لا تُلزم الغير بخدمتك
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
محفوظ بن راشد الشبلي
mahfood97739677@gmail.com
يَعتقدُ البعض بناء صداقته ومعرفته بالآخرين على أنها إلزام منهم بخدمته كونهم أصبحوا زملاءه، ويرى ذلك واجبًا عليهم، وهذا من الأخطاء الشائعة لدى البعض في مفهوم بِناء المعرفة بالآخرين، فالصداقات والمعرفة بالناس أيًا كان عمقها وتقاربها بينهم فهي مُعرّفة على أنها تقارب فكري مبني على الود والاحترام وليست توقيع عقد خدمة للغير.
وقد علّمتنا التجارب الكثيرة والمُثيرة في الحياة بأن نسير على مبدأ إن الآخرين غير ملزمين بك وإن الناس الذين تُعاشرهم وتمضي معهم مهما بلغ مقامك ومقدارك ومعزّتك لديهم فهم في الأول والأخير يبقوا أصدقاء لديك وغير ملزمين بك أيًا كانت الأسباب والدوافع، نعم سيكولوجية العِشرة المبنية على الود والطيب تبقى شِعار الناس الأوفياء والكُرماء ويكفي أنهم عاملوك بالود والطيب وبادلوك بنفس شعور طيبك وودك واحترامك وكانوا لك أقرب من ناسك وإخوانك وأقربائك إليك وبلسمًا لجروحك وعونًا لك في فرحك ومصابك ولكنهم بالمقابل يبقون أصدقاء لك وتربطهم معرفتك بهم دون سواها وما يأتي من طيب معاملتهم لك فهو نابع من مَعزّتهم واحترامهم لك ويجب عليك تقدير ذلك وشكرهم عليه، ولكن إن لم يُفيدوك بشيء فهم كما أسلفا غير ملزمين بك وبخدمتك.
يكفي على الإنسان أن يشعر بشعور الآخرين ويحس بإحساسهم وأن يكون خفيف الظل بينهم وأن لا يُكلّفهم به وأن لا يستغل مواقعهم التي هم فيها لتسخير وتسيير نشاطاته التي تحتاج المرور عليهم وأن يلزمهم بتمريرها إن حصل بها نقصان ويُعاتبهم ويُوبخهم عليها بمجرد أنهم طلبوا منه تكملة نقصانها بحجة أنهم يعرفونه ويعرفهم، وأن لا يجعل كسر القانون يمضي فوق مصالح المعرفة المسبقة بهم، وأن لا يجعل صداقته ثقيلة عليهم بل يجب أن يبني علاقاته على منهج احترام وتقدير الغير دون شيء آخر، وكم من كلمة دارت في الخفاء سرًا أو جهرًا خلف البعض بأن فلان ثقيل المعرفة وكثير المطالب وغثيت النفس وليتنا ما عرفناه.
الخلاصة.. ابنِ علاقاتك على الاعتزاز بمن عرفتهم بطيب معادنهم لا بمكانتهم وإمكانياتهم التي تُعوّل عليها لخدمتك، واجعلهم يعتزّون بمعرفتك وأن يُحدثون الغير عنك بأنك مكسب جمالي في هذه الحياة، واجعل من ثقافة مُعاملتك الراقية معهم يُرحّبون بك لا ينفرون منك، وإيّاك أن تتخذ معرفة الآخرين على انها سبيل لخدمتك مهما بلغت مكانتك معهم، وإن احتجتهم في شيء فسوف يكونون معك ويمونون عليك بطيبٍ منهم، وغلّب دائمًا ثقافة التعامل الإيجابية والراقية بمعارفك وأن تبتعد عن السلبية في مفهوم تعاملك ومعرفتك بالآخرين، واجعل دائمًا في حسبانك بأن الغير غير ملزمين بك وبخدمتك بمجرد أنك عرفتهم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً: