هذه أسباب ورسائل عصابة نتنياهو من مجزرة رفح الجديدة
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
كانت مجزرة رفح الجديدة التي أحرق وقتل فيها العشرات من بيوت وسكان رفح متوقعة، لأن سلوك عصابة نتنياهو بات متوقعا ومفهوما. فبعد إعلان الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" يوم السبت عن "كمين محكم" أدى إلى أسر جنود جدد من جيش الاحتلال، لم يكن رد هذا الجيش "مستغربا"، لأن قيادة المستعمرة الصهيونية في فلسطين تتصرف كما يليق بها: كعصابة مارقة، وليس كدولة لها أهداف سياسية وعسكرية تريد تحقيقها من الحرب.
مثل أي عصابة، يتحرك جيش المستعمرة بردات فعل "بدائية" انتقامية، وليس كجيش نظامي يسعى "للنصر"، وكلما نفذت المقاومة عملية نوعية، كلما ارتكب جريمة انتقامية جديدة.
وإضافة لغريزة الانتقام، فإن جيش الاحتلال أراد توجيه رسائل متعددة من هذه المجزرة الجديدة، هذه أهمها:
التفاوض بالدم
الرسالة الأولى هي للمفاوض الفلسطيني الذي أظهر وجها مختلفا عن ما اعتاد عليه مفاوضو الاحتلال من ممثلي السلطة الفلسطينية. ثمة مفاوض صلب هنا يتحدى ويناور ويجرؤ أن يقول لا، ويعرف أوراق قوة الاحتلال وأوراق قوته، ويفاوض بناء عليها، ولذلك فإن الاحتلال يستخدم المجازر ليفاوضه بدم المدنيين الفلسطينيين.
يأتي توقيت هذه الرسالة مع الحديث عن قرب انطلاق جولة جديدة من المفاوضات، بعد اجتماع عقد في باريس لهذا الغرض، وبعد أن أفشل التعنت "الإسرائيلي" ورقة المفاوضات السابقة التي وافقت عليها حركة حماس، ثم رفضها نتنياهو
يعلم جيش الاحتلال أن المفاوض الفلسطيني هو ابن مجتمعه، وأنه ليس قاطع طريق، ولذلك يضغط عليه من خلال إيلام حاضنته الاجتماعية. استخدم الاحتلال هذه الاستراتيجية الدموية خلال كل الحروب العدوانية منذ عام 2008 حتى الآن، ولكنه يستخدمها ببشاعة أكبر هذه المرة. بالمقابل فإن المفاوض الفلسطيني يعلم أن عدم وقف الحرب بشكل كامل في إطار صفقة تبادل الأسرى يعني بأن الاحتلال سيأخذ استراحة قصيرة، ويستعيد أسراه -وهي الورقة الأهم بيد المفاوض الفلسطيني- ثم يعود للقتل مجددا. ولذلك، فإن هذه الاستراتيجية القذرة لم تنجح حتى الآن بتحقيق أهدافها، برغم ثمنها الباهظ إنسانيا.
ويأتي توقيت هذه الرسالة مع الحديث عن قرب انطلاق جولة جديدة من المفاوضات، بعد اجتماع عقد في باريس لهذا الغرض، وبعد أن أفشل التعنت "الإسرائيلي" ورقة المفاوضات السابقة التي وافقت عليها حركة حماس، ثم رفضها نتنياهو.
عصابة مارقة فوق القانون
أما الرسالة الثانية من مجزرة رفح فهي موجهة للأمم المتحدة، ومحكمتها "محكمة العدل الدولية"، والجنائية الدولية، وكل منظومة العمل والقانون الدوليين. هذه الرسالة مفادها أن "إسرائيل" ليست دولة تعمل وفق القانون الدولي، بل هي عصابة مارقة ترى نفسها فوق القانون وفوق منظمة الأمم المتحدة التي كانت هي من أسس هذه الدولة/ العصابة.
بدأت هذه الرسالة بالظهور بعد دقائق من إصدار قضاة محكمة العدل الدولية قرارا يطالب الاحتلال بوقف العدوان على رفح، في إطار الإجراءات لمنع "الإبادة الجماعية" للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث نفذت طائرات الاحتلال هجوما كبيرا في رفح، ثم ألحقته بالمجزرة الرهيبة بحق خيام النازحين التي نفذت بعد أقل يوم من قرار المحكمة.
ولنلاحظ المفارقة الكبيرة هنا، حيث تمتنع محكمة العدل الدولية بسبب حساباتها السياسية ومراعاتها لدولة الاحتلال وحلفائها؛ عن إصدار قرار بوقف الحرب تماما كما طالبت المدعية دولة جنوب أفريقيا، فيما تبالغ هذه "الدولة" بضرب قرارات المحكمة عرض الحائط، دون أي مراعاة أو حسابات سياسية.
تريد حكومة نتنياهو أن تثبت من هذا السلوك أنها قوية ولا تكترث لمؤسسات الأمم المتحدة، بل إنها قالت على لسان رئيس إنها مستعدة لاستكمال الحرب حتى بدون دعم الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن هذا السلوك قد يبدو علامة قوة لدولة الاحتلال في الوقت الراهن، إلا أنها تكتب نهايات هذا المشروع الاستيطاني على المدى المتوسط والبعيد
تريد حكومة نتنياهو أن تثبت من هذا السلوك أنها قوية ولا تكترث لمؤسسات الأمم المتحدة، بل إنها قالت على لسان رئيس إنها مستعدة لاستكمال الحرب حتى بدون دعم الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن هذا السلوك قد يبدو علامة قوة لدولة الاحتلال في الوقت الراهن، إلا أنه يكتب نهايات هذا المشروع الاستيطاني على المدى المتوسط والبعيد، لأنه يساهم بعزله أكثر وأكثر، حتى يصبح عبئا على الدول الغربية الداعمة له. لا نتحدث هنا عن سنوات قليلة لنهاية المشروع الصهيوني، بل عن مسار طويل قد يستمر لعقود، يساهم الصمود الفلسطيني والتأييد الشعبي الدولي بصناعته، وسيؤدي في نهاية المطاف لعزل مشروع الاحتلال وإنهائه.
تصاعد الصراعات داخل المستعمرة
الرسالة الثالثة من مجزرة رفح موجهة من حكومة نتنياهو للمعارضة السياسية "الإسرائيلية"، وللأصوات الصحفية والأكاديمية وعائلات أسرى الاحتلال في غزة، والتي تطالب بعقد صفقة تبادل فورية مع فصائل المقاومة. لقد ارتفعت الأصوات المطالبة بوقف الحرب داخل مجتمع الاحتلال، وتصاعدت المقالات والتحليلات التي تصف ما يحصل في غزة بأنه "مستنقع" للجيش، المتوقع أن يستمر العدوان على رفح لعدة أسابيع، لأن مجلس الحرب يحتاج ذلك، للقول لجمهوره إنه قضى على ما تبقى من "كتائب حماس" وحقق النصر العسكري الكامل، قبل أن يبدأ بالتفاوض الحقيقي للإفراج عن أسراه في غزة، وصياغة مستقبل القطاعوتتحدث عن عدم جدوى غزو رفح، وهي أصوات ستتصاعد أكثر عندما يعترف جيش الاحتلال بأسر جنود جدد منه في عملية جباليا التي أعلن عنها أبو عبيدة يوم السبت.
أراد مجلس الحرب، من خلال المجزرة الأخيرة، أن يقول لهذه الأصوات المعارضة إنه مستمر بالعدوان، وإنه لن يتراجع عن خوض معركة رفح.
لا يوجد خلاف داخل "مجلس الحرب" الصهيوني حول استكمال الحرب في رفح، ولذلك فإن المتوقع أن يستمر العدوان على رفح لعدة أسابيع، لأن مجلس الحرب يحتاج ذلك، للقول لجمهوره إنه قضى على ما تبقى من "كتائب حماس" وحقق النصر العسكري الكامل، قبل أن يبدأ بالتفاوض الحقيقي للإفراج عن أسراه في غزة، وصياغة مستقبل القطاع.
يبقى القول إن هناك فرقا بين ما يريده الاحتلال وبين ما يستطيع تحقيقه. إن ما يجري الآن هو حرب فُرضت على الفلسطينيين من احتلال غاشم، يريد أن ينهي من خلالها ظاهرة المقاومة بكل أشكالها، ولكن إرادته غير حتمية التحقق، فهذا صراع طويل، لن ينتهي إلا بإنهاء الاحتلال الأخير في القرن الواحد العشرين، رغم كل التضحيات التي لا تقدر بثمن.
x.com/ferasabuhelal
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رفح نتنياهو المجازر الإسرائيلي غزة إسرائيل غزة نتنياهو مجازر رفح مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیش الاحتلال هذه الرسالة هذا السلوک مجلس الحرب مجزرة رفح فی غزة
إقرأ أيضاً:
من دير ياسين إلى بيت لاهيا.. حرب إبادة الشعب الفلسطيني مستمرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وسط تصاعد العـمليات العـسكرية الإسرائيلية بحق الشعـب الفلسطيني واللبناني على حد سواء، وفي ظل استمرار عـمليات إسرائيلية الحربية في جنوب لبنان وقصفها المستمر لمواقع لبنانية، بالإضافة إلى ما ترتكبه إسرائيل من مجازر بحق أبناء الشعـب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة والضفة الغربية، منذ ما بعد السابع من أكتوبر الماضي، قبل تنفيذ الفصائل الفلسطينية عملية «طوفان الأقصى» الاستباقية.
ترصد «البوابة نيوز» المجازر الإسرائيلية بحق الشعبين الفلسطيني والعربي، حيث تعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية للأذهان المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدة مناطق عربية أبرزها مذبحة دير ياسين التي نفذتها عصابات صهيونية في عام 1948 ومذبحة صبرا وشاتيلا، بجانب مذابح أرى سجلت في سجل إسرائيل الأسود منذ إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي آنذاك بدولة إسرائيل المزعومة.
وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، فإن الفصل السابع ينص في مواده على، أن مجلس الأمن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء «الأمم المتحدة» تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.
وأكد عدد من خبراء القانون الدولي وأساتذة العلوم السياسية، أن ما يحدث من جرائم إسرائيلية وعدم قدرة المجتمع الدولي على وقف ما يحدث دليل على هشاشة القوانين الدولية والمجتمع الدولي ككل.
مذبحة دير ياسين ١٩٤٨
هي أشهر مذابح العصابات الصهيونية آنذاك، والتي أظهرت سمعة إسرائيل السيئة، بعد أن عملت العصابات الصهيونية آنذاك وهي عصابتا شيترن والأرجون على إبادة قرية دير ياسين الفلسطينية الواقعة غرب مدينة القدس، حيث نفذت تلك العصابات قتلًا ممنهجًا ضد الشعب الفلسطيني وبالتحديد ضد النساء والأطفال والشباب، وهو ما رفع عدد الضحايا بين الفلسطينيين طبقًا للتقديرات إلى ما بين ٢٥٠ و ٣٦٠ مواطنا فلسطينيا.
وتسببت تلك المذبحة في تهجير بقية أبناء الشعب الفلسطيني من القرية إلى مناطق أخرى بسبب ما تركته المذبحة من أثر نفسي في نفوس المواطنين تجاه العصابات الصهيونية ولجأ الفلسطينيون إلى النزوح إلى مناطق أخرى والهروب خارج البلاد بعدما استغلت إسرائيل تلك المذبحة وتضخيمها لبث الرعب في نفوس المواطنين الفلسطينيين في مناطق أخرى ودفعهم للهروب والنزوح، حيث استوطن اليهود قرية دير ياسين والقرى المجاورة بعد طرد سكانها الأصليين منها، وأطلقوا أسماء قادة عصابات الصهيونية في شتيرن وأرجون على شوارعها الرئيسية.
مذبحة الطنطورة ١٩٤٨
هي مذبحة نفذتها عصابات صهيونية بعد شهر واحد فقط من تنفيذ مذبحة دير ياسين، والتي استهدفت منها العصابات استكمال عملية التطهير العرقي للقرى الفلسطينية، إذ استخدمت فيها العصابات الصهيونية السلاح الثقيل لترهيب السكان من أجل تنفيذ التهجير بحق أكبر عدد من المواطنين الفلسطينيين.
تختلف مذبحة الطنطورة عن مذبحة دير ياسين من جانب أن جيش الاحتلال الإسرائيلي شارك بشكل كبير في تنفيذ تلك المذبحة، وهي المذبحة التي تمت بعد أسبوع واحد فقط من إعلان قيام الدولة الإسرائيلية في الأمم المتحدة، كما ركز جيش الاحتلال والعصابات على تنفيذ تلك المذبحة بحق قرية الطنطورة بالتحديد لما تتمتع به القرية من موقع ممتاز على ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث حولوا ساحل القرية لمرفأ.
تقع قرية الطنطورة بالقرب من حيفا على ساحل البحر المتوسط، وقد استشهد في هذه المجزرة ما بين ٢٧٠ إلى ٢٩٠ فلسطينيًا.
مذبحة خان يونس ١٩٦٥
تعد مذبحة خان يونس من أشهر مذابح الحركات الصهيونية والتي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء خان يونس في ١٢ نوفمبر من عام ١٩٥٦، حيث أسفرت تلك المذبحة عن استشهاد أكثر من ٢٥٠ فلسطينيا في مرحلتها الأولى، كما نفذ جيش الاحتلال مرحلة ثانية من المذبحة بحق أبناء خان يونس في نفس الشهر راح ضحيتها نحو ٢٧٥ شهيداً من المدنيين في نفس اليوم ونفس المخيم.
وفرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي حظرًا للتجول على مواطني قطاع غزة لمنعهم من انتشال واسترجاع جثث زملائهم القرويين الذين نفذت بحقهم مذبحتين، وتُركت الجثث متناثرة على الأرض، وقد تولى الصليب الأحمر نقل الجرحى إلى مدينة غزة للعلاج الطبي.
وبعد ذلك بوقت قصير، تم اكتشاف مقبرة جماعية في خان يونس، احتوت على جثث لفلسطينيين أصيبوا برصاص في الجزء الخلفي من الرأس.
مذبحة الأقصى الأولى ١٩٩٠
نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي مذبحة الأقصى الأولى في مسجد الأقصى بمدينة القدس صباح يوم الاثنين الموافق ٨ أكتوبر ١٩٩٠، بعدما حاول متطرفون يهود وضع حجر الأساس لما يسمى "الهيكل الثالث" في إحدى باحات المسجد الأقصى، وبعد أن حاول أهالي القدس منع المتطرفين اليهود من تنفيذ مخططهم وقع خلاف تطور إلى اشتباك بين المصلين المسلمين وعددهم ٤٠٠٠ مصل وبين المتطرفين اليهود، حيث تدخل جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في ساحات المسجد وفتحوا النار على المصلين دون تمييز، ما تسبب في استشهاد ٢١ شخصًا وإصابة ١٥٠ بجروح مختلفة واعتقال ٢٧٠ شخصاً.
وخلال المذبحة استخدمت قوات الاحتلال جميع الأسلحة من رصاص حي وقنابل غاز سام، كما استخدمت الأسلحة الأوتوماتيكية، وضربت طائرات الهليكوبتر العسكرية الرصاص على المصلين، ولم يتوقف إطلاق النار لمدة ٣٥ دقيقة على المصلين، ما أدى إلى تسجيل أداد كبيرة من الشهداء الفلسطينيين.
مجزرة صبرا وشاتيلا ١٩٨٢
هي من أشهر المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيمي صبرا وشاتيلا الذي كان يقطن فيه لاجئون فلسطينيون في منتصف شهر سبتمبر من عام ١٩٨٢، وهي المذبحة التي استمرت لمدة ثلاثة أيام وأسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن ٣٥٠٠ شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين من الفلسطينيين واللبنانيين أيضا.
طوقت قوات الاحتلال في ذلك الوقت المخيم بالكامل وكان الجيش الإسرائيلي تحت قيادة أرئيل شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ورافائيل إيتان، كما سجلت التقارير أن تعداد الجثث بلغ ٣٢٨ جثة، لكن الكثير من المؤرخين سجلوا عددًا كبيرًا من الضحايا جراء تلك المذبحة، ومنهم نويهض الحوت، في كتابها الذي جاء بعنوان «صبرا وشاتيلا - سبتمبر ١٩٨٢»، والتي قدرت فيه عدد الضحايا بـ١٣٠٠ شخص على الأقل.
مذبحة الحرم الإبراهيمي ١٩٩٤
هي مذبحة نفذها الصهيوني السكري باروخ جولدشتاين وهو طبيب عسكري يهودي، والذي نفذ المذبحة في المنطقة الواقعة في مدينة الخليل الفلسطينية في شهر رمضان عام ١٤١٤ هـ الموافق ٢٥ فبراير ١٩٩٤، حيث أطلق جولشتاين النار على المصلين المسلمين في صلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي، وقد تم تسجيل استشهاد حوالي ٢٩ مصلياً وإصابة ما يزيد على ١٥٠ آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلونه.
وخلال تلك المذبحة حدث تواطؤ بين منفذ المذبحة وجيش الاحتلال الذين أغلقوا أبواب المسجد الإبراهيمي بالقدس لمنع المصلين من الهروب خلال تنفيذ المذبحة، وخلال تشييع الشهداء وقع اشتباك بين جنود الاحتلال ومشيعي الشهداء حيث فتح جنود جيش الاحتلال النار على المشيعين ووقع حوالي ٥٠ شهيدا.
ولم تتوقف المجازر الإسرائيلية عند مستوى المجازر القديمة خلال فترات بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية العربية، إذ استمرت جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال ما بعد عملية طوفان الأقصى، إذ احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة ونفذت مجازر عديدة في مناطق متفرقة بحق المستشفيات ومدارس الأونروا ومخيمات اللجوء.
مجزرة المستشفى المعمداني ٢٠٢٣
بمجرد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن عمليته العسكرية التي يستهدف بها قطاع غزة، ردًا على عملية «طوفان الأقصى» بدأ القصف الجوي الإسرائيلي العنيف على مناطق متفرقة من القطاع، واستهدف مناطق إيواء النازحين ومستشفيات علاج الجرحى والمصابين جراء الضربات والغارات الإسرائيلية على المدنيين والنساء والأطفال، حيث أغارت قوات جيش الاحتلال على مستشفى الأهلي المعمداني الواقعة في حي الزيتون في ساعات الليل الأولى من يوم ١٧ أكتوبر ٢٠٢٣، وتسببت الغارة المكثفة في وقوع عدد كبير من الشهداء والمصابين، والذين كان أغلبهم من النساء والأطفال، حيث مزقت الغارة الإسرائيلية أجساد المصابين والشهداء وحولتهم إلى أشلاء على مرأى ومسمع من العالم.
وتسببت تلك الغارات على المستشفى في وقوع أكثر من ٥٠٠ شهيد و٦٠٠ مصاب، وتراوحت الإصابات بين بتر في الأطراف وغيرها من الأصابات القاتلة، والتي تسببت فيما بعد في وفاة عدد كبير من جراء تلك الغارة.
مجزرة مستشفى كمال عدوان ٢٠٢٣
استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي في منتصف ديسمبر من العام الماضي ٢٠٢٣ مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، وتسببت الغارة الإسرائيلية المكثفة على المستشفى في استشهاد وإصابة العشرات من المصابين والمرضى والأطقم الطبية وعدد كبير من النازحين الموجودين في ساحة المستشفى الواقع في بيت لاهيا.
وكانت تحرص قوات الاحتلال الإسرائيلي على محاصرة المستشفى من وقت لآخر لمنع الإمدادات الطبية من الوصول إليه، ومن ثم يتم إخراجه من الخدمة، وبالتالي يسهل على قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفه بحجة وجود عناصر من حركة المقاومة الإسلامية حماس بداخله.
وقال شهود عيان إن جيش الاحتلال الإسرائيلي دخل إلى المستشفى وجرفت الجرافات الإسرائيلية خيام النازحين ودفنتهم أحياء، وسجلت إعدامات بحق عدد كبير من النساء والأطفال بعد أن أطلقت النار مباشرة عليهم، وعلى الطواقم الطبية.
مجزرة جباليا ٢٠٢٤
وقعت تلك المجزرة خلال استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمربع سكني بالقرب من المستشفى الإندونيسي في مخيم جباليا شمال مدينة غزة، وتسببت الغارة الإسرائيلية والقصف المفاجئ والمتتالي في ارتقاء حوالي ٤٠٠ شهيد فلسطيني معظمهم من الأطفال.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة وقتها إن الغارة الإسرائيلية استهدفت منطقة من أكثر الأمكان في غزة اكتظاظًا بالسكان، وتسببت الغارة الإسرائيلية في نسف المربع السكني بالكامل على من فيه، وخلفت مئات الشهداء والمصابين.
وقالت وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة، إن القصف تم باستخدام ٦ قنابل تزن كل واحدة منها حوالي طن كامل من المتفجرات شديدة الانفجار، وهو ما تسبب في تدمير كامل للبنية التحتية في تلك المنطقة.
وأكد مدير المستشفى الإندونيسي عاطف الكحلوت آنذاك إن الشهداء والمصابين حضروا إلى المستشفى وبهم حروق وتشوهات كبيرة يصعب التعامل معها، في ظل ضعف الإمكانيات الطبية الموجودة بالمستشفى نتيجة تعنت قوات الاحتلال الإسرائيلي في إدخال المساعدات الطبية إلى القطاع.
مجزرة بيت لاهيا ٢٠٢٤
وبالتزامن مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، استمرت أيضًا مجازر جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل من أبناء القطاع، حيث نفذت قوات الاحتلال مجزرة جديدة في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، الذي بات يعاني من حصار شديد وتجويع ممنهج ضد أبناء الشعب الفلسطيني هناك.
وفيما رفض أهالي شمال قطاع غزة ترك منازلهم، ارتكبت ضدهم قوات الاحتلال مجزرة جديدة استهدفت مناطق سكنية مختلفة يسكنها المدنيون بغارات مكثفة، حيث قصفت قوات الاحتلال عمارة سكنية يقطنها عدد كبير من الأهالي، وأسفر القصف عن استشهاد ٩٣ فلسطينيا وفقدان ما يعادل ٤٠ شخصا آخرين، حيث استهدف القصف حوالي ٥ طوابق لعائلة أبو نصر في بيت لاهيا.
وكشفت السلطات المحلية في قطاع غزة أن من بين الشهداء حوالي ٢٥ طفلًا على الأقل، بالإضافة إلى عدد كبير من النساء والشيوخ والشباب الذين راحوا ضحايا القصف الإسرائيلي العنيف.
القوانين الدولية
رغم كل المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال على مدار الأعوام الماضية، إلا أن المجتمع الدولي وقف صامتًا أمام هذه الأحداث الدموية، وفي هذا السياق، قالت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن استمرار إسرائيل في جرائمها، دليل على ضعف وهشاشة المجتمع والقوانين الدولية، مشددًة على أن الصمت الدولى على هذه الانتهاكات تعطى الضوء الأخضر لجيش الاحتلال في الاستمرار في جرائمه.
وأكدت الشيخ، أن أي قانون يحتاج إلى قوة تحميه، وهذه القوة هي القوى العظمى التي يجب أن تحفظ عملية السلام في العالم، لافتًة إلى أن مجلس الأمن والأمم المتحدة هي الجهات المنوط بها حفظ عملية السلام الدولي، ولكن في حالة إسرائيل فإننا نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية وهي القوى العظمى في العالم، هي التي تدعم الكيان الصهيوني وتؤيده في عمليات الإبادة الجماعية.
وتابعت أستاذ العلوم السياسية، بما أن القوى الكبرى في العالم تدعم جيش الاحتلال، فلا يمكن تنفيذ القانون الدولي، موضحًة أنه خلال مناقشة مجلس الأمن لقرارات إدانة إسرائيل أو وقف جرائم الحرب التي تحدث في قطاع غزة، فإن الدولة التي تستخدم حق الفيتو هي أمريكا، وهو ما يعطي ضوءًا جديدًا للكيان الصهيوني بالاستمرار في جرائمه.
وأضافت نورهان الشيخ، أن العديد من الدول طالبت بمحاسبة إسرائيل، منها روسيا وبدعم صيني، وطالبت الدول بتفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولكن أمريكا تقف عائقًا أمام تفعيل هذا الفصل، باستخدام حق الفيتو ضد وهو ما يؤكد دعم القوة الأكبر في العالم لما تقوم به الاحتلال الصهيوني من مجازر دموية تستوجب المحاكمة والمحاسبة.
واستطردت، أن قرارات المحكمة الجنائية الدولية تعتبر قرارات أدبية وليست تنفيذية، إلا بوجود قوة تنفيذية كبرى تستطيع تحويل هذه القرارات والأحكام إلى فعل تنفيذي، وهو ما لن يحدث طالما كانت القوى الدولية داعمة للإبادة التي تقوم بها إسرائيل.
وعن الموقف العربي تجاه القدرة على إدانة إسرائيل، أكدت نورهان الشيخ، أن الذي يحكم الموقف والقدرة على التحكم في مجريات الأمور هو القوى العظمى والدول الكبرى، موضحًة أن الدول العربية ليس لديها القدرة على الدخول في حروب جديدة وإلا ستصبح منطقة الشرق الأوسط منطقة مشتعلة.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور أحمد أبوالوفا، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، أن الدول الكبرى هي الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني في استمرار ارتكاب المجازر الدموية، مشيرًا إلى أن هذه الدول لا تدعم فقط ولكنها تمول بالسلاح أيضًا وهو ما يدعو إسرائيل إلى الاستمرار في مذابحها التي لا يستطيع أحد وقفها.
وأكد أبو الوفا، أن السياسة الدولية هي التي تحكم الآن، وما يحدث كلها مخططات سياسية تساهم فيها القوى العظمى، موضحًا أن القانون الدولى غير ملزم للكيان الصهيوني لأن الدول العظمى تدعمه ماديًا وعسكريًا، وعند المطالبة بتفعيل القانون الدولي والفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فإن أمريكا تستخدم حق الفيتو لوقف هذا التفعيل، وهو ما يعود بنا إلى النقطة صفر، وتطيل كل الجهود المبذولة لوقف العدوان والمجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.
وشدد أستاذ القانون الدولي، على أن الدول العربية تقوم بدور كبير لوقف هذه المجازر، ولكن هذه الجهود تذهب هباءً بسبب عدم دعم القى الكبرى لها، وهو ما يؤدي إلى تقويض جهود السلام في المنطقة.