#بصراحة
د. #هاشم_غرايبه
على مدى تاريخ الشعوب، لم تنجح النزعة القومية في توحيد أمة إلا عند توفر شرط لازم، وهو وجود زعيم مخلّص ذي عزيمة حديدية ورؤية ثاقبة، وغالبا ما كانت هذه الوحدة تنهار بزوال تلك الشخصية أو زوال أفكاره.
نجحت محاولات الوحدة لبعض القوميات الأوروبية على نطاق محدود ولفترة بقاء الزعيم مثل الوحدة الألمانية والإيطالية والروسية، لكنها انحسرت سريعا، ليكتشف الأوروبيون وبعد تجارب مريرة، أن تعاونهم بدوافع مصلحية وليست قومية في إطار اقتصادي فضفاض هو البديل الأمثل للقوميات المتصارعة.
الحالة الأمريكية إثبات قوي على نجاح الوحدة بمعزل عن الروابط القومية للأمة، وصمدت هذه الوحدة متحدية التباينات القومية والإثنية.
في الحالة العربية، لم تسعف عوامل عديدة مثل وحدة اللغة والجغرافيا والعرق والطباع في تحقيق أدنى درجة من وحدة القبائل في الجزيرة العربية لعشرات القرون، وظلت النزاعات والصراعات القبلية هي السمة الغالبة.
ما توحد العرب إلا عندما جاء الإسلام بمنهجه الأممي الذي يتجاوز الانتماءات العرقية والقومية، ولم تكن شخصية النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الفريدة في التاريخ، كافية لوحدها في تحقيق أقوى وحدة عرفها البشر، فلو كانت معتمدة على شخصيته وليست على الفكر الذي جاء به، لكانت وفاته ستؤدي الى عودة التفكك، لكن ما حصل أنها ترسخت وقويت لتصبح أقوى بكثير من الوحدة القومية، بدليل أنه ومع التوسع المتواصل لرقعة الأمة، كانت الروابط الوحدوية تقاوم بفعالية كل محاولات الشعوبية وإحياء النزعات القومية للشعوب التي انضمت حديثا للأمة، بل وتندمج القومية الداخلة في الإسلام حديثا فورا وتجاهد لنشر الإسلام لبقاع جديدة، فرأينا طارق بن زياد (الأمازيغي) يقود جيشا مسلما فيه قرشيون وأفارقة ليفتح الأندلس، وقدم علماء وفلاسفة من فارس وخراسان والهند وتركيا علومهم للبشرية بصفتهم مسلمين، وليس بانتماءاتهم القومية، وباللغة العربية (لغة القرآن) وليس بلغتهم الأم.
وكما ثبت أن انصهار القوميات تحت عنوان موحد هو الأمة الإسلامية هو نهائي لا رجعة فيه، بدليل انها بعد أن ضعفت الدولة وتفسخت لم تنفصل عن الإسلام، في حين عادت كل الشعوب المستعمرة الى ثقافتها بعد زوال المستعمر.
بل كانت الشعوب الغازية للأمة كالمغول والفرس سرعان ما تذوب فيها وتعتنق مبادئها، فتلتحق بها وتصبح جزءا منها بدلا من تلحقها بها.
وهكذا عرفت البشرية الأممية لأول مرة في تاريخها كمنهج إسلامي بامتياز، لم يسبقها إليه أحد، انطلاقا من مبدأ: “ليس لعربي على أعجمي فضل ..”، أما تطبيق مبدأ العدالة الإجتماعية والمساواة، وإزالة الفوارق الطبقية اجتماعيا (إلغاء العبودية والسخرة)، واقتصاديا (للفقير حق معلوم في مال الغني وليس تفضلا)، فكانت هذه العناصر الثلاثة متكاملة كافية لترسيخ الوحدة بدرجة جعلتها سمة أساسية لرخاء المجتمع واستقرار الأمن العام.
دامت هذه الوحدة طيلة الإلتزام بالمنهج القويم، لكن النزعات الفردية والأطماع المعادية، والتي هي نقاط الضعف البشري، غالبا ما تترعرع في ظل ضعف النظام السياسي الناجم عن انشغال الحاكم بمصالحه عن المصلحة العامة، لذلك تتولد الشروخ والانقسامات في كيان الأمة، وهذا ما حدث منذ أواخر الدولة العباسية، لكن ظلت الأمة واحدة رغم التجزئة السياسية، وجاءت دولة المماليك ثم الدولة العثمانية كوريث سياسي للأمة، واثباتا على أممية الدولة الإسلامية، وأن قيادتها ليست مقتصرة على العرب.
كانت وسيلة بريطانيا لتقويض هذه الدولة استنهاض النزعات القومية، فاخترقت الأتراك من خلال جمعية الاتحاد والترقي التي أذكت النزعة الطورانية وتتريك العرب، ومن جهة الأخرى أرسلت “لورنس” لأغراء الشريف حسين بتوسيع مملكته الحجازية والإنفصال عن الدولة العثمانية تحت مسمى الثورة العربية، وفي الهند أججت مشاعر الهندوس ضد المسلمين.
أما مقتل الأمة وسبب فشلها المعاصر فكان استبعاد البعد الإسلامي من منهجية الأحزاب القومية العربية، بل وساهم المستعمرون الأوروبيون في دعم هذه الأحزاب بإيهام الشعوب العربية، من خلال إعلام أنظمة (سايكس – بيكو) التي أسسوها كبديل للدولة الإسلامية الجامعة، بأن (المد القومي) الذي ادعت الأنظمة انتهاجه، هو التقدمية التي ستحقق الازدهار، مقابل أن الفكر الإسلامي ظلامي رجعي.
والآن .. وبعد قرن من الهزائم العسكرية والفشل في تحقيق الوحدة أو على الأقل الحد الأدنى من كرامة المواطن
ألا يجدر بنا التوقف للمراجعة وإعادة النظر فيما اجترح في حق الأمة من أخطاء؟. مقالات ذات صلة الأعين الغافية عن الضفة الغربية 2024/05/27
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: بصراحة
إقرأ أيضاً:
«المشروعات القومية تدفع عجلة التنمية».. سياسيون: الدولة تحملت أعباء كثيرة للوصول للجمهورية الجديدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق الشهابي: المشروعات القومية في مصر حققت طفرة غير مسبوقةعبدالعزيز: جهود الدولة في المشروعات القومية تدفع عجلة التنميةحسنين: المشروعات القومية دعامة قوية للتنمية الشاملة
المشروعات القومية التي دشنتها الدولة خلال السنوات الماضية كانت المحرك الرئيسي للتنمية وجذب الاستثمارت الأجنبية، ورغم كل ذلك وما وصلت إليه الدولة من تصنيفات عالمية، يظهر المشككين من حين لأخر للتقليل من جهود الدولة في انشاء جمهورية جديدة.
وأكد رؤساء الأحزاب المصرية أن هذه المشروعات ساهمت في توفير فرص العمل، وتحفيز الاقتصاد المصري، وجذب الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب تحسين مستوى الحياة من خلال توفير خدمات أساسية حديثة ومتطورة، مشيرين الى أنها تساعد في تعزيز قدرة مصر على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
من جهته، أكد ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن المشروعات القومية التي تشهدها مصر خلال السنوات الأخيرة تمثل نقلة نوعية فى مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية.
وأشار “الشهابي” في بيان له، الى أن هذه المشروعات ليست فقط عملاً إنشائيًا، بل تعكس رؤية استراتيجية تستهدف تحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المواطنين.
وأوضح، أن الدولة المصرية ركزت على إنشاء بنية تحتية متطورة، مثل الطرق والكباري، إلى جانب الاهتمام بالمشروعات الزراعية والصناعية، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة للشباب.
كما أشاد بجهود القيادة السياسية في تنفيذ هذه المشروعات وفق جداول زمنية محددة، مؤكدًا أن الاستمرار في هذا النهج سيضع مصر في مصاف الدول المتقدمة.
نقلة نوعية في كافة المجالاتوقال هشام عبد العزيز رئيس حزب الإصلاح والنهضة، إن المشروعات القومية التي أطلقتها الدولة خلال السنوات الأخيرة حققت نقلة نوعية في كافة المجالات، مما ساهم في تعزيز مكانة مصر الاقتصادية وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
وأشار رئيس حزب الإصلاح والنهضة، في بيان له، الى أن الدولة أنجزت مشروعات استراتيجية في مجالات البنية التحتية، مثل تطوير شبكة الطرق والكباري وإنشاء مدن جديدة، بالإضافة إلى جهود الدولة في قطاع الطاقة، حيث تم تنفيذ عدد كبير من مشروعات الطاقة المتجددة مثل محطة "بنبان" للطاقة الشمسية، التي تُعد من أكبر المشروعات على مستوى العالم، بالإضافة إلى التوسع في شبكات الكهرباء ومحطات التحلية لتلبية احتياجات النمو السكاني والصناعي.
وأكد عبد العزيز، أن المشروعات القومية لم تقتصر على البنية التحتية فقط، بل شملت مجالات الصحة والتعليم من خلال مبادرات مثل "100 مليون صحة" وتطوير المستشفيات والمدارس، بالإضافة إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتمكين الشباب وتحقيق التنمية الاقتصادية.
وأشاد بالدور الرائد للدولة في تنفيذ رؤية مصر 2030، مؤكدًا أن هذه المشروعات تمثل استثمارًا حقيقيًا في مستقبل الوطن، وتساهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين ورفع معدلات النمو الاقتصادي.
دعامة قوية لتحقيق التنمية الشاملة والنهوض بكافة القطاعاتوقال كمال حسنين رئيس حزب الريادة، إن المشروعات القومية التي تنفذها الدولة المصرية تُعد دعامة قوية لتحقيق التنمية الشاملة والنهوض بكافة القطاعات.
وأكد "حسنين" في بيان له، أن هذه المشروعات تمثل استثمارًا حقيقيًا في مستقبل الأجيال القادمة، وتسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
وأشار رئيس حزب الريادة، أن مصر تشهد حاليًا طفرة غير مسبوقة في تطوير البنية التحتية وإنشاء مناطق صناعية وزراعية جديدة، مما يعزز من تنافسية الاقتصاد المصري على المستوى الإقليمي والدولي.
وأكد على أهمية استمرار العمل بنفس النهج لتأمين مستقبل أفضل، مشيدًا برؤية القيادة السياسية وقدرتها على تنفيذ مشروعات كبرى تضع مصر على طريق التقدم والازدهار.