لجريدة عمان:
2025-02-23@13:34:04 GMT

تهديد تضخم ترامب وحرب الاحتياطي الفيدرالي

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

لقد أصبح معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية أقل مما كان عليه قبل سنة كما يتسبب الضعف الاقتصادي الكبير في أماكن أخرى في دفع البنوك المركزية الأخرى لخفض أسعار الفائدة. ومع عدم وجود تجارب كافية تجعلنا نعتقد أن السياسة النقدية الأمريكية ليست مقيدة، فما زلت أعتقد أنه في غضون 18 شهرا، سيتمنى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لو أنه بدأ في خفض أسعار الفائدة في يناير 2024.

لو صح كلامي، فإن الولايات المتحدة لا تتجه نحو مسار هبوط سلس؛ بل إنها أصبحت على المدرج بالفعل، وأن كانت دفة السياسة النقدية تتجه بشكل حاد نحو الانكماش، بدلا من البقاء في موقف محايد. ومع ذلك، لا يزال العديد من المعلقين ومسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يعتقدون أن أسعار الفائدة يجب أن تظل عند مستوياتها المرتفعة نسبيًا، لأنه لا يزال يسيطر عليهم هاجس الفترة من 1977 إلى 1979 عندما خرج معدل التضخم شبه المستقر عن السيطرة.

لقد كانت توقعات الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لإدارة كارتر في ذلك الوقت محقة تمامًا، حيث كان النمو الحقيقي منخفضًا بمقدار نقطتين مئويتين، وكان التضخم مرتفعًا بمقدار نقطتين مئويتين. ثم جاء الارتفاع الكبير الثاني في أسعار النفط خلال العقد نفسه، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى «التحول الليبرالي الجديد»، وسياسة تراجع التضخم التي تبناها فولكر (عندما رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى 20%)، و«العقد الضائع» في أمريكا اللاتينية.

بالنسبة لأولئك الذين يشعرون بالقلق من أن التاريخ سوف يعيد نفسه، فإن الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة للغاية لفترة أطول مما ينبغي يشكل مخاطرة مستحقة. ولكن حتى لو كنت من صقور التضخم، فلماذا تقلق أكثر بشأن خفض أسعار الفائدة قبل الأوان؟ هل تكرار أحداث 1977-1982 هو السيناريو الذي يجب أن يبقيك مستيقظًا في الليل؟ فمع سعي دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، فإن من المؤكد أن هناك خطرًا أكبر بكثير يلوح في الأفق.

لقد وعد ترامب من بين أمور أخرى بفرض رسوم جمركية أعلى بكثير مقارنة بتلك التي فرضها بايدن وعلى الرغم من أن بايدن لديه على الأقل مبررات منطقية تتعلق بالأمن القومي والسياسة الصناعية المرتبطة بسياساته التجارية، فإن ترامب سوف يسعى لتبني تدخلات عشوائية وفوضوية ومليئة بالفساد علمًا أنه من شبه المؤكد أن تكون تضخمية إلى حد كبير.

علاوة على ذلك، يرغب ترامب في إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول باستخدام وسائل قانونية لم يتم اختبارها من قبل وذلك حتى يتمكن إما من تعيين أحد المحسوبين عليه أو على الأقل إشعال معركة مع الكونجرس حتى يبدو وكأنه يتحدى «السلطة»، وهو يتلهف أيضًا إلى تعبئة حشود من الغوغاء على وسائل التواصل الاجتماعي، إن لم يكن الإرهابيين المتمردين في العالم الحقيقي، ضد محافظي الاحتياطي الفيدرالي ورؤساء البنوك الذين يرفضون خفض أسعار الفائدة بناء على أوامره. وبعيدًا عن المبالغة، فإن هذا التهديد بالعنف السياسي يشكل قضيةً مألوفةً في واشنطن اليوم، وكما كتب الصحفي ماكاي كوبينز في كتابه الأخير عن ميت رومني: «لقد أسّر أحد أعضاء الكونجرس من الجمهوريين لرومني بأنه يريد التصويت لعزل الرئيس، لكنه غير رأيه خوفا على سلامة عائلته. لقد كان منطق عضو الكونجرس يتمثل في أن الديمقراطيين في مجلس النواب سيعزلون ترامب معه أو بدونه، فلماذا إذن يعرّض زوجته وأطفاله للخطر إذا لم يغير ذلك النتيجة؟

سيكون هذا بمثابة إعادة لشعار دعونا نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى والذي انعكس في حرب البنوك التي قام بها أندرو جاكسون في ثلاثينيات القرن التاسع عشر وذلك عندما نجح الرئيس بنهاية المطاف في إنهاء البنك الثاني للولايات المتحدة، بحجة أنه أفاد النخبة الثرية على حساب الشعب الأمريكي، وفي واقع الأمر فأن حرب البنوك أدت في نهاية المطاف إلى الاضطرابات المالية، والإفلاس التجاري، والانكماش، الأمر الذي أدى إلى تدمير جزء من الثروة الوطنية ونقل باقي تلك الثروة من المدينين من رجال الأعمال إلى الدائنين الأثرياء بالفعل.

صحيح أن المؤرخين اللاحقين ذكروا أن معركة جاكسون ضد الاوليغارشية من المصرفيين في فيلادلفيا بقيادة رئيس البنك الثاني، نيكولاس بيدل، كانت بمثابة تصور مسبق لمعركة فرانكلين روزفلت ضد «الملكيين الاقتصاديين» بعد قرن من الزمان من خلال برنامج الصفقة الجديدة. ومع ذلك، لا شيء أفضل للورثة والوريثات الأثرياء بالفعل من الانكماش العام، وإذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض وشن حرب على الاحتياطي الفيدرالي، فإن التأثير سيكون ضارًا اقتصاديًا مثل حرب جاكسون على البنوك. ولكن، كما حدث في حرب البنوك، فمن المرجح أن تحظى هذه الجهود بالشعبية ضمن قاعدته الانتخابية.

هل هذا كله مبالغ فيه؟ مؤخرًا، قلل بيل دادلي، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، من المخاطر التي قد يشكلها ترامب على عمليات الاحتياطي الفيدرالي، حيث جادل بأن الرئيس المقبل سوف يعين اثنين فقط من أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية البالغ عددهم 12 عضوًا من الأعضاء الذين يحق لهم التصويت. أنا أقل تفاؤلًا وربما يضطر محافظو الاحتياطي الفيدرالي ورؤساء البنوك الذين لا يرغبون في إنفاق خمسة آلاف دولار يوميًا على الأمن إلى الاستقالة. وبينما لا يمكن عزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلا «لسبب» (عدم الكفاءة، أو إهمال الواجب، أو المخالفات)، فقد أثبتت الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا أن التزامها بالسوابق، أو النية الأصلية، أو المعنى الحرفي للقوانين لا يمكن أن يُؤخذ على محمل الجد.

علاوة على ذلك، يدرك دادلي نفسه أن رئاسة ثانية لترامب ستكون ضارة بالقدر الكافي وبغض النظر عما يستطيع فعله مع القدرة على الإفلات من العواقب: «لقد أصبح الدولار العملة الاحتياطية العالمية ومخزن مستقر للقيمة بفضل الإدارة الاقتصادية الحصيفة، وحكم القانون القوي، وأسواق رأس المال العميقة والسائلة، وحرية حركة رأس المال.

وإذا كانت الجهود المبذولة للسيطرة على الاحتياطي الفيدرالي تهدد هذه السمات الرئيسية، فمن المرجح أن يضعف الدولار، وسوف تنخفض أسواق الأسهم وترتفع علاوات المخاطر على أصول الدخل الثابت الأمريكية، مما يضعف السلامة الاقتصادية للبلاد». يبذل باول واللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة حاليًا قصارى جهدهما لإجراء تعديلات هامشية على أسعار الفائدة والظروف المالية لإبقاء الاقتصاد في حالة هبوط سلس وتباطؤ على المدرج.

إن أكبر التهديدات التي يواجهها الاستقرار النقدي والاقتصادي في الوقت الحالي لا علاقة لها بما سيقررونه في اجتماعهم القادم. وإذا كان صقور التضخم جادين بشأن استقرار الأسعار والتوقعات الاقتصادية الطويلة الأجل، فينبغي لهم أن يكونوا أكثر قلقًا بكثير بشأن عودة الترامبية.

جيه. برادفورد ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو باحث مشارك في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية ومؤلف كتاب «التراخي نحو المدينة الفاضلة: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين» خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاحتیاطی الفیدرالی أسعار الفائدة

إقرأ أيضاً:

كيف تتأثر مؤشرات البورصة إذا خفض «البنك المركزي المصري» سعر الفائدة اليوم؟ خبير يُجيب

يقترب أعضاء البنك المركزي المصري من صدور القرار المرتقب بعد ساعات بشأن سعر الفائدة، في أول اجتماع دوري لصنّاع السياسة النقدية بـ البنك المركزي في عام 2025.

تشير توقعات خبراء المال والاقتصاد إلى وجود مؤشرات سوقية قوية قد تدفع البنك المركزي للاتجاه نحو خفض سعر الفائدة لأول مرة منذ 4 سنوات خفض فيها البنك المركزي سعر الفائدة على أموال الإيداع والاقراض في عام 2020.

وفقا لتصريحات سابقة من حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي أواخر عام 2024، فقد يتجه البنك المركزي لخفض سعر الفائدة خلال عام 2025 في حين تهيأ السوق لذلك ووصلت معدلات التضخم الأساسية إلى مستويات مستهدفة.

تصل معدلات التضخم الأساسية لـ 24%، وبدأت المعدلات في تراجعات مستمرة وفقا للبيانات الدورية من الجهاز المركزي للإحصاء خلال شهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر.

وعلى الرغم من تراجع معدلات التضخم إلا أنها لم تصل إلى المستويات المرجوة التي تستدعي تطبيق خفضا.

فما هي تأثيرات قرار البنك المركزي على مؤشرات البورصة وأسهم سوق المال في حال تطبيق خفض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض؟.

البورصة المصرية

توقع حسام عيد، محلل أسواق المال، أن يتجه البنك المركزي لـ خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، مشيرا إلى أن تراجع التضخم بشكل محدود بالربع الأخير من العام الماضي يرجع إلى أن لجنة السياسات النقدية لم تتجه إلى تيسير السياسة النقدية وذلك لعدم ظهور مؤشرات تعافي الاقتصاد المصري من آثار التضخم بشكل ملحوظ.

وسجل معدل التضخم خلال شهر ديسمبر الماضي 24.1% مقابل 25.5% عن شهر نوفمبر بأكثر من 1% و 24% لشهر يناير الماضي ربما يدفع لجنة السياسات النقدية باجتماعها القادم بتاريخ 20 فبراير الجاري نحو تيسير نسبي للسياسة النقدية وتخفيض معدلات الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس وذلك بعد أن سجل التضخم تراجعا للشهر الرابع على التوالي

وأوضح عيد في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع» أن قرار خفض الفائدة، هو بمثابة تحرر قوي للأموال من أدوات الدخل الثابت وفرصة للاتجاه إلى أحد أكبر قناة للاستثمارات تجذب قطاعات متعددة من الصناعات وقطاعات الاستثمار المختلفة وهي البورصة المصرية، مشيرا إلى أن قرار الخفض سيؤثر على واجهة رؤوس الأموال المستثمرة لمزيد من التدفقات النقدية بمختلف القطاعات الإنتاجية، وهو الأمر الذي سوف ينعكس إيجابا على أداء مؤشر نمو الاقتصاد المصري ويدفعه نحو الارتفاع وتحقيق المرجو منه.

ولا محالة سينعكس على مؤشرات البورصة المصرية الرئيسة مدعوما بزيادة التدفقات النقدية بالأسهم القيادية المدرجة بالبورصة المصرية الأمر الذي سوف قد يدفع المؤشر الرئيسي لاختبار قمته التاريخية عند مستوى 34489 نقطة وتحقيق قمة تاريخية جديدة ومستوى قياسي جديد.

البنك المركزي المصري

وفي سياق متصل، توقعت الدكتورة حنان رمسيس، أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة اليوم في أول اجتماع دوري للبنك خلال العام الجاري بمقدار 200 نقطة أساس.

وأشارت إلى أن هناك مؤشرات تكشف نية المركزي في إجراء قريب لخفض سعر الفائدة ومنها لجوء بعض المصارف لتخفيض سعر الفائدة الودائع وعلى الحسابات الجارية، لافتة إلى أن معدلات التضخم على أساس سنوي قد تراجعت، في حين ارتفعت معدلات التضخم على أساس شهري ارتفاعا طفيفا.

كما أن هناك خطة من الحكومة لخفض عجز الموازنة وتكلفة الاقتراض، وخفض تكلفة الأموال، وهو ما لم يتأتى إلا بانتهاج سياسة التيسير النقدي.

ولفتت خبيرة سوق المال إلى أن هناك استجابة من مؤشرات البورصة المصرية لاحتمالية تطبيق الخفض، ومن بعض المؤشرات ارتفاع العديد من الأسهم القيادية، حيث إن المؤشرات الأساسية تدفع باقي المؤشرات للارتفاع، ومؤشر الـ 30 على مشارف تسجيل 31 الف نقطة مدعوما بزيادة في قيم وأحجام التداول.

اقرأ أيضاًبنسبة 2%.. توقعات بقرب تخفيض الفائدة في اجتماع البنك المركزي المصري القادم

خبير مصرفي يكشف توقعات أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي غدًا

أول قرار في 2025.. مؤشرات تحديد سعر الفائدة في اجتماع البنك المركزي المرتقب

مقالات مشابهة

  • رسميا الان| أسعار الذهب اليوم.. وهذه قيمة عيار 21
  • للمرة السابعة | أسباب تثبيت سعر الفائدة .. تفاصيل
  • بعد تثبيت الفائدة | خبير اقتصادي: إجراء احترازي عقب ارتفاع سعر الدولار
  • خبير: البنك المركزي أبقى على سعر الفائدة لهذه الأسباب
  • لماذا لجأ البنك المركزي لـ تثبيت سعر الفائدة؟ برلماني يجيب
  • مصر تقرر تثبيت الفائدة للمرة السابعة على التوالي
  • بعد قرار «المركزي».. تفاصيل أسعار الفائدة على شهادات البنوك 2025
  • لماذا أبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير اليوم؟
  • اجتماع البنك المركزي المصري.. أسعار الفائدة على بعد خطوات من التثبيت أو الخفض
  • كيف تتأثر مؤشرات البورصة إذا خفض «البنك المركزي المصري» سعر الفائدة اليوم؟ خبير يُجيب