بوابة الوفد:
2024-10-02@05:42:47 GMT

رفعت عينى للسما

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

ما زالت مصر ولادة وفيها حاجات كتير حلوة رغم المرار والعلم فى نهاية ملعقة العسل الأسود التى نحلى بها أيامنا وحياتنا وتلك الصعاب المارة بنا رغمًا عنا، ومهما حاولوا شراء الفن والتاريخ ودفع الدولارات والجنيهات لاستضافة وإقامة مهرجانات لفنانين أحياء أو أموات، وتحويل كل ما هو فنى إلى سلعة وتأطير الفنانين فى صورة النماذج الراقية التى تعلن وتعيش حياة الرفاهية والفخامة للإعلان عن الشركات والقصور والمنتجعات السياحية لتصنع لذاتها مجدًا زائفًا، فإذا بالبراءة والأصالة والموهبة الحقيقية والفن المعجون بطين الأرض ومحلى بورد النيل ومروى بمياه النهر وقد صقلته وسوته شمس الوادى الخصيب منذ آلاف السنين، هذا الفن حقيقة ساطعة تتحدى الزمان والصعاب وتسطع فى سماء العالم الجديد كما أنارت العالم من قديم.

. بنات شابات صعيديات من مركز ملوى بالمنيا قرية دير البرشا جمعتهن الموهبة والرغبة فى الخروج من شرنقة الظلام الذى حاول طيور الظلام أن يخنقوا وجودهن سواء بأسم الدين أو العرف أو العادات والتقاليد أو النوع فإذا بهاتى البنات ينجحن فى حلمهن بعد أن سجلن حياتهنّ وآخريات فى فيلم تسجيلى على مدار ٤ سنوات من كتابة وإخراج ندى رياض وأيمن الأمير.. حكت البنات عن مشاكل الزواج والزواج المبكر والتعليم والتنمر وهى قضايا نسوية وأيضًا بيئية إنسانية فقد كونوا منذ سنوات فرقة بانوراما المسرح وعرضن عروضًا وفيلمًا فى الشارع بالقرية وتعرضن للإهانة والاستهجان والتنمر من البعض لكن هاتى البنات من صعيد مصر قد حلقن بأحلامهن نحو السماء وانتجت وأخرجن هذا الفيلم «رفعت عينى للسما» وتحررن ونجحن فى أن يصلن به إلى مهرجان كان السينمائى الدولى فى دورته الـ٧٧ ويحصدن مناصفة جائزة النقاد «العين الذهبية» مع الفيلم التاهيتى «لست زنجيك» ويعبر النقاد عن إعجابهم بهذا الفيلم المصرى الذى يحمل رائحة المكان ومحلية الموضوع وعالمية القضية عن الصراع النوعى النسوى البيئى لملايين النساء فى مناطق شبيهة بفرية دير البرشا، إلا أن التناول والمعالجة الفنية البسيطة كانت مطرزة بوشائج الفلكلور الشعبى المصرى، وذلك التراث الشفاهى لصعيد مصر بما يحويه من طقوس وعادات وأفكار نجاح هذا الفيلم يدل على خصوصية التجربة، وأن الفن الحقيقى ينبع من الأرض ولا يحتاج إلى الملايين ولا إلى الإنتاج المبالغ فى.. الفنانون المصريون عليهم إعادة قراءة المشهد وتقييم التجربة.
هل الأموال والبريق باق أم التمييز والعالمية من خلال المحلية والصدق والتواصل مع الجمهور الحقيقى وليس جمهور المنصات والبرامج والمهرجانات المدفوعة الأجر؟.. على الفنانين أن يكسروا كل تلك الحواجز مع الجمهور ويحضرون الندوات والملتقيات بلا وكيل ولا تكريم … هل فكروا فى عروض مسرحية وفنية فى قصور الثقافة بقرى مصر بلا مقابل? هل فكروا فى التواجد فى ندوات وعروض بالجامعات الإقليمية بلا تكريم? هل فكروا فى إقامة مهرجانات شهرية على مدار العام تجوب المحافظات المصرية وتعرض للجميع نظير مقابل زهيد كما فعلت هاتى الوردات اليانعات اليافعات وهن يجبن شوارع القرية فى عروض مسرحية وفنية يعرضن أعملهن البسيطة العميقة … علنا نعى وندرك أنها مصر التى تثبت مطلع شمس كل يوم جديد أن النور سوف يهزم الظلام، وأن ماء النهر سيستمر يسقى الزرع ويملأ الضرع وينبت الزهر والتمر لأن مصر أرض الخلود.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفيلم المصرى رفعت عيني للسما المنتجعات السياحية

إقرأ أيضاً:

عن سيرة فنان جميل (1-2)

ليس أعظم من سيرة فنان، يعيش من أجل الجمال، ينكسر مع المواجع، ويشتعل لنثر ذرات الحسن يميناً ويساراً.

كذب الزعماء، الساسة، وقادة الحروب، والمصفقون للطغاة، وهم يسودون لنا الصفحات تاركين مذكرات تبرير وتجميل وكذب.

من هنا فسعادتى لا توصف متى قرأت مذكرات مبدع.. سحرتنى من قبل مذكرات نجيب الريحانى، وفاطمة اليوسف، ويوسف وهبى. وسعدت أيما سعادة قبل سنوات قليلة بصدور مذكرات عزة فهمى عن الدار المصرية اللبنانية، واليوم تبهرنى دار الشروق بمذكرات فنان ساحر، ومبهر، وجميل وهو محمد عبلة، بعنوان جذاب هو «مصر يا عبلة».

تبدو سيرة الفنان فى بلادنا سيرة مقاومة دائمة. وهى مقاومة لعراقيل جمة. فهى أولاً مقاومة لمجتمع لا يأبه كثيراً فى ظل الهموم المادية الحياتية بقيمة الفن، ويعتبره رفاهية وأمراً ثانوياً.

وثانياً لمؤسسات رسمية تدعى احتضان الإبداع وتشجيعه وتحفيزه، وفى حقيقة الأمر هى تتاجر به، وتستغله، وتحاول توظيفه لمآرب لا علاقة لها بالفن والذوق والجمال.

وثالثاً وذلك الأهم لتيار دينى، مُساق، ومصمت، ومُنغلق، ومخاصم لمعالم الحضارة ومعاد لقيم العصرنة، تحت باب «شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار».

بهذا المنطق قاوم محمد عبلة عقبات الفن فى طريقه مدفوعاً بفورة المحبة للجمال، وحماسة الإيمان بأهمية الفن وقدرته على تغيير البشر، والبلدان، والعوالم. ما الفن سوى راية تحدٍّ لكتائب القبح المستعرة والمنتشرة والمنتشية بمجازر التحضر شرقاً وغرباً..

كان أول تحدٍّ جابهه عبلة عندما اختار الفن، واختاره الفن، هو مقاومة وصاية والده وإصراره على إلحاقه بالكلية الحربية. كان منطق والده واضحاً فى بدايات السبعينيات حيث استقر النظام الذى أسسه ضباط يوليو، وصار كل شىء، إذ سأل ابنه عندما عرف أنه يريد دخول كلية الفنون الجميلة لأنه يحب الرسم: «هل سمعت من قبل عن رئيس مدينة أو محافظ خريج فنون جميلة؟». وأضاف والده «رئيس البلد كلها واحد من الجيش. هل هناك فنان أصبح رئيساً للجمهورية؟ راجع نفسك يا محمد». لكن محمد عبلة لم يراجع نفسه، وتقبل الدفاع عن اختياره وتحمل تبعاته حتى النهاية، فترك البيت واستأجر مكاناً متواضعاً وعمل فى النقاشة والخط وكثير من المهن الحرفية لينفق على نفسه طالباً فى الفنون الجميلة بالإسكندرية.

ثم واجه الفنان تحدى البيروقراطية عندما رفض وكيل الكلية انتقاله من فنون تطبيقية فى شهر ديسمبر، إذ مرت شهور من الدراسة، وكان محمد عبلة معجباً بأعمال فنان سكندرى عظيم هو سيف وانلى، وقرر الاستعانة به فى هذه المشكلة. وذهب الطالب لباعة اللوحات يسألهم عن عنوان الفنان، حتى وصل إليه دون سابق معرفة، وطرق الباب ليجد رجلاً متواضعاً ومهذباً يدعوه للدخول. وحكى له عن رفض وكيل الكلية التحاقه بها، رغم حبه الشديد للفن، وتدخل «وانلى» وهاتف عميد الكلية، وسانده فى قبول أوراقه.

توالت التحديات فى مسيرة الرجل، وكان أصعبها ذلك التمدد العنيف للمتأسلمين فى الجامعات والمدارس، وتحريمهم للفنون وتحريضهم ضدها. وكان من الغريب أن بعض الطلبة الذين صادقهم محمد عبلة، وانبهر بأعمالهم فى البدايات انقلبوا بعد ذلك إلى متشددين، ومكفرين، وناقمين على الفن والمجتمع والحياة برمتها. لقد أعجب ببعضهم وكانوا نواة لتيار السبعينيات الصاعد من رحم الصراع العربى الإسرائيلى، وتغيرات المجتمع الكبرى، لكن موجة التطرف العاتية ابتلعت كل شىء. وربما أغرب ما يستدعى الالتفات هنا، أن هيمنة التيار الدينى وصلت إلى حد تعيين بعضهم فى سلك التدريس بالفنون الجميلة، حتى إن أحدهم قال لـ«عبلة» وهو يعد مشروع التخرج «الرسم حرام، لكن الضرورات تبيح المحظورات».

وللسيرة بقية تستحق الحكى..

والله أعلم

 

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • في سجون الظلام: مصير مجهول للصحفي المياحي بعد انتقاده الحوثي
  • الظلام يهدد حياة مستخدمي طريق الشرقية السريع .. ومطالبات بتشغيل الإنارة!
  • انطلاق أنشطة «بداية جديدة» في مركز شباب أحمد رفعت بكفر الشيخ (صور)
  • «دبي للثقافة».. تضيء على روائع الخط العربي
  • دبي تجمع أهل الفن.. واقتراح هام من فهد الزاهد
  • «الفجيرة 96» بطل جائزة باسيليكاتا «إكس كات»
  • على عربية «البنات».. «آيس كريم» من خير «دهب»
  • غياب الإنارة يغرق القنيطرة في الظلام
  • عن سيرة فنان جميل (1-2)
  • "استثمر في نفسك".. ورشة عمل لتنمية المهارات في "بنات عين شمس"