كانت البداية بأن أمر الله تعالى سيدنا إبراهيم ( عليه السلام) بأن يؤذن فى الناس بالحج تلبية لنداء الله سبحانه وتعالى، فأصبحت القلوب تهفو إلى هذا البيت والوفود تأتى من كل فج عميق، وذلك بعدما فرغ سيدنا إبراهيم ( عليه السلام ) من بناء البيت الحرام.
فمن أعظم النعم أن يمن عليك الله سبحانه وتعالى بإختيارك لتكون ضيفاً من ضيوف الرحمن لتأدية فريضة الحج ومناسكها، فلايوجد أروع من هذه الزيارة التى تتجلى فيها كل معانى الورع الحقيقى والخشوع والتنعم بوجود الروح والجسد داخل الحرم الشريف.
فهذه الفريضة الواجبة على كل مسلم مستطاع تعد بمثابة تحصين حقيقى للقلوب، ورتب لها الرحمن سبحانه على أداءها ثواب وأجر عظيم، فالحج من أعظم أسباب تكفير الخطايا والذنوب، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".
إن للقلب إحراماً ينبغى أن يكون قبل إرتداء الإحرام، ولابد أن يكون جاهزاً فيترك الرياء والحسد والضغينة والكره ويستحضر الشفقة والرحمه واللين فى التعامل وحب الخير والنيه السليمة والأخلاق الحميدة وإستشعار النعم الفياضة علينا.
يجب على الحاج أن يؤدى مناسك الحج على الوجه المطلوب بالنيه السليمة الخالية من أى غرض آخر، والرجاء والتوسل إلى الخالق عزوجل فى الغفران والعتق، فقال تعالى ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلارفث ولافسوق ولاجدال فى الحج، وماتفعلوا من خير يعلمه الله، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وأتقون يا أولى الألباب )، إذن نجد أن التقوى من أجمل ما يتحلى به العبد ليتجلى فى قلبه الصفات الجميلة التى تجعله عامراً بالرحمه.
ونجد النيه الخالصه المصحوبة بالعمل الصالح تعمل على مساعدة القلب فى الإستشفاء من جميع العيوب المتأصلة بداخله، وهجر ما يتنافى مع ما ينبغى أن يكون عليه الحاج من أخلاق حميده، وهذا يأتى باليقين التام بما عند الله تعالى من صلاح للقلوب وتهذيب للنفوس، وكل ذلك يكون بمجاهدة النفس ومحاربتها من أجل الإرتقاء وإستشعار عظمة الإيمان الحقيقى، والإخلاص وذلك عملاً بقوله تعالى ( وما آمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )، وأصل الإخلاص فى خلوص نيتك من كل غرض وقصد غير مرضاة الله تعالى، وقيمة الصبر وضرورة التحلى به أثناء تأدية المناسك هو مفتاح الحاج إلى رضاء الله تعالى عليه لقوله تعالى ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )، ضرورة تقبل الآخر والتحلى بالأخلاق الكريمة وطيب الكلام وحب الإيثار، ضرورة سداد الديون قبل الحج أو الطلب من الدائن بالسماح له بتأدية الدين بعد الحج.
وفى الختام نشتاق جميعاً إلى تأدية مناسك الحج ونتمنى من الله أن يمن علينا بصلاح القلوب وإختيارنا لزيارة بيته الحرام ومسجد الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) لنلبى نداء الحق ونقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك ) بمعنى أن ( نجيبك ياالله إجابة بعد إجابة فى طاعة كاملة، لأنك الواحد الأحد لاشريك لك فى الألوهية والعبادة والملك وأن جميع أنواع المحامد لك ملكاً وإستحقاقاً وحدك لا شريك لك وحدك.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الحج مقالات الله تعالى
إقرأ أيضاً:
معلمو الناس الخير
د. نبيل الكوفحي
فعل الخير محبب للنفوس ومقدر، وتعليم الناس الخير كذلك محبب ومقدر ، والامر يتسع للكثير من الاعمال المعتبرة، فالتعليم بعمومه نفع للناس ومن يقوم به ابتغاء رضى الله وتحقيق مصلحة الخلق ذو فضل عظيم، وان تكتب شيئا او تنشر شيئا ولو كان بسيطا بقصد نشر الخير والفضيلة هو باب مندوب.
جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ)، المقصود هم العلماء والدعاة وكل من يرشد الناس إلى ما يقربهم من الله تعالى وما فيه نجاتهم في الآخرة.
أن تكون قدوة يقتدى بك في فعل الخير امر عظيم، لذلك كان الانبياء في مقدمة القدوات المطلقة كما جاء في قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)، وقد وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )، والملاحظ في الايتين ربطهما بالغاية وهي رضى الله والاستعداد لليوم الاخر.
الامر لا يتوقف عند مهنة التعليم، ولا يشترط فيه كثير علم دائما، ولا قدرات ومهارات مميزة، فلكل موقف حيثياته، ولكل حال ظروفه؛ فرب اماطة الاذى عن الطريق في مكان وزمان ما ومن شخص ما يشكل فعلا كبيرا من حيث الاثر ؛ فهو تعليم الناس الخير. ورب مساعدة كهل او امراة في موقف حاجة ملحة يكون تعليما للناس الخير، ورب تضحية كبيرة في سبيل وطن او نفع عام يسبق الكثير الكثير من حيث الاثر مما الفه الناس واعتاده. وليس بالضرورة ان يكون الامر فعلا فرديا، فعمل الجماعات والجمعيات والمؤسسات يتقدم من حيث الاثر على عمل الافراد.
مقالات ذات صلة الإفراج عن احمد حسن الزعبي 2025/01/17كلما تقدم الانسان بعمره، وكلما زاد علمه وماله ، و ازداد حضوره السياسي والاجتماعي، وكلما تميز في شيء نافع، وكلما كان ذي مسؤوليات رسمية او اهليه وما شابه كل ذلك؛ كان تعليم الناس الخير بكل اشكاله عليه أوجب وأولى.
كم احوجنا لان يكثر معلمو الناس الخير في كل الازمان والاماكن و المجالات والفئات حتى نستحق رحمة الله ونسعد بحياتنا، وبغير ذلك؛ من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد.