في ذِروة الانشغال بما هو مهمّ: "الحرب على غزة"، وما هو تافهٌ: "تكوين وعناصرها"، أمكن للسلطة في مصر أن ترتكب جريمة مضافة في حقّ الفقراء، على نحو لم يسبقها أحدٌ في التفكير فيه، ولو "الشياطين الحُمر"!
فقد تمّ تمرير قانون المنشآت الصحية بما يبيحه من تمكين القطاع الخاص من إدارة المستشفيات الحكومية، الأمر الذي لم تجد حياله نقابة الأطباء إلا أن تطالب رئيس السلطة التنفيذية بعدم التوقيع على القانون، على نحو يحول دون تنفيذه، وكأنّ البرلمان الذي سيمرّره هو سيد قراره، وكما لو كان مخيّرا لا مسيّرا، مع أنه جهة "بصْم" على ما يريده الحاكم بأمره، وقد تمّ تكوينه لهذا الغرض من خارج السياسة، واختيار عناصره من الأقليات الاجتماعيّة، التي لا يمكن أن تصمد عند أيّ انتخابات نزيهة، أو شبه نزيهة!
أُدرك أنّ وضع المستشفيات الحكومية في بلادي مُزرٍ، وقد سبق لي أن خضت معارك في هذا الصدد ضد الإهمال فيها، امتدّت لسنوات، تأكدت خلالها أنه لا أمل في الإصلاح في ظلّ الأوضاع السياسية القائمة، فالأمل في توافر إرادة السلطة للإصلاح، وهي تفتقد لهذه الإرادة!
حالة ولادة:
وقد بدأت الحملة في منتصف التسعينيات، واستمرت لسنوات ولم تحقق سوى نجاحات محدودة، مع أني جعلت عنوانها: "مستشفى جُهينة المركزي"، وانتهى بي الحال للوساطة للحالات، حالة حالة عندما يصلني أمرها.
التوجه الجديد للسلطة القائمة ليس هو الحل، لأنه يعني أنه إزاء فشل المستشفيات لا يجوز اتخاذ قرار بإغلاقها في وجه المرضى، وهو ما سيحدث واقعا، فماذا سيستفيد المريض الفقير إن تم النهوض بمستشفيات الدولة عن طريق إدارة القطاع الخاص لها، ثم لم تكن إمكاناته تساعده على العلاج فيها.. فإلى أين يذهب الفقير في هذا البلد؟!
وإذ كنت على المقهى وقتئذ، فإن أحد البرلمانيين كان يكتم ضحكته على هذا التصرّف، بأن أتصل بالوزير لأمر يخصّ حالة ولادة في الصعيد الأقصى، وأن الوزير يهتمّ بأمر كهذا، ولم يكن يعلم أنه لجوء المضطر الذي أوحى به الوزير لي، فلئن يتدخّل في أمر حالة، أخفّ عليه من أن يصلح الحال المائل في المستشفى بشكل عام.. ضعف الطالب والمطلوب!
وقد سبق للرجل أن حاول احتوائي لهذه الحملة ولغيرها، فدعاني للغداء مع أسرة التحرير بمنزله الريفي بمسقط رأسه، وكان من الذكاء بمكان إلى حد أن ما كان يريد قوله لي كان يرسله تلميحا، فذكر مشكلة مستشفى "قنا" الذي زاره فلم يجد طبيبا، بينما هناك من تعاني من آلام الزائدة التي هي على وشْك الانفجار، فدخل حجرة العمليات وأجرى عملية استئصالها بنفسه، ثم ذهب يعاقب الأطباء المتغيبين، ولم يكن من سلطاته سوى عقوبات غير مؤثرة، مثل الخصم من الراتب، الذي هو قليل بطبيعته، وبالتالي غير مؤثر، لكنه اتصل بنقيب الأطباء في المحافظة، واستصدر منه قرارا بإغلاق عياداتهم حتى جاؤُوا بعد أيام يتوسّلون إليه، ويقدّمون فروض الولاء والطاعة!!
وكان بجانبي أحد الزملاء، فمال نحوي، وقال لي: إن الوزير يريد أن يقول لك ليس بيدي حلّ لمشكلة مستشفى جُهينة!
ولأني في هذه الفترة حملت على منح الوزارة مشروعَ مستشفيات اليوم الواحد لشركة رجل الأعمال رامي لكح بالأمر المباشر "تسليم مفتاح"، فقد تحدّث الوزير عنه طويلا، قبل أن يقول: إنه لم يكن يعرفه، وأول مرة شاهده فيها كان في افتتاح أول مستشفى في هذا المشروع، وبحضور الرئيس، والذي نظر بعيدا ليرى أحد الأشخاص فيسأل: من هناك؟ ميشيل؟ ثم ينادي عليه باسمه فيأتيه سعيا، ليعرف الوزير أن ميشيل هو الشقيق الأصغر لرامي لكح! ليتدخل زميلنا بحسّه الفكاهي، ويقول: إن معالي الوزير يريد أن يقول لك إن رامي يتبع الرئيس ولا شأن له هو بالموضوع!
ثم كانت الثالثة، وبينما نشاهد حديقة منزله، وقف أمام شجرة، وذكر اسمها، ولم أقف عنده، وقال: إن هذه الشجرة معروف عنها أنه ينبت لها فرع واحد في العام الواحد، ثم ذهب يعدّ فروعها وما يتيسّر له!
وقال زميلنا: إن معاليه يريد أن يقول لك إنه غني من قَبل الوزارة، وأن هذا القصر قبل أن يكون وزيرا!
وكان الوزير يبدو غير منتبهٍ لهذه التعليقات الساخرة، وهي وإن كانت بصوت خفيض نسبيا فقد كانت مسموعة، وبعد كل تعليق أستغرق في الضحك، على تفسير المفسِّر، فإن لم ينتبه لكلامه فالأصل أنه انتبه لردة فعلي عليه، وليس هذا هو الموضوع!
إرادة الدولة:
فقد كانت هذه هي قسمة الوزير فيما يملك، ولو اضطر لتلقي شكوى عن حالة ولادة في مستشفى ليس على الخريطة، لأن الأمر يحتاج إلى إرادة دولة، وزيادة المخصصات المالية للمستشفيات، ورفع رواتب الكوادر الطبية لضمان وجودها في أماكن العمل، ولكي تكون أي عقوبة بالخصم من الراتب مؤثرة عليها!
ولا إرادة متوفرة للدولة في هذا العهد، أو في العهد البائد، فقد تحولت مستشفيات الدولة إلى أنّ الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود!
بيدَ أن التوجه الجديد للسلطة القائمة ليس هو الحل، لأنه يعني أنه إزاء فشل المستشفيات لا يجوز اتخاذ قرار بإغلاقها في وجه المرضى، وهو ما سيحدث واقعا، فماذا سيستفيد المريض الفقير إن تم النهوض بمستشفيات الدولة عن طريق إدارة القطاع الخاص لها، ثم لم تكن إمكاناته تساعده على العلاج فيها.. فإلى أين يذهب الفقير في هذا البلد؟!
لقد حدَّد وزير الصحة عدد المستشفيات التي سيمكن القطاع الخاص إدارتُها بـ160 مستشفى حكوميا في 22 محافظة، ومن الواضح أنها خطوة أولى، يتبعها تمكين القطاع الخاص من إدارة مستشفيات الحكومة بالكامل في كل محافظات مصر، ليطرح هذا سؤالا عن طبيعة هذا القطاع الخاصّ الذي سيدير هذه المستشفيات وما المقابل لذلك!
إن الإثم هو ما حاك في صدرك وكرهت أن يطّلع عليه الناس، وهل يعقل أن القطاع الخاصّ، وهو حديث عهد بالمستشفيات، أن يتفوق على إدارة الدولة وهي قديمة، وعريقة، ولا تنقصها الخبرة، وإن كانت تنقصها الإرادة الحكومية في النهوض بمستشفياتها؟!
لقد بدأت دولة الإمارات مبكرا وضع يدها على الخدمات الصحية في مصر، ومن الملاحظة أن أسعار التحاليل والأشعة قد ارتفعت بشكل مبالغ فيه، بعد أن استحوذت على المختبرات الطبية، فهل هي التي من أجلها تم تغيير القانون بما يسمح للقطاع الخاص بإدارة المستشفيات؟ ليبقى السؤال: وما المقابل؟!
لقد بدأت دولة الإمارات مبكرا وضع يدها على الخدمات الصحية في مصر، ومن الملاحظة أن أسعار التحاليل والأشعة قد ارتفعت بشكل مبالغ فيه، بعد أن استحوذت على المختبرات الطبية، فهل هي التي من أجلها تم تغيير القانون بما يسمح للقطاع الخاص بإدارة المستشفيات؟ ليبقى السؤال: وما المقابل؟!
هل ستحصل السلطة على مقابل لهذه الإدارة، أم ستدفع هي لهذا القطاع الخاص مقابل إدارته "الرشيدة" لهذه المستشفيات؟!
مَن الفقير؟
لقد قال وزير الصحة: إن المريض الفقير لن يتحمّل أي أعباء سواء كان مقدمُ الخدمة قطاعا خاصا أم حكوميا، ليكون السؤال: وما هو تعريف الفقير برأيه؟ وكيف يثبت الفقير أنه فقير؟ وماذا لو حدث له مكروه استدعى نقله للطوارئ؟ هل سيسمح له بالدخول دون الدفع، أو الخروج قبل إثبات أنه فقير؟ لتنقسم العائلة إلى فريقين: فريق ينقله للمستشفى وآخر يمشي في مناكبها في محاولة إثبات فقره، قبل أن يُتوفى وتتحفظ إدارة المستشفى على الجثة إلى حين الدفع، أو إثبات الفقر!
لم يخبرنا الوزير الهمام إن كان على الفقير أن يحمل في جيبه "شهادة فقر"، موقعة من اثنين من الموظفين، أخذا بالأحوط، أم تتولى الحكومة فتح منافذ في المحافظات والمدن لاستخراج هذه الشهادة! فما هي الوثائق المطلوبة إذا كانت النيّة تتجه لذلك؟!
الوزير يدهن الهواء "دوكو" من أجل تمرير القانون، وهذا هو الوقت المناسب لذلك، والناس مشغولون بين غزة و"تكوين"، وعندما يفيقون من كل هذا تكون الفأس قد وقعت في الرأس، والقانون أصبح أمرا واقعا.
لقد قال نقيب الأطباء: إن قانون المنشآت الصحية هذا يتيح التخلص من 75 في المئة من العمالة في المستشفيات الحكومية، ولم يرد الوزير، ولكن ردت عليه من كان ينبغي أن تكون بجانب النقيب، وهي عضوة البرلمان عبلة الألفي، بأن الدولة ملتزمة بحقوق العاملين بها، ولم تنفِ ما قاله الوزير ولكن أكدته، فمن سيتم التخلص منه؟ فالدولة ملتزمة بكل حقوقه المالية والوظيفية.. نائبة تتبع السلطة التشريعية أم موظفة لدى السلطة التنفيذية؟! لقد اختلطت الأوراق، والتفّت الساق بالساق!
فلا بأس إن اختلطت الأدوار، فهذا ليس برلمانا، وهؤلاء ليسوا نوابا ينوبون عن الشعب البائس، لكنهم ضمن أدوات السلطة التنفيذية، ولا جديد في ذلك، تماما كما أنه لا جديد مثل هذه الوعود فقد عرفنا من تصفية القطاع العام وسياسات الخصخصة الفاشلة، ماذا تعني الدولة بالتزامها بكل حقوق العامل المالية والوظيفية!
هذه دولة.. أم شركة سمسرة؟!
x.com/selimazouz1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر المستشفيات الصحة الفقر الخصخصة مصر الفقر مستشفيات الصحة الخصخصة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القطاع الخاص حالة ولادة أن یقول فی هذا
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: مبادرة جديدة لدعم الصناعة بـ 30 مليار جنيه
أكد الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء ، تم الإعلان عن مبادرة جديدة لدعم الصناعة بقيمة 30 مليار جنيه على مدار السنوات الخمس القادمة، وتستهدف دعم مختلف المصانع الجديدة، والتوسعات للمصانع القائمة، حيث سيتحمل المستثمر 15% فقط من سعر الفائدة، على أن تتحمل الدولة باقي السعر، منوهاً إلى أن ذلك بجانب المبادرة القائمة والخاصة بالدعم لتوفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: نقوم بإعداد مبادرتين للصناعة لكي نتحرك في هذا الأمر، مُضيفاً أن هذا يقودني لقطاع آخر مهم وهو السياحة، وهناك أرقام مبشرة هذا العام في حجم السياحة الوافدة؛ حيث بلغت أعداد السائحين الوافدين إلى مصر 15 مليون و700 ألف سائح، لافتا إلى أنه لولا الأحداث التي شهدتها المنطقة كان عدد السائحين وصل إلى 18 مليون سائح، معربا عن أمله في أن يشهد العام الحالي 2025 وصولها بالفعل إلى هذه الرقم المستهدف، ولاسيما مع الافتتاح الرسمي المرتقب للمتحف المصري الكبير خلال هذا العام.
وأضاف رئيس الوزراء: هذه كلها مستهدفات تعمل الحكومة على تحقيقها، من خلال زيادة الغرف الفندقية؛ حيث نستهدف هذا العام عددا أكبر مما تم إنجازه العام الماضي، فكل عام نضيف غرفا فندقية جديدة.
استهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، المؤتمر الصحفي الأسبوعي، اليوم، بالترحيب بالصحفيين والإعلاميين الذين حضروا المؤتمر، مُوجهاً التهنئة بمناسبة العام الميلادي الجديد 2025 الذي يتزامن بدايته مع أول أيام شهر رجب، إلىى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وجموع الشعب المصري العظيم، داعياً المولي عز وجل أن يحمل هذا العام كل الخير والبركة والأمن والاستقرار لمصر.
وبدأ الدكتور مصطفى مدبولي حديثه، بالإشارة إلى مجموعة من الرسائل المهمة جداً، قائلاً: خلال العام الماضي مررنا بظروف شديدة الصعوبة، وكان هناك العديد من التعقيدات والتحديات الداخلية والخارجية، وبفضل الله تجاوزنا هذه التحديات التي كانت فعلاً من أصعب التحديات، كما تابعتم أيضاً المؤتمر الصحفي الذي تم مع العديد من المستثمرين ورجال الأعمال والقطاع الخاص، والذي تحدثنا فيه بمنتهي الشفافية عن هذه التحديات، أبسطها أن الدولة كان عليها التزامات تقدر بنحو 39 مليار دولار، وبفضل الله نجحت الدولة المصرية في سدادها، وهذا العام ستكون الأرقام والأعباء أقل من ذلك بكثير جداً.
وتابع رئيس الوزراء حديثه، قائلاً: الدولة خططت لذلك وتعرف حدود الالتزامات التي عليها، وأود أن أطمئن المواطنين وكل الجهات بالدولة بأننا قادرون على تحمل هذه الأعباء، وبفضل الله تمكنا من ذلك بنجاح وتجاوزنا هذا العام الذي كان صعباً جداً، خاصةً مع التحديات الخارجية الاستثنائية التي حدثت في المنطقة، والتي كان لها تأثير مباشر شديد جداً علينا، يكفي ما حدث لقناة السويس، وأننا فقدنا 70% من إيرادات قناة السويس.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: ولكننا نبدأ هذا العام بتخطيط ورؤية وأمل بأن يكون هذا العام رغم التحديات الموجودة أفضل في كل المجالات بإذن الله، وأود هنا الإشارة إلى أنه في الأسبوع الماضي أعلن صندوق النقد الدولي إتمام المُراجعة الرابعة للبرنامج المشترك، وكنت قد سُئلت قبل ذلك بفترة عن هذا الموضوع، وأجبت بأنه سيتم إنهاء هذا الأمر في خلال أيام بمشيئة الله، وبفضل الله تمت المراجعة بنجاح، وإعلان الصندوق في هذا التوقيت يعد بمثابة رسالة ثقة في مسار الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة المصرية، وهو ما استقبلته الأسواق الخارجية بإيجابية شديدة جداً.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أنه تزامن مع ذلك، وفي إطار برنامج الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، تحويل الدفعة الأولي أو الشريحة الأولي من برنامج الدعم لمصر بقيمة مليار يورو، ووصلت الدفعة يوم الجمعة الماضي للبنك المركزي.
كما أكد رئيس الوزراء، تحرك الدولة في إطار خطة واضحة بالتنسيق مع مختلف الجهات الدولية والمحلية لتحقيق هدف الاستقرار للدولة المصرية، مُشيراً إلى قطاع الطاقة والإجراءات التي تعمل عليها الحكومة، ومنها الطاقة الجديدة والمتجددة ورؤية الدولة في هذا الملف، وكذلك قطاع الصناعة، لافتاً إلى زيارته الأخيرة لعدد من المصانع في المحلة الكبري، والتي سيتم ذكرها بالتفصيل لاحقاً خلال المؤتمر الصحفي.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى إعلان وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، نتائج الربع الأول من العام المالي الحالي، مشيراً الي تحقيق نمو 3.5%، قائلاً: هذا رقم مهم جداً يجب التوقف أمامه، لأنه يؤكد أن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الإيجابي، وحقق أرقاماً جيدة جداً.
وأضاف رئيس الوزراء: أود هنا إيصال رسالة مهمة جداً، ألا وهي أن القطاع الخاص أصبح إجمالي استثماراته خلال الربع الأول من العام المالي أكثر من 60% تصل إلى 63.5% من إجمالي الاستثمارات الكلية التي انفقت خلال الربع الأول، وهو ما يؤكد التصريحات السابقة بأننا نشجع القطاع الخاص ودعمه لقيادة عملية التنمية والاستثمارات، وهو ما تم تحقيقه خلال الربع الأول، والأهم هو تحقيق نمو حقيقي، وليس نمواً بسبب تقليل الدولة لاستثماراتها لكن القطاع الخاص حقق نمواً عن نفس الربع من العام الماضي بلغ 30%.
كما أوضح رئيس الوزراء، أن التمويلات الميسرة التي حصلت عليها الدولة من خلال وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي خلال العام الماضي، ارتفع فيها نصيب القطاع الخاص من 2.9 مليار دولار إلى 4.2 مليار دولار، وأصبح القطاع الخاص يستفيد من هذه التمويلات الميسرة أكثر مما تستفيد منه الحكومة المصرية، مُوضحاً أن جميع قطاعات الاقتصاد المصري حققت نمواً إيجابياً خلال الربع الأول من العام وعلى رأسها قطاع الصناعة، قائلاً: هذا حدث مهم جداً بالنسبة لنا، لأنه دائماً ما تمثل الصناعة قاطرة التنمية للدولة المصرية، كما يرجع إلى اهتمامنا الكبير جداً بدفع عجلة دور القطاع الخاص في قطاع الصناعة وتشجيع المشروعات الكبرى الوطنية المُتعثرة وإعادة إحيائها من جديد.
كما أشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى تفقد المرحلة الاولي من مشروع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى، مُضيفاً أن لهذا القلعة الصناعية الكبرى مكانة كبيرة في قلوب جميع المصريين، مُشيراً إلى أنه تم الانتهاء من المرحلة الاولي، على أن يتم استكمال المرحلة الثانية والثالثة خلال العام الحالي 2025.
ووجه رئيس الوزراء رسالة للقطاع الخاص، أشار فيها إلى أن الدولة تنفق في عمليات التطوير لهذا المرفق المهم نحو 56 مليار جنيه، مُؤكداً اقتناع وحرص الدولة مع ما تم انفاقه من استثمارات، على استدامة نجاح هذا القطاع، داعياً مؤسسات القطاع الخاص المعنية بهذه الصناعة بالمشاركة مع الحكومةس في هذه القلعة الصناعية، سواء عن طريق المشاركة بنسبة فيها، أو في عملية الإدارة والتشغيل، لافتا إلى أنه سيتم عقد العديد من الاجتماعات واللقاءات المكثفة مع مختلف المعنيين بهذا القطاع المهم بهدف الوصول لاستدامة نجاح وتشغيل هذا المرفق المهم جداً بأقصى قدر ممكن من النجاح والاستدامة.
و، أكد رئيس الوزراء حرص الدولة على إدارة هذا الصرح العملاق بشكل كفء، وكذا مشاركة مؤسسات القطاع الخاص المحلية والأجنبية المهتمة بهذه الصناعة بالدخول مع الدولة ومشاركتها في إدارة وتشغيل هذا المرفق المهم.
وذكر في هذا الصدد، ما تم من أعمال تطوير لعدد من الشركات الوطنية، والتي من بينها شركة النصر للسيارات، وشركة النصر للمسبوكات، مؤكداً حرص الدولة على تعظيم الأصول وليس بيعها، والاستفادة من تطوير وتنمية الأصول في تحقيق المزيد من الجدوى من هذه الأصول.
ونوه رئيس الوزراء، خلال حديثه، إلى جهود الدولة فيما يتعلق بصناعة السيارات، لافتا إلى العقد المهم الذي تم توقيعه هذا الأسبوع بين مجموعة "إم جي" وشركة "سايك موتورز الصينية"، التي تُعد أكبر شركة في العالم لإنتاج السيارات، لإقامة مصنع جديد في مصر، من المقرر أن تشهد المرحلة الأولى منه بحلول عام 2026 إنتاج 50 ألف سيارة، تليها المرحلة الثانية من المشروع المقرر أن تشهد إنتاج 100 ألف سيارة في السنة، وذلك سعياً لتوطين هذه الصناعة الاستراتيجية المهمة في مصر، وتمهيداً لدخول مصر هذه السوق من خلال توقيع المزيد من اتفاقيات التعاون في هذا الشأن، من خلال التفاوض مع العديد من الشركات العالمية الأخرى، والتي سيتم الإعلان عنها تباعاً خلال الفترة القادمة.
وأضاف رئيس الوزراء أنه في إطار جهود دعم قطاع الصناعة، عقد نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، و وزير المالية، مؤتمراً صحفياً مشتركاً.
واستكمل رئيس مجلس الوزراء حديثه بالإشارة إلى ملف ضبط الأسعار واستقرار الأسواق، وخاصة مع قرب حلول شهر رمضان المعظم، بحيث لا يواجه المواطن المصري أية موجات من زيادة الأسعار، مُشيراً إلى اجتماع لجنة ضبط الأسعار الأسبوع الماضي، وأنه سيتم عقد اجتماعات أخرى مع اتحاد الغرف التجارية، وجميع التجار والقطاع الخاص؛ لضمان استقرار الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وفي الوقت نفسه، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى الاجتماع الذي حضره وعقده فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بحضور الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لافتا في هذا الصدد إلى أن السيد الرئيس اطلع على أرقام التعهيد وصناعات تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي، موجها حديثه للشباب المصري والأسر المصرية: هذا القطاع هو المستقبل، وعلينا جميعا أن نتحرك حياله، وخاصةً إذا علمنا أن الشباب الذي يعمل في هذه التخصصات تبدأ رواتبهم ما بين 15 – 20 ألف جنيه شهرياً، وهذه المبالغ من المتوقع أن تزيد أيضاً، فضلاً عن أن العالم بأسره يركز خلال الوقت الراهن على هذا القطاع الواعد، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما يدعونا إلى النظر له بأنه هو المستقبل ونتحرك تجاهه، ويتم تغيير ثقافتنا كشباب وأسر مصرية.
واختتم الدكتور مصطفى مدبولي حديثه بالتنويه لقيامه أمس بجولة تفقدية بمشروع "أرابيسك" بسور مجرى العيون، وقد رأينا حجم التطوير الذي يتم داخل قلب القاهرة التاريخية، مؤكدا أن الحكومة ستواصل العمل في هذا الاتجاه ليس فقط في القاهرة، بل في جميع المدن التاريخية؛ للحفاظ عليها.
وجدد رئيس مجلس الوزراء الإعراب عن تطلعه إلى أن يحمل العام الجديد كل الخير والبركة لنا ولوطننا العظيم.