التجربة العلمانية في السودان تقرير المصير من الألف للياء مراحله وكوارثه على الدولة السودانوية الجزء الأول
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
لماذا استبق اتفاق حمدوك - الحلو المؤتمر التأسيسي لتقدم ؟
هل ستقبله القوى المدنية مضطرة ام سينفض سامرها على اثره ؟؟
ما هي العلاقة بين تقرير المصير سابقا وبين ما طرحه اتفاق حمدوك الحلو حاليا ؟
محمد حسن العمدة
٢٦ مايو ٢٠٢٤
مقدمة :
في العام ١٩٥٥ اندلعت حرب جنوب السودان لتستمر حتى ١٩٧٢ توقيع اتفاق الحكم الذاتي بين نظام ٢٥ مايو و وحركة أنانيا ( سم الافعى ) أنهى الحرب الاولى في جنوب السودان ونص على :
الحكم الذاتي لجنوب السودان
الاعتراف واحترام بالأديان جميعها بما في ذلك الاديان الأفريقية المحلية لجنوب السودان
الاعتراف بالخصائص الثقافية لجنوب السودان
دمج قوات انانيا في الجيش السوداني
بإعلان نظام ٢٥ مايو تقسيم اقليم جنوب السودان إلى ثلاثة اقاليم انهارت اتفاقية اديس ابابا ١٩٧٢ بتمرد كتيبة تتبع للجيش السوداني وتولى قياداتها لاحقا الدكتور جون قرنق مكونا الحركة الشعبية لتحرير السودان في يونيو ١٩٨٣ انانيا تو اتخذت الحركة منفستو خاص بها شكل رؤيتها الاشتراكية في اطار السودان الموحد عرفت بالسودان الجديد القائم علىالمواطنة التي تُساوي في الحقوق والواجبات بصرف النظر عن العِرق أو الدين أو اللغة أو الثقافة .
في هذا الوقت كانت الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي و الغربي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية في اشدها واختارت الحركة الانضمام لما عرف بحلف عدن التحالف الاشتراكي بالإقليم الذي حاول السوفيت بمشاركة فيدل كاسترو اقامة تحالف يضمن المصالح السوفيتية الاشتراكية للسيطرة على القرن الأفريقي ضم التحالف كل من اثيوبيا منجستو هيلا ماريام و اليمن الجنوبي و ليبيا القذافي في مقابل سودان نميري و مصر السادات الموالي للمعسكر الغربي بقيادة الولايات الامريكية..
اندلعت انتفاضة أبريل ٨٥ ثورة الشعب السوداني ضد نظام ٢٥ مايو
إعلان كوكادام
في مارس ١٩٨٦ جرى توقيع اتفاق إعلان كوكادام بين رئيس حزب الامة القومي السيد الصادق المهدي و دكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية نص على :
الغاء اتفاقية الدفاع المشترك بين السودان ومصر
الغاء ما عرف بقوانين سبتمبر ١٩٨٣
محاكمة اثار مايو ورموزها
لم يستمر الاتفاق وتبادل الطرفان حكومة السودان و الحركة الشعبية الاتهامات بخصوص انهياره
مبادرة السلام الميرغني - قرنق
في نوفمبر ١٩٨٨ جرى إعلان اتفاق بين مرشد الحزب الاتحادي الديمقراطي الشريك في الحكومة السودانية محمد عثمان الميرغني و الحركة الشعبية لتحرير السودان دكتور جون قرنق نص الإعلان على :
إعلاء مبادئ الوحدة ورابطة المواطنة
تجميد قوانين سبتمبر ١٩٨٣ المسماة إسلامية
عقد مؤتمر قومي دستوري في سبتمبر ١٩٨٩ يشارك فيه كل السودانيين
في أبريل ١٩٨٩ نظمت الحكومة السودانية ما عرف باجتماع القصر شمل كافة القوى السياسية والامنية ممثلة في القوات المسلحة اتفق الاجتماع على اعادة كافة الاتفاقيات الموقعة مع الحركة الشعبية و عقد مؤتمر قومي دستوري في سبتمبر ١٩٨٩ تشارك فيه الحركة الشعبية لتحرير السودان ، قطعت طريقه الجبهة الاسلامية القومية بانقلابها في ٣٠ يونيو اي مستبقة المؤتمر القومي الدستوري
انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩
بهذا الانقلاب تحولت الحرب بجنوب السودان من حرب سياسية الى حرب دينية قطعت كافة الجهود لإنهاء الحرب وتمددت لتصل اقليم دارفور تمرد يحى بولاد وانضمامه للحركة الشعبية واعلن نظام الجبهة الإسلامية الجهاد ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان ليزيد الحرب اشتعالا ويعقد امرها
ظهور مطلب حق تقرير المصير
مطلع التسعينات من القرن الماضي شهد عدة متغيرات اساسية أدت إلى احداث انقسام داخل الحركة الشعبية بانهيار نظام منجستو هيلا ماريام في مايو ١٩٩١ الذي كان يقدم الدعم للحركة الشعبية و ظهرت التيارات الانفصالية بقيادة كل من دكتور رياك مشار ولام أكول او ما عرف بمجموعة الناصر لاحقا اعلن الانقساميون تمردهم على الحركة الام في اغسطس ١٩٩١ واعلان رغبتهم في الانفصال عن السودان عبر تقرير المصير وكان هذا اول ظهور لمبدأ تقرير المصير في الأزمة السودانية كما قرر الانفصاليون عن عزل دكتور جون قرنق … تدخلت ايادي نظام الجبهة الاسلاموية و وجدت في الانقسام مرتعا خصيبا لها وقدمت الكثير من الدعم المالي و العسكري و اسست المليشيات المساعدة لها داخل المكونات الجنوبية حينها ..
في المقابل عقدت الحركة الشعبية بزعامة دكتور جون قرنق اجتماعا لمكتبها السياسي في سبتمبر ١٩٩١ قرر انه وفي ظل تحول الحرب إلى حرب دينية فان اي اتفاق سلام يجب ان يشمل :
وقف الحرب باعتماد نظام حكم ديمقراطي علماني
او نظام كونفيدرالي
او تجمع لدول ذات سيادة واحدة
او تقرير المصير
وبهذا اصبح تقرير المصير مطلبا جنوبيا متفق عليه ويدخل ادبيات الحرب لاول مرة في تاريخها منذ ١٩٥٥
اتفاق فرانكفورت يناير ١٩٩٢ :
واصل انقلاب الجبهة الاسلامية تدخلاتها بين الفرقاء الجنوبيين و عقد اول اجتماع في نيروبي اكتوبر ١٩٩١ مع الفصيل المنشق الانفصالي بقيادة دكتور لام أكول وقررا عقد اجتماع آخر موسع في دولة غربية اختيرت المانيا مقراً له و انعقد اتفاق فرانكفورت في يناير ١٩٩٢ بين انقلاب ٣٠ يونيو و مجموعة الناصر ونص على الاتي :
فترة انتقالية يتمتع جنوب السودان خلالها بنظام قانوني دستوري خاص
اجراء استفتاء عام في جنوب السودان بنهاية الفترة الانتقالية يقرر فيه الجنوبيون مصيرهم في الحكم
وبذلك اصبح تقرير المصير لجنوب السودان المتفق عليه بين حكومة السودان و الحركة الانفصالية جندا اساسياً في اي حوار لإنهاء الحرب لاول مرة في تاريخها
خاصة بعد ان تبنت مبادرة الايقاد في مايو ١٩٩٤ لتقرير المصير بموجب اتفاق الحكومة و التيار الانفصالي
مبادرة الايقاد مايو ١٩٩٤ :
حاول نظام الجبهة الاسلامية في الخرطوم التملص من تقرير المصير في مبادرة الايقاد المبادرة التي عقدت بعد نداء رئيس النظآم الجنرال عمر البشير لدول الايقاد وهي ( مبادرة مختصة بمحاربة الجفاف والتصحر بالإقليم ) !!! خاطبها مطالبا إياها بالتدخل بينه والحركة الشعبية فوجدت في اتفاق فرانكفورت مدخلا لها وحينما رفضها البشير ذكرته دول الايقاد باتفاقهم في فرانكفورت وحاصرته بين قبول العلمانية او تقرير المصير ليعود مرة اخرى ليوافق عليها بعد اتفاقه مع الحركات الانفصالية في الناصر ١٩٩٧
اتفاقية الخرطوم للسلام ١٩٩٧ او ما عرف السلام من الداخل :
وقعت حكومة الجبهة الإسلامية اتفاق السلام بينها وبين الحركات الانفصالية بقيادة كل من رياك مشار ولام اكول و كاربينو و روك طون أروك وفاولينو ماتيب وآخرين تطورت الاتفاقية لتصبح ضمن بنود ما عرف بدستور السودان ١٩٩٨ وبذلك ادخلت الجبهة الإسلامية حق تقرير المصير في الدساتير السودانية لاول مرة في تاريخ السودان
إذا ظهر حق تقرير المصير في المشكلة السودانية في ١٩٩١ بعد انقسام الحركة الشعبية و أقرته حكومة الجبهة الإسلامية باتفاق فرانكفورت في يناير ١٩٩٢ وبعدها انتقل الي الحركة الشعبية الام بقيادة جون قرنق الذي طالب به حلفائه في المعارضة السودانية .
الحركة الشعبية والأحزاب السياسية المعارضة :
بدأ اول اتصال بعد انقلاب الجبهة الإسلامية في يونيو ٨٩ بمبادرة من حزب الامة القومي بقيادة الصادق المهدي في يناير ١٩٩٠ نوقش فيه انضمام الحركة الشعبية لميثاق التجمع الوطني الديمقراطي المتفق عليه في اكتوبر ١٩٨٩ بين القوى السياسية والمدنية المعارضة للانقلاب مثل حزب الأمة مبارك الفاضل و عن الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت اتفق الطرفان على اسقاط نظام الجبهة الإسلامية و استعادة النظام الديمقراطي و عقد المؤتمر القومي الدستوري الذي تم الاتفاق عليه في مبادرة الميرغني قرنق والذي كان مقررا له سبتمبر ١٩٨٩
والحق الاتفاق باتفاق آخر نص على وقف العدائيات بمناطق التماس بين القبائل و الحركة الشعبية لتحرير السودان .. باتفاق الحركة الشعبية و حزب الامة ممثلا للتجمع الوطني الديمقراطي انضمت الحركة الشعبية اليه تلقائيا بعد اجازة الانضمام في مؤتمرها سبتمبر ١٩٩١ المشار اليه في مقدمة المقال بتوريت
مؤتمر نيروبي ابريل ١٩٩٣ :
حضر المؤتمر ممثلون للحركة الشعبية وحزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي السودانيوالاتحاد السوداني للأحزاب الأفريقية والمؤتمر السوداني الأفريقي والقيادة الشرعية للقوات المسلحة
اعلن المؤتمر اتفاقه على تمسكه بالسودان الموحد و ادراج الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان في الدستور السوداني و بناء الدولة على اساس المواطنة دون اي تمييز بين المواطنين علي اساس الدين او العرق او اللغة او الثقافة واحترام جميع الاديان والتقاليد
الملاحظ ان مؤتمر نيروبي ١٩٩٣ لم يتحدث على الإطلاق عن علمانية الدولة و لا عن تقرير المصير إلا انه وجد طريقه إلى مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية منذ تحضير اجندته في ديسمبر ١٩٩٤ حيث وقعت الحركة الشعبية اتفاقيات مع الحزب الاتحادي الديمقراطي في القاهرة يوليو ١٩٩٤ و مع حزب الامة القومي ما عرف باتفاقية شقدوم ديسمبر ١٩٩٤ واجهت في الاتفاقيتين الحركة الشعبية الحزبين بمطالب الحركات الانفصالية و دخول حق تقرير المصير ضمن الصراع الجنوبي الجنوبي والجنوبي الشمالي و وجد طريقه إلى المبادرات الاقليمية فكان مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية يونيو ١٩٩٥ .
إعلان اسمرا للقضايا المصيرية ١٩٩٥ :
عقد التجمع الوطني الديمقراطي بكافة مكوناته مؤتمره التأسيسي في مدينة أسمرا الإريترية و صاغ قضاياه المصيرية و حلولها و وسائل تحقيقها وما يهمنا هنا هو ما يخص هوية الدولة و حق تقرير المصير حيث نص الاتفاق علي :
أن المعاهدات الدولية والاقليمية المعنيّة بحقوق الانسان سوف تكون جزءاً أساسياً من قوانين السودان، وأن أيقانونٍ يتعارض معها سيكون باطلاً وغير دستوري. كما اتفقوا أيضاً أن القوانين سوف تؤكد المساواة بين السودانيينعلى أساس المواطنة، واحترام المعتقدات الدينية والتقاليد بدون التمييز بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو الثقافة،وأن أي قانونٍ يتعارض مع هذه المبادئ سيكون باطلاً وغير دستوري
كما نص على عدم قيام اي حزب سياسي على اساس ديني حاسما جدلية الدولة العلمانية والدينية بدون اتخاذ اي مصطلحات فلسفية او خلافية وهنا كانت عبقرية مقررات اسمرا للقضايا المصيرية بخصوص علاقة الدين بالدولة
ايضا تناول المؤتمر مسالة حق تقرير المصير ونصت علي ان يكون تقرير المصير للاختيار بين خياري :
السودان الموحد فيدرالي / كونفيدرالي
او الاستقلال
كما اقرت بأن الاستفتاء يجب ان يكون في نهاية فترة انتقالية تعمل على بناء الثقة و اعادة بناء الدولة السودانية على الاسس المتفق عليها
خلاصة القول ان حق تقرير المصير لم يدخل اجندة الصراع السياسي السوداني إلا بعد انشقاق الحركة الشعبية لتحرير السودان و استغلال نظام عمر الضلالي لذلك الصراع وتدخله لتأجيجه ولو كان علي حساب وحدة السودان و استقراره فزج بحق تقرير المصير لزيادة الصدع بين الحركات الجنوبية و ليصبح واقعا بعد ذلك ادى لانفصال جنوب السودان و تشجيع الحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو على تبنيه مؤخرا مستغلا الحرب المفتعلة بين الاجهزة الامنية لنظام عمر الضلالي و تفرق القوى المدنية ولتضع اتفاقها مع حمدوك بصفته رئيسا لتنسيقية القوى الديمقراطية و المدنية امرا واقعا امام اجندة مؤتمرها التأسيسي ليعيد التاريخ نفسه في الممارسة السياسية و التحالفات المدنية ولا يجد المؤتمرون بدأ من قبوله او تفجر الخلافات بينهم وتفرق سامرهم
والسؤال الرئيسي هو هل كل ما يحدث في السودان محض صدفة ام له تدخلات خارجية اقوى من كل الاحزاب السياسية والمكونات المدنية الديموقراطية في السودان ؟
أُرسلت من الـ iPhone
mohdalumda@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الشعبیة لتحریر السودان الجبهة الإسلامیة الحرکة الشعبیة تقریر المصیر فی حق تقریر المصیر حکومة السودان لجنوب السودان جنوب السودان نظام الجبهة حزب الامة نص على بعد ان ما عرف
إقرأ أيضاً:
“وضع على شفا الانهيار”.. تقرير: لاجئو السودان بمصر وليبيا وتونس يتعرضون لانتهاكات
تستمر معاناة المهاجرين السودانيين في دول شمال إفريقيا، سيما ليبيا وتونس ومصر، وسط تصاعد الدعوات لزيادة الدعم للدول المضيفة وتحسين سياسات اللجوء، وكشف تقرير صادر عن المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب وشبكة مكافحة التعذيب الليبية، الإثنين، عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان يواجهها السودانيون المهجرون قسرا.
اعتقالات واتجار بالبشر
يقول التقرير إنه "رغم وضعهم المحمي بموجب القانون الدولي، يعاني السودانيون المهجرون قسرا من الاعتقالات والاحتجاز التعسفي والابتزاز والاتجار بالبشر والتعذيب وسوء المعاملة والعنف القائم على النوع الاجتماعي والتمييز العنصري"، مشيرا إلى أن "هذه الانتهاكات تتفاقم مع أزمة إنسانية شديدة تتركهم دون وصول يُذكر إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والسكن".
لجنة في مصر تشرع في الاستماع لضحايا انتهاكات حرب السودان
قالت السفارة السودانية في القاهرة إنها ستبدأ، الأحد، تلقي شكاوى سودانيين من الانتهاكات التي تعرضوا لها عقب اندلاع الحرب بين قوات الجيش والدعم السريع.
وأدت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، منذ أبريل 2023، إلى مقتل عشرات الآلاف من السودانيين ونزوح أكثر من 11 مليونا، منهم 3.1 ملايين لجأوا إلى خارج البلاد، وفق الأمم المتحدة.
ويواجه الساعون إلى الحصول على لجوء في الدول القريبة، بما في ذلك ليبيا وتونس ومصر، "انتهاكات واسعة" لحقوق الإنسان، وفق التقرير.
وفي 10 نوفمبر الجاري، قالت المسؤولة بمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في مصر، كريستين بشاي، إن مئات السودانيين الفارين من يصلون إلى مصر يوميا، ليضافوا إلى أكثر من 1.2 مليون سوداني، لجأوا إلى البلد المجاور، وفق الأرقام الحكومية المصرية.
أما في ليبيا فتقدر أعداد اللاجئين السودانيين في ليبيا بأكثر من 100 ألف شخص، ويستمر وصول المزيد منهم يوميا خصوصا إلى مدينة الكفرة في الجنوب.
الكفرة تقع جنوب شرقي ليبيا
بعام واحد.. مدينة ليبية صار نصف سكانها سودانيين
بلغ عدد اللاجئين السودانيين الذي نزحوا إلى مدينة الكفرة الليبية 65 ألفا منذ بداية اندلاع الحرب في السودان عام 2023، وهو ما يضاهي عدد السكان الأصليين للمدينة، وفق مسؤوليها المحليين.
ويوضح التقرير أن هذه "السياسات التقييدية المتزايدة" في ليبيا ومصر وتونس أدّت إلى "تصعيد الضغوط والمراقبة والحد من أنشطة منظمات المجتمع المدني، ما أعاق قدرتها على تقديم المساعدة الحيوية للمهجرين" السودانيين.
والأسبوع الفائت، أوقف الأمن التونسي مسؤولا بجمعية تقدم المساعدات للمهاجرين لتُحيله على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وهي أول مرة تحيل فيها السلطات جمعيات ناشطة في مجال الهجرة إلى هذه الجهة القضائية.
ورغم وجود روابط ثقافية وتاريخية بين بلدان شمال إفريقيا والسودان، يرى التقرير أن تونس وليبيا ومصر "فشلت في الوفاء بالتزاماتها الدولية لتوفير الحماية الكافية للسودانيين المهجرين قسرًا".
من يستهدف السودانيين؟
استند التقرير على أبحاث شملت 127 سودانيا ومقابلات مع قادة في المجتمع المدني وممثلين عن المنظمات المحلية والدولية والوكالات الأممية.
وحسب التقرير، أبلغ أكثر من 40 بالمئة من السودانيين الذين شملهم الاستطلاع عن تعرضهم لمستويات متزايدة من التمييز العنصري أو العنف في الدول المضيفة.
وعزا أكثر من 36 بالمئة من بين هؤلاء المستجوبين هذه "الانتهاكات" إلى "المواطنين والسلطات"، بينما أشار أكثر من 25 بالمئة إلى مجموعات إجرامية أو غير حكومية، بما في ذلك الميليشيات والمهربين.
أحد المراكز التعليمية السودانية في مصر
إغلاق مدارس مجتمعية سودانية في مصر.. وقلق على مستقبل الأطفال اللاجئين
يواجه عدد لا بأس به من الطلاب السودانيين في مصر مستقبلا غامضا مع بدء العام الدراسي الجديد في مصر، بعدما اتخذت الحكومة المصرية قرارات بإغلاق مدراس سودانية بسبب عدم التزامها بإجراءات الحصول على تصاريح عمل.
وبسبب الانتهاكات التي يواجهونها، أعرب 54 بالمئة من السودانيين المهجرين عن رغبتهم في "الاستقرار في دولة آمنة"، بينما ينوي 80 بالمئة محاولة العبور إلى أوروبا خلال الأشهر الستة المقبلة.
وفي العام 2024، فحسب سجلت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة وفاة واختفاء 1351 شخصًا في البحر الأبيض المتوسط، بينهم 63 طفلًا.
ويصف رئيس قسم أفريقيا في المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، إسيدور كولينز نغويليو، الوضع بالنسبة للسودانيين المهجرين قسرًا في شمال أفريقيا بأنه "على شفا الانهيار".
وقال "علينا أن نتحرك الآن لتجنب فقدان جيل كامل من السودانيين الذين يواجهون حاليًا أشكالًا من التعذيب وسوء المعاملة تعد من بين الأكثر قسوة على الإطلاق خلال رحلتهم المحفوفة بالمخاطر بحثًا عن الأمان واللجوء".
إجراءات عاجلة
ووجه التقرير دعوة إلى المجتمع الدولي لاتخاذ "إجراءات عاجلة" لتوفير الحماية والدعم للسودانيين المهجرين قسرًا من خلال معالجة "الأسباب الجذرية" للنزوح، وخلق طرق آمنة وقانونية لطالبي اللجوء، وضمان احترام حقوق الإنسان.
ورغم هذه الانتقادات، تؤكد الدول المضيفة للمهاجرين السودانيين باستمرار حرصها على توفير ظروف أفضل لمئات الآلاف من المهاجرين الهاربين من الحرب المستعرة في بلادهم.
وفي هذا السياق، قال الرئيس التونسي قيس سعيد، في اجتماع لمجلس الأمن القومي، في 4 نوفمبر الجاري، تدارس عدة ملفات، من بينها الهجرة، إن "تونس قدّمت كل ما يمكن تقديمه بناء على القيم الإنسانية".
سودانيون يبحث عن المستقبل في مصر
رقم رسمي.. عدد السودانيين الذين يدخلون مصر يوميا
أكدت مسؤولة في الأمم المتحدة، الأحد، أن "مئات" السودانيين الفارين من بلدهم الذي يشهد حربا ضارية يصلون إلى مصر يوميا، ليضافوا إلى أكثر من 1,2 مليون سوداني لجأوا إلى البلد المجاور وفق الأرقام الرسمية.
من جهتها، أطلقت مصر، في سبتمبر الفائت، بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، برنامجاً مشتركاً للأمم المتحدة يتم تنفيذه بواسطة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة ويونيسف ومنظمة الصحة العالمية في إطار المنصة المشتركة للاجئين والمهاجرين.
ويهدف البرنامج إلى تلبية الاحتياجات الأساسية في الصحة والتعليم وتعزيز القدرة على صمود والحماية للاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء في أوضاع هشة في مصر، وكذلك للمجتمعات المضيفة لهم.
وقال مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي، عمرو الجويلي، حينها، إن بلاده "تتبنى نهجاً شاملاً يسمح بدمج المهاجرين واللاجئين في المجتمع المصري من خلال سياسة عدم إقامة المخيمات، وتوفير الخدمات الأساسية".
الحرة - واشنطن