجتثاث البعث في العراق: تحذير لسوريا
وأشارت الكاتبة إلى العواقب الكارثية التي نتجت عن سياسة اجتثاث البعث في العراق بعد سقوط صدام حسين، فقد أدى تفكيك مؤسسات الدولة وإقالة أكثر من 100 ألف من الكوادر المهنية المرتبطة بحزب البعث، إضافة إلى حل الجيش وإعادة هيكلة الحكومة تحت قيادة شيعية، إلى تهميش فئة كبيرة من المجتمع، خصوصاً السنة، مما تسبب بخلق بيئة مواتية لظهور التمرد المسلح وصعود الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش.
The post-Assad era started with high hopes and relative calm but as Syria remains deeply fractured, many feared that an explosion of tensions was almost inevitable. The recent violence is the most serious challenge to interim President Sharaa yet.https://t.co/kvzbuptZqz
— Hugo Bachega (@hugobachega) March 11, 2025وأوضحت الكاتبة أن هذه الخطوات، التي نُفذت دون خطة واضحة للانتقال السياسي، فاقمت الانقسامات الطائفية وأدت إلى سنوات من العنف وعدم الاستقرار.
وأكدت أنه يتعين على سوريا أن تتعلم من هذا الدرس، وتتفادى تكرار السياسات الانتقامية التي قد تستهدف العلويين، وهم الأقلية التي ارتبطت بنظام الأسد لعقود.
ورأت الكاتبة أن أي محاولات لإقصاء العلويين من مؤسسات الدولة أو تحميلهم جميعاً مسؤولية تجاوزات النظام قد تؤدي إلى ردود فعل عنيفة وخلق أرضية خصبة للتمرد، تماماً كما حدث في العراق.
وسلطت الكاتبة الضوء على أحمد الشرع، الرئيس السوري الجديد، الذي وعد بإجراء إصلاحات واسعة النطاق تهدف إلى حماية حقوق الأقليات وتحديث البلاد.
غير أن الأوضاع الأمنية تشير إلى عكس ذلك، إذ شهدت سوريا تصاعداً حاداً في العنف الطائفي، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات السورية والمجتمعات العلوية، أسفرت عن مقتل أكثر من 1000 شخص في غضون يومين فقط. وتثير هذه الحوادث مخاوف جدية بشأن قدرة الحكومة على تحقيق الاستقرار في البلاد.
Syrian President Ahmed Al-Sharaa:
Regime remnants exploiting past atrocities – Former regime elements are stirring chaos by reviving past wounds, using the legacy of torture and oppression in prisons like Saydnaya reignite tensions and reverse the progress of the revolution.… pic.twitter.com/Aws4leSd7y
ورغم إعلان الشرع أنه لن يكون هناك "تطهير جماعي"، وأنه منح العفو لغالبية جنود النظام السابق، ما تزال الطائفة العلوية تشعر بالخوف على مستقبلها.
كما أن التقارير التي تفيد باستبدال كبار المسؤولين بشكل غير شرعي فضلاً عن خطط الحكومة الجديدة لتقليص عدد الوظائف في القطاع العام قد زادت من حالة التوتر داخل المجتمع السوري.
وعلى الرغم من تعهدات الحكومة الجديدة بحمايتهم، تفيد التقارير بأن العلويين المدنيين قد تعرضوا لهجمات انتقامية، بما في ذلك عمليات إعدام، فضلاً عن اشتباكات مسلحة عنيفة في المناطق ذات الأغلبية العلوية.
ورأت الكاتبة أن هذه التطورات قد تدفع العلويين إلى حمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم، ما سيؤدي إلى تصعيد جديد في الصراع السوري. وإذا لم تتخذ الحكومة إجراءات حقيقية لحماية جميع مكونات المجتمع، فقد تجد سوريا نفسها في دوامة من العنف الطائفي المستمر، على غرار ما حدث في العراق بعد سقوط صدام حسين. إيران تحاول استعادة نفوذها وتناولت الكاتبة التداعيات الإقليمية لسقوط الأسد، خاصة على إيران، التي فقدت حليفاً رئيساً وخسرت ممرات استراتيجية كانت تستخدمها لنقل الأسلحة إلى حلفائها مثل حزب الله.
ورأت الكاتبة أن طهران لن تتخلى بسهولة عن نفوذها في سوريا، بل من المحتمل أن تحاول استغلال الانقسامات الطائفية لفرض وجودها مجدداً.
وتفيد التقارير الواردة بأن جماعات مرتبطة بإيران بدأت بالفعل في تنفيذ هجمات داخل سوريا، مما يعكس محاولات طهران للتأثير في الوضع الأمني والسياسي. ويضيف هذا العامل مزيداً من التعقيد إلى المشهد السوري، خاصة مع احتمال تدخل قوى أخرى في الصراع، مثل تركيا وروسيا، التي لها مصالح استراتيجية في البلاد. الدستور الجديد: ضرورة تجنب أخطاء العراق وشددت الكاتبة على أهمية صياغة دستور جديد قادر على توحيد السوريين بدلاً من تقسيمهم. وحذرت من تكرار خطأ العراق، حيث تم اعتماد دستور متسرع وغامض زاد من الانقسامات الطائفية بدلاً من تهدئتها.
يقترح الشرع جدولاً زمنياً يمتد لثلاث أو أربع سنوات لصياغة الدستور الجديد وإجراء الانتخابات، لكن سالي مايكل تؤكد أن النجاح في هذه المهمة يتطلب مشاركة جميع الفئات، بما في ذلك الأكراد والدروز والمسيحيون.
ورأت الكاتبة أن تحقيق التوازن بين دور الدين في الدولة وضمان الحقوق الديمقراطية سيكون تحدياً كبيراً، خاصة في ظل النفوذ القوي للفصائل الإسلامية داخل الحكومة المؤقتة. هل يمكن لسوريا أن تتجنب مصير العراق؟ واختتمت الكاتبة مقالها بالتحذير من أن مستقبل سوريا يعتمد على قدرة قيادتها الجديدة على إدارة مرحلة ما بعد الأسد بحكمة، وتجنب السياسات الإقصائية، وخلق نظام سياسي يشمل جميع الأطياف السورية.
وأشارت إلى أن التجربة العراقية تظهر أن الأخطاء في العدالة الانتقالية والإصلاح السياسي يمكن أن تؤدي إلى عقود من العنف والانقسامات.