لجريدة عمان:
2024-12-24@02:24:30 GMT

تهديد تضخم ترامب وحرب الاحتياطي الفيدرالي

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

لقد أصبح معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية أقل مما كان عليه قبل سنة كما يتسبب الضعف الاقتصادي الكبير في أماكن أخرى في دفع البنوك المركزية الأخرى لخفض أسعار الفائدة. ومع عدم وجود تجارب كافية تجعلنا نعتقد أن السياسة النقدية الأمريكية ليست مقيدة، فما زلت أعتقد أنه في غضون 18 شهرا، سيتمنى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لو أنه بدأ في خفض أسعار الفائدة في يناير 2024.

لو صح كلامي، فإن الولايات المتحدة لا تتجه نحو مسار هبوط سلس؛ بل إنها أصبحت على المدرج بالفعل، وأن كانت دفة السياسة النقدية تتجه بشكل حاد نحو الانكماش، بدلا من البقاء في موقف محايد. ومع ذلك، لا يزال العديد من المعلقين ومسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يعتقدون أن أسعار الفائدة يجب أن تظل عند مستوياتها المرتفعة نسبيًا، لأنه لا يزال يسيطر عليهم هاجس الفترة من 1977 إلى 1979 عندما خرج معدل التضخم شبه المستقر عن السيطرة.

لقد كانت توقعات الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لإدارة كارتر في ذلك الوقت محقة تمامًا، حيث كان النمو الحقيقي منخفضًا بمقدار نقطتين مئويتين، وكان التضخم مرتفعًا بمقدار نقطتين مئويتين. ثم جاء الارتفاع الكبير الثاني في أسعار النفط خلال العقد نفسه، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى «التحول الليبرالي الجديد»، وسياسة تراجع التضخم التي تبناها فولكر (عندما رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى 20%)، و«العقد الضائع» في أمريكا اللاتينية.

بالنسبة لأولئك الذين يشعرون بالقلق من أن التاريخ سوف يعيد نفسه، فإن الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة للغاية لفترة أطول مما ينبغي يشكل مخاطرة مستحقة. ولكن حتى لو كنت من صقور التضخم، فلماذا تقلق أكثر بشأن خفض أسعار الفائدة قبل الأوان؟ هل تكرار أحداث 1977-1982 هو السيناريو الذي يجب أن يبقيك مستيقظًا في الليل؟ فمع سعي دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، فإن من المؤكد أن هناك خطرًا أكبر بكثير يلوح في الأفق.

لقد وعد ترامب من بين أمور أخرى بفرض رسوم جمركية أعلى بكثير مقارنة بتلك التي فرضها بايدن وعلى الرغم من أن بايدن لديه على الأقل مبررات منطقية تتعلق بالأمن القومي والسياسة الصناعية المرتبطة بسياساته التجارية، فإن ترامب سوف يسعى لتبني تدخلات عشوائية وفوضوية ومليئة بالفساد علمًا أنه من شبه المؤكد أن تكون تضخمية إلى حد كبير.

علاوة على ذلك، يرغب ترامب في إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول باستخدام وسائل قانونية لم يتم اختبارها من قبل وذلك حتى يتمكن إما من تعيين أحد المحسوبين عليه أو على الأقل إشعال معركة مع الكونجرس حتى يبدو وكأنه يتحدى «السلطة»، وهو يتلهف أيضًا إلى تعبئة حشود من الغوغاء على وسائل التواصل الاجتماعي، إن لم يكن الإرهابيين المتمردين في العالم الحقيقي، ضد محافظي الاحتياطي الفيدرالي ورؤساء البنوك الذين يرفضون خفض أسعار الفائدة بناء على أوامره. وبعيدًا عن المبالغة، فإن هذا التهديد بالعنف السياسي يشكل قضيةً مألوفةً في واشنطن اليوم، وكما كتب الصحفي ماكاي كوبينز في كتابه الأخير عن ميت رومني: «لقد أسّر أحد أعضاء الكونجرس من الجمهوريين لرومني بأنه يريد التصويت لعزل الرئيس، لكنه غير رأيه خوفا على سلامة عائلته. لقد كان منطق عضو الكونجرس يتمثل في أن الديمقراطيين في مجلس النواب سيعزلون ترامب معه أو بدونه، فلماذا إذن يعرّض زوجته وأطفاله للخطر إذا لم يغير ذلك النتيجة؟

سيكون هذا بمثابة إعادة لشعار دعونا نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى والذي انعكس في حرب البنوك التي قام بها أندرو جاكسون في ثلاثينيات القرن التاسع عشر وذلك عندما نجح الرئيس بنهاية المطاف في إنهاء البنك الثاني للولايات المتحدة، بحجة أنه أفاد النخبة الثرية على حساب الشعب الأمريكي، وفي واقع الأمر فأن حرب البنوك أدت في نهاية المطاف إلى الاضطرابات المالية، والإفلاس التجاري، والانكماش، الأمر الذي أدى إلى تدمير جزء من الثروة الوطنية ونقل باقي تلك الثروة من المدينين من رجال الأعمال إلى الدائنين الأثرياء بالفعل.

صحيح أن المؤرخين اللاحقين ذكروا أن معركة جاكسون ضد الاوليغارشية من المصرفيين في فيلادلفيا بقيادة رئيس البنك الثاني، نيكولاس بيدل، كانت بمثابة تصور مسبق لمعركة فرانكلين روزفلت ضد «الملكيين الاقتصاديين» بعد قرن من الزمان من خلال برنامج الصفقة الجديدة. ومع ذلك، لا شيء أفضل للورثة والوريثات الأثرياء بالفعل من الانكماش العام، وإذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض وشن حرب على الاحتياطي الفيدرالي، فإن التأثير سيكون ضارًا اقتصاديًا مثل حرب جاكسون على البنوك. ولكن، كما حدث في حرب البنوك، فمن المرجح أن تحظى هذه الجهود بالشعبية ضمن قاعدته الانتخابية.

هل هذا كله مبالغ فيه؟ مؤخرًا، قلل بيل دادلي، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، من المخاطر التي قد يشكلها ترامب على عمليات الاحتياطي الفيدرالي، حيث جادل بأن الرئيس المقبل سوف يعين اثنين فقط من أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية البالغ عددهم 12 عضوًا من الأعضاء الذين يحق لهم التصويت. أنا أقل تفاؤلًا وربما يضطر محافظو الاحتياطي الفيدرالي ورؤساء البنوك الذين لا يرغبون في إنفاق خمسة آلاف دولار يوميًا على الأمن إلى الاستقالة. وبينما لا يمكن عزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلا «لسبب» (عدم الكفاءة، أو إهمال الواجب، أو المخالفات)، فقد أثبتت الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا أن التزامها بالسوابق، أو النية الأصلية، أو المعنى الحرفي للقوانين لا يمكن أن يُؤخذ على محمل الجد.

علاوة على ذلك، يدرك دادلي نفسه أن رئاسة ثانية لترامب ستكون ضارة بالقدر الكافي وبغض النظر عما يستطيع فعله مع القدرة على الإفلات من العواقب: «لقد أصبح الدولار العملة الاحتياطية العالمية ومخزن مستقر للقيمة بفضل الإدارة الاقتصادية الحصيفة، وحكم القانون القوي، وأسواق رأس المال العميقة والسائلة، وحرية حركة رأس المال.

وإذا كانت الجهود المبذولة للسيطرة على الاحتياطي الفيدرالي تهدد هذه السمات الرئيسية، فمن المرجح أن يضعف الدولار، وسوف تنخفض أسواق الأسهم وترتفع علاوات المخاطر على أصول الدخل الثابت الأمريكية، مما يضعف السلامة الاقتصادية للبلاد». يبذل باول واللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة حاليًا قصارى جهدهما لإجراء تعديلات هامشية على أسعار الفائدة والظروف المالية لإبقاء الاقتصاد في حالة هبوط سلس وتباطؤ على المدرج.

إن أكبر التهديدات التي يواجهها الاستقرار النقدي والاقتصادي في الوقت الحالي لا علاقة لها بما سيقررونه في اجتماعهم القادم. وإذا كان صقور التضخم جادين بشأن استقرار الأسعار والتوقعات الاقتصادية الطويلة الأجل، فينبغي لهم أن يكونوا أكثر قلقًا بكثير بشأن عودة الترامبية.

جيه. برادفورد ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو باحث مشارك في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية ومؤلف كتاب «التراخي نحو المدينة الفاضلة: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين» خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاحتیاطی الفیدرالی أسعار الفائدة

إقرأ أيضاً:

هبوط الأسهم الأوروبية وسط قلق المستثمرين بشأن تحذيرات ترامب

تتجه الأسهم الأوروبية نحو أسوأ أداء أسبوعي في 3 أشهر، الجمعة (أمس)، إذ أثار تهديد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي توتر المستثمرين الذين كانوا قلقين بالفعل حيال توقعات أسعار الفائدة.

 

وهبط المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.8% خلال الجلسة ليسجل أدنى مستوياته في نحو شهر ويتجه لتكبد أكبر خسارة أسبوعية منذ أوائل سبتمبر.
وقال ترامب: إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يشتري النفط والغاز الأمريكيين لتعويض العجز التجاري "الهائل" مع أكبر اقتصاد في العالم، وإلا فسيواجه رسوما جمركية.
وتراجعت جميع القطاعات الفرعية الأوروبية الرئيسية، وقادت البنوك وشركات التعدين الخسائر.

وهبط المؤشران داكس الألماني وكاك 40 الفرنسي بنحو 1%.
وسجل المؤشر فاينانشال تايمز 100 البريطاني انخفاضا أقل مقارنة بنظرائه الأوروبيين، وتراجع 0.3%. وأظهرت بيانات أن مبيعات التجزئة البريطانية ارتفعت بنسبة أضعف من المتوقع بلغت 0.2% في نوفمبر، ما زاد من المؤشرات على تباطؤ الزخم في الاقتصاد.

وينتظر المستثمرون بيانات التضخم الأمريكية في وقت لاحق من اليوم سعيا للحصول على أي دلائل بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة العام المقبل.
وتراجعت الأسهم الأوروبية أمس الخميس بعد أن توقع مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بوتيرة أقل العام المقبل وارتفاع التضخم.
وهوى سهم شركة الأدوية السويسرية إيدورسيا بنحو 41% بعدما أعلنت تأخيرات في صفقة حقوق تتعلق بدواء تريفيو لارتفاع ضغط الدم، ما أثار مخاوفا بشأن التمويل.

 

مقالات مشابهة

  • بحوث الكويت الوطني: لا نستبعد تخفيض الفائدة بنسبة 3% في اجتماع البنك المركزي
  • ارتفاع أسعار الذهب العالمية خلال تداولات اليوم.. «جولد بيليون» تحلل الأسباب
  • من التضخم إلى البيتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • من التضخم إلى البتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • تركيا.. هل خفض الفائدة سيؤدي إلى خفض التضخم؟
  • أسعار الفائدة
  • أستاذ علوم سياسية: تضخم بالاقتصاد الروسي.. وهذا هو الحل
  • أستاذ علوم سياسية: هناك تضخم في الاقتصاد الروسي لكن موسكو تعتمد على التصنيع
  • «المركزي» يعقد اجتماعه الأخير الخميس المقبل.. ما المتوقع بشأن أسعار الفائدة؟
  • هبوط الأسهم الأوروبية وسط قلق المستثمرين بشأن تحذيرات ترامب