«كومكس 2024».. رحلة نحو الاقتصاد الرقمي
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
دشنت سلطنة عمان اليوم النسخة الثالثة والثلاثين من معرض «كومكس» الذي ينظر له بوصفه علامة بارزة في رحلة التحول الرقمي في سلطنة عمان ليس على مستوى أتمتة الخدمات فقط، ولكن على مستوى الاستثمار في الاقتصاد الرقمي الذي يشهد تحولا كبيرا في العالم أجمع.. ويمكن أن يُقرأ المعرض من زاوية التزام سلطنة عُمان الواضح بتبني التكنولوجيا المتطورة والابتكار كمحركين رئيسيين للنمو الاقتصادي.
لا يلتقي في معرض كومكس عشاق التكنولوجيا، فقط، إن معرض «كومكس 2024» تحول إلى نقطة التقاء للشركات الناشئة مع خبراء الصناعة والمستثمرين المحليين والعالميين، حيث وقع في اليوم الأول فقط من المعرض اتفاقيات بلغت 60 مليون ريال عماني وهي قيمة زادت بمقدار 60% عمّا تم توقيع خلال النسخة الماضية من المعرض، وهذا في حد ذاته يعطي تصورا إلى مسار الاقتصاد الرقمي في سلطنة عمان.
ويسلط المعرض الضوء على الحلول التكنولوجية المتنوعة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ومبادرات المدن الذكية، ويهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات، مما يؤكد رؤية سلطنة عُمان الاستراتيجية لتنويع اقتصادها من خلال التقدم الرقمي.
تحقق الدول التي تعطي الاقتصاد الرقمي أهمية أساسية الاستدامة المالية والقدرة على التنافسية العالمية، ووفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، يمكن للتحول الرقمي أن يضخ ما مقداره 100 تريليون دولار للشركات والمجتمع بحلول عام 2025. ويهدف برنامج الاقتصاد الرقمي الوطني في سلطنة عُمان، الذي بدأ في عام 2021، إلى جعل الاقتصاد الرقمي يساهم بنسبة 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2040، وهي زيادة كبيرة. من 2% حاليا.
ويتجلى دعم الحكومة الثابت للمبادرات الرقمية في المشاركة القوية للوزارات والهيئات الحكومية وأكثر من 100 شركة عمانية ناشئة في المعرض الذي لا يكتفي بعرض المنتجات التكنولوجية المبتكرة فحسب، بل يسهل تبادل المعرفة والتعاون عبر مختلف القطاعات.
إن العالم يمر بمرحلة تحولات كبرى حيث يُتوقع أن يعيد الاقتصاد الرقمي تعريف الصناعات والتوظيف. ويسلط تقرير ماكينزي العالمي الضوء على أنه بحلول عام 2030، من الممكن أن تخلق الأتمتة والذكاء الاصطناعي 375 مليون وظيفة، في حين تعمل بشكل أساسي على تغيير طبيعة الوظائف القائمة، وهذا يؤكد الحاجة إلى الاستثمار المستمر في المهارات الرقمية والبنية التحتية لإعداد القوى العاملة لمواجهة التحديات المستقبلية.
بالنسبة لسلطنة عمان، تشمل الأهداف الاستراتيجية للاقتصاد الرقمي تعزيز الكفاءة في الخدمات العامة من خلال مبادرات الحكومة الإلكترونية، وتشجيع الابتكار في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم والتمويل، وضمان اتخاذ تدابير قوية للأمن السيبراني. ويعكس معرض كومكس بأنشطته المتنوعة هذه الأهداف من خلال توفير منصة للشركات الناشئة لعرض أفكارها، ولقادة الصناعة لتبادل الأفكار، وللشركات لاستكشاف شراكات جديدة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاقتصاد الرقمی سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
اللغويات وتجربة دراسة اللهجات في سلطنة عمان قصة عمرها أكثر ٤ عقود
كلايف هولز: كنتُ أتجول في سيارة نيسان باترول أستكشف كل زاوية وركن من شمال عُمان، وأتحدث إلى العمانيين
أقيمت بجناح وزارة الثقافة والرياضة والشباب جلسة حوارية استضافت البروفيسور كلايف هولز أستاذ في دراسات العالم العربي المعاصر بجامعة أكسفورد، وناقش هولز في الجلسة التي أدارتها سارة الشيادية "اللغويات وتجربة دراسة اللهجات في سلطنة عمان."
انطباعات أولى
سرد هولز في البدء حكاية زيارته لعمان وقال عن انطباعاته الأولى، واصفا مطار السيب منتصف يناير عام ١٩٧٣ والذي كان ما يزال جديدا كليا، حيث جاء إلى عمان لقضاء عطلة لمدة أسبوع بدافع الفضول بالأساس، ولكن أيضًا للهروب من برد الشتاء الكويتي القارس حسب وصفه. وقال: "لم أزر عُمان من قبل؛ ففي عام ١٩٧٣، كان عدد الأجانب قليلًا جدًا. لم أتمكن من القدوم أصلًا إلا بفضل صديق قديم لي، أندرو بريغهام، الذي عملت معه وشاركتُ معه شقة في البحرين قبل بضع سنوات، وكان يعمل في وزارة التربية والتعليم كأول مُدرّب ومُدرّب مُدرّس لغة إنجليزية كلغة أجنبية في عُمان."
وأضاف: "لا شك أن عُمان في تلك الأيام الغابرة، قبل 52 عامًا، عندما بدأت النهضة لتوها، كانت مكانًا مختلفًا تمامًا عن الآن. وكل ما تراه هو وادٍ صخري جاف بتلال جرداء بعيدة، وبعض الشجيرات المتربة، ومهبط الطائرات القديم في بيت الفلج. هذا كل شيء. ومع ذلك، استمتعت تمامًا بتلك العطلة القصيرة في عُمان، ولم أتوقع أبدًا أن أعود. كم كنت مخطئًا".
وعاد هولز في عام ١٩٨٠، ثم في عامي ١٩٨٣ و١٩٨٤، إلى السلطنة في زيارات استشارية قصيرة لتقديم المشورة للجنة التأسيسية لجامعة السلطان قابوس. حيث قدم المشورة بشأن دور مركز اللغات وهيكله الوظيفي. كان وفي عام ١٩٨٥ عرضت عليه وظيفة مدير لمركز اللغات الذي كان قد وضع وثيقة تصميمه.
وقال عن العامين اللذين قضاهما في الجامعة: "بالنظر إلى الوراء الآن، بعد مرور أربعين عامًا، ما زلت أعتبر العامين اللذين قضيتهما في جامعة السلطان قابوس من أكثر الأعوام الخمسة والأربعين إثارةً في حياتي العملية التي قضيتها في تعليم اللغات، سواءً تعليم اللغة الإنجليزية في العالم العربي أو تعليم اللغة العربية في جامعات المملكة المتحدة، والتي شملت تسع سنوات في كامبريدج وسبع عشرة سنة في أكسفورد".
وتحدث البروفيسور كلايف هولمز عن التحديات الأولية في جامعة السلطان قابوس، وأشار إلى أن مستوى إجادة الطلاب للغة الإنجليزية عند التحاقهم كان ضعيفًا جدًا، على الرغم من نتائج الامتحانات.
كما أن خبرك تدريس العلوم في المدارس كانت خبرة عملية شبه معدومة (بسبب قلة المختبرات أو انعدامها). بالإضافة إلى أن هيئة تدريس العلوم في جامعة السلطان قابوس كان معظمهم معتادون على الطلاب الناطقين باللغة الإنجليزية كلغة أم فقط.
وطرح هولز مجموعة من الحلول وقتها منها تجنب الكتب الدراسية التقليدية لتعليم اللغة الإنجليزية لأغراض خاصة. وتصميم مواد دراسية داخلية تستند إلى محاضرات علمية فعلية (مصورة) كمدخلات لتدريس اللغة. إلى جانب اعتماد نهج تدريس جماعي تعاوني، يشمل كلًا من هيئة تدريس العلوم وأعضاء هيئة تدريس المكتبة.
في ربيع عام ١٩٨٧، ومع اقتراب نهاية عقدي الذي استمر عامين في جامعة السلطان قابوس، تلقيتُ اتصالاً لا يُقاوم من جامعتي الأم، جامعة كامبريدج، لشغل منصب محاضر في اللغة العربية. لطالما كانت اللغة العربية شغفي الأول، وكان من أبرز أسباب جاذبيتي للعمل في عُمان أن الإقامة الطويلة هنا أتاحت لي، مثلي من علماء اللهجات العربية، فرصاً قيّمة لإجراء أبحاث ميدانية في واحدة من أقل بقاع شبه الجزيرة العربية شهرةً وأكثرها سحراً. لذلك، من عام ١٩٨٥ إلى عام ١٩٨٧، كانت وظيفتي اليومية في عُمان هي إدارة مركز اللغات في جامعة السلطان قابوس. ولكن في كل عطلة نهاية أسبوع تقريباً، كنتُ أتجول في سيارة نيسان باترول رباعية الدفع، ومعي مسجل شرائط الكاسيت، أستكشف كل زاوية وركن من شمال عُمان، وأتحدث إلى العمانيين العاديين، وأسجلهم، ثم أنقلهم لاحقاً، وكلما كان أقل تعليماً كان أفضل. "ولكن لماذا تفعل ذلك؟"، قد تتساءل. "ماذا يمكنك أن تتعلم من طريقة تحدث أجدادي الأميين؟".
البحث في اللهجة العربية العمانية
عمل هولز لعدة سنوات في البحرين والكويت والجزائر والعراق، وفي عام ١٩٨١ أكمل درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج حول اللهجات العربية في البحرين وكيفية تغيرها عبر الأجيال. وقال: "بدأتُ عام ١٩٨٥ بالخروج بسيارتي رباعية الدفع وجمع البيانات من خلال تسجيل كلمات العمانيين العاديين، كانت أمامي ورقة بيضاء تقريبًا. لكن ما كان لديّ، بالإضافة إلى نسخة من كتاب راينهارت، هو البحث المنشور، وبعضه من تأليفي."
وأضاف: "بدأتُ محادثةً مع عدد من كبار السن الذين كانوا يعملون على الفلج. عندما بدأوا الحديث، كنتُ أفهم حوالي ٩٠٪ مما قالوه، ولم أصدق أذنيّ. لقد لفت انتباهي على الفور العديد من سمات كلامهم التي تشبه تمامًا سمات قرويي البحارنة".
واستعرض هولز خلال المحاضرة اللهجة العربية العمانية وبعض السمات اللغوية غير العادية فيها، مستعرضا جملا مختلفة مما سجله، مبينا اختلاف وتقارب اللهجة العمانية و العربية الفصحى وبعض مناطق العالم التي تتحدث العربية، ومستعرضا كذلك الاختلاف في اللهجات بين مناطق مختلفة من عمان كبدية والحمراء، وسمائل وساحل الباطنة ومناطق أخرى. وناقش هولز استخدام التنوين في اللهجات ودلالاته اللغوية عما هو عليه في اللغة العربية الفصحى.
وناقش هولز تأثير العولمة والتغيرات العالمية على اللغة واللهجات وأشار إلى أن التغيرات التي تصيب اللهجات واللغات هي تغيرات تحدث في شيء حولنا واللغة واللهجات هي أحد هذه الأشياء التي تتغير وتتأثر بالمتغيرات.
كلايف هولز هو أستاذ في دراسات العالم العربي المعاصر بجامعة أكسفورد، وزميل في الأكاديمية البريطانية، وأحد أبرز المتخصصين في دراسة اللهجات العربية، خاصة لهجات شبه الجزيرة العربية.
بعد حصوله على البكالوريوس في اللغتين العربية والتركية عام 1969، عمل البروفيسور في الدبلوماسية الثقافية وتعليم اللغة الإنجليزية في عدة دول من ضمنها الكويت والعراق والبحرين، وحصل على درجتي الماجستير في اللغة الإنجليزية والدكتوراه في اللغويات الاجتماعية العربية من جامعة كامبريدج.
والجدير بالذكر بأن أعماله العلمية أسهمت في تطوير علم اللغويات العربية، ومن أبرز مؤلفاته كتاب العربية المعاصرة ، وسلسلة * اللغة والثقافة والمجتمع في شرق الجزيرة العربية. ونحن بانتظار صدور كتابه الجديد حول لهجات شمال عمان عام 2025