وقعت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في ٢١ مايو الجاري، على مذكرة تفاهم مع الوكالة الرئاسية الكولومبية للتعاون الدولي، بهدف إقامة تعاون لتقديم الدعم التنموي للدول الإفريقية، من خلال إقامة برامج بناء القدرات والتدريب ونقل الخبرات في مجالات عديدة.

أقيمت مراسم توقيع مذكرة التفاهم عبر وسائل الاتصال المرئي، حيث وقع السفير أشرف إبراهيم، مساعد وزير الخارجية أمين عام الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية عن الجانب المصري والينورا بتنكور، المديرة العامة للوكالة الرئاسية الكولومبية للتعاون الدولي عن الجانب الكولومبي.

في هذا الصدد، أشار الأمين العام للوكالة المصرية في كلمته إلى أن توقيع هذه المذكرة يأتي في إطار إقامة تحالف بين الوكالتين، بهدف تبادل الخبرات ونقل  المعارف بين كل من مصر وكولومبيا والدول الأفريقية من خلال بناء القدرات وعقد الدورات التدريبية بما يُتيح التعرف على الأساليب التكنولوجية الحديثة في مختلف المجالات، وذلك لدعم التنمية في القارة بما يسمح بضمان تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي مستدام، وكذا مواجهة مشاكل تغير المناخ والفقر والجوع، والعمل على نشر السلام.

 كما أكد على الدور الكبير والفعال الذي تلعبه مثل هذه التحالفات في الدول ذات الاقتصاديات الصاعدة مثل مصر وكولومبيا، مشيرا إلى الاهتمام الذي توليه مصر للتعاون مع الدول الأفريقية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة.

من جانبها، أكدت المديرة العامة للوكالة الكولومبية، على ترحيبها الكبير بإقامة هذه الشراكة المؤسسية خاصةً في ضوء دور مصر الرائد في القارة الأفريقية بشكل عام، وتوافر خبرات مصرية ذات كفاءة عالية في مختلف القطاعات، واستعداد مصر الدائم لتبادلها مع مختلف دول القارة، في ظل ما تعانيه هذه الدول من مشكلات تحد من قدرتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتحدثت عن تطلعها لوضع خطة لتنفيذ ما جاء بالمذكرة في أسرع وقت ممكن.

على صعيد متصل، أكدت السفيرة آنا ميلينا مينوز سفيرة دولة كولومبيا بالقاهرة، في كلمتها على سعادتها البالغة بالتعاون مع مصر بهدف دعم عملية التعاون الجنوب-الجنوب في القارة الأفريقية، مُشيرة إلى مكانة مصر الكبرى في القارة. 

كما تحدثت عن تطلعها إلى بذل كافة الجهود اللازمة لتسريع وتيرة تنفيذ ما جاء بالمذكرة من بنود تعاون بين الوكالتين.

تجدر الإشارة إلى أن توقيع هذه المذكرة يأتي في إطار سعي الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية إلى توسيع عملها لتقديم الدعم التنموى للدول الإفريقية من خلال التعاون الثلاثى مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية والإقليمية بما يساهم في دعم قدرات الدول الإفريقية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة وخطة ٢٠٦٣ للاتحاد الإفريقي.

 وفى هذا السياق وقعت الوكالة مذكرة تفاهم في شهر يناير ٢٠٢٤ مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، كما أن لها اتفاقيات مع وكالة التنمية اليابانية وفي سبيلها لتوقيع اتفاق مع وكالة التنمية الكورية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التنمية المستدامة الخارجية وزير الخارجية سفير مذكرة تفاهم تبادل الخبرات مراسم توقيع مساعد وزير الخارجية فی القارة

إقرأ أيضاً:

الشمس والظلام وبينهما أفريقيا

تأخذ رواية “اللقالق لا تموت” للكاتب الكونجولي ألان مابانكو القارئ في رحلة عبر التاريخ الإفريقي المثقل بالمآسي والمؤامرات، حيث تتشابك الأحداث السياسية والقصص الشخصية لتعكس واقع القارة الذي لا يزال يعاني من إرث الاستعمار والاستغلال. منذ البداية، تهيمن رمزية الطيور البيضاء المحلقة، المستوحاة من قصيدة “اللقالق المحلقة” لرسول حمزاتوف، التي كتبها أثناء زيارته لساحة السلام في هيروشيما، أمام تمثال الطفلة ساداكو ساساكي، التي صنعت طيور الكركي الورقية قبل وفاتها بسبب آثار القنبلة النووية. تتحول هذه الصورة إلى استعارة تمتد على صفحات الرواية، حيث يعتقد الكاتب أن أرواح القادة المغتالين والمجاهدين الذين سقطوا دفاعًا عن أوطانهم لا تفنى، بل تظل تحلق في سماء إفريقيا كما تحلق اللقالق فوق روسيا تخليدًا لجنودها.

لكن الرواية لا تكتفي بهذه الرمزية، بل تغوص في عمق التاريخ الإفريقي، مستعرضة سلسلة طويلة من الاغتيالات السياسية التي نفذها الاستعمار الغربي أو دُبرت بأيادٍ إفريقية مأجورة، بدايةً من عام 1947 حين أطلق المجاهد عبد الكريم الخطابي عبارته الشهيرة “ليس في قضية الحرية حل وسط”. في هذا السياق، يظهر القائد الكونجولي ماتسوا الذي خدم في الجيش الفرنسي وتم تكريمه بالسجن والأشغال الشاقة حتى وفاته، في مفارقة تعكس كيف تعامل المستعمر مع من خدمه. عام 1958، اغتيل روبين أم نيوبي في قريته بواسطة جندي أسود يدعى بول أبدولاي، الذي كافأته فرنسا بوسام، ليكون ذلك نموذجًا للأسلوب الذي اعتمدته القوى الاستعمارية في تصفية خصومها. وفي عام 1960، اغتيل فليكس موممبي مسمومًا في سويسرا على يد المخابرات الفرنسية، بينما كان من أبرز دعاة التحرر والاستقلال. في العام نفسه، وقعت واحدة من أكثر الاغتيالات شهرة ووحشية، حين قُتل باتريس لومومبا بأيدٍ إفريقية وبإشراف مباشر من الاستخبارات الأمريكية والبلجيكية، حيث أطلق عليه الرصاص بغزارة حتى لم تُترك منه جثة يمكن التعرف عليها. أما في 1963، فقد شهدت توجو اغتيال أول رئيس منتخب للبلاد، سيلفانوس أولمبيو، ليكون ذلك بمثابة بداية لسلسلة من الاضطرابات التي لم تتوقف. عام 1965، اغتيل المناضل المغربي المهدي بن بركة في عملية تعاونت فيها أجهزة المخابرات الفرنسية والإسرائيلية والمغربية، ولم يُعثر على جثته حتى اليوم، فيما كان أحد المتهمين في قضيته، الجنرال أوفقير، يحاول لاحقًا تبرئة نفسه عبر انقلاب فاشل. ثم في 1973، تم اغتيال أميلكار كابرال، الأب الروحي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر، على يد أعضاء من حزبه بتواطؤ من البرتغال وغينيا كوناكري، حيث أخفى الرئيس أحمد سيكو توري آثار الجريمة. في العام نفسه، اغتيل المعارض التشادي آوتل بونو في باريس، وفي 1977، اغتيل الرئيس الكونجولي ماريان نجوابي، وهو الحدث الذي تشكل حوله الرواية محورًا رئيسيًا لاستكشاف العنف السياسي في القارة.

وسط هذا المشهد الدموي، تأخذ الرواية بُعدًا إنسانيًا عبر شخصية ميشيل، الصبي ذو الثلاثة عشر عامًا، الذي يعيش مع والديه في قرية فونجو، حيث يرصد تفاصيل الحياة اليومية لأبناء القرى الإفريقية البسيطة، بين مسكنهم الفقير، ومأكلهم المتواضع، والعلاقات الاجتماعية التي تعكس تكافلًا يمتزج بالمعاناة. لكن حياة القرية هنا ليست مجرد خلفية للأحداث، بل إسقاط على واقع الكونجو، التي بدورها تصبح مرآة لما تعانيه إفريقيا بأسرها من فقر، وجوع، ومرض، وأمية، وكلها ظواهر لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة مباشرة للسياسات الاستعمارية التي استنزفت القارة لعقود طويلة.

على امتداد الرواية، تبرز إشكالية العلاقة بين المستعمر والمستَعمَر، حيث لم يكن الاحتلال مجرد نهب للثروات، بل كان أيضًا غرسًا عميقًا للمهانة والعبودية في نفوس الشعوب الإفريقية، كما زرعوا أشجار التوليب الإفريقي في أرضهم. يتجلى هذا بوضوح في اقتباس من الشاعر فيليس ويتلي، الذي يصور كيف ادعى المستعمرون أنهم أخذوا الأفارقة من الظلام إلى النور، مدعين أنهم علموهم الرحمة والمسيحية، بينما في الحقيقة لم يكن ذلك سوى غطاء لاستعبادهم ونهب خيراتهم. هذه الجدلية بين الظاهر والمضمر، بين ادعاء التحضر وممارسة القمع، تتكرر في أكثر من موضع بالرواية، وكأن الكاتب يؤكد أن تاريخ إفريقيا لم يكن سوى سلسلة من الخيانات، ليس فقط من القوى الاستعمارية، ولكن أيضًا من بعض أبناء القارة الذين تعاونوا معهم ضد بني جلدتهم.

الرواية، رغم أنها تغوص في التاريخ، لا تقدم سردًا تأريخيًا جافًا، بل تطرح رؤية نقدية بأسلوب روائي مشحون بالرمزية والعاطفة، يعكس براعة ألان مابانكو في تحويل الأحداث السياسية إلى مادة أدبية آسرة. بأسلوبه الساخر واللاذع، يعيد طرح الأسئلة الكبرى حول المصير الإفريقي، والتدخلات الخارجية، ودور الأفارقة أنفسهم في واقعهم المؤلم، حيث لم يكن المستعمر دائمًا هو من يطلق الرصاصة، بل كثيرًا ما كانت الأيادي الإفريقية هي التي ضغطت على الزناد. الرواية، بهذا الشكل، لا تكتفي بتقديم مأساة تاريخية، بل تحرض القارئ على التفكير في الحاضر، وربما في المستقبل، حيث لا تزال إفريقيا تئن تحت وطأة ماضٍ لم يُطوَ بعد.

الكاتب ألان مابانكو، المولود عام 1966 في جمهورية الكونجو، يعد من أبرز الأسماء الأدبية الإفريقية المعاصرة، إذ تمكن من تقديم صورة عميقة لإفريقيا، ليس فقط من خلال التاريخ، بل عبر تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي بأبعاده المختلفة. بعد أن درس الحقوق في فرنسا، اتجه إلى الأدب ليصبح من أكثر الأصوات الروائية تأثيرًا، حيث تتميز أعماله بأسلوب يجمع بين السخرية اللاذعة والنقد العميق للمجتمعات الإفريقية، سواء في ظل الاستعمار أو بعد الاستقلال. حصل على العديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة رينودو المرموقة عن روايته “ذكريات تمساح سيئ الحظ”. ومن أبرز أعماله الأخرى “الأزرق والأبيض والأحمر” و“الليل لا يُفضي إلى النهار”، حيث يتناول في معظم كتاباته قضايا الهوية، والصراعات السياسية، والإرث الاستعماري، مستعينًا بلغة أدبية تمزج بين الواقعية والرمزية، ليعكس من خلالها تجربة القارة الإفريقية بعيون أبنائها.

مقالات مشابهة

  • أزمة تهدد الكرة الكولومبية بعد اضراب ألف لاعب
  • مذكرة تفاهم بين "البنك الوطني العماني" و"إنجاز عمان" لتمكين الشباب
  • الهيئة العامة للمنافسة توقع مذكرة تفاهم مع جمعية حماية المستهلك
  • العراق وبولندا يبحثان توقيع مذكرة تفاهم رياضية
  • علي طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية .. مقالات جاءت في الميعاد الخطأ
  • ما بين مذكرة تفاهم الدروز واتفاق قسد مع السلطة السورية .. أستاذ قانون دولي يوضح الفارق
  • «الوكالة السورية»: مقتل وإصابة 19 شخصا في انفجار باللاذقية
  • الشمس والظلام وبينهما أفريقيا
  • الأونروا: انهيار الوكالة يهدد بضياع جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين
  • جيهان عبد السلام: الرئيس السيسي وضع ملف القارة الإفريقية في مقدمة اهتماماته