يطول أمد الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، بينما يتجه الصراع إلى مزيد من التعقيد؛ جراء تعنت الاحتلال الإسرائيلي أمام أية حلول مطروحة لاحتواء الأزمة التي لا زال اليمين الإسرائيلي المتطرف الطرف الأصيل في إذكائها.

معطيات التعامل الغربي مع الأزمة مفادها، أن الحلفاء التقليديين للاحتلال وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية يريدون وضع حد لهذه الحرب لصالح الاحتلال وشركائه بعد أن تعرضت حركة التجارة الدولية لأخطار حقيقية من جراء التداعيات المرتبطة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وبرغم تطورات الصراع والضغوط الداخلية التي تتعرض لها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمحاولة إحراز تقدم سياسي في ذلك الصراع بما يضمن الوصول إلى حل مرض في ملف الأسرى، إلا أن حكومة الاحتلال لا زالت على موقفها المتعنت بشأن ذلك الملف دون أدنى اعتبار لمطالب أهالي الأسرى.

الموقف الإسرائيلي الراهن يجدد التأكيد على إصرار نتنياهو على إطالة أمد الحرب لأسباب سياسية؛ وأصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اقترن اسمه بوصمة أكبر أزمة يشهدها الاحتلال أمام تحديين: أولهما عدم القدرة على منع ذلك الصراع قبل أن يبدأ في السابع من أكتوبر الماضي، وتلا ذلك تحد ثان يتعلق بعجز تلك الحكومة عن التعاطي مع أية حلول سياسية حتى تلك التي طرحتها الأطراف الداعمة للاحتلال.

يعلم رئيس الوزراء الإسرائيلي يقينا، أن نهاية الحرب التي يشنها الاحتلال على الفلسطينيين ستكون قراءة علنية لشهادة وفاة مستقبله السياسي الذي بدأ يحتضر بالفعل منذ السابع من أكتوبر الماضي، ومن ثم يريد نتنياهو الاستمرار في السلطة مهما كل ذلك إسرائيل اقتصاديا وسياسيا، أو حتى انتقصت سمعتها الدولية التي أصبحت في أصعب اختبار مصيري.

عمليا سيكون رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومة الحرب التي أثبتت أن قدراتها السياسية هي والعدم سواء، فاقدا للمصداقية بشأن أية حلول مرتقبة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تطلق عليهم تلك الحكومة "رهائن" خصوصا وأن احتمالات مصرع أعداد من هؤلاء الأسرى لا زالت قائمة جراء نقص الرعاية الصحية في مواقع الاحتجاز التي لا زل معظمها حتى الآن مجهولا للجيش الإسرائيلي.

وأشد ما يخشاه الخبراء الغربيون أن تكون أخطاء نتنياهو أكبر مصدر دعم لقوة الموقف التفاوضي لحركة حماس التي تكسب يوميا المزيد من أوراق الضغط بل إنها نجحت مؤخرا عبر أذرعها العسكرية أسر أعداد من الجنود الإسرائيليين في مخيم جباليا.

أخلاقيا أصبح الاحتلال الإسرائيلي موصوم تاريخيا بأبشع حرب إبادة وثقتها تقارير لمنظمات حقوقية محايدة، فضلا عن قرار محكمة العدل الدولية الصادر مؤخرا بإلزام الاحتلال بوقف عمليته العسكرية في رفح وهو القرار الذي تراه تقارير إسرائيلية "غير ملزم" للاحتلال حيث يتمادى في عدوانه على الفلسطينيين من دون أدنى اعتبار للمسؤوليات الأخلاقية المفروضة على السلطات القائمة على حكومات الاحتلال بموجب القانون الدولي الإنساني.

لا زالت الأطراف العربية الفاعلة تواصل دعوتها لضرورة احتواء الأزمة بوقف الحرب الغاشمة التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين، وفتح وتأمين الممرات الإنسانية لتعجيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في قطاع غزة ومختلف المناطق التي صبَّ عليها العدوان الإسرائيلي قنابله وصواريخه، وإن كان ذلك الاحتلال الغاشم مصرا على معادلة القوة فحتما ستنتصر معادلة التاريخ والجغرافيا لأصحاب الحق الأصيل في الأرض، وإن كانت العدالة الدولية مغلولة اليد عن إعمال قبضة الحق فحتما سينتصر الحق يوما رغم أنف الاحتلال.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: نتنياهو غزة الحرب الإسرائيلية رئیس الوزراء الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يتوغل في مدينة غزة ويأمر الفلسطينيين بالتحرك للجنوب

توغلت قوات الجيش الإسرائيلي إلى داخل أحد أحياء مدينة غزة، الخميس، وأخبرت الفلسطينيين أثناء دخول الدبابات أن عليهم التحرك نحو الجنوب وقصفت مدينة رفح الجنوبية، فيما تقول إنها المراحل الأخيرة من عملية ضد مسلحي حركة حماس هناك.

وقال سكان حي الشجاعية في مدينة غزة إنهم تفاجأوا بالدبابات المتوغلة التي أطلقت النار بعد الظهر، وسط هجمات لطائرات مسيرة بعد القصف الليلة الماضية.

وصرح محمد جمال (25 عاما) وهو من سكان مدينة غزة لرويترز عبر تطبيق للدردشة "الوضع وكأنه الحرب بترجع من جديد، عدة غارات دمرت بيوت كتير في المنطقة وهزت المباني".

وذكرت قوات الدفاع المدني الفلسطينية إن هناك تقارير عن سقوط قتلى وجرحى في الشجاعية لكن فرقها لم تتمكن من الوصول إليهم بسبب الهجوم المستمر. ووردت أنباء عن مقتل ثلاثة أشخاص هناك في القصف السابق، بينهم خمسة قتلوا في حي الصبرة.

يعاني السكان في غزة من ظروف إنسانية صعبة بسبب الحرب

وتتهم إسرائيل حماس بالاختباء بين المدنيين وتقول إنها تنصح النازحين بالابتعاد عن عملياتها ضد المسلحين.

وقال أفيخاي أدرعي المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي على منصة إكس "إلى جميع السكان والنازحين المتواجدين في منطقة الشجاعية والأحياء الجديدة، التركمان والتفاح...من أجل سلامتكم عليكم الإخلاء بشكل فوري جنوبا على شارع صلاح الدين إلى المنطقة الإنسانية".

وقال سكان ووسائل إعلام تابعة لحماس إن دبابات توغلت قبل الإعلان وإن الناس من الحي الشرقي كانوا يركضون باتجاه الغرب تحت إطلاق النار بينما أغلقت إسرائيل الطريق جنوبا. ولم يكن هناك تعليق فوري آخر من الجيش الإسرائيلي.

وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي نشبت بعد هجوم مباغت شنه مسلحو حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، يقول موظفو إغاثة إن القطاع لا يزال معرضا لخطر المجاعة بشكل كبير، إذ يواجه ما يقرب من نصف مليون شخص مستويات "كارثية" من انعدام الأمن الغذائي.

وأضاف جمال "احنا بنتعرض لمجاعة في شمال غزة وبيتم اصطيادنا من الدبابات والطيارات بلا أي أمل في أي وقف للحرب".

وقال مسؤول بالقطاع الصحي إن وفاة طفلة أخرى في مستشفى كمال عدوان في وقت متأخر أمس الأربعاء رفع عدد الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية والجفاف إلى 31 على الأقل، مضيفا أن الحرب تزيد من صعوبة تسجيل مثل هذه الحالات.

وتنفي إسرائيل اتهامات بأنها خلقت ظروف المجاعة وتلقي باللوم على وكالات الإغاثة في مشكلات التوزيع وتتهم حماس بالسيطرة على المساعدات وهي اتهامات تنفيها حماس.

وفي جنوب قطاع غزة، أظهرت لقطات من طائرات مسيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، لم تتمكن رويترز من التحقق من صحتها بعد، عشرات المنازل المدمرة في أجزاء من رفح المتاخمة لمصر مع تدمير قرية السويدية الواقعة على الجانب الغربي من المدينة بالكامل.

ولم يصدر الجيش الإسرائيلي تعليقا على النشاط العسكري الليلة الماضية بعد.

لم تفلح جهود الوساطة الدولية المدعومة من الولايات المتحدة حتى الآن في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار رغم استمرار المفاوضات وسط ضغوط غربية متواصلة تسعى إلى إدخال مزيد من المساعدات لقطاع غزة.

يعاني سكان غزة من خطر الجوع

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأربعاء إنه ناقش مقترحاته لحكم غزة بعد الحرب، والتي ستشمل فلسطينيين محليين وشركاء إقليميين والولايات المتحدة، لكنه وصف العملية بأنها ستكون "طويلة ومعقدة".

وقال مسؤولون أميركيون كبار لغالانت، الذي كان يزور واشنطن، إن الولايات المتحدة ستستمر في تعليق إرسالها لشحنة من الذخيرة الثقيلة لإسرائيل لحين إتمام مباحثاتها في هذه المسألة. وعلقت الولايات المتحدة الشحنة في أوائل مايو بسبب مخاوف من أن تتسبب الأسلحة في مقتل المزيد من الفلسطينيين في غزة.

وتقول حماس إن أي اتفاق يجب أن يفضي إلى إنهاء الحرب والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع فيما تقول إسرائيل إنه حتى يتسنى لها القضاء تماما على الحركة التي تدير غزة منذ 2007، فإنها لن تقبل إلا بوقف مؤقت للقتال.

وشنّ مسلحو حماس هجوما على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي واحتجاز أكثر من 250 رهينة، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.

الحرب في غزة دمرت البنى التحتية في القطاع

وقالت وزارة الصحة في غزة، الثلاثاء، إن الحملة العسكرية الإسرائيلية أدت حتى الآن إلى مقتل 37658 فلسطينيا، وخلفت القطاع الصغير المكتظ بالسكان في حالة خراب.

ولا تفرق إحصاءات وزارة الصحة في القطاع بين القتلى من المدنيين والمسلحين، لكن مسؤولين يقولون إن أغلب القتلى من المدنيين. وفقدت إسرائيل 314 جنديا في غزة وتقول إن ما لا يقل عن ثلث الفلسطينيين القتلى من المسلحين.

مقالات مشابهة

  • خطط ما بعد الحرب تقترح عيش الفلسطينيين داخل جزر وفقاعات في قطاع غزة
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين: «نتنياهو» يطيل أمد الحرب من أجل البقاء في منصبه
  • رئيس الحكومة اللبنانية يعرب عن أمله في عدم توسع الحرب في الجنوب
  • إسبانيا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية
  • الأردن يدين مصادقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على شرعنة بؤر استعمارية
  • الجيش الإسرائيلي يتوغل في مدينة غزة ويأمر الفلسطينيين بالتحرك للجنوب
  • ‏تقارير عن نزوح عشرات آلاف الفلسطينيين من حي الشجاعية بغزة جراء القصف الإسرائيلي
  • روايات للجزيرة نت.. الاحتلال يستخدم التجويع سلاحا بسجونه
  • ملف جديد يواجه الاحتلال في الجنائية الدولية بشأن جرائمه بقطاع غزة
  • جيش الاحتلال بحاجة إلى 8000 جندي لتغطية خسائره خلال الحرب على غزة