تشكل رواندا إحدى النقاط البارزة في العالم في حضور المرأة والشباب في مضمار السياسة والاقتصاد، وإحدى الشخصيات البارزة في ذلك البلد الأفريقي الصاعد، صوت حكومتها والناطقة باسم سياستها يولاند ماكولو.

من يتابع ماكولو على وسائل التواصل، يلاحظ حضورها الدائم للتعليق حول كل ما ينشر أو يكتب عن بلادها.

الجزيرة نت أجرت مقابلة خاصة مع ماكولو حول الخلاف مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وكيف ترى دور الاتحاد الأفريقي وإشكالية الحدود في القارة الأفريقية والعلاقة مع العالم العربي.

وفيما يلي نص الحوار:

بالحديث عن ملف الخلاف مع جمهورية الكونغو الديمقراطية المُلح في الوقت الحالي. كيف يمكن فهم سياق هذا الخلاف؟ 

في الحقيقة هو أكثر من مجرد خلاف، هناك بالفعل صراعا نشطا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، في مناطق متاخمة لحدودنا، وهذا يشكل تحديا أمنيا كبيرا بالنسبة لنا، أما ما يحدث على المستوى السياسي في كينشاسا فهذه قضية أخرى.

على حدودنا هناك أكثر من 200 مجموعة مسلحة غير قانونية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهم يسيطرون على تلك المنطقة منذ فترة طويلة، لعقود على الأقل.

فلنعد لعام 1994، كانت هناك ميليشيات ارتكبت إبادة جماعية ضد التوتسي هنا في رواندا ثم فرت إلى الكونغو بأسلحتها، والقوات الفرنسية سمحت لهم بالعبور بهذه الأسلحة.

 

تقصدين أنهم أخذوا أو صادروا معدات الجيش الرواندي السابق؟ 

بل غادر معهم الجيش السابق بمعداته ودبابات وبنادقه ومدافعه وكل شيء. كل الأسلحة التي كانوا يستخدمونها هنا نقلوها معهم وسمح لهم بالاحتفاظ بها في مخيمات اللاجئين في الكونغو الديمقراطية.

 

أيعني ذلك أن هناك أسلحة ثقيلة ومدافع في مخيمات اللاجئين من الجانب الكونغولي؟

نعم، في مخيمات اللاجئين. فبينما كانوا يعبرون للجانب الآخر من الحدود أخذوا معهم مدنيين رهائنا وكانوا يحتجزونهم دروعا بشرية في مخيمات اللاجئين تلك.

ولسنوات بعد الإبادة الجماعية ضد التوتسي، كان هؤلاء المدنيون الروانديون رهائن لدى الجيش السابق والميليشيات التي تعرف الآن باسم القوات الديمقراطية لتحرير رواند.

في أواخر التسعينيات، عاودت هذه الجماعات شن هجمات على رواندا، وهناك دلائل على تورط فرنسا بدعمهم بالسلاح، لكن الجيش الرواندي نجح بإعادتهم من حيث أتوا، وأحبط هجماتهم.

ثم بدأنا جهودا لإقناع المجتمع الدولي بضرورة دعم رواندا لإعادة المدنيين اللاجئين إلى بلادهم، بدلا من أن يبقوا عالقين رهائنا في مخيمات تسيطر عليها جماعات مسلحة، واضطررنا لتنفيذ عملية أواخر تسعينيات القرن الماضي ونجحنا بإعادة أكثر من 2 مليون مدني إلى رواندا، ومن بينهم نواب ووزراء حاليا في رواندا.

حاولنا أيضا إقناع من حملوا السلاح بالعودة وإلقاء السلاح،  وأبدت الحكومة استعدادا لإعادة دمجهم في المجتمع، ونجحنا مع بعض المجموعات وخضعوا لدورات إعادة تأهيل وتدريب على مهارات الحياة.

 

لقد توجهت إلى أحد مخيمات اللاجئين عند الحدود، وقابلت عائلات فرت من الكونغو الديمقراطية، تحدثوا عن قتل على أساس عرقي، هل هذا ما يحدث؟

العائلات التي تعيش في مخيمات اللاجئين، والذين قابلتهم، هم من فروا من الكونغو الديمقراطية بسبب تعرضهم لهجمات، وكل يوم تقريبا يأتي المزيد، نتيجة ما يحدث من قتال داخل الكونغو.

نستضيف قرابة 100 ألف لاجئ كونغولي هنا في روندا، وهناك أكثر من نصف مليون في أوغندا، وآخرين في كينيا، غالبيتهم من مجتمعات التوتسي التي تتعرض للاضطهاد في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتهاجمهم الميليشيات، التي لا تشكل فقط خطرا أمنيا محدقا بنا عند حدودنا بل هي خطر أيديولوجي يتبنى فكرا ينادي بالقضاء على عرقية التوتسي. وهذه الإيديولوجيا هي امتداد للإبادة الجماعية التي حدثت هنا عام 1994.

 

هل يعني ذلك أن المجتمع الدولي لم يتعلم درسا من المجازر التي وقعت بحق التوتسي في رواندا 1994 ؟

لم يتعلموا الدرس للأسف. وبات لدينا يقينا بأننا لوحدنا، وبأنه علينا أن نبذل قصارى جهدنا بالموارد التي لدينا لحفظ أمن مجتمعاتنا ودولنا.

لهذا السبب، عملنا على بناء جيش محترف وقوي. ونتعاون مع دول إقليمية. الدرس الذي تعلمناه هو أننا يجب أن نفعل كل ما في وسعنا وألا نعتمد على مجتمع دولي لم يتعلم الدرس.

 

ماذا عن دور الاتحاد الأفريقي، هل يبذل الاتحاد أي جهود سياسية لإيجاد حلول لهذه التحديات الأمنية بالدرجة الأولى؟  

كانت هناك عدة محاولات لإنجاح مسارات سياسية، من بينها ما سمي خارطة طريق رواندا، أو بروتوكول رواندا، أو عملية رواندا، لكنها جميعها كانت تفتقر إلى الإرادة السياسية لتنفيذها من جانب جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكان ثمة مسار ثاني، عبر ما تسمى عملية نيروبي.

تتعلق عملية نيروبي بنزع سلاح الجماعات المسلحة غير القانونية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتسريحها أو إدماجها في الجيش والمجتمع، لكن المسار هذا توقف. وهناك أيضا محاولات لدعم جمهورية الكونغو الديمقراطية لإصلاح قطاعها الأمني. هذه المبادرات جميعها هي في الأساس عمليات سياسية، لكن جمهورية الكونغو الديمقراطية مصممة على اتخاذ مسار عسكري، وهو أمر مستحيل.

 

هل استمرار الفشل في إيجاد حلول سينعكس بالضرورة على رواندا؟

لقد عملنا بجد على تمتين الوحدة في رواندا، لنصل إلى مرحلة النهضة والنمو الذي نتمتع به راهنا، والوضع المتردي في الكونغو الديمقراطية والانقسام العرقي البغيض، نسعى جاهدين كي لا ينتقل إلينا ويتحول لتهديد داخلي.

نحن نواجه تحديين، تهديد أمني، وتهديد لوحدتنا وتقدمنا. لذلك سنفعل كل ما في وسعنا لضمان عدم انتقال هذه التحديات إلى رواندا مهما كلف الأمر.

 

إذا هي إشكالية الحدود في أفريقيا مرة أخرى ؟

هذا صحيح، مشاكل الحدود في أفريقيا لا تقتصر على ما نشهده عند حدودنا. المشاكل الحدودية في القارة نشأت نتيجة ترسيم الحدود بشكل تعسفي، وتم البت فيها عام 1884 في برلين، وقرر الاتحاد الأفريقي أن تحافظ على الحدود بعد استقلال الدول عن الاستعمار، كما رسمها مؤتمر برلين وتم تقسيم المجتمعات وفقها.

 

وماذا عن العلاقات مع دول ليست حدودية، كيف ترون سياق العلاقة مع العالم العربي؟

هناك الكثير الذي يمكن أن نبنيه مع الشرق الأوسط والمنطقة العربية بالتحديد، ليس بسبب القرب الجغرافي فقط، فالعلاقات التجارية بين المنطقتين مهمة.

بدأنا بتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الدول العربية بتبادل البعثات الدبلوماسية، من بينها حديثا الأردن. وهناك استثمارات تتوسع بالفعل مع دول خليجية، شراكتنا الاستراتيجية مع  قطر مهمة ولدينا الكثير من المشاريع المشتركة مع دول خليجية أخرى. هذه المنطقة مهمة بالنسبة لرواندا، ولهذا نعمل على تعزيز العلاقات المشتركة لا سيما في التعاون الاقتصادي والاستثمار في قطاع الطيران.

 

ماذا عن تنويع الاقتصاد، وبالتالي تنويع القطاعات الجاذبة للاستثمارات الخارجية؟

يمكنني أن أقول إننا سعداء بحجم ومعدل التدفقات الاستثمارية، خاصة في قطاع الخدمات والسياحة، لكننا نحتاج إلى المزيد، ونحتاج أيضا إلى تنويع قطاعات الاستثمار، لا سيما في مجالات التعدين والتنقيب لنتمكن من الاستفادة من ثرواتنا ليس على صعيد الاستخراج بل القدرة على إنتاج قيمة مضافة.

فلننتقل إلى ملف جدلي، اتفاقية استقبال اللاجئين مع بريطانيا. هناك انتقادات توجه للاتفاقية ولاختيار رواندا. ما هي خلفيات هذه الانتقادات؟

أعتقد أن هناك الكثير من الجدل في المملكة المتحدة، كون القضية ذات أولوية في السياسة الداخلية، ونتفهم أن هناك نقاشا داخليا في بريطانيا. لكننا، لا نقدر أن تتعرض رواندا لهجوم غير عادل. في جميع مراحل التفاوض وإتمام الاتفاق، وضعنا نصب أعيننا العمل على إيجاد حل مشترك لمشكلة كبيرة.

الجميع متفق على أن الهجرة غير النظامية هي مشكلة عالمية. هناك ضحايا يموتون بشكل دائم، وللأسف هناك من يجنون المال من محنة هؤلاء المهاجرين. ونحن لا نريد أن نرى مزيدا من الشباب الأفريقي يموتون في الصحراء أو في البحر.

 

 ترون أن اتفاقية كهذه، قد تكون بداية أو أحد أشكال الحلول؟

يقع على عاتق حكومات الدول الأفريقية العمل على وقف هذه الرحلات اليائسة للأفارقة، عبر الصحراء أو البحار. لو أن هذه الحكومات تقوم بما يتوجب عليها، من استغلال لمواردها الطبيعية وثرواتها، فيمكنها بناء فرص تشجع هؤلاء المهاجرين على البقاء في أوطانهم وتوفير فرص لحياة كريمة.

في رواندا، نحاول أن نقوم بدورنا على الصعيد الوطني، توسيع آفاق الاستثمارات وتنويع الاقتصاد، لتقديم فرص جاذبة للروانديين. وإقليميا، بدأنا باعتماد سياسة الأجواء المفتوحة، بما يتيح سهولة تنقل الأفارقة داخل القارة، وفتح آفاق لهم للبقاء والمساهمة في عملية بناء أفريقيا بدلا من إضاعة حياتهم ووقتهم وإمكانياتهم في القيام برحلات يائسة.

 

 ما هي الإجراءات التي ستعتمد في إطار الاتفاقية مع بريطانيا؟

أولئك الذين يتم نقلهم من المملكة المتحدة سيأتون للعيش في رواندا إذا كانت لديهم قضية لجوء بانتظار البت بها في بريطانيا. وسيكون لديهم أيضا خيار التقدم بطلب لجوء إلى رواندا. كما تعلم، لدينا برنامجا خاصا باللاجئين، وفي حال الموافقة على طلبهم، يمكنهم البقاء والعيش والاستقرار هنا، حيث سيتلقون المساعدة على الاندماج في المجتمع الرواندي.

ولديهم أيضا خيار عدم طلب لجوء في رواندا، هناك طرق قانونية يمكنهم بموجبها البقاء في البلاد والإقامة بشكل قانون. ولنكن واقعيين، وجود أزمة لجوء مرده بشكل أساسي لكونها الطريقة الوحيدة للحصول على إقامة بشكل قانوني في كثير من الدول، لكن برامج اللجوء لم توضع لهذه الغاية بالتحديد. بمعنى أن هناك خللا في النظام العالمي لحركة الناس من وإلى كثير من الدول التي لا تزال تعتمد على نظام وضع بعد الحرب العالمية الثانية.

 

منذ الخمسينيات، غالبية دول الشمال لم تدخل أي تعديلات على أنظمتها في هذا الإطار، تقصدين أن هناك خللا في النظام نفسه، نظام استقبال المهاجرين؟

النظام لا يزال عالقا بالفعل في خمسينيات القرن الماضي، وربما في مرحلة ما تحتاج هذه الدول إلى مراجعة جدية لقوانينها التي لم تعد مناسبة أو لم تعد تفي بالغرض في القرن الحالي. نحن بحاجة إلى إيجاد حلول مبتكرة، وهذه الشراكة بين المملكة المتحدة ورواندا هي أحد الحلول برأينا. ونريد أن نرى في الحقيقة مدى نجاعة هذا الخيار على أرض الواقع.

أستطيع أن أقول إن هذا سيكون نموذجا ناجحا، حيث يتمكن اللاجئ من العيش بأمان، دون خشية على حياته أو أمنه، ويكون لديهم خيار البقاء في رواندا إن أرادوا ذلك.

 

لكن، في رواندا أيضا أعداد أكبر من اللاجئين من دول أخرى؟

نعم، لدينا أكثر من 130 ألف لاجئ، بعضهم يعيش هنا منذ أكثر من 25 عاما. رواندا ومواطنيها اعتادوا على استضافة اللاجئين والمهاجرين، ونعتبر أن ذلك واجبا عالميا في الحقيقة، ويمكن وصف دولتنا بأنها من الدول التي لا تلمس فيها أي عدائية تجاه اللاجئين، لا سيما أننا نفهم ما الذي يعنيه أن يضطر الإنسان إلى الفرار هربا من الاضطهاد.

 

نختم بالحدث المحلي الأهم المرتقب سياسا، كيف تستعد رواندا الآن للانتخابات ؟

نتطلع للانتخابات الرئاسية والعامة اللتين ستجريان بشكل متزامن، ويتوقع أن تنطلق الحملات في 22 يونيو/حزيران المقبل. وبدأت اللجنة الوطنية للانتخابات بالفعل في تحضير قوائم الاقتراع ومساعدة أكثر من مليوني مقترع سيتمكنون من الإدلاء بأصواتهم للمرة الأولى مع وصولهم السن القانونية التي تسمح لهم بممارسة حقهم بالاقتراع.

أيضا، العمل يتم على تحضير البعثات الدبلوماسية في دول الانتشار لتمكين الجاليات من الإدلاء بأصواتهم في سفارات البلاد في الخارج. وعادة ما تتم جميع هذه الإجراءات بسلاسة، حتى إعلان النتيجة الرسمية التي نتوقع صدروها بحلول 20 يوليو/تموز المقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة فی مخیمات اللاجئین فی رواندا أن هناک أکثر من مع دول

إقرأ أيضاً:

النائبة لين بويلن تتحدث للجزيرة نت عن تهديد السفارة الأميركية لأيرلندا

دبلن- كشفت النائبة في البرلمان الأوروبي لين بويلن، في لقاء خاص للجزيرة نت، عن ضغوط  تواجه أيرلندا بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، مشيرة إلى "ترهيب مبطن" من قبل الولايات المتحدة.

وأكدت النائبة الأوروبية لين بويلن للجزيرة نت، أن أيرلندا تعتبر "حالة فريدة" في أوروبا فيما يتعلق بدعم فلسطين، فالشعب الأيرلندي يعبر عن تضامنه مع الفلسطينيين بحرية، ويرفع الأعلام الفلسطينية في الشوارع والمنازل.

وقالت إن هذا الدعم الشعبي يعكس تاريخًا طويلًا من التضامن مع الشعوب التي تعاني من الاحتلال والاضطهاد.

لكن الوضع يختلف، بحسبها، تمامًا في أوروبا، عندما تذهب لعملها كنائبة في البرلمان الأوروبي، إذ يسود جو من الخوف والقلق بين أعضائه، ويخشى الكثيرون منهم من التعبير عن آرائهم الداعمة لفلسطين خشية اتهامهم بمعاداة السامية.

وكشفت بويلن أن هذا الخوف يخلق "جوا متوترا جدا" يختلف عن ذلك الذي يسود في أيرلندا، وعزت ذلك إلى اتفاقية التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست "IHRA"، وهي اتفاقية تخول بشكل معقد الخلط بين انتقاد الصهيونية وإسرائيل والهولوكوست.

لين بويلن تتحدث للجزيرة نت عن تهديد مبطن من أميركا لأيرلندا  (الجزيرة)  ضغوط أميركية

وترجع بويلن ممارسة الولايات المتحدة لضغوط كبيرة على أيرلندا لاحتمال رغبة الولايات المتحدة في عدم تمرير مشروع قانون يحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

إعلان

وكشفت النائبة للجزيرة نت عن تدخل السفير الأميركي في أيرلندا، عندما حذر الحكومة الأيرلندية من "عواقب" إذا تم إقرار القانون. وهو ما اعتبرته بويلن وعدد من السياسيين تهديدا مبطنا.

و أشارت إلى أن هذه "العواقب" الذي تم التلميح إليها تشمل سحب الاستثمارات الأميركية من أيرلندا، وهو تهديد خطير نظرًا لاعتماد الاقتصاد الأيرلندي بشكل كبير على الاستثمارات الأميركية.

وقالت بويلن "الجميع يعلم أن أيرلندا تحظى بقدر كبير من الاستثمار الأجنبي المباشر من أميركا، والعديد من شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى توجد هنا. إن الجزء الأكبر من عائدات ضرائب الشركات لدينا يأتي من الشركات الأميركية، ونحن إذن مرتبطون ارتباطًا جوهريًا بالولايات المتحدة".

 قانون الأراضي المحتلة

واستنكرت بويلن ظهور قانون الأراضي المحتلة فجأة من العدم، بحسب وصفها، حيث لم يكن مشمولا في البرنامج الانتخابي للحكومة ولم تحصل أي دعاية مسبقة له كما المعتاد ولكنه فجأة فرض على أجندة البرلمان وتم التصويت بالأغلبية لصالحه، مما وضع أحزاب المعارضة الأيرلندية في حالة من الصدمة.

وأعربت النائبة عن تشاؤمها بشأن إمكانية تمرير الحكومة الأيرلندية لمشروع قانون الأراضي المحتلة، وأشارت إلى "حجج بالوكالة" و"ترهيب" يمارس على الجمهور. وقالت "أنا لست مقتنعة بأنهم سيمررونه، ولكن أعتقد أنه إذا مر، فإنهم سيتأكدون من أنه لن يكون كما كان مقصودًا في الأصل ولن يكون فعالًا للغاية".

ويعكس هذا التشاؤم الواقع السياسي في أيرلندا، بحسب بويلن، حيث تواجه الحكومة ضغوطًا كبيرة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومن غير الواضح ما إذا كانت الحكومة ستكون قادرة على تحمل هذه الضغوط من أجل تمرير القانون.

 

تقويض القانون الدولي

انتقدت النائبة اعتماد بعض الدول الأوروبية تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية، معتبرة أنه "سلاح لإسكات الأصوات" الداعمة لفلسطين، وأشارت إلى أن هذا التعريف يخلق "تأثيرًا مخيفًا" على قدرة أعضاء البرلمان الأوروبي على التعبير عن آرائهم.

وأوضحت أن التعريف يستخدم لتجريم أي انتقاد لإسرائيل، حتى لو كان يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، مما يسبب جوًا من الرعب بين النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، ويمنعهم من التعبير عن آرائهم بحرية.

إعلان

ويتضمن تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست أن معاداة السامية "هي نظرة معينة لليهود، يمكن التعبير عنها بأنها كراهية لليهود، والمظاهر الخطابية والمادية لمعاداة السامية موجهة نحو اليهود أو غير اليهود وممتلكاتهم، وتجاه مؤسسات المجتمع اليهودي والمرافق الدينية".

وحذرت النائبة من أن تقويض القانون الدولي، والسماح بتسمية محكمة العدل الدولية بمعاداة السامية، سيشكل "تهديدًا لنا جميعًا". وأكدت أن القانون الدولي هو "العرض الوحيد في المدينة" عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن حقوق الإنسان.

وتقويض القانون الدولي يعني أن الدول الكبرى يمكنها أن تتصرف كما تشاء دون أن تخضع للمساءلة، وهذا يشكل خطرًا على الدول الصغيرة والضعيفة، التي تعتمد على القانون الدولي لحماية حقوقها.

وفي سياق متصل أعربت النائبة عن شكوكها في أن الاتحاد الأوروبي سيأخذ مذكرة اعتقال نتنياهو على محمل الجد، وأشارت إلى أن بعض الدول أعلنت أنها لن تنفذها، في حين توقعت ألا يقوم نتنياهو بزيارة أيرلندا في أي وقت قريب.

هذا الموقف يعكس الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي بشأن القضية الفلسطينية، فبعض الدول تدعم إسرائيل بشكل غير مشروط، بينما تدعم دول أخرى حقوق الفلسطينيين.

أعضاء في البرلمان الأوروبي خلال وقفة للمطالبة بوقف العدوان على غزة (مواقع التواصل ) تجاهل القضية الفلسطينية

وانتقدت النائبة تجاهل البرلمان الأوروبي للقضية الفلسطينية، مشيرة إلى أنه تم رفض مناقشة القضية طوال الوقت. وقالت "لم يكن هناك أي نقاش حول قضية فلسطين حتى وقت قريب، ولم تكن على أجندة البرلمان".

 وأردفت بويلن أن البرلمان الأوروبي ناقش لبنان وغيرها من مناطق الصراع ولكن ليس القضية الفلسطينية، وقد يسمح الآن بذلك بسبب وقف إطلاق النار في غزة، "لذا لن يُسمح لهم حتى بمناقشة ما يحدث".

واعتبرت أن هذا التجاهل يعكس عدم اهتمام الاتحاد الأوروبي بحقوق الفلسطينيين، وأنه يضر بمصداقية الاتحاد الأوروبي كقوة عالمية تدعم حقوق الإنسان.

إعلان

تعكس تصريحات النائبة لين بويلن واقعًا سياسيًا معقدًا يحيط بمواقف أيرلندا تجاه القضية الفلسطينية، فالضغوط الأميركية والقيود الأوروبية المفروضة على حرية التعبير بشأن إسرائيل تضعف قدرة السياسيين على اتخاذ مواقف جريئة.

ومع تزايد التهديدات بشأن انتهاك القانون الدولي، يصبح دعم أيرلندا لفلسطين اختبارًا لقدرتها على مقاومة الضغوط الخارجية والحفاظ على استقلالية قراراتها السياسية.

مقالات مشابهة

  • صحيفة بريطانية: أميركا تسعى لصفقة معادن مع الكونغو الديمقراطية
  • فايننشال تايمز: أمريكا تجري محادثات استكشافية مع الكونغو الديمقراطية بشأن صفقة معادن
  • الكليبتوقراطية تحت مظلة الديمقراطية
  • بنك الأهداف.. فيلم للجزيرة يوثق إستراتيجيات حرب الاحتلال بغزة
  • مصير قاربين يقلان 180 مهاجرا غرقا قبالة سواحل اليمن
  • العقيد حسن عبد الغني المتحدث باسم وزارة الدفاع: حققت قوات وزارة الدفاع تقدماً ميدانياً سريعاً، وأعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام
  • جمهورية الكونغو تعلن دعمها للترشيح المصري لمنصب مدير عام اليونسكو
  • وزير الاقليم: ينبغي أن تكون هناك مشاركة حقيقية للأقليات في حكومة نينوى المحلية
  • النائبة لين بويلن تتحدث للجزيرة نت عن تهديد السفارة الأميركية لأيرلندا
  • وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون مع الأشقاء في جمهورية الكونغو