صفقة الأسرى مجددا.. لماذا الآن وما الذي تغير
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
بعد أيام من عودة الحديث عن صفقة لتبادل الأسري بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحكومة بنيامين نتنياهو، بدا أن فرص احراز تقدم حاليا في تلك الصفقة ما زالت تراوح مكانها بعد كشف هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع أن إسرائيل لم تقدم للوسطاء حتى الآن وثيقة تتضمن مقترحها.
ولم يسفر لقاء باريس 2 السبت الماضي عن شيء يذكر حيث اجتمع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع رئيس المخابرات الأميركية (سي آي أيه) وليم بيرنز ومدير الموساد ديفيد بيرنيع.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلي أن بيرنيع عرض أمام وزراء مجلس الحرب ملخص اجتماعه مع الوسطاء.
التحركات الإسرائيلية الأخيرة بخصوص إعادة الحياة لمفاوضات الأسرى فاجأت الإدارة الأميركية الداعم الأقوى لإسرائيل وفق ما نقل موقع "أكسيوس" الاخباري.
إسرائيل المراوغة والتملصتزامنت التحركات الإسرائيلية لمحاولة احياء صفقة التبادل مع سلسة من الاحداث شهدتها الساحة الإسرائيلية إذ عقد الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس مؤتمرا صحفيا هدد فيه بترك الحكومة وبالتالي رفع غطاء الشرعية التي منحها لنتنياهو بالدخول معه بائتلاف بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وبدوره، عقد وزير الدفاع يوآف غالانت مؤتمرا صحفيا طالب من خلاله نتنياهو بعرض خطة ما بعد الحرب، إضافة إلى بث فيديو المجندات اللاتي اعتقلتهن حماس في معركة طوفان الأقصى.
تتبع مسار التفاوض الذي بدأ قبل أشهر يظهر أن نتنياهو اتبع إستراتيجية المماطلة خلال كافة مراحل التفاوض ومحاولة الضغط على حركة حماس والمقاومة للقبول بما يعرض عليهم بعيدا عما يجري على الأرض من فشل رافق جيش الاحتلال منذ بدء عدوانه على قطاع غزة.
خلال مسيرة التفاوض المتعثر سعت إسرائيل للتخلص من أي التزامات من خلال اتهام الوسطاء بعدم العمل بجدية للتوصل لصفقة، فقد اتهمت قطر بأنها لا تبذل الجهد الكافي في الضغط على حماس، وأنها أقرب إلى مواقف حماس والمقاومة في محاولة للتشكيك بالموقف القطري الذي سعى للحياد بين الطرفين كما يفترض بالوسيط.
كما اتهمت مصر لاحقا، يتغيير بنود الاتفاق، بعد أن تفاجأ نتنياهو بأن حماس قبل المقترح الأخير الذي قدم لها خلال مفاوضات القاهرة الأخيرة.
ورقة إسرائيل الأخيرة كانت رفح التي هاجمها جيش الاحتلال ليدرك عندها نتنياهو أن مسار الحرب بعدها وصل إلى طريق يجب عنده مواجهة الواقع الجديد الذي تشكل في أعقاب معركة طوفان الأقصى والذهاب إلى طاولة المفاوضات للوصول لليوم الثاني من وقف الحرب.
حماس…المفاوض الشرس
كل ما جرى من جولات التفاوض وتعمد قتل المدنيين خلال أكثر من 7 أشهر على الحرب جاء في محاولة من إسرائيل وداعميها خاصة الولايات المتحدة للضغط على حماس للقبول بما يعرض عليها.
المتتبع لمسار المفاوضات يدرك أن حماس لن تقدم أي تنازل في شروطها الرئيسة وهي وقف الحرب والانسحاب من القطاع ورفع الحصار.
فوفقا لعضو المكتب السياسي لحماس عزت الرشق فإن "المطلوب بشكل واضح هو وقف العدوان بشكل دائم وكامل في كل قطاع غزة، وليس في رفح وحدها، وهذا ما ينتظره شعبنا وهو المرتكز ونقطة البداية لأي شيء".
تدرك حماس وفق مراقبين أن تطورات ما بعد رفح جعلت سقف المقاومة يرتفع أكثر من ذي قبل فيما سقف إسرائيل ينخفض وتتزايد عليه الضغوط ممن عدة جوانب مما يدلل على أن المقاومة لن تغير موقفها.
كما تدرك أن تقديم تنازلات في مفاوضات لا توفر لأهل القطاع الأمن من خلال وقف الحرب والانسحاب من القطاع ورفع الحاصر يعني خسارتها للكثير من رصيدها وسندها الشعبي.
من ناحية أخرى فحماس ترى أنها حققت انجازا كبيرا سواء يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أو خلال الحرب وفرض معادلتها على مسار الحرب البرية يمكنها من فرض شروطها على إسرائيل وعدم تقديم تنازلات كبرى لها.
وتبقى حماس حتى الساعة في وضع مريح أكثر من إسرائيل، التي تعاني ميدانيا واجتماعا ودوليا.
أميركا وأوروبا…محاولة انقاذ
على الجانب الآخر، وبعد أكثر من 7 أشهر على الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة ترى الإدارة الأميركية أن إسرائيل في مأزق خاصه بعد حكم محكمة العدل الدولية بوقف عملية رفح وقرار المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، لذا تسعى إدارة بادين لمساعدة الاحتلال بالتخلص من هذه هذا الوضع من خلال اقناع المصريين بفتح معبر رفح والسماح بإدخال المساعدات للقطاع مما قد يسقط تهمة التسبب بإحداث مجاعة في القطاع.
وسارعت أوروبا أيضا لطمأنة إسرائيل من خلال الحديث عن مراقبين أوروبيين للمشاركة في إدارة معبر رفح الذي انسحب منه الأوروبيون بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية في 2006.
التحركات الأميركية والأوروبية تهدف لإقناع نتنياهو وطمأنته للعودة للمفاوضات والقبول ببعض شروط المقاومة والتعامل مع ملف المقاومة وتهديدها لإسرائيل لاحقا.
فالولايات المتحدة لا تريد لحماس أن تنتصر في الحرب ولكنها تريد اتباع أساليب لا تثير حفيظ الشارع الأميركي والأوروبي الذي بات البعض منه يتهم حكوماته بالتواطؤ مع إسرائيل في إبادة الشعب الفلسطيني.
في الوقت ذاته يعاني بايدن تراجعا مستمرا في شعبيته ومتأثرا بالحراك الطلابي، كما يتعرض إلى "مزايدة من الجمهوريين تزعم بأن إدارة بايدن تتخلى عن إسرائيل، بهدف رفع حظوظهم بالانتخابات المقبلة والحصول على أغلبية الكونغرس"، كما يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور خليل العناني.
أيا كان مسار المفاوضات الجاري الآن وما قد يعرض على المقاومة ومحاولات الضغط عليها عسكريا وسياسيا تبقى الكلمة الأخيرة للمقاومة لقبول ورفض وتغير المعادلات التي قامت عليها العديد من رسم سياسات المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات من خلال أکثر من
إقرأ أيضاً:
رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين
الثورة/ متابعات
منذ اللحظة الأولى لدخول الأسرى الفلسطينيين إلى سجون الاحتلال، يواجهون تحديات قاسية، لكنهم يصرون على خلق حياة خاصة داخل المعتقلات، انتظارًا للحظة الإفراج التي تأتي عادة بصفقات تبادل تنظمها فصائل المقاومة.
فرغم ظلم الزنازين، يسعى الأسرى لصناعة واقع يمنحهم الأمل والقوة في مواجهة القمع الإسرائيلي.
ومع حلول شهر رمضان، تتضاعف هذه التحديات، لكن الأسرى يتمسكون بأجواء الشهر الفضيل رغم كل القيود والانتهاكات التي يفرضها الاحتلال عليهم.
ورغم القيود المشددة، يسعى الأسرى لصناعة أجواء رمضانية تذكرهم بالحرية، وتمنحهم قليلًا من الروحانيات وسط ظروف الاحتجاز القاسية، يحرصون على التقرب إلى الله بالدعاء والعبادات، رغم التضييق على أداء الصلاة الجماعية ومنع رفع الأذان.
حيث يقوم الأسرى بتحضير أكلات بسيطة بأقل الإمكانيات، مثل خلط الأرز الجاف مع قطع الخبز والماء لصنع وجبة مشبعة.
والتواصل الروحي مع العائلة بالدعاء لهم، خاصة بعد منع الاحتلال لهم من معرفة أخبار ذويهم.
ولكن كل هذه الممارسات تعرضت للقمع الشديد خلال الحرب الأخيرة على غزة، حيث فرض الاحتلال إجراءات أكثر تشددًا على الأسرى الفلسطينيين.
شهادات
كشف المحرر الغزي ماجد فهمي أبو القمبز، أحد الأسرى المفرج عنهم ضمن صفقة “طوفان الأحرار”، عن معاناة الأسرى في رمضان الأخير قبل الإفراج عنه، قائلًا: “أجبرنا الاحتلال على أن يمر رمضان كأنه يوم عادي بل أسوأ، فقد كان ممنوعًا علينا الفرح أو الشعور بأي أجواء رمضانية”.
ومع بدء الحرب، شدد الاحتلال قبضته على الأسرى عبر: تقليل كميات الطعام، حيث لم تزد كمية الأرز اليومية المقدمة للأسرى عن 50-70 جرامًا فقط، مما اضطرهم إلى جمع وجبات اليوم بأكملها لتناولها وقت الإفطار.
بالإضافة إلى منع أي أجواء رمضانية داخل السجون، بما في ذلك رفع الأذان أو أداء الصلوات الجماعية، حتى وإن كانت سرية.
ومصادرة كل المقتنيات الشخصية، ولم يبقَ للأسرى سوى غطاء للنوم ومنشفة وحذاء بسيط.
والاعتداءات اليومية، حيث كان السجان يقمع الأسرى لأي سبب، حتى لو ضحك أسيران معًا، بحجة أنهما يسخران منه!
تعتيم
ومنع الاحتلال الأسرى من معرفة أي أخبار عن عائلاتهم، بل تعمد نشر أخبار كاذبة لإضعاف معنوياتهم، مدعيًا أن عائلاتهم استشهدت في الحرب.
وقد عانى المحرر أبو القمبز نفسه من هذا التعتيم، إذ لم يعرف من بقي من عائلته على قيد الحياة إلا بعد خروجه من الأسر!.
ويواجه الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال انتهاكات خطيرة، في ظل صمت دولي مخجل، وفي رمضان، حيث يتضاعف القمع والتنكيل، تبقى رسالتهم واحدة، إيصال معاناتهم إلى العالم وكشف جرائم الاحتلال بحقهم، والمطالبة بتدخل المنظمات الحقوقية لوقف التعذيب والتجويع المتعمد داخل السجون، والضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسرى، خاصة في ظل تزايد حالات القمع والإهمال الطبي.