تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 أثارت قضية سفاح التجمع في مصر حالة من الذعر والصدمة بين المواطنين، خاصة بعد ظهور حالات مشابهة خلال السنوات القليلة الماضية، تلك القضايا تلقي الضوء على الجوانب المظلمة للطبيعة البشرية، إلا أن فهم سيكولوجية السفاحين ودوافعهم يتطلب دراسة معمقة للعوامل النفسية، والشخصية، والاجتماعية التي تسهم في تشكيل سلوكهم.

تلك القضايا تدفعنا  للتساؤل عن الأسباب والدوافع النفسية التي تقف وراء هذا السلوك الإجرامي. لفهم هذه الظاهرة بشكل أفضل، سنتناول في هذا التقرير سيكولوجية السفاحين، والدوافع التي قد تقودهم لارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة، مع تقديم آراء خبراء في علم النفس والاجتماع.

من هو السفاح ؟

في اللغة العربية، يحمل مصطلح "سفاح" عدة معانٍ، وفقًا لمعجم الرائد:

سفاح: مكثر من سفك الدماء، دموي.سفاح: كثير العطاء.سفاح: فصيح.سفاح: مقتدر على الكلام.

يُفهم من هذه المعاني أن كلمة "سفاح" قد تشير إلى الشخص الذي يُكثر من سفك الدماء ويُعرف بدمويته، وهو المعنى الأكثر استخدامًا في السياق الجنائي والإجرامي. ومع ذلك، يمكن أن تحمل الكلمة أيضًا دلالات إيجابية مثل الفصاحة وكثرة العطاء، وهي معانٍ نادرة الاستخدام في السياق الحديث.

وفي اللغة الإنجليزية يعرف بالقاتل المتسلسل (Serial Killer) هو عادةً شخص يقتل ثلاثة أشخاص أو أكثر، على فترات زمنية منفصلة، بهدف إشباع رغبات نفسية غير طبيعية. 

وتتباين التعريفات حول عدد الجرائم المطلوبة لتصنيف الشخص كسفاح؛ فبعض السلطات تحددها بثلاث جرائم بينما تحددها أخرى باثنتين أو أربع. يُعرّف مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) القتل المتسلسل بأنه «سلسلة من عمليتي قتل أو أكثر، تُرتكب كحدثين منفصلين، عادة ولكن ليس دائمًا، من جانب قاتل واحد يتصرف بمفرده».

تاريخ ظهور مفهوم القاتل المتسلسل

يُنسب مصطلح "القاتل المتسلسل" (Serial Killer) إلى العميل الخاص السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، روبرت ريسلر، الذي استخدم هذا المصطلح في عام 1974 في محاضرة بأكاديمية شرطة برامشيل في بريطانيا، لكن الكاتب آن رول في كتابه "Kiss Me, Kill Me" (2004) أشار إلى أن المحقق بيرس بروكس من شرطة لوس أنجلوس، الذي أنشأ نظام برنامج القبض الجنائي العنيف (ViCAP) في عام 1985، قد يكون له الفضل في صياغة المصطلح. ومع ذلك، هناك أدلة على استخدام المصطلح في أوروبا والولايات المتحدة في وقت سابق.

ويمكن  تعريف السفاح بشكل مبسط على أنه شخص يرتكب سلسلة من جرائم القتل على مدى فترة زمنية، وغالبًا ما تكون ضحاياه عشوائية أو تتبع نمطًا معينًا.

 الجوانب النفسية والسلوكية للسفاح 

 لفهم عقلية السفاح، يجب النظر إلى عدة جوانب نفسية وسلوكية نعرض لها فيما يلي:

اضطرابات الشخصية

يشير الدكتور روبرت هير، خبير في علم النفس الإجرامي، إلى أن "معظم السفاحين يظهرون سمات اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (ASPD)"، وهو اضطراب يتسم بغياب التعاطف، والاندفاعية، والسلوك العدواني. يضيف الدكتور هير أن "هؤلاء الأفراد غالبًا ما يكون لديهم شعور بالتفوق وعدم احترام لحياة الآخرين".

 الصدمات النفسية والتجارب المؤلمة

تاريخ من الصدمات النفسية أو التعرض للإيذاء في الطفولة قد يساهم في تطور سلوك السفاح. تقول الدكتورة إليزابيث ياردلي، أستاذة علم الجريمة: "الأشخاص الذين عانوا من إساءة جسدية أو جنسية في طفولتهم يمكن أن يصبحوا عدوانيين في الكبر كرد فعل دفاعي أو استباقي".

 الحاجة إلى السيطرة والتحكم

السفاحون غالبًا ما يسعون إلى السيطرة على ضحاياهم لإشباع رغبة داخلية في التحكم. يشير الدكتور مايكل ستون، خبير في علم النفس الشرعي، إلى أن "القتل يوفر للسفاحين شعورًا قويًا بالسيطرة والتفوق، وهو ما يفتقرون إليه في جوانب أخرى من حياتهم".

 البرود العاطفي والنقص العاطفي

السفاحون غالبًا ما يتميزون ببرود عاطفي وعدم القدرة على الشعور بالذنب أو الندم وفي هذا ال يقول الدكتور كيفين دوتون، أستاذ علم النفس: "السفاحون قد يجدون في القتل مصدرًا للإثارة والشعور بالقوة، وهو ما يفتقرون إليه في حياتهم اليومية".

 كيف يتحول القتل إلى لذة؟

تحول القتل إلى لذة هو مفهوم معقد وله أسباب متعددة تتعلق بالجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية. هنا بعض العوامل التي يمكن أن تسهم في ذلك:

 الاضطرابات العصبية والكيميائية

الأبحاث العلمية تشير إلى وجود اضطرابات في وظائف الدماغ لدى بعض السفاحين. تقول الدكتورة أدريان رين، عالمة النفس العصبي: "الأدلة تشير إلى أن بعض السفاحين يعانون من خلل في اللوزة الدماغية (Amygdala)، وهي منطقة مسؤولة عن التحكم في العواطف مثل الخوف والغضب". هذا الخلل يمكن أن يؤدي إلى تقليل الشعور بالخوف والندم وزيادة الشعور بالمتعة عند ارتكاب أعمال عنف.

 التكيف العصبي

يقول الدكتور جاك بوزبيتش، خبير في علم الأعصاب: التعرض المستمر للمواقف العنيفة يمكن أن يؤدي إلى تكيف عصبي حيث يتعود الدماغ على الإثارة الناجمة عن العنف، مما يجعل السفاح يبحث عن هذه الإثارة بطرق أكثر تطرفًا.

السعي وراء الإثارة والتشويق

بعض السفاحين قد يدمنون الشعور بالإثارة الناتج عن ارتكاب الجرائم، ويشير الدكتور جون دوغلاس، مؤسس وحدة تحليل السلوك في FBI، إلى أن "السفاحين يبحثون عن التشويق والمغامرة في القتل، وهو ما يمنحهم شعورًا بالمتعة والإثارة التي لا يمكنهم الحصول عليها من مصادر أخرى".

ما هي دوافع السفاحين؟

دوافع السفاحين يمكن أن تكون معقدة ومتنوعة، وتعتمد على مجموعة من العوامل النفسية، الاجتماعية، والبيولوجية؛ فيما يلي بعض الدوافع الشائعة التي قد تحفز السفاحين:

الدوافع الشخصية: قد تكون الدوافع شخصية بحتة، مثل الانتقام، أو الشعور بالغيرة، أو الحقد تجاه الضحايا. السفاح قد يستهدف أشخاصًا يعرفهم بسبب نزاعات أو مشاكل شخصية.الدوافع النفسية: الرغبة في السيطرة والتحكم، أو التمتع بمشاعر القوة والتفوق. قد يكون القتل وسيلة للتخلص من مشاعر العجز أو الانكسار.الدوافع الاجتماعية: السفاحون قد يكون لديهم شعور بالعزلة الاجتماعية أو الرفض. بعضهم قد يرتكب الجرائم لجذب الانتباه أو الشعور بالانتماء إلى مجتمع معين، حتى لو كان هذا المجتمع يتكون من مجرمين أو منحرفين.الدوافع البيولوجية: قد تكون هناك عوامل بيولوجية أو جينية تسهم في سلوك السفاحين. بعض الدراسات تشير إلى أن هناك خللًا في التوازن الكيميائي للدماغ أو اضطرابات في وظائف الأعصاب يمكن أن تكون مرتبطة بالسلوك العنيف.تأثير البيئة الاجتماعية وتكوين السفاح 

البيئة الاجتماعية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل شخصية وسلوك السفاحين. هناك عدة عوامل بيئية يمكن أن تسهم في تطور هذه السلوكيات:

التفكك الأسري: يشير الدكتور مارك سيغال، أستاذ علم الاجتماع، إلى أن "التفكك الأسري وسوء المعاملة داخل الأسرة يمكن أن يسهمان في نشوء شخصية عدوانية. الأطفال الذين ينشأون في بيئات غير مستقرة أو مسيئة قد يكونون أكثر عرضة لتطوير سلوكيات عنيفة".العوامل الاقتصادية: الظروف الاقتصادية الصعبة والفقر يمكن أن تدفع البعض نحو الإجرام. عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية قد يؤدي إلى تطور مشاعر الغضب والإحباط، مما يزيد من احتمال ارتكاب الجرائم.التأثير الإعلامي: الإعلام يمكن أن يلعب دورًا في تطبيع العنف من خلال تقديم نماذج عنيفة أو تمجيد السفاحين. الأفلام، والبرامج التلفزيونية، والألعاب الإلكترونية التي تركز على العنف يمكن أن تؤثر في سلوك الأفراد. يقول الدكتور براد بوشمان، أستاذ علم النفس: "التعرض المستمر للعنف الإعلامي يمكن أن يقلل من الحساسية تجاه العنف الحقيقي ويزيد من قبول السلوك العنيف". آراء رواد علم النفس والاجتماع  في الظاهرة  

الدكتور روبرت هير يقول: "السفاحون يظهرون سمات نفسية معقدة تتراوح بين الشعور بالتفوق والاندفاعية والعدوانية. يمكن أن تكون هذه السمات ناتجة عن تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية والبيئية".

 

الدكتورة إليزابيث ياردلي: تؤكد: "السفاحون غالبًا ما يكونون نتاج بيئات مضطربة وصدمات نفسية. الفهم العميق لتاريخهم الشخصي يمكن أن يساعد في تفسير دوافعهم".

الدكتور مايكل ستون: يشير  إلى أن "السفاحين غالبًا ما يشعرون بالعجز في حياتهم اليومية، ويجدون في القتل وسيلة لاستعادة الشعور بالسيطرة والتحكم".

الدكتورة أدريان رين: تقول: "الخلل في مناطق معينة من الدماغ، مثل اللوزة الدماغية، يمكن أن يفسر جزئيًا لماذا يشعر بعض الأفراد بالمتعة عند ارتكاب أعمال عنف".

 في نهاية التقرير من المهم أن نواصل البحث العلمي والدراسات النفسية لفهم هذه الظاهرة ومنع تكرارها، وضمان توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد الذين قد يكونون عرضة لتطوير مثل هذه السلوكيات الإجرامية. فقط من خلال الفهم العميق والعمل المشترك يمكننا الحد من تكرار مثل هذه الجرائم المروعة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السفاح سفاح التجمع القاتل المتسلسل علم النفس غالب ا ما تشیر إلى تسهم فی قد یکون یمکن أن فی علم إلى أن

إقرأ أيضاً:

كيان.. في الحق لا يبصر ولا يسمع

 

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

إنَّ الظالم يُعاقب بحرمانه من الهداية لأنه اختار طريق الباطل بإرادته، وحذر الله سبحانه وتعالى عباده من البشر أن يبتعدوا عن الظلم حتى لا يحرموا من نور الحق "والله لا يهدي القوم الظالمين" (البقرة:٢٥٨)، المشكلة مع الحركة الصهيونية أنها، في مواضع كثيرة اختارت طريق الباطل بإرادتها، عقبت بحرمانها الهداية لأنها لا تقبل الحق، متكبرة، معاندة "إنه لا يفلح الظالمون" (الأنعام ٢١)، وكيانها غارق في طغيانه، لذلك لا يستحق الهداية فهو مصر على ظلمه، لا يبصر الحق ولا يسعى إليه، حركته تأسست على القتل والهدم، أصرت على الظلم، وحرموا من الهداية، توغلوا في الظلم، بهدف إقامة دولة يهودية في فلسطين.

الحركة الصهيونية أدت إلى النكبة الفلسطينية عام 1948م، هي لا تجيد التأثير والتغيير بالبناء والسلام فلجأت إلى القتل والهدم، تلك قواعد يعرفها عمليًا مئات الآلاف المهجرين من الفلسطينيين من أراضيهم.. منذ ذلك الحين؛ يواصل الكيان اللقيط سياسات الاستيطان والاحتلال والتمييز ضد الفلسطينيين.

إذًا، عادة القتل والهدم تستمر مع هذا الكيان المسرطن، يكبر وتكبر معه تلك اللذة، لذة التأثير والتغيير ولو من خلال القتل والتحطيم والهدم.. اللذة التي تنبت هذا النمط، الذي قرأنا ماضيه، نراه اليوم رأي العين إنه نمط قد اتخذ من القتل والهدم منهجًا، ومن نهش العربي الفلسطيني سلوكًا ومن إسقاط من لا يعجبه سبيلًا وطريقًا وأسلوب حياة.. نمط لا يعرف الإعذار، ولا يقبل الأعذار، ولا يُقيل عثرة أصحاب الأرض أو من يُناصرهم في استعادة حقهم، هو في ضلالته لا يفرق بين طفل، شيخ أو امرأة ومقاتل، فقط يعرف القتل والهدم ثم القتل والهدم، هذا هو الحل عند هؤلاء ليس إلا القتل والهدم.. القتل والهدم وحسب.. فهو بلا شك عندهم أسهل وتأثيره أسرع، لكن البناء أصعب وأبطأ لديهم.. لا يجيدون التعايش بسلام مع الآخر، بل ربما لا يُريدون أن يجيدونه.

هنا، نقارن بين المجهود اللازم المبذول من أصحاب الحق لإقامة السلام أو البذل الذي ينفع الحوار، وبين مجهود الظالم الذي ينقض العهود أي من ذلك الذي يمارس القتل والهدم أو التحطيم، وعندئذ سيتضح لنا الفارق جليًا.

نعم، هكذا هو الكيان اللقيط، وهذا فكر الصهاينة المتطرفين، يستسهلون الطريق ويظنون أنهم لن يعلو إلا على أنقاض الآخرين، السيطرة الكاملة على فلسطين، ومحو أي وجود فلسطيني فعلي، يرنون لجعل مدينة القدس يهودية بالكامل وطرد السكان الفلسطينيين منها، وبناء مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية، مما يجعل إقامة دولة فلسطينية مستحيلة، يسعون إلى إضعاف أي مقاومة فلسطينية، سواء عسكرية أو سياسية، عبر الحصار، الاعتقالات، الاغتيالات، والتطبيع مع الدول العربية لكسب شرعية إقليمية وتقليل الدعم العربي للقضية الفلسطينية.. ينسى هذا الكيان الهدَّام الممارس للفصل العنصري (الأبارتهايد) ضد الفلسطينيين، باستخدامه القوة العسكرية المُفرطة لسحق أي مقاومة، بدعم غربي خاصة الأمريكي الذي يحميه من أي عقوبات جدية، إنَّ القضية الفلسطينية قضية إنسانية، حيث يتعرض الفلسطينيون للاضطهاد والتهجير منذ أكثر من 75 عامًا، أهل الحق صابرون، مؤمنون بأنَّ الذي يخفض ويرفع ليس كيانهم اللقيط ولا ملء الأرض من مثله، لكن من يفعل ذلك هو رب العالمين وهو وحده القادر على غرس القبول لدعوة أو فكرة أو شخص أو هدمها إن شاء، "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ" (لقمان:16).

هكذا بيَّن لقمان لابنه تلك القاعدة النفيسة التي بها تشفى صدور كثير ممن اتخذوا هدم غيرهم طريقًا وحاولوا الارتقاء فوق أنقاضهم، لو أن الكيان اللقيط ورعاته انشغلوا بأداء ما عليهم واجتهدوا في بناء السلام بين الشعوب بصدق ثم تركوا النتائج لمن يخفض ويرفع ومن بيده الضر والنفع لارتاحوا وأراحوا.

 

مقالات مشابهة

  • فرنسا تفتح ملف "تيك توك"... هل يهدد التطبيق الصحة النفسية للشباب؟
  • وسط حراسة أمنية مشددة.. نقل “سفاح ابن أحمد” إلى المحكمة
  • جريمة “سفاح بن احمد” تدق ناقوس الخطر حول الصحة النفسية.. برلماني لوزير الصحة: هشاشة خطيرة تنذر بمآسي اجتماعية
  • الحرب النفسية وتداعياتها
  • حبس المتهمين بالتخلص من طفل سفاح وإلقائه بأرض زراعية في الفيوم 4 أيام
  • كيان.. في الحق لا يبصر ولا يسمع
  • مع تغير الفصول.. أعراض الاكتئاب الموسمي.. وطرق العلاج
  • تنفيذ حكم القتل قصاصًا في وافد قتل آخر بحائل
  • ارْوِ ظمأك بذكاء.. 7 مشروبات تُنعشك وتشعرك بالرطوبة في عز الحر
  • أطعمة تسرّع الأيض وتكبح الجوع!