فايننشال تايمز: مقاطعات أميركية تزيد استثماراتها في سندات إسرائيل
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
تعد مقاطعة بالم بيتش -وهي أكبر مقاطعات ولاية فلوريدا الأميركية- أحد أكبر المستثمرين في السندات الإسرائيلية، إذ يستثمر جوزيف أبروزو المشرف على الاستثمارات فيها 700 مليون دولار من أموال الضرائب في أدوات الدين الإسرائيلية الداعمة لاستمرار الحرب على غزة، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
ويبلغ إجمالي المحفظة الاستثمارية للمقاطعة 4.
ونقلت الصحيفة عن أبروزو قوله "أنا سعيد بوجود هذه السندات في محفظتنا الاستثمارية"، مشيرا إلى "العوائد الكبيرة والأمان والفائدة التي تعود على دافعي الضرائب في مقاطعة بالم بيتش" من الديون التي أصبحت جزءا مهما لكنه مثير للجدل كذلك من جهود إسرائيل لتمويل حرب أطول أمدا.
وتقول شركة سندات إسرائيل الضامن الأميركي لسندات الدين الصادرة عن إسرائيل إنها باعت أكثر من 3 مليارات دولار من الديون في جميع أنحاء العالم -أي 3 أضعاف المتوسط السنوي- منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وحسب الصحيفة البريطانية، فقد كانت الحكومات المحلية في الولايات المتحدة -بما في ذلك ولايات فلوريدا وإنديانا وأوهايو- من المشترين المتحمسين في الآونة الأخيرة.
نقطة محوريةتباع هذه السندات مباشرة إلى المستثمرين الأميركيين المؤيدين لإسرائيل، وصارت على نحو متزايد جزءا بارزا من التمويل الخارجي للبلاد، وربع إصدار الديون الخارجية لإسرائيل، وتساعد في دعم عجز الميزانية الذي تضخم خلال الحرب إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي في العام حتى أبريل/نيسان بسبب الإنفاق العسكري.
لكن السندات أصبحت كذلك نقطة محورية لكل من مؤيدي إسرائيل ونشطاء سحب الاستثمارات منها، وسط تصاعد التوترات بشأن دعم الولايات المتحدة حليفا تعرض سلوكه في الحرب لانتقادات شديدة.
وباعت إسرائيل أيضا سندات دولية تقليدية بقيمة 8 مليارات دولار في مارس/آذار الماضي، وفق وزارة المالية، وتلقت طلبات بقيمة 38 مليار دولار وشارك فيها "نحو 400 مستثمر مختلف من 36 دولة".
وفي الوقت نفسه، بلغت قروض إسرائيل بالعملة المحلية 12.25 مليار شيكل (3.3 مليارات دولار) من مبيعات السندات المقررة في مايو/أيار الحالي، لكن السندات الإسرائيلية توسعت كحصة من إجمالي إصدارات الديون.
وذكر أبروزو -الذي يقول إنه تلقى "من دون مبالغة تصفيقا وقوفا" في تجمعات شراء السندات- أنه كان أول مستثمر أميركي يقدم طلبا لشراء السندات الإسرائيلية بعد عملية طوفان الأقصى.
وحطم أبروزو منذ ذلك الحين الرقم القياسي لمعظم هذه السندات التي تم شراؤها في يوم واحد بنحو 135 مليون دولار، كما تم مؤخرا رفع الحد الأقصى الذي فرضه مجلس الإدارة على استثماراته إلى 15% من المحفظة.
وفي مايو/أيار الجاري أضافت ولاية أوهايو الأميركية 30 مليون دولار من السندات الإسرائيلية إلى حيازتها البالغة أكثر من 260 مليون دولار، حسب الصحيفة.
وتم تسويق السندات -التي يصعب بيعها والمصممة للاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق- لسنوات عديدة في الأغلب للشتات اليهودي العالمي من خلال سندات إسرائيل، وهي كيان مدعوم من الدولة يُعرف أيضا باسم شركة التنمية الإسرائيلية.
وباعت الشركة سندات بأكثر من 50 مليار دولار من الديون منذ أن أطلقها ديفيد بن غوريون رئيس الوزراء المؤسس لإسرائيل في الخمسينيات من القرن الماضي.
من يشتري سندات إسرائيل؟ويتم شراء سندات إسرائيل في الولايات المتحدة من جانب المتضامنين سياسيا معها، والطلب على عوائد أعلى من سندات الخزانة الأميركية مع مخاطر يرونها منخفضة.
وأصبحت استثمارات بالم بيتش وميامي ديد وبروارد ومقاطعات فلوريدا الأخرى ممكنة بإقرار قانون الولاية لعام 2008 الذي أضاف السندات الإسرائيلية إلى سندات الخزانة الأميركية والديون المدعومة من الوكالات الفدرالية وصناديق سوق المال وغيرها من الأصول منخفضة المخاطر، ولا يسمح بأي سندات حكومية أجنبية أخرى.
ونقلت الصحيفة عن غوستين مارلو مدير مركز التمويل البلدي في كلية هاريس للسياسة العامة بجامعة شيكاغو قوله إنه في حين أن وزنها في محفظة بالم بيتش "فريد من نوعه" فقد استفادت السندات الإسرائيلية أيضا من التحول المطرد بين الولايات والمقاطعات الأميركية لتحسين عوائد استثماراتها.
ويعارض النشطاء المؤيدون لسحب الاستثمارات (من إسرائيل) -بما في ذلك منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام التي أطلقت احتجاجات في الشوارع ضد السندات الإسرائيلية- أي تعرض لأدوات الدين هذه على أساس أن الأموال التي تم جمعها يمكن استخدامها لتمويل الحرب في غزة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولة حملة في منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام داني نوبل قولها "من المرعب أن دولنا ومقاطعاتنا ومؤسساتنا المجتمعية الأخرى تستثمر بشكل مباشر من دون قيود أو شروط لضمان احترام حقوق الإنسان، فالسندات الإسرائيلية توفر بشكل مباشر دعما ماليا غير مقيد وغير خاضع للمساءلة".
"المجموعة الصغيرة الصاخبة"في المقابل، قالت شركة سندات إسرائيل إن "هذه المجموعة الصغيرة ولكن الصاخبة من المتظاهرين لا يمكنها صرف الانتباه عن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها" المتمثلة في "الدعم غير المسبوق" للديون الإسرائيلية منذ بداية الحرب، مضيفة "نتطلع إلى البناء على هذا النجاح في الأشهر المقبلة والاستمرار في توضيح أن جهود المقاطعة محكوم عليها بالفشل".
وأعلن الناشطون المحليون مؤخرا أنهم سيرفعون دعوى قضائية بشأن حيازات بالم بيتش من السندات بعد الاحتجاج خارج مكاتب المقاطعة.
وقال غوستين مارلو "أعتقد أننا سنشهد ضغوطا أكبر بكثير على سحب الاستثمارات، لقد تلقيت الكثير من الأسئلة في الأسابيع الأخيرة بشأن كيفية عمل مجمعات الاستثمار الحكومية المحلية، لأن ثمة كثيرا من الأشخاص الذين يعدّون حملات ضغط".
ومع ذلك، لا يزال أبروزو -وهو عضو سابق في مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا- داعما قويا لسندات إسرائيل، ونقلت عنه الصحيفة قوله إن الاحتجاجات على السندات "لن يكون لها أي تأثير علي أو على مكتبنا، مضيفا أنه ليست لديه أي مخاوف بشأن استرداد السندات.
وقال "السبيل الوحيد لإيذائنا هو زوال أمة إسرائيل، وهذا لن يحدث"، حسبما نقلت عنه الصحيفة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السندات الإسرائیلیة ملیارات دولار سندات إسرائیل ملیون دولار بالم بیتش دولار من
إقرأ أيضاً:
شركات مالية أوروبية تقلص استثماراتها في إسرائيل بسبب ضغوط حرب غزة
كشف تحليل أجرته وكالة رويترز أن عددا من الشركات المالية الكبرى في أوروبا قد قلصت استثماراتها في شركات مرتبطة بإسرائيل، أو في شركات لها علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل، وذلك في ظل ضغوط متزايدة من الناشطين وحكومات عدة لوقف الحرب على غزة.
ويأتي هذا التوجه في وقت تلتزم فيه العديد من البنوك وشركات التأمين بأهداف الاستدامة، رغم عدم وضوح تفاصيل انكشافها على النزاعات المسلحة.
ومن بين المؤسسات التي اتخذت خطوات واضحة في هذا الاتجاه بنك "يونيكريديتو" الإيطالي الذي أضاف إسرائيل إلى قائمة "البلدان المحظورة" منذ تصاعد العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حسب ما أوردته منظمة "باكس" الهولندية غير الحكومية.
ويمثل هذا القرار امتدادا لسياسة البنك في الامتناع عن تمويل صادرات الأسلحة المباشرة للدول المتورطة في النزاعات، متجاوزا بذلك المبادئ التوجيهية الإيطالية لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ورفض بنك "يونيكريديتو" ووزارة المالية الإسرائيلية التعليق على هذا الإجراء.
كذلك تراجعت شركة "ستوربراند" النرويجية لإدارة الأصول، وشركة التأمين الفرنسية "أكسا"، عن بعض استثماراتهما في شركات إسرائيلية، ومن ذلك بعض البنوك.
سياسات الشركات الماليةوتشير الوثائق إلى أن الشركات تعمل على تعديل سياساتها الاستثمارية تجاه إسرائيل. فقد صرح مارتن روهنر، المدير التنفيذي للتحالف العالمي للمعاملات المصرفية القائمة على القيم، بأن هناك تغيرا ملحوظا في سياسات الشركات المالية في ما يتعلق بتوجيه الاستثمارات بما يتماشى مع مبادئ التنمية المستدامة. وأضاف روهنر أن الاستثمار في صناعة الأسلحة يتناقض بشكل جوهري مع هذه المبادئ.
وسبق أن أعلنت شركة "ستوربراند" في تقريرها الاستثماري السنوي عن استبعاد 24 شركة من محفظتها الاستثمارية في نهاية عام 2023، بينها شركات إسرائيلية، بسبب ارتباطها بالاستيطان الإسرائيلي. كما سحبت الشركة النرويجية نحو 24 مليون دولار من استثماراتها في شركة "بالانتير" الأميركية التي تزود الجيش الإسرائيلي بتقنيات تثير مخاوف تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.
وأعلن صندوق الاستثمار الإستراتيجي الأيرلندي عن بيع حصص في 6 شركات إسرائيلية، بما في ذلك بعض البنوك الإسرائيلية الكبرى، مشيرا إلى أن الاستثمارات في هذه الشركات أصبحت تنطوي على مخاطر تتعارض مع معايير الاستثمار المعتمدة لديه.
وفي وقت سابق من هذا العام، صرح الصندوق الأيرلندي -الذي تبلغ قيمته 15 مليار يورو- بأن المخاطر التي تنطوي عليها هذه الاستثمارات تخرجها عن معايير الاستثمار الخاصة به.
أما صندوق الثروة السيادية النرويجي -الذي تبلغ قيمته 1.8 تريليون دولار أميركي وهو الأكبر في العالم- فقد يقوم بسحب استثماراته من الشركات التي تساعد عمليات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتنتهك معايير أخلاقيات الشركات.
وتخضع الاستثمارات في البنوك الإسرائيلية أيضا لتدقيق متزايد، فقد أدرجتها الأمم المتحدة في عام 2020 ضمن قائمة الشركات المرتبطة بالمستوطنات في الأراضي الفلسطينية كجزء من عملية مراجعة آثارها على حقوق الفلسطينيين.
ووفقا لدراسة أجرتها شركة الأبحاث "بروفوندو"، بتكليف من هيئة "إيكو" لمراقبة الشركات، باعت شركة التأمين الفرنسية "أكسا" معظم حصصها في أسهم البنوك الإسرائيلية هذا العام، محتفظة بحصة صغيرة فقط في بنك "لئومي".
ورغم عدم رد بنك "لئومي" على طلب للتعليق، فإن متحدث باسم "أكسا" أكد أن الشركة لا تستثمر في البنوك المستهدفة من الناشطين، وأن قائمة الأمم المتحدة تمثل أحد المعايير التي تأخذها الشركة في الاعتبار عند اتخاذ قرارات الاستثمار.
وأشار ريتشارد بورتيس، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، إلى أن تحميل الشركات الخاصة عبء تحديد سياسات الاستثمارات في سياق النزاعات الدولية قد يكون مثيرا للجدل، مشددا على ضرورة أن تكون السياسات واضحة من قبل الحكومات نفسها.
وتعرضت شركات أخرى، مثل بنك "باركليز" البريطاني، لضغوط كبيرة من حملات في المملكة المتحدة، دفعت البنك إلى التخلي عن رعاية عدد من الفعاليات. ووفقا لتقرير صادر عن صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن البنك يدرس الآن احتمال وقف بيع السندات الحكومية الإسرائيلية، حيث خرج من قائمة أكبر 5 متعاملين في السندات الإسرائيلية خلال الربعين الثاني والثالث من هذا العام.
وتشهد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إسرائيل تراجعا حادا، إذ أظهرت بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) انخفاضها بنسبة 29% في عام 2023، بما يمثل أدنى مستوى منذ عام 2016. وتعزى هذه التغيرات إلى ضغوط متزايدة من قبل الناشطين والمجتمع الدولي، مما يضيف تعقيدا لقرارات الشركات الاستثمارية تجاه السوق الإسرائيلية.